هناك بقعة من الأرض تسمى دولة

هناك بقعة من الأرض تسمى دولة
الفساد الأسم الأكثر تلطيفآ للسرقة فبدلآ من وصم السراق و الحرامية بهذا اللقب المخزي عمدت ( الدولة ) الى وصفهم بالفاسدين في محاولة للحفاظ على مشاعرهم و احاسيسهم من الخدش او الأيذاء و اذا كانت السرقة و الأستيلاء على اموال و املاك الآخرين هي السمة السائدة في المجتمع العراقي الذي اصبح لا يخجل من هذه الصفة القميئة و لا يعتبرها من السيئات و الخطايا التي نهت عنها كل القوانين الوضعية دعك عن الشرائع السماوية التي يتبجح المتدينون ( الحرامية ) الأنتماء اليها و الدفاع عنها وان استغلوا النصوص الدينية في التأثير على الناس و سلب عواطفهم وان كان الخلل ايضآ في النص الديني المراوغ الذي يقبل ( الحيلة الشرعية ) المسوغ العملي للسرقة و الغطاء الديني للصوص و الحرامية .
حرامية العراق ليسوا كأقرانهم من سراق العالم و لصوصه فهؤلاء حرامية عاديين ( نشالة ) اما اولئك في العراق فهم يسرقون كل شيئ و ليس عندهم حدود او خطوط محددة الألوان او حتى بقايا من اخلاق فالذي لم يحدث في كل بلاد الدنيا و دولها ان سرقت محافظة حصة المحافظة التي تليها من المياه مستغلة انحدار الأراضي و نزولها نحو الجنوب و ابقاء تلك المدن نهبآ للعطش و الجفاف و هلاك الحرث و الزرع او التهديد بقطع الكهرباء عن باقي المحافظات مستغلة مرور الأسلاك الكهربائية عبر اراضيها ان لم تحصل على حصة اكبر من الطاقة الكهربائية اي بمعنى آخر هو تهديد و ابتزاز في الأستيلاء على مقدار اكبر من تلك المخصصة للمدن الأخرى غير مهتمين و لا مبالين بالمواطنين الذين يقطنون تلك المدن و كأنهم اناس غرباء من بلدان اجنبية .
لم يحدث ان باعت احدى البعثات الدبلوماسية جوازات السفر خارج اطار القانون الذي يمنع ذلك و يعاقب عليه بشدة لأشخاص من جنسيات أخرى كما هو الحال عندما ( باع ) عدد من موظفي السفارات العراقية جوازات السفر لمن يدفع الأموال و التي تزود بتلك الجوازات الأعداد من الأرهابيين القتلة الذين دخلوا الى البلاد العراقية بشكل ( شرعي ) سلس و مريح و دون عناء و مشقة و عن طريق المنافذ الحدودية الرسمية و يقوموا بعدها بأعمالهم الأجرامية التي فتكت بالمواطنين الآمنين في اماكن عملهم او سكنهم او ملاعب الصبية و ساحات الرياضة .
كانت الأديان بمختلف تسمياتها المطية السهلة الركوب لأصحاب المصالح و الأفاقين و الذين من خلاله ( الدين ) يصلون الى مآربهم و التي عادة ما تكون غير مشروعة او شريفة انما استغلال العامل الديني هو المساعد في التأثير النفسي على البسطاء من الناس لأولئك الذين يتقنون صنعة التدين و يتفنون في ايهام العامة في ان كل ما يقولونه انما هو اقرب الى الوحي و التنزيل و لم يستغل الدين في أي مكان في العالم مثلما استخدم و استغل في العراق في صورة بشعة من هؤلاء المتدينيين الذين قتلوا و سرقوا و نهبوا تحت شعار الدين و التدين و مارسوا كل الموبقات و الفواحش و هم يتسابقون في الوصول الى ( مكة ) لأداء الحج او الهرولة الى الجامع للصلاة او في المشي الطويل و المنهك لزيارة الأربعين .
لم تكن تحصل في اكثر الأنظمة فسادآ و رشوة ان اطلق سراح المجرمين القتلة من الأرهابيين او العاديين مقابل رشوة مالية مجزية كما جرى في السجون العراقية و التي اطلق سراح العشرات و ربما المئات من السفاحين و عتاة القتلة و اصبحوا احرارآ لأن هناك الكثير من الذين باعوا ضمائرهم و خانوا ما أتمنوا عليه مقابل كمية من المال الحرام و غالبآ ما تكون تلك المهمة وفق سيناريو اعد مسبقآ في ترتيب هجوم ارهابي ( وهمي ) في تبرير عملية الهروب تلك و كثير ما يسقط في ذلك الهجوم ( الوهمي ) العديد من الضحايا من الحراس و الشرطة ذو الرتب الدنيا و الذين لا علم لهم بتلك العمليات .
رغم وفرة الثروات و الغنى المالي الذي يرفل به العراق و الذي يجعل من هكذا بلد قبلة و مقصد للجميع من عمال تواقين الى العمل و كسب المال الى الشركات التي تقتنص الفرص ذات المردود الأقتصادي و في كل البلدان حتى تلك الخطرة امنيآ تجد تلك الشركات و هي تعمل و تنتج الا هنا فليس هناك من شركات محترمة و ذات سمعة عالمية مرموقة قدمت الى العراق عدا تلك التي هي اصلآ غي ذي سمعة رصينة وصولآ الى تلك الأعداد الغفيرة من الهاربين من الوطن الذين ضاقت بهم معسكرات اللأجئين و ملت من استجدائهم صناديق المعونات و هم قادمون من بلد يزخر بالثروات و الأموال الفائضة التي تبذخ على الآخرين .
بين الأمس ( الدكتاتوري ) المقيت و الذي كان السبب في الحروب و النزاعات و الحصارات و المحاكم العسكرية و الأعدامات العشوائية و غيرها من جرائم و آثام النظام الدكتاتوري البائد الا ان حدود الدولة كانت محترمة و مهابة و يعاقب بصرامة كل من حاول التقرب منها و كانت مؤسسات الدولة و اغلب دوائرها تدار من قبل موظفين اكفاء لهم خبرة واسعة و دراية كبيرة في مجال عملهم و اختصاصهم اما النظام الذي خلف ذلك الحكم فكان النظام ( الديمقراطي ) والذي لم يفهم الناس من تلك ( الديمقراطية ) سوى ذلك الزلزال الفوضوي الذي عم كل شيئ و طغى على كل شيئ و لم تعد هناك ( دولة ) بالتعريف القانوني لها و كانت قوانين العشيرة المتخلفة هي السائدة و استبدلت بها قوانين المدينة المتحضرة و استعرضت عدة جيوش بعدتها و عتادها و صور قادتها في الشوارع و الأزقة و الساحات عوضآ عن الجيش الوطني الباسل الذي صارت جحافله و كتائبه في الصورة الأخيرة من المشهد البائس للدولة التي ارسى اركانها الوطيدة و دعائم بنيانها المتين اولئك المؤسسون الأفذاذ من السياسيين و القادة الذين رحلوا عن الحياة و حسنآ كان لم يشهدوا ذلك الكيان الثابت الأساس و هو يتهاوى و ينهار و يتحول الى كومة من الأحجار و الأنقاض و البشر و الى شيئآ غير واضح المعالم لا هو بالدولة و لا هو بمضارب القبيلة او مرابع العشيرة بل هو خليط غير متجانس من كل تلك الأشياء و غيرها اسمه ( دولة العراق ) .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here