هل انضمت جريدة ” طريق الشعب” الى جوقة ” مستشاري اقتصاد ” الظلام؟

محمد رضا عباس
بين فترة وأخرى يخرج علينا ” مستشار اقتصادي” لا احد يعرف ما هي هويته , شهادته , خبرته , عدد بحوثه , او المؤسسة التي يعمل فيها يشرح الاقتصاد العراقي على مزاجه الخاص . فمرة يخرج علينا ” مستشار اقتصادي” , يحذر ان الاقتصاد العراقي في طريقه للانهيار , وان الدولة في طريقها الى طرد جميع موظفيها واذا كان يمتلك قليل من الرحمة في قلبه سيقلل من تحذيره ويخفضه من انهيار الى عدم إمكانية الدولة بدفع أجور موظفيها . و ” مستشار اقتصادي” اخر يتوقع انهيار قيمة الدينار العراقي لان حجم احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية قد انخفض من 80 مليار الى 40 مليار دولار , و يتوعد العراقيين بالويل والثبور وكيف ان بانهيار الدينار العراقي سوف تضطر الام بيع ابنها والأب يطرد ابنه لعدم استطاعته توفير الاكل له , وسوف يجف ثدي الأمهات من الفقر , فترمي أطفالها في النهر. واخر يتوقع ان اغلاق المعابر الحدودية في كردستان سوف يؤدي الى انفجار في أسعار السلع والخدمات اعظم من هيجان بركان “هيلين” في ولاية واشنطن الامريكية , وسوف تشتعل أسعار السلع بحيث لا يقدر العراقي شراء حمص لطبق القيمة الكظماوية .
على هذا المنوال , نشرت جريدة ” طريق الشعب” بتاريخ 16 تشرين الثاني 2017 وعلى صفحتها الثالثة مقال مرعب ومخيف لا يقل رعبا من تصريحات بعض أعداء العملية السياسية والتغيير ومن يسكن خارج العراق و يتسكع في مقاهيها ويطلق على نفسه ” خبير اقتصادي” . كان المقال يحمل عنوان ” بين البطالة والغلاء والازمة الاقتصادية ..مستوى معيشة الفرد العراقي من سيء الى اسوء”. بكل امانة , عندما قرات العنوان اعتقدت ان هذا الخبر هو واحد من التصريحات التي يطلقها المتسكعين في مقاهي الأردن , ولكن , اندهشت كثيرا عندما اكتشفت ان المقال كان مذيل تحت اسم جريدة ” طريق الشعب” , تلك الجريدة التي احببناها واحبتنا ولم نفارقها على الرغم من المخاطر العظيمة التي من المتوقع ان يقع بها قارئها من قبل الامن العراقي ومن ثم “رفاق حزب البعث” تحت حكم حزب البعث المدمر.
عنوان المقال يحوي ثلاثة تحذيرات , وهي ارتفاع البطالة , ارتفاع نسبة التضخم , و ازمة اقتصادية , ولكن بالحقيقة كلها عناوين غير واقعية و غير صحيحة وانما تهم رخيصة تخالف المعلومات التي تنشرها المؤسسات الاقتصادية العالمية عن الاقتصاد العراقي. الجريمة كل الجريمة , ان المقال يحتوي على تصريحات أساتذة جامعيون من المفروض ان يكون اختصاصهم هو الاقتصاد , ولكن على ما يظهر انهم لا يعرفون من الاقتصاد شيء او ان هدف المقال هو تحريف الحقائق من اجل التسقيط السياسي .انها وقت الانتخابات القادمة والافتراءات .
الاقتصاديون لا ينطقون عن الاقتصاد الا بالأرقام. المقال الذي نشرته جريدة ” طريق الشعب” كان مجرد احاديث ” لمختصين في شؤون الاقتصاد”, خالية, من الأرقام حول التضخم المالي في العراق , نسبة البطالة , وما هو حجم النمو الاقتصادي فيه , وهي معلومات موجودة من السهولة جدا الحصول عليها ان أرادها كاتب المقال او التحليل , وعليه فاني افترض ان خلو المقال من الأرقام الإحصائية ما هي الا محاولة رخيصة من جريدة ” طريق الشعب” لخداع القارئ عن حالة الاقتصاد العراقي .المقال تحدث عن الغلاء في العراق , وبالحقيقة ان التضخم الاقتصادي في العراق هو الأقل في منطقة الشرق الأوسط , حيث بلغ 1.4% عام 2015 , 0.6% عام 2016, مع العلم ان معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط هو 7.1%. تحدث المقال عن ارتفاع البطالة في العراق , وبالحقيقة ان نسبة البطالة لم تتغير كثيرا بين عام 2012 و 2016 , حيث كانت %15.3 و 16.0% على التوالي. نسبة البطالة عالية في العراق , ولكنها ليس هي الاسوء في المنطقة خاصة وان العراق يمر بحرب مقدسة ضد داعش . تركيا المستقرة فيها 10.6% من العاطلين العمل , بينما في السعودية 17%. وتحدث المقال عن “الازمة الاقتصادية” والتي تعني الركود الاقتصادي , ولكن بالحقيقة لم يمر العراق بالركود الاقتصادي منذ عام 2015 وحتى هذا العام. العراق مر بالركود الاقتصادي عام 2014 , حيث انخفضت نسبة النمو الاقتصادي فيه الى (-%2.1) , بسبب دخول داعش الى العراق واحتلاله ثلث الأراضي العراقية . النمو الاقتصادي المتوقع للاقتصاد العراقي لعام 2018 هو 2.6% وهي نسبة اعلى من الكويت 2.5%, الجزائر 2.3% , و السعودية 1.5%.
جريدة ” طريق الشعب” قدمت عشرات الشهداء من اجل نقل الكلمة الصادقة للقارئ و للشعب العراقي , ارجوا من ادارتها ان لا تسمح “للرايح والجاي ” و ” مستشارين” اخر زمن العبث بنهجها في نقل الحقيقة للقارئ الذي عرفناه في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي .لقد تحول بعض من كنا نحترمهم من شيوعين الى دجالين , ارجوا ان لا تحذو جريدة ” طريق الشعب” حذوهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here