مصير «الحشد الشعبي»: الفصائل تضغط لجعله مستقلاً والسيستاني يدعو لدمج مقاتليه في المؤسسة الأمنية

العبادي يخشى من بقاء نحو 100 ألف مقاتل مسلح خارج سيطرة الدولة… ويسعى لاحتوائهم قبل الانتخابات

Dec 16, 2017

بغداد ـ : من المنتظر أن يصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التعليمات المتعلقة بقانون «هيئة الحشد الشعبي»، الذي أقره البرلمان في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بالتزامن مع إعلان أغلب قادة «الحشد» فك ارتباطهم بفصائلهم المسلحة المنضوية في «الحشد»، تمهيداً لتشكيل الهيئة رسمياً.
ويتعرض العبادي إلى ضغوط خارجية وداخلية، الأولى تسعى إلى «حل» الحشد الشعبي، أو دمجهم بالمؤسسة الأمنية (وزارتي الدفاع والداخلية)، فيما تركز الضغوط الداخلية، على تشكيل «هيئة الحشد الشعبي» لتكون مؤسسة أمنية رسمية، أسوة ببقية المؤسسات التي تأتمر مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة.

العبادي يخشى من خلق حالة خطرة

«القدس العربي» علمت من مصدر رفيع في حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة نوري المالكي، إن الضغوط التي يتعرض لها العبادي بشأن حل «الحشد»، ودمج المقاتلين في الوزارات الأمنية لن تنجح، عازياً السبب في ذلك إلى أن «الحشد» يمتلك قانوناً مشرعاً في البرلمان، لا يمكن للحكومة إلغاؤه.
وطبقاً للمصدر، فإن «من غير الممكن لرئيس الوزراء الاستغناء عن أكثر من 100 ألف مقاتل، كان لهم الدور الكبير في عمليات التحرير والدفاع عن أرض الوطن، لذلك فإن استيعابهم في تشكيل أمني أصبح ضرورة ملحّة الآن».
لكنه أكد أن العبادي «يخشى من خلق حالة خطرة في المجتمع، فيما لو لم يتم استيعاب هذا العدد من المقاتلين المسلحين والمدربين، وبقائهم خارج سيطرة الدولة»، ناهيك عن «ضرورة إنهاء المظاهر المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة».
وأضاف: «قانون الحشد الشعبي يجب أن يطبق، والتعليمات الخاصة به يجب أن تصدر من رئاسة الوزراء»، مشيراً إلى أن «عدم تنفيذ القانون في الوقت الحالي لا يصب في مصلحة العبادي، بكون إن ذلك يزيد من المشكلات مع قرب الانتخابات، وهو يسعى لاستيعاب المشكلات وتقليلها».
ورأى مراقبون، أن فك ارتباط قادة الحشد بفصائلهم المسلحة، خطوة تأتي لـ«إحراج» رئيس الوزراء العراقي و»الضغط» عليه لإصدار تعليماته بشأن تنفيذ قانون «هيئة الحشد الشعبي».
كذلك، «ألمحت» المرجعية الدينية في النجف، إلى أهمية «دمج» مقاتلي الحشد الشعبي بالمؤسسة الأمنية «ضمن الأطر الدستورية».
وقال عبد المهدي الكربلائي ـ ممثل السيستاني في كربلاء، خلال خطبة صلاة الجمعة إن «المنظومة الأمنية العراقية لا تزال بحاجة ماسة إلى الكثير من الرجال الأبطال الذين ساندوا قوات الجيش والشرطة الاتحادية خلال السنوات الماضية، وقاتلوا معها في مختلف الجبهات وأبلوا بلاءً حسناً في اكثر المناطق وعورة، واشد الظروف قساوة، وأثبتوا أنهم أهلٌ للمنازلة في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات وحققوا نتائج مذهلة فاجأت الجميع داخلياً ودولياً.. ولا سيما الشباب منهم الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية والاستخبارية واكتسبوا خبرات قتالية وفنية مهمة وكانوا مثالاً للانضباط والشجاعة والاندفاع الوطني والعقائدي ولم يصبهم الوهن او التراجع أو التخاذل».
وشدد على ضرورة «استمرار الاستعانة والانتفاع بهذه الطاقات المهمة ضمن الأطر الدستورية والقانونية التي تحصر السلاح بيد الدولة وترسم المسار الصحيح لدور هؤلاء الأبطال في المشاركة في حفظ البلد وتعزيز أمنه حاضراً ومستقبلاً، والوقوف بوجه أي محاولات جديدة للإرهابيين بغرض النيل من العراق وشعبه ومقدساته».
كما حذر المرجع الشيعي من المساس بـ«المكانة الرفيعة والسمعة الحسنة (للمتطوعين) وعدم محاولة استغلالها لتحقيق مآرب سياسية يؤدي في النهاية إلى أن يحلّ بهذا العنوان المقدس ما حلّ بغيره من العناوين المحترمة نتيجة للاخطاء والخطايا التي ارتكبها من ادّعوها».
ومن زاوية أخرى، دعا إلى «التحرك بشكل جدي وفعال لمواجهة الفساد والمفسدين (…) فلابد من مكافحة الفساد المالي والاداري بكل حزم وقوة من خلال تفعيل الأطر القانونية وبخطط عملية وواقعية بعيداً عن الاجراءات الشكلية والاستعراضية».
وتابع: «المعركة ضد الفساد ـ التي تأخرت طويلاً ـ لا تقلّ ضراوة عن معركة الإرهاب إن لم تكن أشد وأقسى، والعراقيون (…) قادرون على خوض غمار معركة الفساد والانتصار فيها أيضاً إن أحسنوا ادارتها بشكل مهني وحازم».
ورحب مكتب رئيس الوزراء حيدر ‏العبادي، بدعوة المرجعية الدينية إلى عدم استغلال المتطوعين والمقاتلين في الحشد ‏سياسيا.‏
وقال مكتبه في بيان صحافي، إن «هذا يؤكد أهمية ابعاد المؤسسات الأمنية ‏عن الانخراط في العمل السياسي، والذي يؤيده مقاتلو الحشد الشعبي ومنتسبوه».‏
وأضاف أن «هذا الأمر أكده القائد العام للقوات المسلحة في اكثر من مناسبة، وقد ‏أصدر في مرحلة مبكرة الأمر الديواني 91 لسنة 2016، الذي يضع الأسس ‏التنظيمية لهيئة الحشد الشعبي والذي تم تشريعه لاحقاً بقانون الهيئة»، مشيراً إلى أن «‏الحكومة تعمل على تنظيم الحشد وفق السياقات القانونية للدولة ورعاية المقاتلين ‏الشجعان، حيث ان وجود المتطوعين الذين بذلوا جهودهم ببسالة جنبا إلى جنب مع ‏القوات الأمنية الأخرى يمثل سياسة ثابتة للحكومة».‏
وأعرب العبادي، حسب البيان، عن «شكره وتقديره ‏واعتزازه البالغ لمواقف المرجعية الدينية المدافعة عن العراق ووحدة شعبه وأمنه ‏وسلامته ومستقبله في مرحلة ما بعد الانتصار، والتي تجسّدت في فتوى الجهاد ‏التأريخية والاستجابة الواعية لها من قبل أبناء شعبنا الذي ساند قواتنا ‏حتى تحقيق النصر وتطهير أرضنا ومدننا من داعش».
وأكد أن «الحكومة ماضية في رعاية عوائل الشهداء والجرحى الذين هم صناع ‏النصر، وإعادة الاستقرار والنازحين إلى المناطق المحررة، إضافة إلى حصر ‏السلاح بيد الدولة الذي تم البدء بتطبيقه، وتحقيق السلم المجتمعي والتصدي للجذور ‏والخلفيات الفكرية والسلوكية للإرهاب وإزالة آثاره، ومحاربة الفساد المستشري ‏والتصدي له بكل اشكاله».
حزب الدعوة، سارع إلى تأييد «مواقف المرجعية المشهودة ساهمت في حفظ وحدة العراق وصيانة سيادته واستقلاله واكدت التعايش السلمي بين أبنائه»، حسب بيان صدر عن المكتب السياسي للحزب.
واشاد البيان بـ«الفتوى التاريخية للدفاع الكفائي، والتي استجاب لها عشرات الآلاف من أبناء العراق، مسارعين إلى جبهات القتال، وتشكل على ضوئها الحشد الشعبي، الذي كان شريكا حقيقيا وفاعلا لباقي القوات المسلحة».
وأعتبر أن «تعزيز المؤسسات وحصر السلاح بيد الدولة هما الخطوة الأساس لصيانة هذا النصر الكبير، والشرط لحماية السلم المجتمعي، من أجل أن ينهض العراق دولة مهابة ورائدة في المنطقة».
ودعا البيان، «العبادي للقيام بمسؤولياته الدستورية والقانونية، وتفعيل قانون الحشد الشعبي، الذي شرعه مجلس النواب، وتحويل الحشد إلى مؤسسة من مؤسسات الدولة المنضبطة، وجعله ظهيرا حقيقيا لباقي المؤسسات العسكرية». وشدد على «ضرورة نزع السلاح خارج إطار الدولة ومؤسساتها»، داعيا «الحكومة للاسراع بإعادة النازحين وبذل الجهد لاعمار المناطق المستعادة».

التيار الرسالي يفك ارتباطه بجناحه العسكري

في السياق، أعلن الأمين العام للتيار الرسالي النائب عدنان الشحماني، فك ارتباط التيار، كحزب سياسي، بلواء «31 رساليون». وقال في بيان، «قمنا بتشكيل كتائب رساليون ودعمناها بكل الامكانات المتاحة ضمن إطار الدولة والقانون، كتشكيل من تشكيلات هيئة الحشد الشعبي، وكانت لها العديد من المواقف البطولية في التصدي لعصابات داعش الإرهابية، وقدمت المئات من الضحايا والجرحى خلال المعارك التي خاضتها».
وأضاف: «بعد أن تحقق النصر للعراق وتم القضاء على عصابات داعش الإرهابية فإننا نجد أن الوقت قد حان لفك ارتباط التيار الرسالي كحزب سياسي بلواء 31 «، لافتاً «بما اننا لا نملك سلاحا خاصا بنا ولا نملك مكتبا عسكريا في محافظات العراق كافة، لا قبل تشكيل الكتائب ولا خلال خوضها معارك الدفاع عن العراق، لذلك فإن السلاح الذي تسلمناه من هيئة الحشد الشعبي وفق مستندات التسليم والاستلام الرسمية هو ضمن تشكيلات لواء (31 رساليون) التابع للهيئة».
وأوضح أن «القيادات من ابناء التيار الرسالي سيسلمون اماكنهم لاخوانهم من المتطوعين في الكتائب الذين يرغبون بالبقاء ضمن هيئة الحشد الشعبي»، مردفا انه «سيتم إكمال كل تلك الترتيبات خلال شهر واحد ابتداء من ساعة صدور هذا البيان».
وجاء بيان الشحماني استمراراً لسلسلة مواقف مشابهة لقادة «الحشد»، أبرزهم الصدر والعامري والخزعلي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here