الأديان والإرهاب

الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

ارتبط الإرهاب بشكل مباشر او غير مباشر منذ القدم بالاديان المختلفه بما فيها الدين الإسلامي لسبب بسيط هو التفسير غير الصحيح لمفاهيم ومباديء تلك الأديان. وقد يأتي التفسير الخاطيء للنصوص الدينية ليس من قبل معتنقي هذه الأديان بل من قبل اعدائهم وذلك من اجل تشويه سمعة الدين وسمعة معتنقيه ومن ضمن تلك المخططات هو الاندساس في الدين وحتى تبوأ مناصب عليا مهمة في هرم مذاهبه المتعدده مما لايخطر على بال ولاحتى على اتباع هؤلاء المندسين. ينتج عن ذلك (صناعة) فكر متشدد ومنحرف عن الطريق المستقيم للدين يطلق عليه احياناً الفكر التكفيري لانه يأخذ دور الله في تحديد من هو الكافر وتطبيق العقاب بحقه وكيلاً عن الله!. وهذه مسألة مهمة جداً اذ ان الدين هو مباديء ألهية بعث بها الرسل والانبياء بوحي من الله للبشر كي يعيشوا بسلام وسعادة ومساواة وعدل وما الى ذلك من مكارم الاخلاق وضمان الحرية التي هي ضد العبودية. وعلى هذا الأساس وبما ان الدين هو مباديء الهية فلابد من ان يصطفي الله من خلقه من البشر من يستطيع ان يفسر تلك النصوص مثلاً (القرآنية) دون مبالغة ولاتقصير وبذلك يمنع الوقوع في الخطأ والانحراف الذي واحدة من نتائجه هو الفكر التكفيري والإرهابي.

القرآن الكريم هو ما اوحي به لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يحتمل تفسير آيته وجوه عديدة والعديد منها بحاجة الى فهم السبب لنزولها والغاية من ذلك وفيما اذا كان تطبيقها مطلقاً في الزمان والمكان او محدوداً على عناصر وزمان محدودين؟ وحتى مع ذلك يبقى القرآن الكريم كلام صادر من الله تعالى وعليه فهو بحاجة الى ان يفسره الله لنا او ممن اصطفى الله لهم الدين دون الناس وذلك يجب ان يكون اختيار صادر من الله وليس من غيره لانه اعلم حيث يجعل رسالته. من هنا جائت التفسيرات الخاطئة والتكفيرية لمباديء الدين بل وقد استغل الدين من اجل تمرير مصالح سلطوية او فئوية او شخصية مختلفه سواء الدين الإسلامي او غيره من الأديان. ومع مرور الزمن اصبح أعداء الأديان المختلفه يبتدعون أساليب بالنفوذ خلال الدين وتشويهه من داخله وذلك اخطر من ان يتم تشويهه من الخارج.

ان الإرهاب والتفجيرات وقتل الأبرياء وغسل ادمغة الشباب والاعتداء على دور العبادة ماهي الا نتاج للفكر التكفيري للدين وتغلغل الأعداء فيه لتدمير الدين الحق وذلك باعطاء صورة مغايرة تماماً لمبدأ (وما ارسلناك الا رحمةً للعالمين) ومبدأ (وما ارسلناك الا كافة للناس) ومبدأ (انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) ومبدأ (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً .. افأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).

ولقد رأينا ان الذين تتم غسل ادمغتهم في (داعش) مثلاً هم الذين لايفقهون شيئاً في الدين سوى المظاهر الخارجية من تطويل اللحى واللباس القصير والحضور الشكلي للصلاة وما الى ذلك بينما يفتقدون الى الرحمة (وما ارسلناك الا رحمة …) والعفو والعلم والمساواة بين البشر والعدل والبناء والحكمة وغيرها من الاخلاق التي تبدأ في داخل الانسان … هم يركزون على ماهو خارج الانسان لذلك فأن صلاتهم لاتمنحهم قوة حيث ان القوي هو الذي يعفو حين المقدرة ويصبر حين الشدائد ويبذل حين العطاء ويرحم غيره ويساعد الفقير ويحترم الكبير اما الضعيف فهو الذي يقوم عكس ذلك كله. وهؤلاء يظلمون لانهم ضعفاء ولان صلاتهم لاتمنحهم القوة الداخلية فهي ليست الا اجبار للذهاب الى دور العبادة (الجامع او المسجد) وأداء شكلي للصلاة بينما الفكر خالي منها. والأداء هذا اما خوفاً من السلطة الدينية او من اجل مكاسب دنيوية واجتماعية.

وان مسلسل الإرهاب وزج الدين في اتونه سوف لن ينتهي بنهاية مجموعة او أخرى لان التاريخ يخبرنا على مر العصور بظهور حركات متطرفة بين الحين والأخر .. وعلى مدى السنين الماضية في وقتنا الراهن رأينا كيف شنت حروب وتلتها حروب اكلت الأخضر واليابس باسم الدين ومفاتيح الجنة والحور العين وفتح المقدسات وما الى ذلك .. وسوف لن يكون تفجير سيناء في مصر اليوم اخرها او نهاية داعش في العراق وسوريا عدم عودتها الى أماكن أخرى الا في حال تكاتف الجهود لوقف بث سموم الأفكار التكفيرية والمذهبية والطائفية كما هو شأن إيقاف المحاصصات الطائفية والبث الإعلامي لكافة المروجين للافكار التي تلغي الاخر والنيل منه .. كما ويجب تطبيق أسس المساواة بين البشر في الوطن الواحد دون تمييز على الأسس غير أساس المواطنة والعيش الكريم الذي جاء به محمد وعيسى وموسى وإبراهيم وغيرهم من الأنبياء (عليهم السلام) الا وهو مبدأ (وما ارسلناك الا كافة للناس) (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here