ترامب من حيث يعلم او لايعلم يعزل أمريكا دولياً ويفقد الثقة بها: قرار القدس مثال

الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

هناك عدة أسباب لصدور قرار الرئيس الأمريكي دوناد ترامب بخصوص نقل سفارة بلاده الى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل في هذا الوقت ولكنه رغم جميع هذه الأسباب فأنه قد اخطأ ليس في التوقيت فقط بل في النتائج المترتبة على ذلك القرار لانها ستكون ذات مردودات سلبية ليس على إسرائيل فقط بل على أمريكا باعتبارها راعي للسلام المزعوم.

ومن اهم الأسباب التي دعت ترامب لاتخاذ قراره الذي ولد مشوهاً بل ميتاً هو ما يتعلق بشخصية ترامب نفسه الذي منذ تسلمه سلطة البيت الأبيض ما انفك يتخذ قرارات انفعالية سواء على الداخل او الخارج الأمريكي وخاصة فيما يتعلق بالمسلمين والبلدان الإسلامية والعربية. ذلك من ناحية ومن ناحية أخرى هو ما انفك يبدي كراهيته للاسلام والمسلمين بين الحين والأخر كلما سنحت له الفرصة بل ويبدي تأيده لليمين المتطرف في داخل او خارج أمريكا. وقد كان الكثير من تصريحات ترامب وقرارته مثاراً للسخرية والتهكم من قبل العديد من المحللين والإعلاميين الغربين والامريكيين انفسهم. ولاشك ان ترامب يمتلك شخصية مصابة بالغرور الذي يلاحظ في تصرفاته وحركاته وحتى اثناء تهجمه على منافسته على الرئاسة هلاري كلنتون وهو ليس رجل سياسة كما ويبدو انه غير مطلع على تأريخ الشعوب ولا على دياناتهم وما تمثله لهم تلك الديانات من قدسية واهمية. هو لم يكن سوى شخص ورث أموال من والده ولديه شركات ومنتجعات سياحية وفنادق وما الى ذلك من الثراء والأموال ومصاب بداء الغرور ويحاول ان يسد النقص الذي يعاني منه في المعرفة الضرورية باتخاذ قرارات وتصريحات استفزازية غير مبنية على الحكمة والتحليل الدقيق ويبدو انه يضرب عرض الحائط حتى نصائح مستشاريه بذلك لانه لايريدهم ان يكونوا اعلم منه.

وهناك سبب مهم لاتخاذه قرار نقل سفارة بلاده الى القدس وهو كون ذلك القرار جزء من مخطط كبير وبعيد المدى للمنطقة العربية والإسلامية. هذا المخطط بدت ملامحه واضحة منذ بدأ ما سمي بالربيع العربي بل ومنذ حرب عام ١٩٩١ على العراق حينما خدعت أمريكا صدام بالدخول الى الكويت مما شكل فرصة ذهبية لها لتحقيق جميع ما آلت اليه الاوضاع في المنطقة لحد هذه اللحظة والذي اسماه جورج بوش الاب بالنظام العالمي الجديد. هم يريدون للمنطقة ان تضيع بين الحروب والإرهاب والتشرذم الطائفي والعرقي والمذهبي ولذلك فهم الذين صنعوا وامدوا وساعدوا داعش كما جاء ذلك وعلى لسان وزير خارجيتهم والمرشحة للرئاسة السابقة هلاري كلنتون وغيرها. المستفيد الوحيد من هذا هو إسرائيل وللأسف انجر بعض الشباب العربي مثل الفلسطيني وغيره في الالتحاق بداعش وتفجير انفسهم باخوانهم العراقيين او قتل إخوانهم في سورية وهلم جرى…..

مهما تعددت الأسباب لقرار ترامب حول القدس فان المراد من ذلك هو ليس القدس كمدينة بل انها خطوة لو مرت لاصبحت اللبنة الاولى لاعادة انشاء هيكل سليمان على انقاض القدس وقبة الصخرة. وهيكل سليمان هو حجر الأساس لدولة إسرائيل الكبرى من النهر أي (الفرات) الى البحر. ولكن هذا سوف لن يتحقق الا اذا ابيدت الشعوب العربية والإسلامية كلها وبما انهم لايستطيعون فعل ذلك فانهم يريدون تحقيق ذلك باساليب أخرى هي اغراق المنطقة بمستنقعات من الحروب والاقتتال وفي نفس الوقت انتاج اسلام إرهابي داعشي من اجل القضاء على الإسلام الاخر لان الداعشي هو انتاج امريكي صهيوني هو جزء من تهيأت الوضع للهيكل والدولة الصهيونية الكبرى.

وعما قليل سوف يعلم ترامب ان قراره ذلك كان خطئاً شنيعاً لانه في الواقع احيا قضية فلسطين من جديد بعد ان كادت ان تطمس وخاصة ان احيائها جاء بالقدس وهو ما لايحيد عنه كل مسلم لانه بالنسبة للمسلمين كافة يعتبر ثالث الحرمين والذي بارك الله حوله ومعراج الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الى السماء. وهو بالنسبة للعرب كذلك مولد السيد المسيح (عليه السلام) وفيه كنيسة القيامة وبالنسبة لليهود الذين يعارضون الصهيونية هو مقدس كذلك وهؤلاء لايقبلون بقرار ترامب فهناك فرق بين الديانة اليهودية الحقة وهي عند اليهود الحق وبين الصهيونية اليهودية (وهي حركة سياسية عنصرية وليست ديانة بل تلتحف بشكل عنصري بالدين).

ان ترامب يتخذ قرارات ومنها قراره حول القدس انما هي تجعل أمريكا معزولة دولياً وتجعل الاخرين لايثقون بها. أمريكا بقرار ترامب جلبت على نفسها سوء الطالع وهناك امر مهم يجب ان لاينسى وهو ان للبيت رباً يحميه الا وهو امر الله الذي اذا اتى بعدها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here