لمواقف بعض ألمراجع فَسَدَ آلعراق:

زمن آخر من (الأزمنة العراقية المحروقة)(1) .. إنهُ زمن آلمدعو ألسيد “آية الله” حسين الصدر الذي خان الدّين و الوطن و الشهداء و الشعب العراقي و طلائعه الذين إستشهدوا أو تغرّبوا بسبب مواقفه آلخيانية وتخاذله و تعاونه مع النظام البعثي الصدامي و مع الظالمين من أمثال آل سعود و آل نهيان و نبهان السفير السعودي الذي كان يمثل رأس حربة الأرهاب في العراق!

أنه آلزّمن العراقي الآخر الذي إحترق بسبب قتل النظام الصدامي المجرم للحقّ الذي مثّلهُ ألفيلسوف العظيم محمد باقر الصدر مع ثلّة من المخلصين في مقابل الأنتهازيين و المتحاصصين بقيادة “حسين الصدر” و أمثاله البائسين!

إنّ “حسين الصّدر” أو كما يُسمّيه أهل العراق المساكين بصدر العراق؛ هو أوّل شخص من عائلة الصدر العظيم الذي دعم صدام و من بعده الحكومة الأمريكية و من تحاصص معها من أعضاء حكومة المحاصصة العراقية التي ضمّت القيادات الحزبية “الوطنية” و “القومية” و “الأسلاميّة” و “الأممية” مقابل بضع ملايين من الدولارات الحرام التي أعطيت لهم و له ليعيشوا بضع سنين أخرى في الذل و المهانة على حساب حقوق فقراء العراق ..

أنّه الزّمن ألآخر الذي كشفَ وجه الحقّ متمثلاً بالصدر الأوّل(محمد باقر الصدر) مع ثلة قليلة من المجاهدين المظلومين ألذين ما زال من تبقى منهم ينزفون بسبب المتحاصصين الظالمين, و كذلك في مقابل ذلك .. كشف الزّمن من آلجّهة ألأخرى وجه الفساد و الفاسدين المتحاصصين الذين أقسموا على نهب العراق و تدميره و رهنه للأجانب!

إنّ هذا المدعوا (حسين الصدر) الذي يعتبره الدّعاة و أكثر شيعة العراق اليوم أحد مراجع الدِّين العظام؛ له تأريخ أسود و مُشين و مُقرف لا يعرفهُ معظم ألناس – إن لم أقل كلّهم – بإستثناء ثلّة قليلة من الذين شاركونا الجّهاد لأجل العدالة أيام المحنة و المواجهة في سبعينيات القرن الماضي من الذين إستشهد أكثرهم على يد الأمن و المخابرات في الشعبة الخامسة في الكاظمية و في أروقة الأمن المظلمة, لقد غرّتهُ الدُّنيا و الشيطان و الشهوة فتعاون مع كلّ فاسد أثيم و أهدر دماء الشهداء و لعلهُّ فوّت أكبر فرصة ذهبية تأريخية كانت يُمكن أن تكون فاتحة خير و نجاة للعراق إلى الأبد فيما لو كان مؤمناً حقا بآلله .. و سنتحدث عنها إن شاء الله لاحقا.

في صيف عام 1979م زمن الرُّعب و الأرهاب الصداميّ و القتل و الحرق و التفجير على الهمسة و كعادة لنا نحن المؤمنين في بغداد وضواحيها؛ كنا نجتمع و نزور الأمامين الكاظمين و نُصلّي المغرب و العشاء كلّ ليلة جمعة في الصحن الكاظمي خلف السيد (حسين الصدر) و غيره أحياناً كآية الله السيد إبراهيم الخراساني الذي وافاه الأجل في مدينة قم بعد تسفيره لأيران بداية ثمانينات القرن الماضي حيث كان يمثل مرجعية السيد الخوئي في الكاظمية, و سبب صلاتنا خلفه – خلف حسين الصدر هو؛ ظنا ًمنا أنهُ من عائلة آل الصدر و كونه عالم و واعي و نظيف كما الصدر الأول و الثاني في الظاهر, و بعد إنتهائنا من صلاة الجماعة و قُبيل دخولنا الحرمين الشريفين كما إعتدنا ليلة كل جمعة لأداء مراسم الزيارة التقليدية و الصلاة الخاصة مع دعاء كميل بن زياد؛ قمنا بعد تخطيط دقيق مع مجموعة من الشباب المؤمن المنتمي لحزب الله و بعد إخْبار ألسّيد الصدر بنيّتنا بعد صلاة المغرب .. لقيادة تظاهرة كبيرة من داخل الصّحن الكاظمي الشريف على أمل إسقاط النظام, و فعلاً إنطلقنا و طفنا خلالها حول الأمامين الكاظمين مرّتين و نحن نُردّد هتافات و شعارات قوية و هادفة ضدّ النظام البعثي الصدامي علناً .. منها على ما أتذكر: (ماكو ولي إلا علي و نريد حاكم جعفري) و كذلك (بآلرّوح .. بآلدّم نفديك يا إمام) و غيرها بضمنها الهوسات المعروفة, بآلمناسبة و فيما بعد كرهتُ و مقتُّ هذا الشعار بعد ما إستخدمه العراقيون لصدام نفسه و من ثمّ لقادة المحاصصة بعد سقوطه عام 2003م, لقد كنا خططنا بعد إلتفاف الناس حولنا بآلخروج من الصّحن إلى الشارع .. و كنا نتوقع و كما إتفقنا مُسبقا بأنّ وجود السّيد(حسين الصّدر) و هو يتقدم المظاهرة سيكون ضامناً و دافعاً قوياً لجلب الناس و بآلتالي ستنتفض الكاظمية – الشّيعية كلها و تتحرّر من قيود النظام و من ثم نستمرّ لدخول بغداد التي بتحريرها ستتحرّر كلّ محافظات العراق و ننهي كابوس البعث اللئيم و نظام صدام و نقطع دابر الظلم و إرهاب الظالمين و الحروب و الدّمار في العراق و المنطقة كلّها و إلى الأبد ..

لكنّ الذي حدث .. و الذي لم نكن نتوقعهُ هو إنّ السّيد ألمدعو “آية الله العظمى” حسين الصدر الذي يقلده اليوم أكثر أهل الكاظمية و العراق و للأسف الشديد خاننا بوضوحٍ و بلا حياء و ضمير و إنسحب سريعأً فور آلأنتهاء من أداء الصّلاة الثانية راجعاً لبيته من دون أن يخطو خطوة واحدة مع تلك التظاهرة, و قد حاولنا أقناعه في اللحظات الأخيرة قبيل خروجه من باب الصحن متوسلين إليه بآلبقاء و ضروة نصرة الحقّ في هذه اللحظات التأريخية و هذه الجماهير الفقيرة المعذبة المسكينة التواقة للحرية معنا و لعلها فرصة تأريخية لا تتكرر .. خصوصاً و أنها بآلفعل قد إنتفضت و بعفويّة لم نتوقعها لمجرّد سماعها لأوّل هتاف منا, و قلت له؛ إن وجودك سيكون له أثر كبير في إعطاء زخم للناس و تحريكهم و تعبئتهم بإتجاه الخلاص, لكنه كان يرتجف و يترقّب خائفاً و لم يستطع حتى من الرّد عليّ, و مع ذلك أكملنا الأنتفاضة لله تعالى و نحن مُصرّين كما نويّنا و مجموعاتنا الجّهاديّة التي إستشهد أكثرها؛ إمّا على تحقيق النصر أو الشهادة, و و الله لقد إضطرب البعثيون و أجهزة الأمن و المخابرات الجبانة على كثرتهم و أسلحتهم و قد واجهناهم بأياد خالية و صدور عارية إلاّ من الأخلاص و الأيمان بآلله و بآلعدالة و الحقّ و الأيمان بدين و ربّ الأمام الحسين(ع).

و بسبب كثرة جلاوزة النظام الذين تكاثروا و بدؤوا بآلتّجمع مع أسلحتهم بعكس المتظاهرين الذين تفرّقوا, خصوصاً بعد تدخل المخبرين و الجواسيس الذين إمتلأ بهم العراق أنذاك من الذين كان النظام قد زرعهم في كلّ بيت و شارع و محل و كذلك تدخل قوات الشرطة و النجدة و المنظمات الحزبية البعثية و الجيش الشعبي بحيث إستنفر النظام كل قواته ضدنا؛ إلى أن إنتهت تلك الأنتفاضة المظلومة التي لم يتطرّق لها أحد , لا من دعاة اليوم و لا من وطنّي اليوم و لا من غيرهم حتى بعد إستلام السلطة إكراماً لذلك السيد العميل الجبان الذي يعتبر الآن و جهاً و ركناً من أركان الدعوة و الحكومة العراقية المتحاصصة ..

و من المُؤسف جدّاً أنّ أجهزة الأمن تمكنوا من القبض حينها على مجموعة من الشباب المؤمن الذين كانوا حفاةً بعد ما فقدوا أحذيتهم بين المتظاهرين فتمّ كشفهم بعد إنتهاء المظاهرة حيث كان الأمن يلقون القبض على حافي و هكذا إنتهت تلك الأنتفاضة العظيمة و بقي هذا السيد(حسين الصدر) للآن كما أساتذته التقليديون عاراً على الأمّة و المحنة الأكبر إن دُعاة اليوم هم الذين حموه و إعتبروه أحد قادتهم بعد السقوط و للأسف الشديد, بينما لا يصلح أن يكون حتى إماماً لمسجدً صغير .. لأنّه أميّ جبان لا يفقه شيئا من المعرفة و العلم و النبل و آلشجاعة و آلفكر الأنساني .. ربما يعرف مسائل الحيض و النفاس و الشك في الركعات و مسائل الطهارة قبل الجماع و غيرها من الأمور المتعلقة بذلك.

و لا تستغربوا من موقف هذا السيد الخائن و لا من غيره من المواقف المشينة بحقّ أعلام و دعاة الأمس المجاهدين – و ليس دعاة اليوم المتحاصصين – من الذين قدّموا أسوء صورة عن الأيمان و الأسلام و الوعي و التأريخ, بعد ما أثبتوا بأنّهم لا دين لهم خصوصا بعد كفرهم العمليّ بدين الصّدر الأول المظلوم الذي إستوزروه للأستهلاك الأعلامي لإستحمار الناس من أجل سرقتهم و نيل بعض حطام الدنيا!

و لذلك .. لم يبق من (دُعاة ألأمس) الحقيقيين اليوم سوى بعدد الأصابع .. بعدد من أيّدوا علياً بآلأمس بعد وفاة النبي(ص)؛ و لهذا مُحِيَ الدِّين الحقيقي و فقد الوعي و الأخلاق و الشرف و الصدق في العراق .. و إنتشر الفساد و الظلم و آلزّنا و إنحط الناس إلى أبعد الحدود للأسف بفضل سياسات و سلوك الحكام الأميين فكرياً و الذين لخّصوا فلسفة الحكم و الهدف منه بجمع المال و لذلك دعموا بغباء مفرط حتى السياسات الأستكبارية التي إستهدفت أسس و قيم و أركان الحياة العراقية و آلمباني التحتية و القوة الأقتصادية و المالية المتمثلة بآلنفط الذي رُهن حتى آخر قطرة منه ..

إن جذور الفساد و الأنحراف الأخلاقي و الأدبي و العلميّ و الفكريّ و الأقتصاديّ في العراق هو بسبب نهج بعض المراجع التقليديون الذين لهم تأثير فعّال في العراق و الأمّة, و كما شهدنا ذلك في فتوى السيد السيستاني حفظه الله ضدّ داعش, و لذلك صحّت مقولة المعصوم(ع) الذي قال؛ [مثل العَالِم(المرجع) في الأمّة .. كمثل الرأس من الجسد , إذا صلح الرأس صلح الجسد و إذا فسد الرأس فسد الجسد] و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.

عزيز الخزرجي

مُفكّر كونيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (ألأزمنة العراقية المحروقة) سلسلة هامة من المباحث التي كتبناها سابقاً, تحكي قصّة الأزمنة العراقية و العالمية التي إحترقت بسبب فساد و محاصصة الحكام الظالمين عبر التأريخ, للمزيد من المعرفة راجع تلك البحوث الهامة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here