عشية استعادة اراضينا كاملة من الارهاب

محمد عبد الرحمن
تتواصل الانتصارات العسكرية على داعش الارهابي حتى اصبحنا قاب قوسين او ادنى من الاعلان الكامل لتحرير اراضينا. وقد ساهمت في صنع هذا النصر المبين قواتنا المسلحة على اختلاف تشكيلاتها وصنوفها، والمتطوعون في الحشد الشعبي، والبيشمركة، وابناء المناطق التي ابتليت بالتنظيم المجرم.
وما كان لهذه الانتصارات ان تتحقق لولا صمود شعبنا ويقينه ان الارهاب هو عدو الكل، وان في هزيمته مصلحة الجميع، المنتصرين في النهاية حتما. كما ان هذه الانجازات الكبيرة تحققت بتضحيات بشرية جسام ودماء زكية غالية. كذلك بثمن خراب هائل في البنى التحتية ودور السكن والمباني العامة، فيما عانى الملايين من النازحين ظروفا غاية في القساوة، ضاعف من تأثيرها سوء التدبيروالادارة وسلوك ضعاف النفوس، والفساد الذي امتد، للاسف، الى الاموال المخصصة لاعانتهم في الاوضاع التي دفعوا اليها دفعا، ولا يد لهم في صناعتها.
نعم تحقق نصر كبير، لكن هذا لا يعني في جميع الاحوال نصرا كاملا على الارهاب. الا ان ما تحقق يفتح افاق وامكانات ولوج فضاءات اخرى ارحب، واعادة ترتيب الاولويات. وسيأتي في المقدمة انفراج سياسي يسهم في معالجة احوال الناس التي ساءت كثيرا، وتدهورت وظروف معيشتهم التي تدهورت، حتى اضطر الكثيرون منهم الى الركض ليل نهار ليوفروا بالكاد لقمة العيش، وقد يفشلون في ذلك. والدليل شاخص في الارقام التي تعلنها مؤسسات الدولة نفسها، سواء لجهة التدهور المريع في الخدمات وخاصة الصحة، أم في ارتفاع نسب الفقر والبطالة، فيما غدا الحصول على سكن لائق اقرب الى الاحلام.
قد يعذر البعض من المواطنين الحكومة بعض الشيء في لحظة الاشتباك مع الارهاب وداعش، رغم علمه ومعرفته الجيدة ومن حياته ان اوزار الازمة لم توزع بشكل عادل على الجميع. فمثلا طالت الاستقطاعات رواتب الموظفين والمتقاعدين، فيما لم تطبق ضريبة متصاعدة على ذوي الدخول العالية، وظل حيتان الفساد يسرحون ويمرحون، وبقيت الدعوات الى استرداد المال العام المنهوب والمسروق من دون اجراءات ملموسة ، وصار الكل من المتنفذين يرفع شعار مكافحة الفساد، فاختلط الحابل بالنابل حتى اخذت الناس تتتساءل عن الفاسد، أهو المواطن الذي يلهث ليبقى على قيد الحياة، أم هو التحالف السافر والتشابك غير الشريف بين متنفذين في السلطة يتمترسون في مواقع النفوذ والقرار، وبين ارباب المال؟
نعم قد يعذر المواطن ويتحمل بعض الوقت في انتظار قدوم ظروف افضل. ولكن يخطيء من يراهن على صبر الناس وعلى تحملهم من اجل قضايا وطنية كبيرة الى ما لا نهاية . وقد قيل ان للصبر حدودا.
نعم، بعد داعش لا عذر للتخلف عن تلبية حاجات المواطنين. والمواطن غير معني اطلاقا بتوسع الانفاق الحكومي على يد المتنفذين، لأمور لا علاقة لها بما يمسهم مباشرة او يعالج ما يعانون منه، وحيث ارتفع الانفاق جراء التعمد في تضخيم جهاز الدولة، والبذخ وشراء الذمم وكسب اصوات الناخبين طمعا في المزيد من النهب والسلب والسحت الحرام. نعم بعض المال صرف على مشاريع استثمارية، ولكنها لا تكاد تذكر عندما نعرف ان هناك 6000 مشروع أما فاشل او وهمي؟!
بعد دحر داعش عسكريا سيعلن ابناء شعبنا، عاجلا أم آجلا، “الاستقالة من السكوت”. فدوام الحال من المحال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الاحد 19/ 11/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here