مستشار رئيس حكومة كوردستان: بغداد تنتهز كل الفرص لزيادة الضغط على أربيل

تحدث عضو قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومستشار رئيس حكومة إقليم كوردستان، دلشاد شهاب، عن مستقبل حكومة كوردستان الحالية والانتخابات القادمة.

وقال دلشاد شهاب، في مقابلة خاصة مع صحيفة رووداو الأسبوعية، إنه “بدلاً من أن تتفاوض الأطراف السياسية في إقليم كوردستان على حكومة مؤقتة، فإن من الأفضل إجراء انتخابات مبكرة، واختيار حكومة جديدة لأربع سنوات قادمة”.

وحول بدء الحوار بين أربيل وبغداد والعلاقات بين الطرفين، أكد مستشار رئيس حكومة إقليم كوردستان، أن “إعادة مسودة مشروع قرار ميزانية عام 2018 إلى مجلس الوزراء كانت خطوةً جيدة”، كما أن “غياب وحدة الصف الكوردي صبَّ في مصلحة بغداد”، وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: إلى أي مرحلة وصلت المفاوضات بين حكومة إقليم كوردستان والأطراف السياسية الكوردية؟

دلشاد شهاب: كانت اللقاءات التي جمعت بين حكومة إقليم كوردستان والأحزاب والأطراف السياسية الكوردية، خطوةً محفزة، والجميع متفق على ضرورة وحدة الصف من أجل تجاوز هذه المرحلة المتأزمة، وحل المشاكل على أساس الدستور، كما أن جميع الأطراف وصلت إلى قناعة بأن هذه الحكومة مؤقتة ومهامها واضحة ومحددة، لذا ليست لدينا مشكلة سواء بإجراء الانتخابات خلال الأشهر الـ8 التي تم تمديد عمل البرلمان فيها، أو اتفاق الأطراف السياسية على جدول أعمالٍ يحدد أولويات عمل الحكومة، كما أن السيد رئيس الحكومة تحدث للأطراف السياسية خلال الاجتماعات قائلاً: “بإمكانكم إخبارنا ما الذي يمكن أن تقوم به الحكومة المؤقتة خلال هذه المرحلة”.

رووداو: لماذا يُصرِّ البعض على استمرار الحكومة الحالية في السلطة؟

شهاب: هذا الأمر مرتبط بتوالي الأزمات والمشاكل، فقبل كل شيء كنا نسعى لإنهاء الأزمات والمشاكل، لذلك استغرق تشكيل الحكومة الحالية 8 أشهر، ولكن خلال كافة الاجتماعات لم نكن منشغلين بكتابة جدول أعمال الحكومة، وفي بعض الاجتماعات كنا منشغلين بتوزيع المناصب والوزارات، وأنا عضو في لجنة كتابة جدول أعمال الحكومة، وإقليم كوردستان يواجه العديد من التهديدات، فما الداعي لقضاء جلِّ وقتنا في الاجتماعات والمفاوضات؟.

رووداو: هل أنتم جاهزون لإجراء تعديلات في الحكومة، مثل تقليصها وتغيير بعض الوزراء؟

شهاب: كل هذه الأمور متعلقة بمسألة الوقت، فالحكومة شكلت لجنة للإصلاح، ولا شكّ في أن تقليص الحكومة هو أحد الأشياء، كما تحظى مسألة تقليص الحكومة بموافقة رئيس الوزراء ونائبه، ولكن أمامنا 7 أشهر، ستستغرق الانتخابات شهراً منها، كما أن تشكيل الحكومة يحتاج لشهر، فيما يحتاج التعديل الوزاري لأكثر من شهر، أي بمعنى أن الملف سيتأزم بهذه الطريقة، فإذا انهمك الجميع لعدة أشهر بالتعديلات داخل الحكومة، وكذلك بإدارة الحكومة الجديدة، فلن يكون بالإمكان تحقيق مطالب الشعب، وهذا بحد ذاته مضيعة للوقت.

رووداو: هل هناك اعتراضات على تغيير الرئيس ونائبه، خاصةً بعد توزيع سلطات رئيس إقليم كوردستان على الرئاسات الثلاث؟

شهاب: لم نتحدث في هذه التفاصيل خلال الاجتماعات، ولكن ما فهمته هو أنه لم يتحدث أي طرف عن تغيير منصب رئيس الحكومة ونائبه، لأن الحكومة المؤقة يجب أن تُشكل على قاعدة متينة، كما أن الأطراف الرئيسية هي نفسها التي تُشكل الحكومة المؤقتة، ورئيس الوزراء ونائبه يشكلان هذه الحكومة المؤقتة بنفسيهما، وأساسات تشكيل حكومة مؤقتة هي الأساسات الموجودة حالياً، والتي تعمل عليها الحكومة، لذلك لن تحدث تغييرات جذرية حالياً.

رووداو: هل كانت هناك مطالبات بعودة وزراء حركة التغيير خلال اجتماع وفد الحكومة معها؟

شهاب: لم يتناول الاجتماع هذا الموضوع، إلا أن رئيس الحكومة دعا وزراء حركة التغيير إلى العودة، خلال مؤتمر صحفي.

رووداو: ما هو سبب الأزمة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحركة التغيير، وهل بقيت نقاط خلاف بينهما؟

شهاب: بعد قرار مشاركة حركة التغيير في الحكومة، بدأ الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالتحرك بجدية وإخلاص، وعندما كلف الرئيس مسعود البارزاني، رئيس الوزراء، نيجيرفان البارزاني، بتشكيل الحكومة، خصص الأخير وزارتين مهمتين لحركة التغيير، وهما المالية والبيشمركة، لكي تشعر حركة التغيير بأهميتها وشراكتها في الحكومة، كما أنه في إطار الاتفاق، صوت بدون تردد لرئيس البرلمان، إلا أن وجهات نظرنا مختلفة حيال الأزمات بين الطرفين، وربما تعتقد حركة التغيير أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يلتزم الشراكة.

رووداو: طالما أن وجهات النظر مختلفة حيال الحكومة المؤقتة، لماذا لا تُجرى انتخابات مبكرة من أجل تشكيل حكومة جديدة؟

شهاب: يجب تأهيل أرضية تقنية من أجل إجراء الانتخابات، وإلغاء أسماء المتوفين، وكذلك الذين تكررت أسماؤهم، كما أن على الأطراف الاتفاق على بعض المبادئ والمصالح القومية، ويجب ألا تستمر الأزمة والتوتر الموجود حالياً بعد الانتخابات، ولا أعتقد أن بإمكان أي حزب الحصول على غالبية الأصوات بمفرده، لذلك سيتم تشكيل حكومة ائتلاف موحدة، وعليه فإن هناك وجهة نظر تفيد بأنه ليس من الضروري إطالة أمد المفاوضات من أجل حكومة مؤقتة، بل إن من الأفضل إجراء انتخابات مبكرة عوضاً عن ذلك.

رووداو: بحسب توقعاتك، متى ستجرى الانتخابات؟

شهاب: ما زالت هناك 7 أشهر، إلا أن توقيت إجراء الانتخابات يقع على عاتق لجنة الانتخابات ومدى استعدادها، كما أن هناك وجهة نظر أخرى تفيد بعدم إجراء انتخابات برلمان كوردستان بالتزامن مع الانتخابات العراقية، لأن لجاناً مختلفة تشرف على هذه الانتخابات.

رووداو: هل الحكومة مستعدة لتحديد موعد للانتخابات؟

شهاب: لقد طلبنا من الأطراف الأخرى دعم هذه الحكومة، وترى الحكومة أن المفاوضات حول حكومة مؤقتة وانتخابات مبكرة تستغرق الكثير من الوقت، لذلك فإن من الأفضل أن تدعم جميع الأطراف هذه الحكومة من أجل تجاوز هذه الأزمة.

رووداو: لماذا لم تبدأ المفاوضات مع بغداد حتى الآن، وماذا تريد بغداد؟

شهاب: الدستور العراقي يوضح واجبات الطرفين، وبغداد تنتهز الفرص لزيادة الضغط على إقليم كوردستان، حيث قال السيد العبادي خلال مؤتمر صحفي: “لقد حققنا أكثر مما كنا نتوقع”، لذلك فهم سيضعفون إقليم كوردستان قدر استطاعتهم، كما أن كافة قراراتهم وأفعالهم كانت مخفية ومخططة، وهذا العداء تجاه كوردستان كان مخفياً في قلوب بعض السياسيين العراقيين، وحالياً تقوم غالبية الأطراف العراقية بالدعاية الانتخابية، وفي خطابات الكثيرين منهم يُعتبر العداء لكوردستان نوعاً من الخدمة للشعب العراقي، ولهذه الأسباب لا تُقدم بغداد على أي خطوة، لذلك فإن غياب وحدة الصف الكوردي يصبُّ في مصلحة بغداد.

رووداو: بغداد تطالب بالسيطرة على المنافذ الحدودية والمطارات، فلماذا لا تسمحون بذلك؟

شهاب: واجبات الحكومة الفيدرالية محددة في الدستور، ولكن السؤال هو: هل تعتبر الحكومة الفيدرالية الكورد مواطنين عراقيين أم لا؟، فهم يعتبرون إدارة وحماية الكورد للحدود أمراً غير مشروع، ولكنهم يقبلون بأن يأتي شخص من البصرة ليسيطر على حدود كوردستان، وهم يعتقدون أنهم بذلك يفرضون السلطة الفيدرالية على إقليم كوردستان، علماً أن حدود كوردستان هي الأكثر أماناً في العراق، وهناك عشرات التقارير لوزارة النقل والمواصلات التي أكدت أن العمل في مطاري أربيل والسليمانية يسير بشكل جيد جداً.

رووداو: ما هي مواقف الدول المجاورة؟

شهاب: لا أحد يستطيع إنكار نفوذ وتأثير إيران على العراق، وحتى العراقيون والإيرانيون لا يخفون ذلك، ونحن نريد أن تكون هناك مباحثات بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية، ولكن من المؤسف أن العراق طلب بنفسه من دول الجوار اتخاذَ مواقف ضد مواطنيه.

رووداو: هل تنتظر حكومة بغداد قراراً صريحاً وواضحاً من المحكمة الفيدرالية حول إلغاء نتائج استفتاء كوردستان؟

شهاب: لا يحق لأحد إلغاء نتائج الاستفتاء، وهم يعلمون جيداً أن حكومة إقليم كوردستان لا تستطيع إصدار قرار بإلغاء أصوات الملايين من مواطنيها.

رووداو: هل كنتم تتوقعون هذا الموقف من العبادي؟

شهاب: لم نكن نتوقع تصرفاً كهذا من العبادي تجاه إقليم كوردستان، حيث كان العبادي يقول قبل ذلك إنه مستعد لحل المشاكل مع إقليم كوردستان، ولكن من سبقوه مارسوا العداء ضد كوردستان حتى مرحلة معينة، ثم جاء العبادي وأكمل ما بدأ به الآخرون، وهذا الأمر لن ساهم أبداً في زرع الشعور بالانتماء للعراق لدى الشعب الكوردي، كما أنه في موازنة عام 2017، تم اتخاذ قرار من طرف واحد بخفض حصة كوردستان التي كانت تبلغ 17%، بنسبة كبيرة في موازنة 2018 .

رووداو: ولكن مسودة مشروع قرار الموازنة أُعيدت إلى مجلس الوزراء، كيف تنظرون إلى هذا الإجراء؟

شهاب: بحسب الدستور العراقي، يحق لإقليم كوردستان المشاركة في وضع قانون الموازنة العراقية، لا أن يضعوه هم ثم يطلبوا منا القبول به، ولكننا نعتبر إعادة مسودة مشروع قرار الموازنة إلى مجلس الوزراء خطوةً جيدة.

رووداو: هل تستطيع حكومة إقليم كوردستان تأمين رواتب الموظفين في ظل الأزمة المالية الراهنة؟

شهاب: ليست لدي تفاصيل حول هذا الموضوع، ولكن لا يخفى على أحد أن المنافذ الحدودية مع إيران مغلقة، كما أن التبادل التجاري بين إقليم كوردستان ومدن ومناطق العراق متوقف، فضلاً عن سيطرة الحكومة الاتحادية على غالبية حقول النفط.

رووداو: تركيا لم تغلق المنافذ الحدودية، هل كنتم تتوقعون ذلك؟

شهاب: نحن نشكر تركيا لأنها لم تعاقب الشعب الكوردي بسبب عمليةٍ ديمقراطية، فالأزمات بين الشعوب تؤدي إلى نتائج سلبية، كما أننا جيران، وعلاقاتنا الجيدة مع تركيا تجاوزت مسألة الجوار، وعليه فإن تركيا تصرفت بشكل جيد حين حافظت على هذه العلاقات.

ترجمة وتحرير: أوميد عبدالكريم إبراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here