رافد جبوري: العبادي يسعى منذ البداية للهيمنة على المنافذ الحدودية والنفط

بدأت صور المواجهة والاستحقاقات السياسية والميدانية تفرض واقعها للأوضاع السائدة في العراق بعد الانتهاء من المواجهات العسكرية مع داعش والانطلاق لمرحلة جديدة لم يتأنى رئيس الوزراء حيدر العبادي بالكشف عن ملامحها والتحديات الشائكة التي قد تعقد المضي بالمشهد السياسي نحو بر الامان . وأبرز تلك التحديات تمثلت بتصريح صريح للعبادي حينما شدد بانه سيمنع مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات البرلمانية المقبلة .

المتحدث السابق لرئيس الحكومة العراقية رافد جبوري، أكد أن حيدر العبادي كان يسعى منذ البداية للسيطرة على المنافذ الحدودية والنفط، لذا لن يتراجع في الوقت الحالي عن رغبته بتحقيق أهدافه . وقال جبوري في حديث لشبكة رووداو الإعلامية، إن رئيس الوزراء سيحاول فرض الحلول على إقليم كوردستان .

الحشد الشعبي

رووداو: من هي الفصائل المسلحة التي يعنيها رئيس الوزراء العراقي ؟

رافد جبوري: رئيس الوزراء أوضح بأن اي فصيل مسلح أو اي شخص ينتمي للحشد الشعبي لا يحق له المشاركة في العملية السياسية عموماً. من المعلوم أن الحشد الشعبي يتألف من قرابة 100 ألف عنصر لكن أيضاً هناك جماعات رئيسية تشكل القوة والعمود الفقري للحشد الشعبي، ومعظم هذه الجماعات لديها حضور سياسي اضافة للعسكري،. وأن أغلب قادة تلك المجاميع معروفة لدى الجميع أمثال هادي العامري الأمين العام لمنظمة بدر ووزير سابق في الحكومة العراقية، وقيس الخزعلي، الأمين العام لعصائب أهل الحق وهي حركة سياسية لديها نائب واحد في البرلمان العراقي، ومن المؤكد أن هنالك شخصيات عدة ممثلة في البرلمان والحكومة ولديها فصائل مسلحة .

رووداو: والسؤال الاهم هنا… هل سيتمكن من مواجهة المد الشعبي المناصر للحشد ولديمومته عسكريا وسياسيا ؟

رافد جبوري: لم أذكر بأن جميع الاحزاب لديها فصائل مسلحة، كما أن حزب الدعوة ينفي امتلاكه لجناح عسكري لأنه يمتلك الحكومة. لكن كيف سيتمكن من مواجهة الحشد فأنه السؤال الجاد: لأن العملية ليست سهلة، لكن العبادي يتحرك ضمن استراتيجية ثابتة وتتمثل بتقوية الدولة بعد أن عزز موقفه السياسي بنجاحات عسكرية ضد تنظيم داعش . العبادي تسلم السلطة وكانت تعاني كثيراً لانها كانت عبارة حكومة ارضاء وتوافق ليصبح اليوم في اوج قوته مستنداً على الدعم الغربي وخصوصاً الامريكي، كما لديه علاقات مع السعودية تحسنت بشكل لافت، وأيضاً مع إيران وتركيا.

رووداو: العبادي لديه دعم كبير من واشنطن.. هل تعتقد سوف يستغل ذلك الدعم لمواجهة خصومه ؟

رافد جبوري: هناك ضغط كبير من واشنطن بما يتعلق ديمومة الحشد الشعبي وكما جاء على لسان “تيلرسون”، وبالرغم من النفوذ الأمريكي في العراق لكن أوراقها محدودة . وما يجري حالياً بمثابة من يحاول فرض هيمنته على الآخر، وبالنسبة لسياسة العبادي فهي قائمة على التوازن، لكنه لا يحاول التصادم مع إيران. العبادي وأن كان لديه دعم أمريكي لكنه بذات الوقت ليس على خلاف مع إيران .

رووداو: العبادي رجل مَن في العراق … واشنطن أم طهران ؟

رافد جبوري: العبادي رجل حزب الدعوة في العراق، ورئيس الوزراء العراقي مدعوم أمريكياً وهناك رضى وتوافق غربي شامل له . العبادي وعقب تولي ترامب للادارة الأمريكية أصبح يتلقى الدعم بشكل أوسع ما كان عليه في حقبة أوباما. كما أن العبادي يحافظ على علاقة وطيدة مع إيران ولم يصطدم بها ولا أتوقعه سيصطدم بها .

رووداو: هل تتوقع أن إيران سوف تسمح للعبادي أن يزيح الحشد الشعبي أو الفصائل المسلحة عن المشهد السياسي؟

رافد جبوري: إيران لن تسمح لتنامي اي طرف عراقي أن يكون بقوتها أو بدرجة تأثيرها، ولكن لا يمكن التغافل عن الشعبية الواسعة للحشد الشعبي بمحافظات جنوب العراق. سياسياً اتوقع أن تحافظ فصائل الحشد الشعبي على وجودها وأن تشكل قائمة أو قوائم تكون واضحة للناخب، ولا اتوقع أن تتجه المسألة للتصادم طالما هناك توافق سياسي. وللتذكير سنة 2008 وفي عز الخلافات بين نوري المالكي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والجماعة المسلحة التي تنتمي له والمعروفة بـ”جيش المهدي” حينها المالكي أكد بانه سوف لن يسمح لأي فصيل مسلح المشاركة في الانتخابات ولكن شُكلت كتلة الاحرار واندرجت ضمن العملية السياسية بمقاعد برلمانية.

رووداو: وهل يندرج ذلك استجابة وارضاء لمطالب واشنطن؟

رافد جبوري: العبادي يسعى لتأسيس دولة قوية، وكان هذا مشروعه منذ بداية توليه السلطة بأن يصبح للعراق دولة ومؤسسات، ولا يتعلق الموضوع لإملاءات أمريكية تُحتم على العبادي تنفيذها. وفي النهاية قد تحقق للعبادي ما يصبو أليه وأصبح الحشد الشعبي احدى مؤسسات الدولة وهذا يندرج ضمن مصلحة العبادي .

رووداو: اذاً لماذا يتحدث العبادي دائماً عن مؤامرات داخلية وخارجية تحاول الاطاحة به وتغيير العملية السياسية ؟

رافد جبوري: هناك صراع حاد على السلطة، فيما يحاول العبادي تقوية سلطته وسط مساعي لقوى سياسية تحاول الاستحواذ على نصيب في الحكم، كما ان طبيعة المشهد السياسي العراقي بعد 2003 شجع غالبية القوى أن تستنفر في صراع سياسي على السلطة، حتى مع القوة التي يتمتع بها العبادي فأنه يُعد مؤشراً خطيراً للاطراف الاخرى .

رووداو: من هم خصوم العبادي ؟

رافد جبوري: منذ تولي العبادي للسلطة من سلفه نوري المالكي الذي لم يحبذ التنازل عن الحكم باعتباره زعيم التكتل السياسي الاكبر . لذلك حينما تولى العبادي رئاسة الحكم شهدنا اعتراضات كثيرة من قبل التيارات الموالية للمالكي، ومؤخراً تم التطرق للشروع بقائمتين لحزب الدعوة ضمن الانتخابات البرلمانية المقبلة تُمثل كل من المالكي والعبادي، وهذا مؤشر على التنافس بينهما وأصبحت ملامحه الانتخابية واضحة .

رووداو: كيف يتعامل العبادي مع قوة مسلحة قد تبدو غير خاضعة لسلطته ؟

رافد جبوري: العبادي لا يرضى بتواجد قوة مسلحة خارجة عن سلطته، لذلك يحاول استخدام فكرة “قانون الحشد الشعبي”. العبادي لا يستخدم قوات مسلحة شيعية بعد ان تشكلت فصائل الحشد الشعبي وأصبح بهذه القوة، خاصة ونحن بمرحلة جديدة تختلف عن زمن نوري المالكي الذي تهاوت به الدولة وأصبحت بعض المحافظات العراقية خارجة عن سلطة الحكومة. ولكن السؤال المهم هنا كيف سيتمكن العبادي من ضبط هذه الفصائل المسلحة ؟

رووداو: برأيك هل أن العبادي يتخوف من بقاء الحشد الشعبي؟

رافد جبوري: لا يؤمن بتوجه لقوى سياسية موازية للدولة كما كان الحال عليه في حكم نوري المالكي عندما سمح لهذه الفصائل بالتوسع ميدانياً واتخاذ مقار عسكرية، لكن اليوم الوضع مختلف جداً مع العبادي الذي اخضع جميع هذه القوات تحت سلطته ويجب أن لا تتحرك بطريقة منفصلة وهذا هو الذي ستفرز عنه الاشهر المقبلة في العملية السياسية بالعراق .

رووداو: كيف ترى التعامل لرئيس الحكومة العراقية بشأن الازمة مع أربيل ؟ وهل تعتقد بأنه سيتعامل بشكل ايجابي لانهاء الازمة ؟

رافد جبوري: العبادي ليس ضد الحوار ضد إقليم كوردستان، وليس ضد حلحلة الازمة، ولكنه يسعى للحل الذي يرضيه خاصة بعد احداث كركوك والمناطق المتنازع عليها، لذا لا اعتقد بانه سيتراجع عن مساعيه وخاصة في الهيمنة اقتصادياً على المنافذ الحدودية والنفط، وكانت هذه غايته منذ البداية ولكن لم يكن يتمتع بهذه القوة .

رووداو: رافد جبوري تمت اقالته من منصبه كونه قدم أغنية وطنية آبان حكم صدام حسين.. هل انت نادم عن الغناء لصدام حسين ؟

رافد جبوري: كان ذلك قبل نحو 20 سنة عندما كان جميع الشعب العراقي يغني لصدام حسين، وجاء ذلك حباً للغناء والفن، ولكن لست نادماً بل يجب مراجعة النفس، خاصة أن زمن صدام حسين أصبح من التأريخ وعلى الشعب العراقي الاستفادة من هذه التجربة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here