الحرب التي لا مناص منها

الحرب التي لا مناص منها
يبدو ان النزاع السعودي الأيراني لا نهاية قريبة له و كذلك فأن العلاقات العدائية بين الطرفين في تصاعد واحتدام و تأزم يتعمق اكثر فأكثر و الأختلافات بينهما متجذرة و صارت اكثر تعقيدآ و صعوبة على الحل حين بدأ ذلك الصراع بين الدولتين كان كلاميآ و اعلاميآ ما لبث ان تطور الى التهديد بالحروب العسكرية المسلحة لكنها بقيت ضمن اطار التهديدات الشفهية المتبادلة و لم تصل الى مرحلة التصادم العسكري و حروب الجيوش و ان كانت بينهما حدود مائية طويلة لكنها ضيقة في ذلك الخليج العربي الذي يفصل بين الدولتين و ان لم يكن عائقآ صعبآ فيما اذا نشب الصراع المسلح بينهما .
ان ( الحكمة و الحنكة ) التي اتسم به قادة البلدين المتناحرين ( ايران و السعودية ) هي في جعل ذلك الصراع المسلح بينهما يحتدم و يستعر لكن في ساحات دول اخرى بعيدآ عن اراضي تلك الدولتين ( كأنه اتفاق شفهي بينهما ) فكان العراق اول تلك الميادين التي تقاتل فيها النفوذ الأيراني و مناصريه مع النفوذ السعودي و مؤيديه فكانت الحرب الأهلية المدمرة و التي تقاتل فيها ابناء العمومة من القبيلة الواحدة و من العشيرة نفسها حتى ضاعت الدماء بينهم و لم يعد هناك من يطالب بها و غصت البلاد بالمقاتلين الأجانب الذين توافدوا من كل اصقاع الدنيا كل يناصر ( بني ) طائفته و مذهبه فكانت الحرب السعودية الأيرانية المدمرة الأولى تدور في ارض الرافدين .
كانت الأحداق الشيطانية القاتلة للمحور السعودي الأيراني تصوب هذه المرة نحو سوريا البلد الآمن و الشعب الوديع لولا ذلك التدخل الذي جعل من هذه الدولة الميدان الأكثر بشاعة و عنفآ و كما كان السيناريو في العراق في توافد الالاف من القتلة المتدينين الأجانب على هذا البلد ومن الجهتين ان دعمت السعودية اتباعها القادمين من الخارج بالمال و التمويل و التهويل و دعتهم للتوجهة الى سوريا حيث هناك يقتل المسلمون السنة و تسبى نسائهم و تستباح مقدساتهم و تصادر املاكهم و اراضيهم من قبل الحاكم ( الشيعي ) الظالم هناك و لم تتخلف ايران عن ذلك النداء و تلك الدعوة ان شحذت همم اولئك السائرين على نهجها في القدوم الى هذا البلد للدفاع عن الأضرحة الشيعية المقدسة و التي تتعرض الى الهجوم و التخريب و الهدم من قبل جيوش ( الوهابية ) الغازية فكان ان عم الدمار و الخراب هذا البلد الذي تقاتل ابناءه فيما بينهم لسبب لم يعرفونه بعد و ان كان معلومآ .
انتقل الصراع الأيراني السعودي الى اليمن و كانت الصورة هناك مطابقة لما يجري في سوريا و لكن بصورة مقلوبة ان دعمت السعودية الحكم اليمني المعترف به دوليآ في حين ساعدت ايران جماعة ( الحوثيين ) المعارضة للنظام اليمني على العكس تمامآ لما حدث في سوريا و انتقلت الحروب العدوانية التي يشعلها نظاما الحكم السعودي و الأيراني الى اليمن حيث حلت الكارثة و الخراب على الشعب المنكوب اصلآ بالفقر و المجاعة و الأمراض فكانت الآلة الأعلامية و العسكرية لكلا الدولتين تروج و تزوق للطرف الذي يسير في ركبها و ينفذ اوامرها و يحقق مصالحها فكانت الحرب الضروس التي تقاتل ابناء اليمن فيما بينهم دفاعآ عن مصالح ايران و منافع السعودية .
لم يتوقف الزحف العدواني لمشعلي الحروب و مثيري الفتن بل واصل مسيره الى ( لبنان ) ايقونة الدول العربية و المدرسة العريقة في الحرية و الديمقراطية و احترام التنوع و عقائد الآخرين و مدارسهم الفكرية ان حل رحاله و اناخ ادواته الأجرامية فيه فكان ان انقسم الشعب اللبناني المتسم بالدماثة و التسامح و قبول المختلف الى فريقين متنازعين متناحرين احدهما يساير ايران و يعدها المناصر و المساند و الداعم بالمال و السلاح في المواجهة مع اسرائيل و الطرف الآخر يعد ايران العدو المتربص شرآ و الذي تعني السعودية له العمق العربي الذي لا غنى عنه معنويآ و اقتصاديآ و هذان الطرفان يقفان في مواجهة بعضهما البعض و قد تصل المواجهة بينهما حد التصادم و التقاتل المسلح .
مع اننا لسنا من دعاة الحروب و النزاعات المسلحة الا انه من الأفضل للجميع و بالأخص دول المنطقة المبتلية بالتنافس السعودي الأيراني على مقدراتها و ثرواتها ان يكون الأشتباك بين هاتين الدولتين بشكل مباشر و دون استخدام البلدان الأخرى و شعوبها لاسيما و ان الفاصل الطبيعي الوحيد بينهما هو ممر مائي ضيق هو الخليج العربي و من الممكن جدآ و بسهولة كبيرة ان تكون الحرب بينهما بالقوات البحرية و كذلك الجوية و التي يملك الطرفين منها ترسانة ضخمة من تلك الأسلحة و كذلك فأن مخازن البلدين عامرة و ممتلئة بالصواريخ القادرة على عبور الخليج و من الممكن استخدامها في هكذا حرب ان وقعت اضافة الى المدفعية بعيدة المدى و التي يمكن لقذائفها من الوصول الى مدن البلدين .
ان الحروب كلها مدمرة و مضرة وغير نافعة على الأطلاق ما عدا الحرب الأيرانية السعودية المباشرة ان نشبت و اشتعلت و انشغل اصحابها بها فأنها سوف تعني السلام و الأستقرار لباقي دول المنطقة التي سوف يحل في ربوع تلك الدول المضطربة و المنكوبة بذلك الصراع الأنتهازي الذي جعل العديد من الشعوب الآمنة وقودآ في حروب هاتين الدولتين و صراعهما المزمن .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here