تخلصنا من دواعش القتل و التفجيرات فمتى نتخلص من دواعش الفساد ؟

تخلصنا من دواعش القتل و التفجيرات فمتى نتخلص من دواعش الفساد ؟

كما هو معروف و معلوم بأن كل مصائب العراق ـــ ما بعد الغزو و التغييرات السياسية العرجاء التي هيمنت بطابعها الطائفي المقيت ــ فهذه المصائب بدأت منطلقة من مناخات الفساد السياسي و الإداري والمالي و لا زالت ، فبسبب مظاهر و انتشار هذا الفساد ، تراخت الأجهزة الأمنية و ترهلت أو ربما أُخترقت بالصميم أيضا ، لتصبح طرق العبور سالكة و سهلة أمام القوى الإرهابية وحواضنها المتواطئة والضليعة لتمرير إما مواد متفجرات أو سيارات مفخخة عبر معابر و حواجز تفتيش و مرور أمنية لتُفجر فيما بعد حسب الكيف و المزاج !! ..
و كذلك بسبب هذا الفساد المستشري انهارت وحدات و ألوية كاملة و عديدة من قوات الجيش العراقي أو هربت بشكل مخز ومهين أمام عناصر داعش الإرهابية مقدمة لها مناطق ومحافظات بكاملها على صينية من الذهب ، لتحتلها بدون إطلاقة رصاصة واحدة ..
و ليس هذا فقط ، بل لقد انعكس هذا الفساد الهائل على الوضع الاقتصادي للبلد بشكل سلبي و كارثي ، سيما على صعيد عمليات النهب والفرهدة للمال العام ، و تأثير ذلك ، تأثيرا تخريبيا و معرقلا مباشرا ، على صعيد تنفيذ و تحقيق مشاريع إنمائية واستثمارية وتحديثية المزمع إنشاؤها ، وهو الأمر الذي جعل أو أبقى قطاع الخدمات متلكئا ورديئا وسيئا للغاية ، و كذلك الأمر بالنسبة للبنى التحتية والمنخورة والمتهرئة أصلا ..
هذا دون الحديث عن بيروقراطية الفساد الناخرة في جسم دوائر ومؤسسات الدولة ، بحيث أصبحت حالة الرشاوى وبشكل علني في تلك الدوائر والمؤسسات و كأنها أمر طبيعي و مُسلّم به !! ، و ذلك بسبب فساد كبار مسئولين ونواب و ساسة متنفذين ، الذين أصبحوا ” قدوة ” يُحتذى بهم من هم في أصغر وظيفة في دوائر الدولة ويُضرب بهم مثالا ، لتبرير و تطبيع مظاهر الفساد في كل مكان من العراق ، حيث تجري عملية إجراء معاملات رسمية أو مقاولات ومناقصات وهمية للنصب و الاحتيال على المال العام !!.
لذا فأن عملية الأنتصار على عناصر داعش سوف تبقى ناقصة ولن تكتمل أبدا بفرحتها ، ما لم ترافقها عمليات حرب شعواء حاسمة وشاملة ضد مظاهر الفساد و اجتثاثها من الجذور قدر الإمكان .
لذا فسوف نبقى نثير هذا الموضوع : نعني قضية الفساد إلى أن تشمر الحكومة على ساعدها و تبدأ بعملية و خطوات مكافحة مظاهر الفساد مكافحة جدية وممنهجة ، بحيث يجب و بالضرورة إن تأتي بنتائج مرجوة وملموسة ومحسوسة ، من ناحية القضاء على جزء أضخم من سرطان الفساد ..
إذ لايمكن ــ أصلا ــ البدء بعمليات بناء جدية وناجحة سواء في المناطق المتضررة بنتيجة الحروب والمعارك ، أو المتخلفة ببناها التحتية ، و ذلك بدون القضاء على مظاهر الفساد أو الحد الكبير ــ على الأقل ــ من تأثيراتها السلبية والتخريبية المدمرة .

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here