العراق يطوي صفحة داعش بتحرير آخر معاقل التنظيم في راوة

بغداد / وائل نعمة

بتحرير مركز قضاء راوة، فإن العراق، من الناحية العسكرية، يكون قد بسط سيطرته على جميع المدن التي احتلها تنظيم داعش صيف 2014. لكن خطر التنظيم مازال قائما انطلاقا من منطقة الجزيرة. وأعلنت العمليات المشتركة، أمس الجمعة، تحرير مركز قضاء راوة آخر معاقل التنظيم المتطرف في البلاد، في عملية هي الاسرع منذ عامين. وخلال 3 ساعات من انطلاق العملية، سيطرت القوات على مركز المدينة، لكن القيادة تريثت بالإعلان حتى منتصف النهار.
وانطلقت العملية العسكرية الأخيرة في وقت متأخر من صباح أمس، خلافاً لمواعيد العمليات السابقة التي كانت تبدأ منذ الفجر.
ووجدت القوات مركز القضاء “شبه فارغ” من المسلحين، بعدما فرّ آخر المقاتلين عشية الهجوم على الصحراء الواقعة بين محافظتي الانبار وصلاح الدين.
ونقلت قيادة العمليات المشتركة، أمس، عن الفريق عبد الأمير رشيد يار الله قوله إن “قطعات قيادة عمليات الجزيرة والحشد العشائري تحرر قضاء راوة بالكامل وترفع العلم العراقي فوق مبانيه” بعد ساعات من انطلاق العملية العسكرية لاستعادته.
ولاحقاً أكد قائد الفرقة السابعة في الجيش اللواء الركن نومان عبد الزوبعي أن القوات “تقوم بعمليات تطهير المدينة من تنظيم داعش الإرهابي، ورفع المخلفات الحربية من الألغام والعبوات الناسفة”.
وبعد وقت قصير من بيان القيادة العسكرية، قال رئيس الوزراء إن “قواتنا البطلة حررت قضاء راوة بوقت قياسي ، وهي مستمرة بتطهير الجزيرة والصحراء وتأمين الحدود العراقية”. واعتبر العبادي تحرير راوة خلال ساعات “يعكس القوة والقدرة الكبيرة لقواتنا المسلحة البطلة والخطط الناجحة المتبعة في المعارك”.

معركة قصيرة
إلى ذلك أكد مصدر عسكري مطلع في الانبار أن “مركز قضاء راوة كان تقريبا خالياً من عناصر مقاتلي (داعش)، واكتشفنا أننا حققنا النصر بعد أقل من 3 ساعات من الهجوم”.
وانطلقت العملية العسكرية في الساعة السابعة من صباح أمس الجمعة، فيما قامت مفارز العمليات النفسية بتوجيه نداءات لأهالي راوة، دعتهم لرفع رايات بيضاء فوق منازلهم، وحثت عناصر “داعش” على تسليم أنفسهم.
وقال المصدر العسكري لـ(المدى) طالباً عدم ذكر اسمه ان “مقاتلي داعش المتبقين هربوا من راوة، مساء الهجوم، الى الصحراء الرابطة مع محافظة صلاح الدين، فيما كان هناك عدد قليل من القناصة تم قتلهم في بداية المعركة”.
وكانت مصادر ميدانية قد قدرت، خلال حديث لـ(المدى) قبل 48 ساعة من الهجوم، عدد المسلحين بأقل من “50 عنصراً”. وكانت جهات عسكرية قد كشفت في وقت سابق عن وجود “اتصالات” لتحييد عدد من المسلحين في داخل راوة. وقالت المصادر، قبل يومين من العملية الاخيرة، إن عناصر داعش هرّبت عوائلها الى منطقة في شرق سوريا، وان بعض المسلحين سلموا أنفهسم الى قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة.
وبيّن المصدر العسكري القريب من العمليات أن “القيادة العسكرية أوقفت بعد وقت قصير من الهجوم إطلاق النار، كما أنهت الطائرات القصف داخل راوة بسبب عدم وجود مقاومة”.
وهاجمت قوات الجزيرة بالاضافة الى الحشد العشائري، الذي شارك في عمليات غرب الانبار بنحو 4 آلاف مقاتل، قضاء راوة من 3 محاور.
لكنّ المصدر العسكري يقول إن “عبور النهر من الجهة الغربية كان قد حسم المعركة لصالحنا”. وسهلت عملية نصب الجسور العائمة على نهر الفرات اقتحام مركز راوة، التي كانت تتحصن بالنهر الذي كان عائقاً طبيعياً امام القوات العراقية.
وكانت القوات، التي دخلت من المحور الغربي، قد سلكت خلال الايام الماضية طريقاً صحراويا طويلا بمسافة نحو 90 كم من ناحية العبيدي القريبة من القائم، قبل أن تهاجم مركز راوة.
وأضاف المصدر العسكري أن “أغلب ما واجهته القوات هي الالغام التي كانت مزروعة في الطرقات”، مبيناً أن “القوات أجّلت إعلان النصر حتى وقت الظهيرة للتأكد من عدم وجود مسلحين”. وبعد إعلان التحرير، عزفت المفارز الميدانية للعمليات النفسية، السلام الجمهوري العراقي في مدخل قضاء راوة، إيذاناً باستعادة آخر معقل لتنظيم داعش داخل العراق.
وقالت خلية الإعلام الحربي، في بيان لها، إن عزف السلام الجمهوري جاء لـ “تبشير أهالي راوة عبر مكبرات الصوت بتحريرهم من دنس داعش الإرهابي”.

ما بعد التحرير
من جهته يقول قطري العبيدي، القيادي في حشد غرب الانبار، إن “القوات العسكرية وجهت ببقاء المدنيين في داخل المنازل ورفع الرايات البيضاء”.
وأضاف العبيدي، في اتصال مع (المدى) أمس، “هناك عشرات العوائل كانت موجودة في راوة، والقوات ستقوم بعملية تدقيق وتفتيش المنازل”.
وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين، يوم الإثنين الماضي، نزوح ١٧ ألف مدني منذ انطلاق عمليات غرب الانبار منتصف شهر أيلول من العام الجاري.
وكانت القوات قد فتحت في الايام الاخيرة، ممرات آمنة قرب راوة، ونقلت السكان عبر نهر الفرات، فيما كانت أعداد اخرى قد سلكت الطريق الصحراوي المحاذي للشريط الحدودي مع سوريا للوصول الى القائم.
على الصعيد ذاته، شدد نعيم الكعود، رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة الانبار، على إهمية إطلاق عملية عسكرية لتتبع المسلحين الذين فرّوا الى الصحراء بعد استعادة كلّ مدن الانبار والعراق.
ولجأ العديد من مسلحي داعش الى المثلت الصحراوي الرابط بين الانبار وصلاح الدين ونينوى، المعروف باسم “الجزيرة”، بعد الهزائم التي تعرض لها التنظيم في البلاد.
وعزا الكعود، في اتصال هاتفي مع (المدى) أمس، أسباب عدم منع هروب المسلحين الى الصحراء الى “اتساع تلك المناطق وانشغال القطعات العسكرية في تلك المحافظات بتثبيت الامن”.
واعتبر المسؤول المحلي أن استعادة مدن الانبار من تنظيم داعش ليس كافياً، عازياً ذلك الى “ضعف الجانب الاستخباري وشبهات فساد حول عمليات التحقيق مع عناصر داعش وإطلاق سراح عدد منهم”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here