ناشيونال جيوغرافيك: داعش استغل الجفاف والتصحر لتجنيد مقاتلين إضافيين في العراق

سلط موقع “ناشيونال جيوغرافيك” في تقرير موسع، الضوء على كيفية قيام تنظيم داعش باستغلال التغير المناخي وسنوات الجفاف التي ضربت العراق لجذب عناصر جديدة إلى صفوفه، ما أدى إلى تجنيد مئات الشبان من مناطق عدة ضمن التنظيم.

ويعد هذا التقرير، هو الأول من نوعه، الذي يرصد تفاصيل العلاقة بين سوء الأحوال المناخية والتطرف.

وأوضح التقرير، اليوم (16 تشرين الثاني 2017)، ان المزارعين اليائسين تعرضوا لضربة كبيرة إثر تأخر سقوط الأمطار وموجة الجفاف التي ضربت مناطق في العراق خلال العام 2009، وبدأ رجال ملتحون ينشطون في القرى والبلدات بمحافظة صلاح الدين لإغراء المزارعين بالأموال مقابل الانضمام للتنظيم.

وأفاد أحد الشيوخ المحليين في قضاء الشرقاط شمالي محافظة صلاح الدين، ويدعى صالح محمد الجبوري، بان “الملتحين قالوا لهم انضموا إلينا، ولن تضطروا إلى القلق بشأن تغذية عائلاتكم”، وتابع انهم كانوا يقدمون إغراءات وهدايا مع كل موجة فيضانات ونوبة من الحرارة الشديدة أو البرد، وعندما ضرب الجفاف الشرس في عام 2010، وهو الخامس في غضون سبع سنوات، قاموا بتوزيع السلال الغذائية.

وأضاف أنه “حين أزالت الرياح الشرسة مئات حقول الباذنجان بالقرب من كركوك في ربيع عام 2012، قام مجندو تنظيم داعش بتوزيع النقود على الفلاحين المتضريين، واستمروا في استغلال تحول المجتمعات الزراعية من أزمة مدمرة إلى أزمة أخرى، حيث بدأوا يشهدون عائد استثمارهم بعد هروب عمال زراعيين جنوب الشرقاط، للانضمام إلى التنظيم في كانون الأول 2013، وبعد ذلك استولى التنظيم على هذا الجزء من العراق – إلى جانب معظم البلاد من الغرب والشمال – في هجوم صيف عام 2014”.

ويبدو أن داعش حول تكريت، مسقط رأس الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، في شمال العراق، والتي اجتذبت دعما أكبر بكثير من المجتمعات المحرومة من المياه أكثر من نظرائها ذوي الموارد الأفضل، إلى مكان لتجنيد عناصر جدد كما انضم العديد من المزارعين في منخفض الثرثار، وهي منطقة شبه قاحلة تقع غرب نهر دجلة، إلى التنظيم بأعداد أكبر من نظرائهم بالقرب من وادي النهر.

وقال عمر، وهو مسؤول سابق بوزارة الزراعة من الموصل، هرب من عناصر داعش الذين استولوا على مدينته قبل ثلاث سنوات، ان “التنظيم كانت له أسباب كثيرة لتجنيد الأفراد في الريف بسبب المشاكل الزراعية في تلك المناطق، حيث غرقت الزراعة العراقية على مدى عقود، في تراجع طويل وسلبت طفرة النفط أهمية الزراعة الكبيرة منذ أوائل السبعينيات، وذلك بسبب العائدات الضخمة للنفط، وفقدت بغداد تدريجيا اهتمامها بأجزاء أخرى من الاقتصاد”.

وأشار تقرير موقع “ناشيونال جيوغرافيك” إلى انه “بعد وصول صدام حسين إلى السلطة في عام 1979، حول العراق بسرعة إلى سلسلة من الصراعات التي ضربت المزارعين بشكل غير متناسب، وقام بالضغط على عشرات الالاف من العمال الزراعيين للمشاركة في الحرب الايرانية العراقية التي دامت 8 سنوات، وأدى هذا الصراع إلى ترك العديد من المزارع من دون زراعة”.

ويقول التقرير، إن “صدام أحرق العديد من الأراضي الزراعية في جنوب العراق خوفا من ان يستخدمها المخربون الايرانيون كغطاء لمهاجمة المنشآت النفطية حول البصرة، ودمر نحو 12 مليون شجرة نخيل، وهناك الآن أميال فقط من الأراضي الغبارية المتربة مليئة بالانسكابات النفطية”.

وأشار التقرير إلى انه بحلول عام 2011، “كان هناك جزء كبير من الريف العراقي في مضائق مالية يائسة”. وبحسب تقرير للبنك الدولي فان “39 في المائة من سكان المناطق الريفية كانوا يعيشون في فقر وكان نصفهم تقريبا يفتقر إلى مياه الشرب المأمونة، كما ان نحو 39 في المائة ممن شملهم الاستطلاع في صلاح الدين أفاد بان الجفاف هو سبب تشردهم”.

وتابع أن “تنظيم داعش أبدى اهتماما كبيرا بهذه المناطق في بدايات نشوئه”. ويوح أن “الجماعات المسلحة التي انتشرت في المنطقة قبل ظهور داعش اهتمت أيضا بتلك المنطقة، وخاصة عندما أدى النقص الحاد في المياه إلى مقتل عدد لا يحصى من الماشية في الفترة 2011-2012، وهاجم الجهاديون حينها أسواق الحيوانات لتزيد من أضرار المزارعين، الذين كان كثير منهم يحاولون بيع ما تبقى من الأبقار والأغنام قبل أن يستسلموا أيضا للجفاف”.

وأفاد التقرير بان “الجهاديين استغلوا بخطورة اليأس في قلب العراق الزراعي من خلال ترشيد مشاكل سكانه، وانتشرت الشائعات بأن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة كانت تؤخر مدفوعات المحاصيل وتقطع المياه عن المزارعين السنة”، كما “نشر المتشددون شائعات بان عدم وجود أمطار لم يكن بسبب تغير المناخ، بل هو بالفعل حيلة من صنع الإنسان تهدف إلى دفع ملاك الأراضي السنة من زراعة حقولهم الخصبة الغنية”.

ويقول التقرير، إن “عناصر داعش اعتمدوا، تكتيكات الأرض المحروقة عندما كانوا يتعرضون لهجمات من القوات الأمنية، مما أدى إلى إهدار مئات الآلاف من الأفدنة من الأراضي الزراعية الرئيسية، إضافة إلى ذلك قام عناصر داعش بتقسيم أنابيب الري المدفونة لتشكيل قذائف الهاون المؤقتة، وقاموا بتسميم الآبار، وفجروا قنوات المياه، وشحنوا كل ما كان مهما من قيمة، ولا سيما المولدات والجرارات وأجزاء مضخات المياه، حيث قدرت الأضرار الزراعية في إحدى المناطق الزراعية بمبلغ 70 مليون دولار”.

وينقل التقرير عن أحد شيوخ عشائر الشرقاط، ان “تنظيم داعش انتهى في الوقت الراهن، ولكن مع كل مشاكل المياه والحرارة هذه، ستزداد الأمور سوءا”، مطالبا الحكومة بمساعدة المزارعين من خلال سياسات واضحة في مواجهة التحديات الإضافية لتغير المناخ.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here