حِوارٌ شامِلٌ عَن آفاقِ العَلاقةِ بَينَ بَغداد وَالرِّياض [٧] وَالأَخيرةِ

لِموقِع قناة [مِرآة الجَزيرة] الإليكِترُوني؛

نـــــــــــزار حيدر
مُلاحظة؛ جرى هذا الحِوار في [٢٠١٧/١٢/٢] الماضي، وهو منشورٌ على الموقعِ الاليكترُوني الرَّسمي للقناةِ.
السُّؤال الثَّامن؛ إِلى أَيِّ حدٍّ يُمكنُ أَن تؤثِّر مصداقيَّة مُكافحة الفساد في [المملكةِ] على العلاقاتِ الجديدةِ مع بغداد؟!.
أَلجواب؛ إِنَّ ما أَسمتهُ الرِّياض بمُكافحةِ الفساد وما تمَّ في إِطارها من إِعتقالاتٍ وتصفياتٍ والقضاء أَو تحجيم مراكزِ القِوى! إِنَّ كلَّ ذلك يُعدُّ شأناً داخليّاً لا علاقةَ لبغداد بهِ! وكما أَنَّ بغداد تنتظر من الرِّياض أَن تكُفَّ عن التدخُّل في شؤُونِها فلا تدسَّ أَنفها بأَيَّةِ قضيَّةٍ داخليَّةٍ كَذَلِكَ فإِنَّها مُلتزمةٌ بأَن لا تخوضَ في شؤُونِها الدَّاخليَّة بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكال!.
طبعاً، هناك فارقٌ جوهريٌّ بهذا الصَّدد، أَلا وهوَ؛
إِنَّ في بغداد نظامٌ ديمقراطيٌّ وإِعلامٌ حرٌّ بكلِّ معنى الكلِمة! ولذلكَ فليس مُستغرباً أَن نسمعَ سياسيّاً أَو وسيلةً إِعلاميَّةً ما تتحدَّث عن حقيقة ما يجري في الرِّياض فتعتبر حملة الاعتقالات مثلاً التي شمِلت أُمراء ووُزراء ومسؤُولين وأَثرياء الهدف الحقيقي منها هو لتصفيةِ الخُصوم المحتمَلين لوليِّ العهد الجديد!.
أَمَّا في الرِّياض فالأَمرُ يختلفُ كلِّيَّةً! فالنِّظام هناك هُوَ نِظامٌ شموليٌّ ديكتاتوريٌّ وراثيٌّ ولا معنى في ظلِّهِ لحريَّة الإِعلام والصَّحافة والرَّأي! حتَّى [المُؤَسَّسة الدِّينيَّة] رسميَّة مُرتبطة بالبلاطِ [١٠٠٪؜] ولذلك فإِنَّ أَيَّ موقفٍ سياسيٍّ أَو إِعلاميٍّ مُناهض للعراق هو بمثابة تدخُّل [رسمي] في الشؤُون الدَّاخليَّة للعراق! وهذا أَمرٌ تعرفهُ الرِّياض بشَكلٍ جيِّدٍ جدّاً! ولذلكَ فهي حريصةٌ أَشدِّ الحرص على أَن لا تورِّط نفسَها بمثلِ هذا الخطأ الجسيم!.
السُّؤَال التَّاسع؛ يفسِّر إِعلام الرِّياض إِنفتاحَها على بغداد بعَودةِ العراق إِلى أَحضانِ العربِ!.
ما هو رأيكَ بهذا التَّفسير؟!.
أَلجواب؛ أَوَّلاً؛ ومتى كانت الرِّياض مُهتمَّةً بالحُضنِ العربي لتعيدَ أَو لا تُعيدَ لَهُ العراق؟!.
أُنظر إِلى كلِّ الحُروب التي يخوضَها العرب في بُلدانهِم، أَوَليست مدفوعة الثَّمن من أَموال البترودُولار الذي تُغدقهُ على أَدواتِها الشَّقيقات الإرهابيَّات الخليجيَّات وعلى رأسها الرِّياض؟!.
كذلك، أُنظر إِلى اليمن [أَصل العرب] مَن الذي يدمِّرها غَيْر الرِّياض؟!.
لو كانت الرِّياض حريصةٌ على الحُضن العربي ليبقى دافِئاً فيحتضن الشُّعوب العربيَّة لأَنفقت معشار ما تنفقهُ على الإِرهاب من أَجلِ تحسين الحال الاقتصاديَّة لهذه الشُّعوب! فأَنفقت مثلاً على التَّعليم والصحَّة وخلق الفُرص على الأَقلِّ لمنعِ الهِجرات المليونيَّة إِلى أُوربا وغيرِها!.
إِنَّ هذا النَّوع من التَّسويق للموضوع هو هُراءٌ بِلا معنى! فالكلُّ يعرف جيِّداً أَنَّ الذي عادَ إِلى الآخر هم العرب إِلى العراق وَلَيْسَ العكس!.
ينبغي أَن تعترِف الرِّياض وبقيَّة العواصِم العربيَّة بأَنَّها كانت على خطأ عندما استعدت العراق وظلَّت تدفع باتجاهِ تدميرهِ بكلِّ الأَشكالِ وتُحرِّض ضدَّه حتى إِذا فشِلت كلَّ مساعيها وتعرَّضت للضَّغط من قِبَلِ واشنطن راحت تغيِّر سياساتها لتتقرَّبَ من بغداد!.
للأَسف الشَّديد فبدلاً من أَن تعترفَ بخطئِها التَّاريخي راحت تسعى لتسويقِ الأَمرِ بالمقلوبِ!.
وأَنا على يقينٍ من أَنَّ ذلك لن ينطلي على الرَّأي العام العربي تحديداً فهو متابعٌ جيِّدٌ للمواقف العربيَّة من الملفِّ العراقي! وإِنَّهُ يعرف بشَكلٍ مفصَّلٍ حقيقة العَداء العربي للعراقِ طُوال المُدَّة الزَّمنيَّة الماضية!.
أَما العراق الذي لم يُغيِّر شيئاً من سياساتهِ فلن يعودَ لأَحدٍ والعكس هو الصَّحيح فبسببِ مواقفهِ الثَّابتة، فضحَ المواقِف العُدوانيَّة للرِّياض ولغَيرِ الرِّياض! وهو مازال مصمِّماً على أَن لا يميلَ في علاقاتهِ السياسيَّة لطرفٍ على حسابِ طرفٍ آخر خاصَّةً وأَنَّهُ مُحاطٌ بثلاث قوميَّات يُفكِّر بأَن يتعايش معها في إِطارِ المصالح المُشتركة ومبدأ حُسن الجِوار مهما اشتدَّت الخِلافات بينها فهذا قدرهُ! فبالإِضافةِ إِلى العرب هناك الأُمَّتَين الإِيرانيَّة في الشَّرق والتركيَّة في الشِّمال وهما كذلك أُمَّتان عظيمتان يسعى العراق إِلى أَن يتعايش معهُما في إِطار المصالح المُشتركة ومبدأ حُسن الجِوار والتَّاريخ المُشترك!.
وفِي نفسِ الوقت فانَّ بغداد لا يمكنُها أَن تنسى بهذهِ السُّهولة والسُّرعة مواقف جيرانهِ خلال السَّنوات التي خلَت وخاصَّةً خلال سنيِّ الحربِ على الإِرهاب إِذ ليسَ من المعقول أَن لا تُميِّز بغداد بينَ مَن ضحَّى بأَبنائهِ إِلى جانب العراقيِّين في هَذِهِ الحربِ المُقدَّسة وبينَ مَن أَرسلَ أَبناءهُ ليقتُلَ العراقيِّين! أَو ظلَّت بِلادهُ الممرِّ الآمِن للإِرهابيِّين إِلى العراق!..
السُّؤال العاشِر؛ على ماذا تعوِّل النُّخَب العراقيَّة في قَبول بغداد إِنفتاح الرِّياض؟! أَليسَ هناكَ إِنقسامٌ في قراءةِ هذا المشهد السِّياسي؟! هل يُمْكِنُ وضعهُ في إِطارهِ الطَّبيعي التعدُّدي؟! أَم أَنَّ هناكَ أَسبابٌ أُخرى وراءَ هذا الإِنقسامِ؟!
أَلجواب؛ نعم، فالأطارُ الأَوَّل هو الاختلافُ في القِراءاتِ على اعتبارِ أَنَّ في بغداد نظامٌ ديمقراطيٌّ كما أَسلفتُ، يسمحُ بهذهِ القِراءات المُتعدِّدة!.
أَمَّا الإِطار الثَّاني؛ فهو حالة الشكِّ التي ما زالت تخيِّمُ على العراقيِّين في أَيَّة علاقة مُرتقبة مع الرِّياض! وهذا شيءٌ طبيعيٌّ كما أَسلفتُ بسبب التَّاريخ العَدائِي للأَخيرةِ منهُم!.
ومع ذَلِكَ فانَّ الحُكومة العراقيَّة مصمِّمةٌ على أَن تتلقَّى قرار الرِّياض بفتحِ صفحةٍ جديدةٍ من العلاقاتِ بايجابيَّةٍ على الرَّغمِ من كلِّ الحَذر! فبالنِّسبةِ للعراق فانَّ من المهمِّ جدّاً أَن تستقرَّ علاقاتهُ مع جيرانهِ ليتفرَّغَ لمرحلةِ البناءِ والإِعمارِ والاستثمارِ التي ستنطلق بعد إِعلان النَّصر النَّاجز في الحربِ على الإِرهابِ والذي لن يطولَ كثيراً إِنتظارهُ بِإِذْنِ الله تعالى!.
١٥ كانُون أَلأَوَّل ٢٠١٧
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here