عمليّة تمشيط لملاحقة داعش في صحراء تربط 5 محافظات

بغداد / وائل نعمة

بعد استعادتها جميع المدن من قبضة داعش، تعتزم القوات العراقية تنفيذ عملية عسكرية “عكسية” انطلاقا من شمال البلاد الى جنوبه بهدف تطهير المناطق الرخوة وتمشيط الصحارى الواسعة بين المحافظات.
وستركز العملية على المثلث النائي الذي يقع بين محافظات الانبار، نينوى، وصلاح الدين، المعروف باسم الجزيرة، التي يعتقد انها تضم نشاطا مسلحا قد يهدّد بتقويض المكتسبات العسكرية والامنية التي تحققت مؤخرا.
كما سيتعين على القوات المسلحة القيام بتمشيط مناطق غرب كركوك التي تحررت الشهر الماضي. إذ يؤكد مسؤولون محليون أن داعش يعود للسيطرة على تلك المدن مساء كل يوم. وما تزال مناطق غرب وشرق محافظة صلاح الدين، المرتبطة مع الصحراء وجبال حمرين، مرتعاً لعدد من المسلحين المتخفين في المناطق الوعرة.
وتشترك محافظة ديالى مع صلاح الدين ببعض الحدود التي تحولت الى ملاذات آمنة لمسلحي داعش الذين استثمروا الخلافات بين قيادات العمليات في المحافظتين لضمان ملاذات آمنة في تلك المناطق. ويدعو مسؤولون أمنيون الى عدم اعتبار العراق خالياً من داعش ما لم يتم إكمال تطهير المدينة القديمة وسط الموصل من المسلحين الذين يختبئون تحت الانقاض، بالاضافة الى السيطرة على صحراء البعاج والحضر.
وأعلنت القوات المشتركة، يوم الجمعة، فرض سيطرتها على مركز قضاء راوة، آخر البلدات التي كانت خاضعة لتنظيم داعش في العراق. لكنّ التنظيم مازال قادراً على شن هجمات على طريقة حرب العصابات انطلاقا من المناطق التي تعتبرحواضنه في الصحراء، كما كان الأمر عليه قبل حزيران 2014. هذه المؤشرات تفسّر تأكيد رئيس الوزراء حيدر العبادي على ان القوات ستبقى “مستمرة بتطهير الجزيرة والصحراء وتأمين الحدود العراقية”.
ونشر مكتب القائد العام للقوات المسلحة، مساء الجمعة، صوراً له في غرفة العمليات العسكرية، مشيرا الى انه يشرف على عمليات “التطهير الكبرى” للجزيرة والصحراء الغربية بعد تحرير قضاء راوة.

خطر الجزيرة وحمرين
ويقول راجع العيساوي، نائب رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة الانبار، ان “عمليات الجزيرة لم تبدأ بعد، لكن الحكومة عازمة على تمشيط الصحراء”.
وبعد إعلان تحرير مركز راوة، تنشغل القوات حاليا بتفتيش المنازل وتأمين الحدود مع سوريا. ويتوقع العيساوي، في حديث مع (المدى) أمس، ان “يشن داعش هجوماً منطلقاً من بلدة البو كمال القريبة من القائم”.
وكان الجيش السوري قد أعلن استعادة كامل البلدة، الأسبوع الماضي، إلاّ أنّ التنظيم المتطرف شن هجوما مضادا واستعاد السيطرة على بعض المناطق فيها. وتشغل الصحراء مساحات واسعة من الانبار، ويؤكد المسؤول المحلي ان عملية تطهير تلك المناطق ستتكون من مرحلتين. ويضيف “ستمشط قوات الجزيرة المناطق الممتدة الى صلاح الدين ونينوى، ثم المناطق الصحراوية من القائم نزولاً الى الرطبة”.
وتمثل تلك المناطق ملاذات طبيعية لاختباء المسلحين، نظراً لوعورة الاراضي التي تتخللها وديان عميقة وكهوف حوّلتها التظيمات الإرهابية منذ 2003 الى معسكرات ومضافات.
ويؤكد المسؤول المحلي في الانبار أن النشاط المسلح في تلك المناطق متواصل منذ القضاء على تنظيم القاعدة، وعودة التنظيم باسم جديد الى المحافظة في حزيران 2014.
ورغم ذلك يقول العيساوي “لايمكن السيطرة بشكل تام على الصحراء بسبب اتساع المنطقة، لكن يمكن وضع نقاط أمنية وتشكيل قوة خاصة بالصحراء، بالاضافة الى تسيير طائرات مراقبة”.
وتشكل صحراء الجزيرة تهديداً لمحافظة صلاح الدين، إذ انتقل الكثير من مقاتلي داعش، خلال عمليات الانبار الاخيرة، الى غرب تكريت. ويقول ونس الجبارة، آمر اللواء (88) في الحشد الشعبي، “نعتقد وجود مسلحين في المثلث المحصور بين جزيرة الشرقاط جنوباً الى بيجي وغرباً الى الحضر”. ويؤكد الجبارة، في اتصال مع (المدى) أمس، “تلك المناطق نائية وفيها قرى ومنازل متناثرة، وأغلب السكان من الرعاة”، لافتاً الى أنّ “القوات ستكون متفرغة في الايام المقبلة لتطهير تلك النواحي”. وفي شرق تكريت يواجه الحشد والقوات الامنية، مصاعب أخرى تتمثل بحجم الالغام المزروعة في سلسلة جبال حمرين، التي تحررت الشهر الماضي. ويقول القيادي في حشد صلاح الدين “بعد تحرير الحويجة، فجّرنا 250 عبوة خلال 20 يوماً، كما فككنا 80 عبوة”، متوقعاً وجود أضعاف هذه الأعداد. في موازاة ذلك، ما تزال مناطق في غرب سامراء كـ”الجلام”، و”مطيبيجة” التي بين صلاح الدين وديالى، تشهد نشاطا لمسلحي داعش. ويقول ونس الجبارة وصادق الحسيني رئيس اللجنة الامنية في مجلس ديالى ان تلك المناطق بحاجة الى عمليات مشتركة بين المحافظتين.
ويؤكد الحسيني، في حديث مع (المدى) أمس، أن “تنفيذ 10 عمليات تطهير عقب تحرير الحويجة، أسفرت عن تفكيك 4 خلايا إرهابية، إحداها كانت تخطط لضرب زوار المراقد الدينية”.
وشدد المسؤول المحلي على ان “القوات الامنية ستستمر بعمليات تطهير مناطق حوض حمرين والقرى الواقعة في شمال المقدادية”. وإلى الشمال من ديالى، يهدد مسلحو داعش الهاربون من عملية الحويجة، أمن مناطق غرب كركوك. ويتسلل المسلحون، خلال ساعات المساء، للسيطرة على المدن المحررة، كما يقول مسؤول هناك.

ليل الحويجة
ويؤكد نجاة حسين، العضو التركماني في مجلس كركوك، لـ(المدى) أمس ان “القوات الامنية تسيطر على الحويجة في النهار، وداعش في الليل”، كاشفاً أن مسلحي التنظيم “يدخلون القرى بعد حلول الظلام ويأخذون الطعام والمؤن ثم يعودون الى مخابئهم”.
وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، منتصف تشرين الاول الماضي، تحرير قضاء الحويجة والنواحي التابعة له. ويؤكد عضو مجلس كركوك أن “التحرير كان بالاسم فقط”.
وينتشر المسلحون في المستقعات الواسعة التي تمتد من الحويجة الى البشير وتازة، وتتميز بكثافة البردي والأحراش.
وكان نحو 1000 مسلح قد سلّموا انفسهم في عملية تحرير الحويجة الى قوات البيشمركة. ثم تداولت انباء عن هروب البعض منهم على خلفية عملية إعادة انتشار القوات الاتحادية في كركوك الشهر الماضي.
ويقول نجاة حسين، وهو رئيس كتلة الحكمة في مجلس كركوك، “لانعرف مصير المعتقلين، كما أن ما حدث في المحافظة تسبب بفوضى كبيرة ويمكن للمسلحين ارتداء الملابس العسكرية من دون أن يميزهم أحد”.
ويرى السياسي التركماني أنّ اتساع مساحة الحويجة يفرض تواجد قوات كبيرة لإعادة السيطرة على القضاء، كاشفا عن “وجود 8 آلاف شرطي فقط لمليون و500 ألف نسمة تعيش في المحافظة”.

وسط الموصل
وفي محافظة نينوى، يدعو مسؤولون الى كشف حقيقة وجود المسلحين في المدينة القديمة وسط الموصل، التي تدمرت بشكل شبه كامل نظراً لتواجد مسلحي داعش فيها. ويقول حسن السبعاوي، عضو مجلس المحافظة لـ(المدى) أمس، “هناك تقارير عن استمرار اختباء عناصر داعش تحت الأنفاق في الساحل الايمن، اختفت تحت حطام البنايات المدمرة”.
ويؤكد السبعاوي أن محافظة نينوى يجب أن تخضع لعمليات تفتيش في “صحراء الحضر وتلعفر والبعاج ،لأنها تحولت الى مناطق مخيفة قد يعيد التنظيم فيها قدراته مرة أخرى”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here