لقد انتصر ابطال العراق , فكيف نكافئهم ؟

محمد رضا عباس
بتحرير راوة , يكون العراق قد انهى تنظيم داعش عسكريا . وحتى الجيوب التي مازالت تحت سيطرتهم لا تحتاج جهد عسكري كبير لتنظيفها من الدواعش الانجاس. ولكن , لم يكن تحرير المناطق المحتلة من قبل التنظيم الاجرامي سهلا , وانما كلف عشرات الالاف من الشهداء والجرحى , و لم يكن قصير الوقت , حيث استخدم تنظيم داعش الاجرامي اعتى مجرميه من اجل تأخير تقدم قواتنا المسلحة , يضاف الى ذلك , الفلسفة الجديدة للقوات المسلحة العراقية والتي وضعت أرواح المدنيين والقوات المسلحة بكل صنوفها أولا , قبل التحرير, حيث اكد الكثير من الخبراء العسكريين , ان القوات العراقية كان بمقدورها انجاز معركة الموصل بشهر واحد لولا الفلسفة الجديدة .
لقد اشترك في عمليات التحرير القوات المسلحة العراقية بكل صنوفها , طيران الجيش والقوة الجوية , الشرطة الاتحادية و الشرطة المحلية , الحشد الشعبي والحشد العشائري, جهاز مكافحة الإرهاب , وقوات البيشمركة الكردية . هؤلاء الابطال قدموا اغلى ما يملكون , ارواحهم , من اجل ان يعيش المواطن العراقي امنا في بيته و مدينته , ومن اجل حماية الأجيال القادمة من التنظيمات الإرهابية الأخرى . هؤلاء الابطال قد وهبوا دمهم من اجل العراق وشعبه , فيجب على العراق وشعبه مكافاتهم بالشكل الذي يليق بحجم تضحياتهم .
سوف لن أكون بعيدا عن الواقع ان قلت ان على اقل 85% من المقاتلين الذين قاتلوا داعش هم ليس من طبقة الأغنياء , بل حتى دون الطبقة الوسطى العراقية . وان على الأقل 90% منهم , لا يملكون شبرا واحدا من ارض العراق الواسعة . وعليه , وكما اقترحت سابقا, ان تقوم الحكومة بمكافاة هؤلاء الابطال بالمكافئات المالية من اجل استثمارها في مشاريع صغيرة تضمن لهم العيش الكريم في المستقبل . و يجب على الحكومة ان لا تقول لهم , جزاكم الله خير , مع السلامة , كما فعلها النظام البائد مع جنودنا الابطال. على الدولة منح قطعة ارض سكنية او دارا سكنية لكل مقاتل لا يملك سكن , ومن يملك السكن يمنح مكافاة مساوية لقيمة دار. على الدولة إعطاء المقاتلين وأبناء المقاتلين والجرحى وأبناء الشهداء الأولوية في التعينات الحكومية , العسكرية منها والمدنية , الاجازات الدراسية والدورات العلمية والتدريبية و البعثات الدراسية.
رؤساء العشائر و رجال الدين سواء كانوا من اهل الغربية او من اهل الجنوب والوسط والذين دعموا الجهود العسكرية وشجعوا افراد عشائرهم و التابعين لهم , يجب ان يكافئوا وبشكل سخي , لان من غير المعقول ان يكون شيخ عشيرة او رجل دين ناصر القوات المسلحة ضد داعش لا يملك بيتا , او ليس له مرتبا شهريا مجزيا او مشروعا اقتصاديا . على الدولة منح كل شيخ عشيرة او رجل دين ساهم في المجهود الحربي ضد تنظيم داعش قروض كبيرة و ميسرة من اجل انشاء مشاريع زراعية او صناعية او خدمية , حتى يحافظوا على احترامهم بين اتباعهم . رجل العشيرة الملتزم بقوانين الدولة او رجل الدين يجب ان يبقوا القادة في المجتمع ويجب العمل على معاملتهم معاملة خاصة تليق بمكانتهم الاجتماعية بين انصارهم , ويجب ان يكون لهم حضورا في إدارة محافظاتهم. ان دعم شيوخ العشائر ورجال الدين الملتزمين حكوميا سيكون له فوائد جمة على استقرار العراق سياسيا و امنيا , حيث ان غياب الدعم الحكومي لشيوخ العشائر الغربية والتي قاتلت تنظيم القاعدة كان هو احد الأسباب الذي مكن تنظيم داعش من احتلال مناطق مهمة من محافظة الانبار.
على الدولة ان تكافئ القادة العسكريين الكبار وان تمكنهم من قيادة الوظائف المدنية او الاستشارية ان رغبوا بالتقاعد من مناصبهم. يجب ان يكونوا مميزين داخل النظام ويجب ان يكون منهم السفراء وممثلي الحكومة في المحافل الدولية. يجب منحهم القروض السهلة ان رغبوا بتأسيس مشاريع اقتصادية , منحهم كارد يغطي تكاليف سفرهم داخل وخارج العراق مجانا , إضافة الى ذلك تسمية شوارع و مجمعات سكنية جديدة بأسمائهم . ان المعركة ضد داعش كشفت قابليات ومواهب عسكرية يعجز العالم من امتلاكها , ويكفي فخرا للعراق ان يسمى الفريق عبد الوهاب الساعدي احسن قائد عسكري لعام 2017, وان يكون الجيش العراقي الجيش المتميز بين جيوش العالم. في الولايات المتحدة الامريكية هناك مدن كبيرة سميت بأسماء قادتها العسكريين , فما المانع ان نطلق أسماء ابطالنا على شوارع مدننا حتى تكون معلم تفتخر به الأجيال؟
حوالي نصف مليون عراقي يعمل بصورة مباشرة وغير مباشرة ضمن القوات الأمنية العراقية , وهناك حوالي مليون من العسكريين المتقاعدين مازالوا على قيد الحياة . ان مثل هذه الاعداد الكبيرة لا يمكن السيطرة عليها وتنظيمها و تقديم الخدمات الضرورية لهم مثل تقديم الرعاية الصحية , التقاعد , ورعاية عوائلهم . اعتقد ان على الحكومة تأسيس وزارة مختصة بتقديم الخدمات لرجال القوات المسلحة العراقية الأحياء منهم وعوائل الأموات. لقد تأسست وزارات كثيرة ليست لها وظيفة الا من اجل إرضاء هذا السياسي او ذاك , بالوقت الذي تدعو الحاجة الى تأسيس وزارة تعمل على توفير الخدمات الضرورية للقوات الأمنية العراقية وبذلك بدلا من ان يتعامل العسكري المتقاعد او الغير متقاعد مع عدد من النوافذ والتي تأخذ الوقت الطويل والجهد الكبير منهم , يكون التعامل مع نافذة واحدة . على سبيل المثال تكون تحت إدارة هذه الوزارة جميع العيادات الطبية والمستشفيات التي توفر الخدمات الصحية لرجال الامن العراقي , وان تكون هذه الوزارة هي المسؤولة عن إدارة ملف تقاعد العسكريين و رعايتهم الاجتماعية , وان تكون هذه الوزارة هي المسؤولة عن توفير الرعاية الاجتماعية لعوائل الشهداء والمتوفين .
يجب ان لا تقتصر المكافآت على الأشياء المادية , وانما تشمل أيضا الشؤون المعنوية مثل منح المتقاعدين من العسكر والقوات الأمنية موقف خاص لسياراتهم , وضع ارقام خاصة لسياراتهم , تشجيع المطاعم على توفر خصم لهم و لعوائلهم , وتقديمهم في الخط الأول في المسيرات الوطنية على شكل مسيرات يوم الاستقلال الأمريكي ويوم اعلان السلام في فرنسا ويوم الوطني لروسيا . في الولايات المتحدة الامريكية ليس من الغريب ان يلبس الشباب والشابات المدنيين الملابس العسكرية في “يوم المقاتل” تكريما للمقاتلين واحتراما وتقديرا لهم. أبنائنا من جميع صنوف القوات العراقية المسلحة العسكرية والأمنية انجزوا عمل لا يمكن ان تحققه دولة عظمى و بوقت قياسي , فعلى الحكومة العراقية ان تضع خدمة هذه الشريحة البطلة في مقدمة مشاريعها ,لان احترام العسكر علامة من علامات قوة وهيبة الدولة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here