ماذا تعلمنا من درس داعش؟

اعلن رئيس وزراء العراق السيد حيدر العبادي ان القوات العراقية اكملت سيطرتها على الحدود السورية العراقية وان الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي ( داعش ) قد انتهت بالنصر خلال فترة وجيزة.

جميع العراقيين دون استثناء عانوا من دخول ( داعش ) الى الاراضي العراقية وسيطرته على مساحات واسعة ومحافظات عديدة من العراق، لكن الذين كانوا اكثر معاناة وتضررا هم ابناء المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم واضطروا الى العيش تحت سلطة هؤلاء المجرمين وكذلك الذين اجبروا على ترك مناطقهم والنزوح الى مناطق اكثر امنا وامانا حفاظا على ارواحهم، وخصوصا الايزيديين الذين تعرضوا الى ابادة جماعية وعوملت نساؤهم سبايا، وايضا المسيحيون الذين كان نصيبهم من المعاناة عظيما وقاسيا.

لا شك في ان الانتصار على تنظيم ارهابي يتخذ عناصره من الموت وسيلة لتحقيق اهدافه امر في غاية الصعوبة، وفي نفس الوقت يعد انجازا كبيرا يشكر عليه كل من شارك، وساهم بطريقة او باخرى، في محاربته، وخصوصا المقاتلين الشجعان الذين غامروا بحياتهم في سبيل حرية الوطن بغض النظر عن انتمائهم الديني والطائفي والحزبي والقومي، لكن رغم ذلك علينا كعراقيين ان لا تنسينا نشوة النصر مسببات ظهور داعش ونتائج جرائمه وحربه الكارثية.

سرعة ظهور داعش وانتشاره واحتلاله لهذه المساحات الشاسعة من العراق كانت له اسباب يجب التوقف عليها ودراستها الاف المرات لمنع تكرار هذه الكارثة، ومن اهم تلك الاسباب انشغال مسؤولي العراق الجديد وقيادته والطبقة السياسية الوطنية! حتى العظم باختلاس ونهب ما يمكن من اموال الدولة ومعاملة الوطن كفرصة ذهبية لن تتكرر لتكديس المليارات، والسبب الثاني هو التهميش والاقصاء والظلم الذي شعرت به وتلمسته طائفة من طوائف الشعب المتعددة، اضافة الى ملاحقة البعثيين والتشجيع على الانتقام منهم، مما ادى الى نمو المعارضة ضد الحكومة العراقية واللجوء الى التيارات والحركات المسلحة اي كانت انتماءاتها واهدافها لغرض الاحتماء بها، او التعاطف مع هذه الجماعات بسبب اجراءات الحكومة الغير المنصفة او اعتداء وتمادى الميليشيات المسلحة المدعومة من قبل مسؤولين حكوميين في الخطف والقتل الممنهجين، اما السبب الثالث فيكمن في افتقار الدولة الى جيش وطني الولاء تكون مهمته الدفاع عن الوطن والسهر على امن وسلامة شعبه وسيادته.

اما نتائج حرب داعش فكانت كارثية على العراق شعبا ووطنا، فاضافة الى الكلفة المالية المرهقة التي تقدر بمئات المليارات فانها دمرت النسيج الاجتماعي للشعب العراقي وانتجت جيلا، او بالاحرى اجيالا، من المدمرين والمتعبين نفسيا جراء الافعال والممارسات الشنيعة واللاانسانية من قتل وتعذيب واغتصاب جماعي التي قام بها اعضاء هذا التنظيم.

وعليه فان الاعلان عن اي نصر او انتصار يبقى ناقصا وغير مكتملا من غير عودة النازحين الى بيوتهم ومناطقهم مع تعمير ما تم تدميره، سواء دمر قصدا من قبل داعش او دمر اثناء حرب التحرير، وكذلك ازالة الاسباب الاقتصادية والسياسية المولدة لمثل هذه التيارات ومحاربة الفكر الارهابي والتكفيري الذي لا يزال يعشعش في عقول الكثيرين من العامة والمسؤولين الحكوميين والحزبيين للقضاء عليه بصورة نهائية وهذا يتم عن طريق منع وتحريم الخطابات التكفيرية واستبدال المناهج الدراسية القديمة باخرى جديدة تتماشى مع العصر الجديد ومبادىء حقوق الانسان في حرية التعبير والانتماء واعتناق الاديان والافكار، واضافة الى ما تم ذكره فان الانتصار النهائي يكون بتحرير كل النساء المختطفات اللواتي لا زلن بقبضة داعش، وخصوصا الايزيديات، ومساعدتهم وتشجيعهم وتأهيلهم اجتماعيا ومعالجتهم نفسيا للعودة الى الحياة الطبيعية التي كانوا يتنعمون بها قبل الاختطاف وما رافقه من اغتصاب وتعذيب نفسي جسدي يفوق كل تخيل وكل تصور.

همسة:- انه درس عظيم للتعلم في كيفية بناء وطن جديد يتسع للجميع ترفرف فوقه راية المساواة ويسوده القانون ويتنعم بخيراته كل ابناءه بغض النظر عن كل الانتماءات.

كوهر يوحنان عوديش

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here