الوضع في المتنازع عليها: الهدنة توقِف القتال بانتظار تفاهمات شاملة

بغداد / وائل نعمة

ما تزال الهدنة التي أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي مع قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها، صامدة منذ نحو شهر على تعليق العمليات العسكرية.
وخلال الفترة الماضية، يؤكد الديمقراطي الكردستاني أنّ لقاءات الوفود الفنية لم تنقطع. لكنّ جهات كردية أخرى تشكك باستمرار المفاوضات.

وينفي الحزب الأبرز في الإقليم توصّله إلى اتفاق مع بغداد لانسحاب البيشمركة الى حدود 2003، مؤكداً أن الاتفاق اقتصر على “وقف الحرب”.
ويرجح مسؤولون كرد أن يكون الضغط الامريكي وراء صمود الهدوء على خطوط التماس شمال وشرق الموصل، ومنع بغداد من استخدام القوة.
ويتحدث المسؤولون عن “حوارات سرية” كان يجريها الجانب الامريكي مع أربيل لإقناعهم بالتراجع عن “الاستفتاء” مقابل التزام بغداد بالتهدئة. وترى أن هذه الحوارات مهدت لصدور قرار المحكمة الاتحادية الاخير بعدم دستورية الاستفتاء. ويؤكدون أن القوات الاتحادية أصبحت جاهزة للانتشار في عدة بلدات نينوى المتنازع عليها.
بدوره ينفي الديمقراطي الكردستاني أن تكون حكومة الاقليم قد رفضت قرار المحكمة، ويؤكد استعدادها لإجراء حوار مع بغداد الذي بموجبه سيتم تحديد مصير مناطق التوتر.
وكانت بغداد قد أمهلت قوات البشمركة، أواخر الشهر الماضي، 24 ساعة للانسحاب من منطقة فيشخابور الحدودية. جاء ذلك على خلفية اشتباكات مسلحة بين الطرفين استخدمت خلالها المدافع الثقيلة.
وقبل أن تنتهي المهلة، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي تعليق العملية العسكرية 24 ساعة، تاركاً المجال للجان فنية بتحديد خارطة انتشار القوات الاتحادية بالتنسيق مع مسؤولي الكرد.
وكان رئيس أركان الجيش الفريق عثمان الغانمي قد أجرى ثلاث جولات تفاوضية مع مسؤولين أمنيين في الاقليم.
وتوصل الطرفان الى اتفاق لإنهاء الازمة، بحسب جهات في الاقليم وبغداد، يقضي بعودة البيشمركة الى (الخط الازرق)، وإدارة مشتركة للمعابر الحدودية.
وقف القتال
لكنّ النائب ماجد شنكالي، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني في نينوى، يقول لـ(المدى) أمس “ليس هناك اتفاق على ادارة المناطق، وإنما اتفقنا على حقن الدماء”.
وحتى نهار آخر يوم من شهر تشرين الاول الماضي، كان ينتظر أن يدخل حيز التنفيذ الاتفاق بين القوات الاتحادية والبيشمركة لإدارة مناطق نينوى المختلف حولها والمنافذ الحدودية، بحسب مسؤولين في الإقليم وبغداد.
لكنّ العمليات المشتركة خرجت ببيان مفاجئ حمّلت من خلاله إقليم كردستان بـ”التراجع” عن بنود المسودة المتفق عليها مع بغداد.
لكنّ عصمت رجب، القيادي في الديمقراطي الكردستاني فرع نينوى، أكد أن “الإقليم لم يتراجع عن الاتفاق، وإنما فضل ان يكون ضمن حوار سياسي واسع وليس عبر مفاوضات جانبية”.
وقال رجب، خلال اتصال مع (المدى) امس، انه “خلال الفترة الاخيرة لم تتوقف المفاوضات، وإنّ الوفود العسكرية من الطرفين التقت أكثر من مرة”.
الموقف ذاته أكده وزير البيشمركة بالوكالة كريم سنجاري، يوم الإثنين، إذ قال إن “المفاوضات بين قوات البيشمركة والجيش العراقي لم تفض إلى أيّ نتائج، إلا أنّ التحركات العسكرية تناقصت”.
بدوره أكد القيادي في الاتحاد الوطيني الكردستاني داود جندي، عضو اللجنة الامنية في مجلس نينوى، “استمرار الهدوء في مناطق المواجهة بين القوات الاتحادية والبيشمركة”، نافياً “استمرار المفاوضات بين الطرفين”.
وقال جندي، في تصريح لـ(المدى) أمس، ان “القوات العسكرية والحشد الشعبي مازالت متواجدة في نفس المواقع السابقة، لكن لم يحدث أي احتكاك منذ إعلان الهدنة في 27 تشرين الاول الماضي”.
وتتواجد فصائل متعددة من الحشد الشعبي في زمار وسنجار، أبرزها لواء الحسين، وكتائب الإمام علي.
لكنّ المسؤول المحلي نفى الانباء الاخيرة عن انسحاب قطعات من الحشد في تلك المناطق.
وكانت بغداد تطالب البيشمركة بالعودة الى حدود آذار 2003، وتسليم إدارة المنافذ الحدودية ومن ضمنها فيشخابور الى بغداد.
ضغوطات أميركيّة!
بدوره يتحدث النائب عن نينوى عبد الرحمن اللويزي عن موقف غامض لبغداد حول استمرار قوات البيشمركة بالانتشار في 5 وحدات رئيسة في نينوى.
ويعتقد اللويزي، في حديث مع (المدى) أمس، أنّ “الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ضغطا على بغداد لإيقاف العمليات العسكرية مقابل إقناع الإقليم بإلغاء الاستفتاء”.
ويرجح النائب عن نينوى حصول مواقفة الإقليم على إلغاء الاستفتاء الذي أشعل الازمة مع بغداد، معتبرا ان هذه التسوية “فتحت الطريق أمام إصدار قرار قضائي بإلغاء الاستفتاء”.
وأعلنت المحكمة الاتحادية، يوم الإثنين “عدم دستورية الاستفتاء (…) وإلغاء الآثار والنتائج كافة المترتبة عليه”.
وتضع حكومة بغداد إلغاء هذا الاستفتاء شرطا أساسيا للدخول في اي حوار.
وينوه النائب اللويزي الى قرار سابق صدر عن المحكمة ذاتها، أكدت فيه ان “حدود الإقليم هي ما قبل 19 آذار 2003”. ورأى أن “الحكومة اصبح لديها سقف قانوني للتحرك والانتشار بالمناطق المتنازع عليها”.
ورحب رئيس الوزراء حيدر العبادي بقرار المحكمة الاتحادية، معتبرا أنه “جاء معززا لموقف الحكومة الدستوري في بسط السلطة الاتحادية ورفض الاستفتاء وعدم التعامل معه”.
وانتقد رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني قرار المحكمة الاتحادية معتبراً انه “أحادي الجانب”، لكنه اعترف بأنه حكم “نهائي ولا يمكن إلغاؤه”.
بدوره النائب ماجد شنكالي النائب يوضح موقف حكومة الإقليم من قرار المحكمة الاتحادية بالقول إنّ “الإقليم لم يوافق او يرفض رسمياً بعد قرار المحكمة الاتحادية، وننتظر الحوار بين الطرفين لتحديد المواقف”.
وعقب اجتماع له مع قوى كردية في السليمانية أمس، قال نيجيرفان بارزاني “سنزور بغداد كوفد يمثل حكومة إقليم كردستان”.
ويقول شنكالي “إذا فشلنا في الحوار فسنستعين بطرف ثالث، قد يكون الامم المتحدة”. ويتوقع أن تسفر الحوارات مع بغداد عن “تشكيل لجان لإدارة المناطق المتنازع عليها”.
وأكد عضو الديمقراطي الكردستاني أنّ “الإقليم يصر على إدارة مشتركة لتلك المناطق”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here