لا خَيرَ في أوطاننا

أيّها العراقيون: لا خير في وطن المسؤولون و الشيوخ و النواب و الوزراء فيه يسرقون قوت الفقراء بقوانين على مقاس جيوبهم!

و آلأوْلى بكم و بعد ما كشفتم تفاهة و خيانة و زيف و نهب و نفاق السّياسيين و أحزابهم القشريّة التي تفتقد لأبسط مبادئ الفكر الكوني الأصيل و الذي بسبب ذلك الفقدان محتْ بدورها المحبة و المُثل و المبادئ و فلسفة القيم من بين الناس و علّمتهم بدل ذلك؛ بكون الدِّين – السياسة وسيلة للحكم و آلتسلط لأجل النهب و الإثراء و تحقيق ضربة العمر .. حتى بات الأمر سُنّة و شرعاً يتنافس عليه العراقيّون و الشعوب الأخرى كنتيجة طبيعية للحسد و الضغينة و النميمة و النفاق و سطحية الأفكار و تفاهتها بسبب التربية و التعليم الخاطئ و لقمة ألحرام التي ملأت بطونهم و بعد ما نهب قادة التحاصص خيرات البلد و أصبحوا من أثرياء العالم على حساب الحقّ.

و عليكم أيضاً و بعد فساد الأخلاق وإنتشار الرّذيلة و الزنا و الغيبة والكذب والعنف و القسوة و حتى القتل بينكم لأجل الكسب الحرام؛ حان الوقت أيها الناس؛ لتقرؤا كلماتي التي تحكي قصة الأنسان و الوجود و فلسفة الخلق و التي كتبتها بآلدّم و الدموع في غربة قاتلة حتى و أنا مسجى على فراش المرض و الموت في مستشفيات الشرق و الغرب, إنّها حصيلة جهاد فكريّ و فلسفيّ عميق ثمّ كونيّ مرير و لأكثر من نصف قرن .. حتى توصلتُ إلى ينابيع الحكمة و سرّ الكون و مغزى الكرامة الألهيّة التي تعجّبت منها حين كَرّمَ بها الباري بني (آدم) أكرر بني (آدم) و ليس (البشر) و لا حتى (الأنسان)(1) الظلوم الكفور المنافق!

كلماتي و أفكاري التي حدّدتها في نظريات شملت خلاصة آلفكر الكونيّ من آدم(ع) و إلى (الخاتم) و ما قبلهم و بعدهم للآن؛ تمثل كل المدى في الآفاق المنظورة في فلسفة الخلق, سعيتُ كثيراً تبسيط بيان حكمة الوجود و العلة من خلق الأنسان – مع الأسئلة الستة المركزية لهداية الناس و سعادتهم .. حكيتُ في جوانب بعض تلك آلنظريات؛
قصّة الأخيار ألألاهيين كعليّ و الحسن و الحسين و الحلاج و الصدر في وطن متعجرف غير آمن ..
في أرض منقبضة منفوسة تعجّ منها رائحة الدّم و الموت .. فطالما ذبحوا عليها الأخيار و الأنبياء و المعصومين و العرفاء ..
في أرض ملغومة بآلمحن و المصائب الدائمة؛ بسبب دعاء الحسين(ع) الذي قال عنها ما قال و منها: [إللهم لا تُرضي الولاة عنهم أبداُ], بمعنى أدم عليهم غضب و قساوة و نهب الحكام على الدوام ..
في وطن و أيّ وطن و لدنا و كبرنا فيه و الخوف و الأرهاب كان صديقنا الدائم, صاحبنا في البيت من بطش الوالدين؛ و في الشارع من بطش الجيران؛ و من المدرسة من بطش التلاميذ؛ و في المحاكم و الدوائر من بطش الحكام و القضاة الذين لم نشهد منهم غير السلب و النهب و العنف و التكبر و القتل و السجون و التشريد؟

إنه العراق؛ عراق الجّهل و ألأنتهازية و العشائرية الجاهلية و الدم و القسوة و آلأهانة, لذلك قلت و كم قلت:

إنّي من الوطن الذي مأســــــــــــــاته فوق إحتمــالي
وطنٌ رُؤى الأنسان أرخصُـ……فيه من شسع النعال
ما للشريف بأرضـــــــــه…… غير المذلة و الحبال!
وطن يضمّ الكفر و الضّيم و آلبلوى مع آلآهات, بجانب المُتناقضات و الفساد, و يعرف كل ألوان الخديعة و آلنفاق, و لا يُعادي سوى المحبة و العدالة و آلأُمنيات ..

و هكذا فقدت أوطاننا الخير و إنتشر فيها الفساد كما كلّ ارض الله و تحولت إلى سجون لتعبيد الناس لآلهة الأرض الذين يحكمون العالم (بآلدولار) و بطش جيوش و قوات ألأمن و آلشرطة و المخابرات التي تحمي تلك الآلهة التي أباحت حقوق المواطن المسلوبة “قانونياً” بعد ما صوّبت ما يسمى بـ (قانون الضرائب العادلة) بسبب جشع الحكومات و البرلمانات الديمقراطية المستهدفة التي تُنفّذ أوامر تلك (المنظمة الأقتصادية العالمية) وبكل قوة و إخلاص و تفصيل, حتى نسوا آخرتهم بعد ما ماتت ضمائرهم لتتحول أوطاننا إلى سجون للقهر و آلمذلة و العبودية لِملأ جيوب الحاكمين و بناء قصورهم و تأمين مستقبل أبنائهم في دول الجوار و الخارج!

تعجبتُ من البعض الذين ينشدون للعراق و الحاكمين (الشعر) و (الهوسات)؛ أَ هؤلاء حقا ًلا يعلمون ؛ و لا يرون ما يجري؟ أم أنهم يطمعون بقليل من المال من الحاكمين؟ و أيا كان السبب فآلنتيجة هي خسارة الدين و الدنيا!

أين القيم .. بإستثناء القيم العشائرية التي حلّت محلّ قيم السماء و بتشجيع من الحكومة و مراجعهم؟
أين المبادئ التي ضحى العظام لأجلها الأنفس .. كآلصدريين و الأئمة و الأنبياء الذين ذُبحوا على هذه الأرض الغير المقدسة!؟
هذه الأرض التي لا تحتضن إلا الفاسق و الأنتهازي و المتحاصص!

أين الكرامة في العراق؟

أين الطيبة في العراق؟

أين العدالة في العراق؟

أين المساواة في العراق و راتب المواطن حيدر العبادي أو سليم الجبوري يعادل أضعاف أضعاف راتب مواطن آخر يعيشون في نفس المدينة أو العاصمة؟
إن العدالة و المساواة يا حكومة و يا برلمان و يا رئاسة الجمهورية لا تتحقق بتصريح إعلامي أو مقال؟

أين الحقّ في العراق؟ الحقوق لا تصل لمستحقيه حين يسرق الرؤوساء والوزراء و البرلمانيون حقوقهم!
أين المحبة و التواضع في العراق؟ و كل مسؤول و رئيس يجتمع حوله 500 حارس أمن و حماية!
أين المشاريع الأم الصناعية و الزراعية و البيئية و على مدى 15 عاماً, حيث حرّر ألمظلومون في الحشد و القوات العسكرية بعد فتوى السيد السيستاني أراضي العراق المدنسة الموبوءة .. بل كانت مدنسة و موبوءة من زمن صدام و غيره من من قبل .. من السلاطين و الرؤوساء الذين سبقوا سلاطين اليوم في حكم العراق؟ و في مقابل تلك التضحيات من الحشد و القوات المسلحة, كان أبناء الرؤوساء و ذويهم و أحفادهم كما أحفاد و ذوي الوزراء و النواب و أقربائهم متنعمين مخدرين و لم يُشاركوا المقاتلين يوماً واحداً في ساحات القتال و الهجوم؛ بل كانوا يتلذذون بأموالهم و قصورهم و غرفهم و مكاتبهم و سياراتهم و حماياتهم و سفراتهم للداخل و الخارج و كانوا يذهبون إلى الحج و السياحة بلا حياء من الله و الفقراء رغم يقينهم بأن تلك الأموال هي من حساب حقوق تلك الدماء الطاهرة؛ و بعد هذا و فوق كل تلك المصائب؛ يأتي رئيس الوزراء كما غيره من الرؤوساء و الوزراء و النواب المنافقين الأميين فكرياً ليُصرح بلا حياء أو خجل و أمام الملأ ليقول:
[لقد حررنا العراق من داعش, و سنبدأ ببناءه] مُدّعياً بأنه و حزبه هم من حرّر العراق بدمائهم و دماء أبنائهم و عوائلهم و حماياتهم, بينما لا أحد منهم دخل و لو بآلظاهر معركة واحدة, و لا حتى ساعة واحدة مع القوات المهاجمة!؟
سبحان الله على هذا القبح و الدجل و النفاق الذي تعلّموه من فكر و نهج البعث و سياسات صدام الذي ترك العراق بعد 40 عاماً من الأرهاب و الفساد أرضاً خالية من الأنسان, لذلك لا حياء و لا خجل يوقف العراقيين, حتى و هم يرتكبون الكبائر!؟

و فوق فوق ذلك .. ألعراق و معها البلدان العربية و الأسلامية مَدِينَةً للأجانب و للبنك الدولي و معظم حكومات العالم بعشرات المليارات, و إنّ العراق وحدهُ مَدِينٌ بأكثر من ربع ترليون دولار ذهبت معظمها لجيوب رؤوساء الأحزاب و المتحاصصين و الوزراء و النواب و المدراء العاميين و آلسفراء و المتعلقين بهم, لعلمهم بأنهم راحلون و(عسى ما يحترق العراق من بعدهم).

و طننا لم يعد وطنٌ للجميع .. أوطاننا باتت بلاد المآسي و الدموع .. و الحزن .. الأهانة .. الذلة .. الجوع .. التخلف, العشائرية و سيبقى كذلك .. كما كان بآلأمس و اليوم و غداً و بعد غد .. ما دام يحتضن و يتودّد للطغاة الفاسدين و المتحاصصين الفاقدين للفكر الكونيّ ..
و طننا لم يعد المواطن فيه يحلم بآلأمنيات .. سوى أمنية الرحيل عنه بأية وسيلة ممكنة!
و لولاكم أيها الشعب الذي يجهل مكانته في هذا الوجود و (فلسفة القيم) و بآلتالي حقوقه الطبيعية و حدوده .. لما كان الوضع يصل لهذا الحدّ, و لما كانت أحزاب متشرذمة تحكمكم, و هكذا كانت الأوضاع على مرّ التأريخ .. و كأن تلك الأرض ألمُدنسة مسحورة من زمن بابل و لا تتودّد و لا ترتاح إلا للظالم و آلمجرم و آلمنافق و آلمؤمن الدجال الكاذب و آلمُتحايل بلبس العمامة و السبحة و صعود المنابر .. لكنه يأكل حقوق الفقراء و يخزن أخماسهم و أسداسهم في بنوك الغرب, بل و يأكل الخنزير من ذيله و يسرق أموال الناس بـ “الشرع و الفقه المقدس” لأجل أبنائه و ذويه بعد إيداعه في بنوك دول الجوار و لندن و سويسرا كي يبنوا بها الصواريخ و الطائرات و الحاسبات لأستعمار بلداننا و نهبها لإذلالكم بواسطة الحكومات التي تنتخبونها بأيديكم ديمقراطياً؟

العراق و لطبيعته القاسية الغير المتجانسة و الشريرة و تأريخه الأسود منذ حمورابي و سرجون و نبوخذنصر الظالمين و إلى يومنا هذا؛ لا يستسيخ إلاّ الحكام و الأحزاب الظالمة المتحاصصة على الفساد والسرقة و تقسيم الخزينة بكل الوسائل الممكنة؟

و إذا ظهر أحيانأً – خلال كلّ قرن أو قرنين – إمامٌ عادل أو مفكر ٌكونيّ واحد يؤمن بفلسفة القيم و لا يستخدم الدِّين كوسيلة و لا يستوزر الشهداء و الفلاسفة كغطاء لأجل الدينا و جمع المال و يسعى و يكدّ و يجوع لتحقيق الحقّ لمصلحة الناس الفقراء و كرامتهم:

فإنّ العراقيين جميعأ شباباً و شيبة نساءاً و رجالا و حتى الأطفال يقفون بوجهه و يحملون عليه – على الأمام العادل أو المفكر الكوني – حملة رجل واحد و يهجمون عليه و يقطعونه مع عائلته إربا إربا و بلا رحمه .. و كما حدث للصدر الأول الذي مازال البعض ينصبون له المشانق و هكذا الصدر الثاني و قبلهم جدّهم الأمام الحسن و الحسين(ع) الذي شهد مأساة مروعة و حتى والدهم الأمام علي بن أبي طالب الطهر المطهر سلام الله عليه, لأنهم طالبوا بآلعدالة و إنصاف الفقراء و المحتاجين و المساواة في الحقوق و الرواتب .. لا سرقتها ونهبها و تدمير مستقبلهم و مستقبل أبنائهم كما هو الجاري الآن, حيث يصرّح الرؤوساء في الأعلام؛ بأن المواطنين جميعهم متساووين في الحقوق و الواجبات, و لا يوجد مواطن درجة أولى و ثانية و ثالثة .. و لا فرق بينهم!
و لا أدري ماذا يقصدون من هذا الكذب الصريح الواقعي؟
فبينما الفروق الحقوقية و المالية لم تعد خافيه لا على المواطنين و لا على الذين خارج الوطن؛
حيث تتجاوز الفوارق الملايين بآلمئة بين مواطن و مواطن آخر, و الغريب أن الشعب العراقي الجاهل يصفق لهؤلاء السارقين لحقوقهم بعد الأنتهاء من تصاريحهم و إعلاناتهم القرقوشية!

لذلك لا خير في وطن شعبه لا يعرف حقوقه و لا فلسفة الحقوق و الواجبات .. بل و تتعمق في أوساطه الفساد و الطبقية و القسوة يوم بعد آخر و تزداد فيه نسبة الأنتحار و المخدرات و القتل و الجرائم بسبب العوز و الفقر و قلة المال لتسديد فواتير العيش حتى البسيط!
وتباً و ألف تبّ لوطن لا يحتضن إلا الفاسقين الفاسدين و المجرمين و المنافقين مقابل شعب لا يستسيخ إلا أمثالهم!

تباً لوطن لا يحتضن إلا العواهر و لا يؤمن إلاّ بالظواهر و لا يقدس إلا الشكليات و لا ينحاز إلا للتكبر و آلدجل!

تباً لوطن يُشرّد المظلومين المثفين و على رأسهم المفكريين الكونيين الذين يريدون أحقاق الحق و دحر الباطل!

في الختام:
إنّ آلطريق الوحيد الذي أمامكم أيها العراقيون و لأجل كرامتكم و لقمة خبز شريفة أو على الأقل لمستقبل أبنائكم: هو معرفة فلسفة القيم و مَنْ حدّد فلسفة تلك القيم و أبعاد و حدود تلك القيم .. و من بعدها يمكنكم إنتخاب الأمثل و الأفضل الذي لم يأخذ حقوقكم و لم يحرق مستقبل أبنائكم و كما فعلت الأحزاب و المنظمات و آلإئتلافات و الشخصيات التي حكمت و أثبتت إفلاسها على كل صعيد .. خصوصا على مستوى الفكر!

لا تنتخبوا من الخوف أو لأجل المال و الوظفية؛ كلّ كفار أثيم زنيم منافق يتظاهر بآلدّين و يستوزر الصدر(رض) لاجل التسلط و كسب المال و الرواتب, لأنك لو إنتخبتهم؛ فقد تحصل على القتات؛ لكنك بآلمقابل ستخسر مستقبلك و مستقبل و راحة و حقوق أبنائك و أحفادك!

لو تحقّق إنتخاب أصحاب آلقيم و هم أقل من عدد الأصابع في أوساطكم من خلال المعرفة و الحقائق المعروضة .. فعندها قد تنجون من عذاب و محن الدارين.

و المعذرة على قولي للحقّ الثقيل الذي ما ترك لي في الأرض من صديق مُحبّ للعدل ألذي تشوّه كثيراً لدى كلّ عراقيّ .. المتعلم و الغير المتعلم منهم حتى مراجعهم للأسف.

و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.

عزيز الخزرجي/ مفكر كوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هناك فرق كبير و كبير جداً بين معنى الحالة (البشرية) للبشر, و بين الحالة (الأنسانية) للأنسان, و بين الحالة (الآدمية) للآدميّ.
لمعرفة تفاصيل هذه القضية المحورية؛ عليكم بمراجعة بحوثنا المكثفة المعمقة في مؤلفاتنا و مقالاتنا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here