قضاء‭ ‬دربندخان‭ ‬الأكثر‭ ‬تضرراً‭ ‬من‭ ‬الزلزال‭ ‬وتركيا‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬تهب‭ ‬لنجدة‭ ‬المنكوبين

هزة‭ ‬أرضية‭ ‬ثانية‭ ‬باتجاه‭ ‬مدينة‭ ‬كفري

دربندخان‭ – ‬السليمانية ‬

ضربت‭ ‬هزة‭ ‬ارضية‭ ‬جديدة‭ ‬المنطقة‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬الحدود‭ ‬العراقية‭ ‬الايرانية،‭ ‬وبقوة‭ ‬4‭.‬4‭ ‬على‭ ‬مقياس‭ ‬ريختر‭.‬

وبحسب‭ ‬مراكز‭ ‬الارصاد‭ ‬العالمية،‭ ‬فان‭ ‬الهزة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬11‭.‬29‭ ‬بالتوقيت‭ ‬المحلي‭. ‬وبعمق‭ ‬90‭ ‬كم‭.‬

وبحسب‭ ‬المعطيات‭ ‬فان‭ ‬الهزة‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬44كم‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬كفري،‭ ‬و96كم‭ ‬عن‭ ‬السليمانية‭ ‬و179‭ ‬عن‭ ‬بغداد

‭ ‬فيما‭ ‬استيقظ‭ ‬غداة‭ ‬ليلة‭ ‬صعبة‭ ‬عاشها‭ ‬اقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراقي،‭ ‬أهالي‭ ‬قضاء‭ ‬دربندخان‭ ‬قرب‭ ‬الحدود‭ ‬الإيرانية‭ ‬صباح‭ ‬الاثنين‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬صدمة‭ ‬جراء‭ ‬الأضرار‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالمنطقة‭ ‬بفعل‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬مساء‭ ‬الأحد‭. ‬وأسفر‭ ‬الزلزال‭ ‬القوي‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬328‭ ‬شخصا‭ ‬في‭ ‬ايران‭ ‬وثمانية‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬العراق‭.‬

وكانت‭ ‬تركيا‭ ‬اول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هبت‭ ‬لنجدة‭ ‬المنكوبين‭  ‬،‭ ‬حيث‭ ‬أرسلت‭ ‬تركيا‭ ‬المجاورة‭ ‬شمالا،‭ ‬حيث‭ ‬شعر‭ ‬السكان‭ ‬أيضا‭ ‬بالزلزال‭ ‬طائرة‭ ‬تحمل‭ ‬مساعدات‭ ‬إنسانية‭ ‬وطبية‭ ‬إلى‭ ‬السليمانية‭.‬

وقال‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬التركية‭ ‬إن‭ ‬أنقرة‭ ‬أرسلت‭ ‬‮«‬ألف‭ ‬خيمة‭ ‬وأربعة‭ ‬آلاف‭ ‬بطانية،‭ ‬بينما‭ ‬أرسل‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التركي‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬خيمة‭ ‬وثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬بطانية‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬الزلزال‭ ‬ضرب‭ ‬العراق،‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬المجاورة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬سجلت‭ ‬النسبة‭ ‬الأعلى‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬السلطات‭ ‬صباح‭ ‬الاثنين‭ ‬حصيلة‭ ‬جديدة‭ ‬بمقتل‭ ‬328‭ ‬شخصا‭ ‬وإصابة‭ ‬2530‭ ‬آخرين‭ ‬بجروح‭.‬

ليل‭ ‬الأحد‭ ‬الاثنين،‭ ‬استخرجت‭ ‬أربع‭ ‬جثث‭ ‬بينهم‭ ‬امرأة‭ ‬وطفل،‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الانقاض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة،‭ ‬يشكلون‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬العراقيين‭ ‬الثمانية‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬جراء‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬محافظة‭ ‬السليمانية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭ ‬حيث‭ ‬يقع‭ ‬قضاء‭ ‬دربندخان‭. ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬التهديد‭ ‬قائما،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬سكان‭ ‬البلدة‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬حالة‭ ‬هلع‭ ‬ويخشون‭ ‬وقوع‭ ‬هزات‭ ‬ارتدادية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مخاطر‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬تعرض‭ ‬سد‭ ‬دربندخان‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬ديالى‭ ‬إلى‭ ‬شقوق‭ ‬بفعل‭ ‬الزلزال‭. ‬تجمع‭ ‬كثيرون‭ ‬حول‭ ‬ركام‭ ‬منازل‭ ‬دمرت‭ ‬بالكامل‭ ‬وجدران‭ ‬مبان‭ ‬أخرى‭ ‬تعرضت‭ ‬لدمار‭ ‬جزئي‭ ‬إثر‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬بلغت‭ ‬قوته‭ ‬7‭,‬3‭.‬

قضى‭ ‬نزار‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬ليلته‭ ‬مع‭ ‬جيرانه‭ ‬يتفقدون‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بمنازل‭ ‬مجاورة‭. ‬فالبيوت‭ ‬ذات‭ ‬الطابقين‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬قائمة،‭ ‬أصبحت‭ ‬أكواما‭ ‬من‭ ‬الركام‭ ‬الاسمنتي‭. ‬يقول‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ (‬34‭ ‬عاما‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬القومية‭ ‬الكردية،‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ثمانية‭ ‬أشخاص‭ ‬في‭ ‬الداخل‮»‬،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬الهرب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬لكن‭ ‬‮«‬تم‭ ‬إجلاء‭ ‬الأم‭ ‬وأحد‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض‭ ‬ميتين،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيران‭ ‬وأفراد‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬لمصادر‭ ‬رسمية،‭ ‬فقد‭ ‬قتل‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬ثمانية‭ ‬أشخاص،‭ ‬أربعة‭ ‬منهم‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬دربندخان‭ ‬وثلاثة‭ ‬آخرون‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬السليمانية‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الجبلية‭ ‬التي‭ ‬تبعد‭ ‬أنحو‭ ‬150‭ ‬كيلومترا‭ ‬شمال‭ ‬بغداد‭. ‬ أما‭ ‬الشخص‭ ‬الثامن،‭ ‬فقد‭ ‬قتل‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬ديالى‭ ‬الواقعة‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬السليمانية،‭ ‬بحسب‭ ‬السلطات‭.‬

ويقول‭ ‬مسؤول‭ ‬محلي‭ ‬في‭ ‬دربندخان‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬‮«‬لم‭ ‬نر‭ ‬شيئا‭ ‬مماثلا‭ ‬منذ‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬الأقل‮»‬‭.‬

يستذكر‭ ‬لقمان‭ ‬حسين‭ (‬30‭ ‬عاما‭) ‬كيف‭ ‬بدأت‭ ‬الأرض‭ ‬تهتز‭ ‬تحته،‭ ‬عند‭ ‬الساعة‭ ‬21‭:‬18‭ (‬18:18‭ ‬ت‭ ‬غ‭) ‬من‭ ‬مساء‭ ‬الأحد‭ ‬لحظة‭ ‬وقوع‭ ‬الزلزال،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬المرصد‭ ‬الجيولوجي‭ ‬الأميركي‭ ‬الذي‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬الزلزال‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬25‭ ‬كيلومترا‭.‬

يقول‭ ‬حسين‭ ‬لفرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الكهرباء‭ ‬انقطعت‭ ‬فجأة‭. ‬شعرت‭ ‬بهزة‭ ‬عنيفة‭ ‬وخرجت‭ ‬فورا‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتي‭ ‬من‭ ‬المنزل‮»‬‭.‬

‭-‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬السد‭-‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬منزله‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق،‭ ‬يذكر‭ ‬أكرم‭ ‬والي‭ (‬50‭ ‬عاما‭) ‬أن‭ ‬‮«‬عائلات‭ ‬كثيرة‭ ‬تركت‭ ‬منازلها‭ ‬ولجأت‭ ‬إلى‭ ‬منازل‭ ‬أقرباء‭ ‬لها‭ ‬خارج‭ ‬دربندخان‮»‬‭.‬

فخلال‭ ‬الليل،‭ ‬حذرت‭ ‬سلطات‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان‭ ‬العراق‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬تعرض‭ ‬سد‭ ‬القضاء‭ ‬إلى‭ ‬تصدعات،‭ ‬ودعت‭ ‬سكان‭ ‬الجزء‭ ‬الجنوبي‭ ‬إلى‭ ‬مغادرة‭ ‬مناطقهم‭.‬

لكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬السد‭ ‬صامدا‭ ‬ولم‭ ‬يسجل‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬أضرار‭ ‬بليغة‭ ‬في‭ ‬بنيته،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬مسؤولون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭.‬

ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يرفض‭ ‬طه‭ ‬محمد‭ (‬65‭ ‬عاما‭) ‬المغادرة،‭ ‬وظل‭ ‬واقفا‭ ‬بلباسه‭ ‬الكردي‭ ‬التقليدي‭ ‬يراقب‭ ‬أطلال‭ ‬منزله‭ ‬الذي‭ ‬سوي‭ ‬بالأرض‭.‬

يقول‭ ‬محمد‭ ‬‮«‬خرجنا‭ ‬جميعا‭ ‬مهرولين،‭ ‬ولم‭ ‬يصب‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬عائلتي‭ ‬بأذى‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬ماديا‭ ‬خسر‭ ‬الرجل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬يشير‭ ‬جاره‭ ‬ياسين‭ ‬قاسم‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬منزله‭ ‬لأضرار‭ ‬كبيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬مساعدة‭ ‬المتضررين،‭ ‬نحن‭ ‬أكراد‭ ‬صحيح،‭ ‬لكننا‭ ‬عراقيون‭ ‬أيضا‮»‬‭.‬

وتشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬وإقليم‭ ‬كردستان‭ ‬توترا‭ ‬حادا‭ ‬منذ‭ ‬تنظيم‭ ‬أربيل‭ ‬استفتاء‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬الماضي‭.‬

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here