من يرفع دعوى قضائية لأبنتي؟؟

تضامن عبدالمحسن

دهشت حينما جاءتني ابنتي، ذات الاثنى عشر عاما، متذمرة، تطالبني بمن يرفع لها دعوى قضائية، فسألتها، ولكن ضد من؟ ولماذا؟..

ابنتي تريد ان ترفع دعوى قضائية ضد من يريد ان ينتهك حقوقها كطفلة ويتجاوز بها الى مراحل عمرية متقدمة جدا ليجعلها امرأة ويخضعها لقوانين ابسط مايقال عنها انها ظلامية متخلفة، بمحاولتهم لإقرار تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ لعام 1959.

فهل من يرفع لها دعوى قضائية ضد من اباح لنفسه طرح قانون جائر صار موضوعا للنقاش، فصارت كل وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي والفضائيات تتناقله وأعين الاطفال تتلقفه وتتابعه وعقولهم تستقرأه، حتى اضحى موضوعهم ايضا، يتساءلون حوله ويستفسرون عنه، فسح امامهم اهتمام اخر هم بعيدون عنه، انه موضوع الجنس، فمن هي القاصر، وما الذي يبتغيه الرجل من طفلة دون العاشرة؟ هذا الارباك في الطرح وفي التناول دفع بعض العوائل الى تقييد بناتهم واولادهم القصر ايضا، في حرية الملبس وفي حرية الحركة والتنقل بين المدرسة والبيت، ليس خوفا منهم بل خشية عليهم من اعين المارقين التي تبحث عن صيد هش، فأطفالنا عرضة للمتحرشين جنسيا، وطرح مثل هذا القانون سيفتح الباب واسعا امام اصحاب النفوس الضعيفة لإستغلال الاطفال الصغار واغوائهم بحجة الشرع والقانون، مادام القانون، من جانب آخر يبيح للمُغتصِب ان يتزوج بضحيته مقابل اسقاط الحكم عنه، فيكون بذلك قد اختار من يتلاعب بها ويجرجرها الى مستنقعه القذر.

اضيف الى ذلك، فإن اليوم صار كل من يلتقي بطفلة يقول لها، مازحا او قاصدا، لقد اصبحت امرأة ويحق لنا تزويجك، ابنتي صارت تسمعها في اليوم عشرات المرات، كما ان طالبات المدارس وطلابها صاروا يتداولونها، ساخرين، ولكنها اصبحت من مفرداتهم.

ان مجرد دفع تفكير الاطفال باتجاه الجنس يعتبر تجريم وتلاعب بالتركيب البايولوجي للأطفال.

كلنا نعلم ان اغلب مدارسنا وما آلت اليه من اهمال في تربية اولادنا، غير قادرة على مواكبة هذا الحدث والدفع بالاتجاه المعاكس، وتحصين الاطفال من مثل هذه الافكار، وتوعيتهم لتحصين انفسهم ضد الشر القادم من الشخص المجهول، كما ان الفضائيات لم تأخذ دورها الحقيقي في توعية المجتمع ضد اقرار هذا القانون ولا توعيته بدور المرأة المتعلمة والمثقفة في بناء البلاد التي هي اليوم بحاجة لكل عنصر في المجتمع ليعيد للعراق وجهه البهي الذي رسمته له حضارات ماقبل التاريخ.

لذا، يحق لنا ان نرفع دعوى قضائية ضد من سرق براءة التفكير لأطفالنا وحلمهم في المستقبل والوانهم التي ترسم قوس قزح، ويحاول ان يجعلهم مجرد اداة للتفريغ الجنسي لعقول متوحشة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here