في أدب الحوار.

10 كانزن اول 2017

في أدب الحوار. للحوار غاية وإلى غايته مسالِكٌ, منها مستقيم ومنها مُلتو.ٍ النقاش تبادل معرفة والجدل تبادل جهل وجهالة.
سأسوق مثلين على ما اسلفت:
اولا. قبل ايام شاهدت من على قناة RT استبيانا لرأيي شخصيتين يعلم مقدم البرنامج ( يتعمد) ان راييهما, لا شك متباينان, احدهما مستشرق روسي والآخر اعلامي امريكي هو توم حرب يكتبه Tom Harp *للتطبيع*. وكان الموضوع هو قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل. وكما هو متوقع كان للروسي راي يبدوا انه يصطف الى جانب راي المواطن العربي السَوي اوبالاحرى في الضِد مما استشعر ان سيكون عليه راي نظيره الامريكي والذي كان مؤيدا وبشدة الى ما اقره الرئيس ترامب ومُنوِهاً الى ان الرئيس ترامب, على الاكثر قد حصل على تفويض ممن اجتمع بهم في الرياض, بان يفعل ما فعل. وبعد ان أعيى النقاش كليهما, قال المشتشرق الروسي لنظيره *أنا اعرف ان نظيري (في الحوار) هولبناني من عائلة حرب* وهنا تغيرت لهجة توم حرب واصترخته, من الاعماق اصولُه فقال (بمرارة, شعرت انا بها): *لماذا لم يستخلص اكثرُ من خمسين رئيس عربي ومسلم عندما اجتمعوا بالرئيس ترامب في الرياض, لماذا لم يستخلصوا منه وعدا بألا يَثير موضوع عائدية القدس الى اسرائيل. هكذا هو الحوار والنقاش, لا مكان فيه لتسقيط الخصم اذا اريد لنتيجة النقاش ان تصل الى المشاهد وتُحدث التاثير المطلوب فيه.
ثانيا. قبل ما يقرب من عشرين سنة كتب المرحوم اللواء فؤاد عارف في صحيفة العراق الحر, على ما اذكر خاطرة يثني (يمجد) فيها على ما إتخذه آمر الكية العسكرية آنذاك بحق طالب الكلية المغفور له الامير غازي بن الملك فيصل الاول, أذ أمرَ بان يُعاقب الامير بتدريبٍ اضافي في ساحة العرضات في جو شتاء مثلج وذلك *لتقاعس* الامير عن حضور التدريب الصباحي, لانه (الامير) كان يُعاني من انفلونزا حادة ألزمته الفراش. كان ذلك بالنسبة للواء عارف دليل صرامة امر الكلية وعدالته في تطبيق القوانين العسكرية. وانا رأيت فيه تطبيقا لقانون لووضع (قال المشرع القانوني السنهوري باشا, عنه لو, وضع على ظهر حمار لفطس الحمار) ليس هذا فقط بل ان امر الكلية عَرَّضَ حياة الاميرالى خطر الموت إذ ان اجهاد المصاب بالانفلنزا يؤدي الى إنتشار فيروز الانفلونزا في الجسم ومنها عضلة القلب مما قد يسبب الوفاة, ليس هذا فقط بل ان آمر الكلية ذاك الضابط العثماني, كغيره من ضباط الجيش العثماني الحاقدين على ثورة الملك حسين واولاده لانهم (اولائك الضباط) كانوا يأملون ان العراق سيقتطع ضيعة لهم كما اقتطعت مصر لآل محمد علي باشا, هولاء الصباط العثمانيين صاروا قواميين على الجيش العرافي وسَنَّوا له منهجية معروفة, اراد هذا الآمر, اراد ان ينتقمّ من الملك فيصل وبشكل جبان, مستغلا توصية الملك بان يعامل ابنه كباقي طلبة الكلية والتي كان اللواء عارف والامير غازي في صف من طلابها. كتبت في حينه الى نفس الصحيفة انذاك وكان بودي ان أهاجم المقال وصاحبه ولكني كنت اعرف انه لن يحق الغاية من ابداء الرأي الأخر, الذي عرَّجتُ عليه في اعلاه وقلت على ما أذكر * اللواء عارف يكيل المدح لامر الكلية لصرامته ونسي بن عمه الامير غازي التي اوشكت حماقة الامر ان تودي بحياته, فاللواء عارف هو سيد حسيني قوميته كردية وكذا كان المجاهد الشيخ محمود الحفيد وذّكَّرت اللواءَ عارف ما اعتقد انه غاب عنه وقلت *ان الملك فيصل الاول احتارك بعد تخرجك وابنه اختارك مرافقا لابنه لانك ابن عمه (إذ ان الامير( الملك) غازي سيد حسني) فضلا عن كفاءتك وسمو خلقك* ومان حري ان تتألم لألم بن عمك المريض.* ومنذ تلك اللحظة وخلال مقابلات تلفزيونية عديدة جَرَتْ مع المرحوم اللواء عارف كان يشيد بالمغفور له الملك غازي الاول بن الملك فيصل الاول ومناقبه ويدفع عنه الدعيات المغرضة التي حاول البعض الصاقها به ولم يكن اللواء عارف يفعل هذا قبل هذا. ذكرت هذا دليلا على ان يكون للحوار او النقاش غاية او غايات, ليس يينها التسقيط والمزايدات والإدعاء بما لم يفعل.
عبدالحميد العباسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here