سيدات الحواس الخمس: جديد الروائي الأردني جلال برجس

في روايته الثالثة (سيدات الحواس الخمس) الصادرة حديثاً في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يساءل الروائي الأردني جلال برجس بوعي جمالي و فلسفي حواس الإنسان عن الوعي الاستشرافي الذي يرى أن على كل إنسان التحلي به. وجاء تساؤله هذا- على لسان شخصية الرواية، و حسب تصريح خاص له- نتيجة ” لما صار العالم عليه مؤخراً من مصائر غريبة آل إليها ” فالعالم حسب برجس قد “عبر باب مرحلة إشكالية شديدة التعقيد تبدل فيها كل شيء، الإنسان، ومكانه، وباتت مواجهة المستقبل مرهونة بمدى القدرة على الحدس، وقراءة القادم حتى يتسنى للآدمي تخطي الكثير مما قد يوجد في الطرق نحو الحياة”.

وفي مواجهته للمرحلة الجديدة يشيد (سراج عز الدين) وفي أعلى منطقة من جبل اللويبدة غاليري الحواس الخمس على هيئة امرأة مقابل مجموعة سليمان الطالع التجارية التي تقع في آخر طابق من إحدى بنايات بوليفارد العبدلي كإشارة مهمة على دور المرأة في الحياة. المرأة التي بات دورها يتراجع ويهدد بفعل مفاهيم طارئة.

تألفت (سيدات الحواس الخمس) من ستة فصول كل فصل اتكأ على حاسة، وامرأة. فشكلت تلك الهندسة الروائية حاضن الرواية ومعمارها الذي اتسع إلى ما يفوق عشر شخصيات رئيسية تأخذ هي واللغة والخيال والحدث وعنصر التشويق القريب من التوتير البوليسي على عاتقها سرد حكاية فنان تشكيلي أردني يدعى (سراج عز الدين)، يخسر كل أحلامه أمام مطامع الطبقة الفاسدة من الساسة ورجال الأعمال التي تشكلت مؤخراً. (سراج عز الدين) الذي تميز باستثنائية حواسه الخمس التي يتساءل حائراً أمامها بعد أن فقد الدفء في وطنه، ومع زوجته التي لا يرى فرقاً بينها وين الوطن قائلاً: (لماذا لم يكن لحواسي القدرة على التنبؤ مسبقاً بما حدث لي؟). يهاجر سراج عز الدين بعد حدث صادم، يُكشف في نهاية الرواية، إلى أمريكا التي يصلها صباح 11 سبتمر 2001 فيشهد حادثة برجي التجارة العالميين، ويغادرها عائداً إلى عمان عام 2010، في إشارة واضحة إلى إشكالية المرحلة التي تقع ما بين هذين التاريخين، وذهابها إلى ما بعدهما. مجمل أحداث الرواية تدور، إلى جانب أمريكا، في عمان وخاصة في (جبل اللويبدة) حيث تأتي الطاقة التخييلية للغوص في الواقع والخروج عليه؛ إذ يتتبع جلال برجس في هذه الرواية أثر التغيرات العالمية على الإنسان والمكان العربيين، وما حل بهما منتهياً رغم المصائر الغريبة إلى نتيجة تعلي من قيمة الجمال أمام كل السواد الذي بات يشوه وجه الإنسانية.

يذكر أن الروائي جلال برجس حاصل على جائزة كتارا للرواية العربية 2015 عن روايته (أفاعي النار/حكاية العاشق علي بن محمود القصاد)، وجائزة رفقة دودين للإبداع السردي عن روايته (مقصلة الحالم)2014، وجائزة روكس بن زائد العزيزي عن مجموعته القصصية (الزلزال)2012. ترجمت روايته أفاعي النار إلى اللغتين الفرنسية والانجليزية. صدر له في الشعر كأي غصن على شجر، وقمر بلا منازل. إضافة إلى عضويته في أكثر من هيئة ثقافية فهو أحد مؤسسي مختبر السرديات الأردني، ويشغل موقع نائب الرئيس فيه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here