( من هنا وهناك ) من شهداء مدينة الحي البطلة ( عبد الحسين ياسر الجوراني )

( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) قال ص ( ما من احد يدخل الجنة ويتمنى ان يخرج منها ولو كان له ملء الارض ذهبا الا الشهيد فانه يتمنى ان يخرج ليقتل ثانية لعظم ما اعطاه الله ) قال امام المتقين ( الجهاد باب من ابواب الجنة فتحه الله لخاصة اوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة )

1 _ تعرفت على الاخ الشهيد في بداية السبعينات , وكنا نصلي خلف الشهيد عالم الحي الشيخ عبد الامير قسام الذي سموه بالثاليوم كما نقل لي عبد المنعم ابو اصيبع عندما التقيت به في بيت الاخ الدكتور محمد حسن الصائغ بالصويرة بالمغرب في عام 1981 او 1982 ( بيت ابوا صيبع دفانة الموتى في الحي ) , وقال لي عند الغسل شاهدت جسمه مزرقا , فلعن الله عصابة البعث ومن ارجعها وكان الشهيد يستاجر سيارة لنقل الشيخ عبد الامير لبيته البعيد عن المسجد وكان الشيخ يعاني من الام الظهر وكان الشهيد اعزب وكان قمة في التضحية والكرم والنبل والبذل والعطاء والشهامة وقضاء الحاجات وشجاعته لا توصف وكان محبا لاهل البيت ع خاصة سيد الشهداء ع وكان مدافعا عن الدين وعلمائه ومراجعه العظام وبعد وفاة المرجع السيد محسن الحكيم قدس سره , ذهب الشهيد للشيخ عبد الامير يساله عن المرجع الجديد , فقال رحمه الله السيد الخوئي قدس سره هو الاعلم , ولهذا وضعت عصابة البعث الخسيسة في حسابها استئصال الشجعان الابطال الذين لا تاخذهم بالحق لومة لائم فاختارت في كل مدينة اصحاب المبادئي الشجعان الذين لا يساومون ولايهابون الموت والسجن فالمليونات الذين ممن اعدموا ( كما ذكر سياسيون واساتذة جامعات واعلاميون ذلك بكتاب معزز بوثائق ذكره الدكتور السيد عبد الصاحب الحكيم ) , واشترت عصابة البعث المنافقين والسقطة والانتهازيين والنفعيين وكنا نجلس بعد الدوام في نقابة المعلمين على شاطيئ نهر الغراف الى ان ادخلت عصابة البعث بيع الخمور فيها , فلعن الله العصابة القذرة ومن كرم رموزها بالوظائف والتقاعد عبودية لكرسي الذل الذي تقاتل عليه ثالثة وشق التحالف الوطني الى ان زحزحته المرجعية العليا عنه وشرعت الجهاد وطهرت ارضنا الطاهرة من انجاس ( البعث داعش ) وكان المرحوم يقيم كل ليلة العاشر من محرم وليمة يدعو الجميع اليها في داره وكان يشتري ( التركي ) الديك الرومي وفي اخر مرة كنت فيها , جاءت اعداد للوليمة اكثر مما توقعنا والله يشهد قلت لنفسي الاكل لا يكفي خاصة اللحم وقلت للاخ كريم حبيب مدرس العربية سيبقى بعض الحاضرين دون طعام وكنت انا وهو والشهيد حامد كطوف الطائي وغني ملا حسين ومحمد خضير بندر ( معازيب ) نوزع الاكل واكل الجميع , فالتفت لي الاخ كريم حبيب قائلا ( الم اقل لك انه سيكفي انها كرامة وبركة ابي عبد الله ع ) وليست بركة المرحوم ياسر والد الشهيد

2 _ كان الشهيد معلما بمدرسة التهذيب القريبة من البيت ومديرها بعثي سني شقيق امين سر منظمة الحي ومدير الثانوية عبد الرزاق عبد الدراجي ومعاون مدير مدرسة التهذيب النموذج النتهازي ناصر عباس الجويد كان شيوعيا ثم اصبح شاعرا شعبيا زمن عارف ثم اصبح رفيقا بعثيا يمثل الخسة , كان المرحوم الشهيد قد وضع على جدران صفه حكما لامام المتقين ع فحرض المنافق ناصر عباس المدير السني ليجبر الشهيد على ازالة حكم الامام علي ع ووضع حكم ميشيل عفلق والبكر وصدام فرفض الشهيد بقوة وقال بقطع راسي ولا ازيل حكم الامام علي ع فكتبوا للتربية ونقلوه الى مدرسة ابن هييرة في الجانب الاخر من نهر الغراف بعيدة عن بيته فلما تسلم كتاب النقل ذهب للمدير ومعاونه وقال ( غدا سابسطكم لا تقولوا ان عبد الحسين جاءنا غدرا وستشاهدون ذلك ) ولم يتوقع احد ذلك فالمدير طويل القامة والشهيد كان رفيعا , ولكنه قوي جدا وصلبا وله ثقة مطلقة بالله , وفي اليوم التالي ذهب للمدرسة وبعد ( الاصطفاف ) اخذ كل معلم طلابه للصف ثم ترك الشهيد طلابه وذهب لغرفة المدير ودخل واغلق الباب وقطع التليفون واشبع المدير ضربا بمطرقة كانت بالادارة الى ان اسقطه ارضا فسمع المعلمون الضرب والصياح ففتحوا الباب وكان اول من دخل المعاون المنافق ناصر فقام الشهيد بضربه بكرسي ( الابنوس ) الثقيل وسقط للارض وجاءت سيارة الشرطة والاسعاف ونقلوا الشهيد لمركز الشرطة وتدخل المرحوم الشيخ عبد الامير قسام الذي كان يزوره محافظ الكوت محمد محجوب ببيته بالحي ويحترمه كثيرا وكانت النية نقل الشهيد الى حصيبة ونقلوه عوض ذلك الى مدرسة ابن هييرة

3 _ سافرت معه عام 1975 الى لبنان وسوريا وبعض دول اوربا وسافرنا بالقطار من تركيا الى بلغاريا واثناء سفرنا الى رومانيا جاءت عائلة بلغارية ولم يكن لهم مقعد فبقوا واقفين فقام رحمه الله من مكانه واعطاه للسيدة فسالني ابنها ما اسم صديقك فقلت عبد الحسين , فقال والله يشهد ( حسين كربلاء ) وعرفنا انهم من مدينة ( روسه ) على الحدود الرومانية وفيها مسلمون , وقال الشاب لو تاتون معنا سازوجه شقيقتي وفي محطة قطارات صوفيا صلينا فتجمع حولنا العشرات يراقبوننا وكان معنا اثنان من طويريج غير ملتزمين فقالا ( اخزيتمونا جمعتم العالم عليكم ) وبعد الصلاة قلنا لهما هم لا يستحون من ممارسة اعمال غير مقبولة دون حياء , اتخجل من عبادة الله , وسالني بعضهم فقلت لهم صلينا الظهر والعصر والصلاة من اركان الاسلام وحدث مثل ذلك في بوخارست وعندما نتناول الطعام يوزع على من يجلس بجانبنا وكان صاحب مقهى ( عاكول سابقا ) في الحي ابو ليث يقول لي ماقصتة عبد الحسين يدفع ثمن الشاي والبيبسي لكل من يدخل المقهى وهو معلم راتبه 22 دينارا وكانت له كرامة اصلاح ذات البين فما من شجار او خصام يحدث في عائلة ما او بين اخوة او اصدقاء الا وتدخل واصلح بينهم وكنت اصاحبه دائما وكان يعمل وليمة بداره يدعوا المتخاصمين للعشاء دون ان يعلم احدهما بوجود الاخر ويصلح بينهما وقبل عودتنا من بلغاريا اشترينا قميصين غاليين ولبسه مرة واحدة ولم يلبسه ثانية ومرة سالته اين قميصك الذي اشتريته من بلغاريا ؟ فلم يجب ال بعد الحاح قال اعطيته لجارنا وكنا نسهر الليالي في بيت الشهيد نائب الضابط حامد كطوف الطائي نستمع الى محاضرات الشيخ الوائلي او في محل غني ملا حسين او في المقهى ويعرف ابناء الحي البطلة الشهيد جيدا

4 _ اصيبت شقيقته بتكسر الكريات الحمر ( اللوكيميا ) ورقدت بالمستشفى ببغداد وتحير في امرها الاطباء ونفدت نقوده فذهب لزيارة الكاظم ع وصادف صديقنا غني ملا حسين وسلم عليه وقال غني هل انت بحاجة الى نقود ؟ فقال نعم فاقرضه عشرة دنانير وذهب للمستشفى واراد اخراج شقيقته فرفض الطبيب وقال حالتها خطيرة فقال انا شقيقها واتحمل المسؤولية فوقع على ورقة اخراجها , وذهبا للامام الكاظم ع وبقيا يومين ثم الى سامراء ثم كربلاء والنجف وبقيا عدة ايام ثم عاد للحي وبعد شهر اخذها ثانية للمستشفى ببغداد وعمل الطبيب التحاليل الطبية فوجد كل شيئ طبيعيا فذهل الطبيب وقال ما حدث ؟ قال الشهيد فعلت ما فعله الشيخ الوائلي وسطت اهل البيت اولهم باب الحوائج لشفائها , والله يشهد

5 _ بعد السقوط عثر ابناء الحي الابطال على ملفات مديرية امن الحي ومنها ملفات الشهداء والجواسيس ومنها ملف ( ملايات يقران على الحسين ع ) وهن عميلات وفي زيارتي العراق عام 2008 اعطاني زوج خالتي المحامي عبد الحسين سلمان ملف الشهيد عبد الحسين ومازلت احتفظ به وعرفت توقيعه حيث وقعوا الشهيد على ورقة تعهد ( اتعهد بالاجابة على كل سؤال يوجه لي بدائرة الامن وان لا اخفي اي جواب او معلومات يريدها المحققون والا عرضت نفسي لاقسى العقوبات ومنها الاعدام ) لعن الله كل من ساهم وساعد ودعم على بقاء عصابة القذارة 35 سنة وسكت عن جرائمها قال ص ( من اعان على قتل نفس محرمة ولو بشق كلمة كتب عليه ايس من رحمة الله ) ولعن الله كل من خالف الدستور واعاد المجتثين وكرمهم ونسي دماء هؤلاء الشهداء ( ومعذرة للنواب ) وستبقى عورة مختار البعث معاصرة وتقبح وجه التاريخ

مختار بعث وما بعث بدولتنا اعادة ( العلج ) افواجا واسرابا

ملاحظة بنى والد الشهيد عبد الحسين بيتا له بحي المعلمين فصادرته عصابة الخسة ولم يتزوج وكذلك الشهيد صبيح زيارة وحامد كطوف ومعظم الشهداء حرموا من الذرية فرزقهم الله حوريات باعلى مرتبة بالجنة مع الانبياء وسيحشر البعثيون القتلة باقذر منطقة بجهنم الى الابد ويحشر معهم من عفا عن جرائمهم وكرمهم بالوظائف والتقاعد

علي محسن التميمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here