أنتم داعش من نحن ؟

حسن الخفاجي

صحيح إن العرب والمسلمين إخترعوا البوصله والإسطرلاب والصحيح أيضاً إن أغلب أحفادهم أضاعوا بوصلتهم مثلما أضاعوا كل منجزات أجدادهم .

في ستينيات القرن الماضي كان التوجه العام في العالم العربي قومياً ، وكانت الصحافة المساندة لحركات التحرر العربي تلعب دوراً في تحشيد الجماهير وضبط إيقاعها . ثارت ثائرة الجماهير العربيه ، لأن مكتب المقاطعه العربيه لإسرائيل التابع للجامعةِ العربيه أعلن عن دول عربيه تتعامل مع شركات أوروبيه أامريكيه لها تعامل مع إسرائيل . في العراق نُظِمت حملة تبرعات ماديه وعينيه الى اللاجئين الفلسطينيين ، رداً على الدول والشركات التي خرقت المقاطعه .
حركات التحرر العربيه والدول التقدميه المسانده لها ، كان لها الصوت الأعلى والحضور الفاعل في إصدار قرارات الجامعه العربيه ، لذلك كان مكتب المقاطعه العربيه لإسرائيل من اأنشط مكاتب الجامعه العربيه . بعد حين إنكفأت الدول العربيه الفاعله بعد نكسة حزيران ورحيل عبد الناصر و هواري بومدين وزيارة السادات لإسرائيل . أصبحت مكاتب المقاطعه العربيه مكاتباً للتطبيع ، بعدما عقد ياسرعرفات ( إتفاق الشجعان ) مع رابين ، ورفرف علم إسرائيل في مصر العروبه و ( أردن النشامى ) . بعدها نشطت مكاتب التنسيق الأمني والمعلوماتي مع إسرائيل مباشرةً لبعض الدول وبعضها الآخر بالسر ، والسر أصبح علناً لا بل أصبحت العلاقه بإسرائيل والتنسيق معها مطلباً حكومياً عربياً لكسب رضا أمريكا .
في السابق كان إسمها الجامعه العربيه ، لكنها بعدما شرعنت غزو وضرب الأقطار العربيه وأعطت الشرعيه للغرب بالتدخل في الشأن العربي وفتحت الأبواب للمطبعين ، وأذلت نفسها بطرح مبادرات سلام مهينةً رفضتها إسرائيل . تنفيذ الجامعة العربية لأجندات تخدم إسرائيل وتنكيلها بأعداء إسرائيل ، يُقلب إسمها الى الجامعه العبريه . لقد أصبحت وسائل إعلام إسرائيليه وعالميه وحتى عربيه تنقل أخبار لقاءات سريّه لمسؤولين عرب كبار زاروا إسرائيل . وكثرت الوفود والشخصيات الخليجيه الرسميه التي تتباهى بعلاقاتها الحميمه بإسرائيل .

بظل هذه الوضع يصبح من الطبيعي عند (عُگل) التآمر من يقاتل إسرائيل إرهابياً ومن يصالحها عربياً أصيلاً .

في زمن الإنحطاط والإستسلام تحتضر القيم ويصار إلى إعادة تسمية الأشياء والمواقف بمسميات تنسجم مع توجه دواب العرب نحو معالفهم في إسرائيل . لقد غيروا المفاهيم وفق مسيرة الإنبطاح ، وهم يطمعون بتعميم ثقافة الإنهزام والإستسلام ، عبر إعداد قوائم تقلب الحقائق ، تًسمّي القريب والصديق عدواً ، وتُسمّي العدو صديقاً . يعملون على تسويق قوائم العار بإعتبارها قوائم شرف .

النجاح والشجاعه والإقدام والتضحيات صفات تصبح نادره في أزمنة الإنحطاط والإنبطاح والتردي ، ويصبح بروز قائد شجاع شيئاً نادراً . إن برز قائدٌ أو فصيلٌ أو مجموعةٌ مبدئيةٌ وشجاعةٌ ، يصبح كل الفاشلين والجبناء والمترددين والفاسدين في صفٍ واحد ، يعملون بنشاط على محاربة الناجحين والتنكيل بالشجعان والتشهير بهم وتأليب المغفلين عليهم ، كي لا تكشف بطولة الشجعان عجز الجبناء الرعاديد وخنوع المتوسلين وإرتجاف الخائفين .

كثيرون أغاظهم قرار وزراء خارجية الجامعه العبريه الذي ألصق تهمة الاٍرهاب بالمقاومين ، لكنني كنت في غاية الفرح ، لأن القرار رفع ورقة التوت عمن يدّعون العروبه وأظهرهم على حقيقتهم . لقد جاء القرار شهادةً إضافيةً للمقاومين ، وأصبح قرار إتهامهم بالإرهاب منسجماً مع قول المتنبي :
( وإذا أتتكْ مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني كاملٌ ) .

كانت مقرارات القمم العربيه حبراً على ورق بحضور قادة وزعماء العرب التأريخيين ، فكيف وقد قفز (الحِثلَّك) الى مراتب القياده ، وكيف إذا كان القرار لوزراء الخارجيه ولم يختم بحوافر (الحِثلَّك) من القادة العرب ؟ .

التوقيت له أهميةٌ كبرى في العمل السياسي ، توقيت عقد مؤتمر وزراء الخارجيه العرب باليوم ذاته الذي هُزم فيه داعش في العراق ، وبعد أيام من قرار أمريكي سمّى فصائلاً وقادةً من الحشد الشعبي بالإرهاب … كل هذه المعطيات تمكننا من القول للسعوديه وحلفائها : أنتم داعش لأنكم حاولتم الإنتقام لهزيمة إبنكم داعش وسميتم مَنْ ألحقَ الهزيمةَ به إرهابياً .

سلام الله عليك يا أبا الحسن وأنت القائل :
( الْمَنِيَّةُ وَلاَ الدَّنِيَّةُ وَالتّقَلُّلُ وَلاَ التَّوَسُّلُ وَمَنْ لَمْ يُعْط قَاعِداً لَمْ يُعْط قَائِماً )
المجتمعون في القاهره قبلوا بالدنيَّةِ إستدباراً للمنيَّةِ .

أنتم داعش من نحن ؟ نحن من هزمناكم ، وجماعتكم ما زالوا يلعقون جراحهم في ميادين المواجهه ، إجتمعتم على شتمنا وتوعدتمونا بالويل والثبور . القول الفصل للميدان نحن أشبعناكم ركلاً ولكماً وأنتم أشبعتمونا سباً وشتماً وخبثاً .

( يرى الجبناءُ أن العجزَ عقلٌ ********** وتلك خديعةُ العقلِ اللئيمِ ) المتنبي
——————————————————————————————————————————————–
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here