إيران تهيمن على نفط كركوك وخسائر إيقاف التصدير بلغت مليار دولار

يؤكد المراقبون السياسيون وخبراء الطاقة أن إيران تسيطر على عمليات تصدير نفط كركوك، بعد مرور 5 أسابيع على هجوم الحشد الشعبي على محافظة كركوك، فيما تشير التوقعات إلى أن الأيام القادمة ستشهد وصول أول دفعة من نفط كركوك إلى المصافي الإيرانية، بموافقة الحكومة العراقية.

ونقلت وكالة “رويترز” البريطانية عن قادة عراقيين وتجار في قطاع النفط، قولهم، إنه “وفقاً لاتفاقية جديدة، سترسل الدفعة الأولى من النفط إلى إيران عن طريق الصهاريج خلال الأيام القليلة القادمة، ومن المقرر أن يتم إرسال 15 ألف برميل إلى إيران يومياً خلال المرحلة الأولى، أي ما قيمته حوالي مليون دولار، وستزداد هذه الكمية تدريجياً حتى تصل إلى 60 ألف برميل يومياً”.

كمية النفط هذه تعادل كمية النفط الذي يُصدر عن طريق أنبوب كوردستان إلى ميناء جيهان التركي، وعليه فإن المشروع الجديد بين إيران والعراق يعتبر ضربةً لتركيا أيضاً، والتي كانت تسعى لأن تكون القناة الرئيسية لنقل النفط إلى أوروبا، وبحسب وكالة رويترز، فإن المشروع يعتبر ضربةً كبيرة للنفوذ الأمريكي في العراق، كما أنه خلال الشهر المنصرم ازداد نفوذ “فيلق القدس” الإيراني كثيراً داخل العراق.

ويعتبر قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، جزءاً رئيسياً من هذا الانتصار الإيراني، لأن “فيلق القدس” هو الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني، ويحظى بحصة كبيرة من تجارة وإنتاج النفط الإيراني، وتفيد كافة التقارير بأن قاسم سليماني، كان له دور بارز في الهجوم على كركوك.

ووقفت تركيا وإيران ضد إجراء استفتاء كوردستان في 25/9/2017، في حين فتحت الولايات المتحدة الأمريكية القنوات الدبلوماسية بهدف إقناع القيادة الكوردية بتأجيل الاستفتاء، إلا أن المراقبين السياسيين الكورد الذين تحدثوا لوكالة “رويترز”، أكدوا أن “الخلافات الداخلية هي السبب الرئيسي للنكسة التي تعرض لها الكورد، كما كانت مشكلة النفط على رأس الخلافات الداخلية”.

وأوضح نشطاء مطلعون على قطاع النفط في إقليم كوردستان، لوكالة “رويترز”، أن “الحلم الكوردي بالتحول إلى أحد كبار المصدرين للنفط تعرض لانتكاسة، في حين أصبحت إيران (ملك اللعبة)”.

وقال المستشار السياسي، شيرزاد يابه، المقرب من الاتحاد الوطني الكوردستاني، والذي لعب دوراً رئيسياً في إنجاح الخطة الإيرانية، لوكالة “رويترز”: “لقد حاولنا إرضاء البارزاني بأن تشترك أربيل والسليمانية في إدارة حقول النفط، إلا أنهم رفضوا هذه المسألة بشدة”.

وأضاف شيرزاد يابه، أن “كبار المسؤولين في الاتحاد الوطني الكوردستاني، شجعوا طهران وبغداد على مدّ أنبوب لنقل النفط من كركوك إلى بندر عباس في إيران”، وكان الهدف من ذلك هو إنهاء سيطرة الحزب الديمقراطي الكوردستاني على نفط كركوك.

ووقعت بغداد وطهران اتفاقية أولية لتصدير نفط العراق إلى إيران في شهر شباط 2017، إلا أن هذا التفاهم لم يشهد تطبيق أي خطوة عملية، وربما تكون خطوات بغداد وطهران لتطبيق هذه الاتفاقية أكثر جدية بعد السيطرة على كركوك.

وتوقف تصدير النفط من حقول كركوك منذ 5 أسابيع، فيما لم تبدأ أي مفاوضات بين أربيل وبغداد في هذا الإطار.

ويقول المسؤولون في قطاع النفط بإقليم كوردستان، إن خسائر إيقاف تصدير نفط كركوك بلغت مليار دولار، لذلك يقول المسؤولون في الحكومة العراقية إن الاتحاد الوطني الكوردستاني وبغداد وطهران، بدأوا بالمفاوضات من أجل منع استمرار هذا الضرر الكبير.

من جهته قال مدير شركة النفط الوطنية العراقية “سومو”، علاء الياسري، لوكالة رويترز، إن “الشركة دخلت نقاشاً جدياً مع الشركات الوطنية الإيرانية حول تفاصيل بيع النفط العراقي لمصافي النفط في محافظة كرماشان، إلى جانب نقاشات جدية حول أنابيب النفط بين العراق وإيران”.

لا اتفاق بدون مشاركة الحرس الثوري الإيراني

تجري المفاوضات بين بغداد وطهران على مستوى المسؤولين في وزارتي النفط وغرفتي التجارة في البلدين، إلا أن وكالة “رويترز” ذكرت في تقريرها أن “الحرس الثوري الإيراني شارك مؤخراً في المفاوضات بين الطرفين”.

وفي هذا السياق قال مدير شركة “ENEXD”، رضا موسوي طبطبائي، إن “جميع المفاوضات المتعلقة بتجارة النفط بين إيران والعراق يجب أن تحظى بموافقة الحرس الثوري الإيراني، وليس من جانب وزارة النفط الإيرانية”.

ويقع المقر الرئيسي لشركة “ENEXD” في لندن، وتعمل في مجال توفير متطلبات الصناعة في مجال الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط.

ويتابع قسم مراقبة الاستثمار في إيران هذا النوع من الاتفاق في العراق، ويتبع هذا القسم لمكتب الرئيس الإيراني، ويديره قادة في الحرس الثوري، ويقول رضا موسوي طبطبائي إن “مشروع أنبوب النفط هو مكافأة من الحرس الثوري الإيراني للكورد الذين قدموا المساعدة للسيطرة على كركوك”.

ماذا ستفعل تركيا؟

كانت الشركات التركية خلال السنوات السابقة مستثمراً رئيسياً في قطاع النفط والغاز بكوردستان، وكان معظم نفط كركوك يُصدر عن طريق أنابيب نفط كوردستان إلى ميناء جيهان بتركيا طيلة السنوات الثلاث الماضية، لذلك فإن من الطبيعي أن تقلق تركيا بخصوص إنشاء أنانبيب نفط بين العراق وإيران.

وبحسب وزارة النفط العراقية، فقد “اجتمع وفد تركي يعمل في مجال الطاقة مع مسؤولين عراقيين في قطاع النفط، يوم الخميس، وناقش الاجتماع مسألة استئناف تصدير نفط كركوك إلى ميناء جيهان التركي، في حين ستعقد الجولة الثانية من هذا الاجتماع في أنقرة”.

وبحسب وكالة “رويترز”، فإن “الحكومة العراقية تتهم حكومة إقليم كوردستان بعدم الاستجابة لمطالب بغداد بتصدير نفط كركوك إلى تركيا عبر أنابيب نفط كوردستان”.

ترجمة وتحرير: أوميد عبدالكريم إبراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here