يونامي تعيد طرح “التسوية” بورقة جديدة بالاتفاق مع الحكومة

بغداد / محمد صباح

انتهت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) من كتابة ورقة جديدة لمشروع التسوية بالتعاون مع لجنة المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء، بهدف إقرارها.

وستحدد هذه الأطراف في وقت لاحق الجهات المعارضة للعملية السياسية، التي ستكون جزءاً من مشروع (التسوية).
وأجرت بعثة يونامي ولجنة المصالحة تغييرات في سياقات ومبادئ مشروع (التسوية) بما يضمن مشاركة واسعة لكل الجهات، عبر تعديل فقرة التمثيل، التي كانت تقتصر سابقا على المكون والسماح لكل كتلة بإرسال ممثليها بشكل مباشر.
وكشف اتحاد القوى أن يونامي قدمت له، قبل ثلاثة أشهر، ورقة تتضمن 70% من مطالبه، وتركز على إعادة النظر بقانون المساءلة والعدالة، وإقرار قانون العفو العام بما يشمل إعادة محاكمة جميع المعتقلين. معتقدا أن تعديل قانون العفو العام سيشمل إطلاق سراح وزير الدفاع سلطان هاشم والقادة العسكريين.
لكنّ التحالف الوطني تحفظ على هذه الورقة ورفض استقبالها من قبل الأمم المتحدة، معتبراً أن بنودها خرجت عن المبادئ والسياقات المتفق عليها، مطالباً بإعادة صياغتها من جديد.
ويؤكد قيادي في اتحاد القوى لـ(المدى) ان “بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي يصرون على تفعيل مشروع المصالحة الوطنية بعد القضاء على تنظيمات داعش في العراق، كجزء من مشروع إعمار المدن وإعادة ترتيب الوضع السياسي والاستعداد للانتخابات”.
ويضيف السياسي السني، الذي تحدث مشترطاً عدم كشف هويته، “كل هذه الأمور تندرج ضمن مشروع المصالحة الوطني التي تعد استحقاقا للمرحلة الحالية”. ورأى ان “الدخول في أجواء الانتخابات والاستعداد لها من قبل جميع الأطراف قد يؤثر على تحقيق مشروع المصالحة الوطنية والتسوية التاريخية في الوقت الراهن”.
وكشفت (المدى)، في تموز الماضي، عن تكليف مكتب الأمم المتحدة في بغداد (يونامي) فريقاً فنياً متخصصاً لتوحيد ١٠أوراق قدمتها مكونات عراقية في إطار مشروع التسوية. وسيعمل الفريق على دمج الأوراق في ورقة واحدة تضم النقاط المشتركة المتفق عليها فقط.
وخلال الفترات الماضية أجرى الفريق الاممي مفاوضات مكثفة مع قيادات شيعية وسنية لتجاوز خلافاتهم، التي تركزت في ٥ نقاط كرفع الاجتثاث عن أعضاء حزب البعث ومنحهم رواتبهم التقاعدية، والعمل على إعادة التوازن بالمؤسسة العسكرية.
وسلمت القوى السنّية لأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي زار بغداد مطلع نيسان الماضي، ورقة التسوية الخاصة بها مع ملحق باسم (مبادرة إجراءات الثقة)، يتكون من 20 فقرة يشترط على الحكومة تنفيذها في غضون 6 أشهر، قبل مضي مكونات تحالف القوى بمشروع التسوية.
وكانت (المدى) قد كشفت بنود إجراءات الثقة الملحقة بورقة “التسوية السنّية” في عددها (3898) الصادر بتاريخ 2017/04/09. وتضمنت الورقة 27 فقرة، تطالب بإصدار عفو خاص عن سلطان هاشم، آخر وزير الدفاع في نظام صدام، وجميع الضباط المحكومين معه.
ويقول القيادي في اتحاد القوى ان “مكتب يونامي في بغداد تسلم الورقة الشيعية والسنية، وقدم ورقة موحدة التي لم يتسرب محتواها إلى الإعلام”، مبيناً أن “ورقة الأمم المتحدة الجديدة تغطي ما يقرب من 70% من مطالب العرب السنة”.
وأوضح النائب السابق ان “من الأمور التي غطتها ضمن مطالب السنة هي عودة النازحين وإعمار المدن وكذلك إقرار قانون عفو عام جديد وتفعيل مبدأ التوزان في مؤسسات الدولة والقطاعات المختلفة”. وأكد أن “إقرار العفو العام سيضمن إعادة المحاكمات على وفق أسس جديدة لكل المعتقلين بلا استثناء”.
ويقول السياسي المشارك في كتابة الورقة السنية إن “من القضايا الأخرى التي عالجتها ورقة الأمم المتحدة ونصت عليها هي إعادة النظر بقانون المساءلة والعدالة”، معرباً ان الورقة الاممية غطت أغلب مطالب العرب السنة، ووصفها بأنها “مرضية بشكل كبير”.
ولم يستبعد القيادي السني شمول وزير الدفاع السابق سلطان هاشم وبعض القيادات العسكرية التي لم يثبت عليها أي جرم في حال إقرار قانون العفو العام، الذي نصت عليه الورقة الأممية، ويؤكد ضرورة “إعادة صياغة أو تعديل قانون العفو العام بما يضمن إطلاق سراح بعض القيادات العسكرية التي لا توجد عليها مشاكل قانونية”. ورأى أن “حجز القادة العسكريين وعدم إطلاق سراحهم يعد اعتقالا سياسيا أكثر منه قضائيا”.
وكشف عضو اتحاد القوى عن “وجود تقارب كبير بين القوى السنية والشيعية على الورقة الأممية كونها تغطي ايضا نسبة كبيرة من مطالب التحالف الوطني”. واشار الى أن “الورقة الأممية الجديدة مكونة من ست إلى سبع أوراق متفق على مبادئها العامة بين اتحاد القوى العراقية والتحالف الوطني”. لكنّ السياسي السني اعترف بـ “تلكؤ في عقد الاجتماع الأول الذي تنظمه الأمم المتحدة”. وتساءل “لماذا تأخرت الأمم المتحدة بدعوة اللجان الفنية الممثلة للقوى السنية والشيعية لبدء حواراتها على الورقة الجديدة؟”.
وكشف عن قيام اتحاد القوى بتسمية فريقه الفني التفاوضي وقدم الأسماء إلى الأمم المتحدة بكتاب رسمي، لافتاً الى ان “التحالف الوطني ايضا قدم أسماء لجنته الفنية إلى فريق الأمم المتحدة من اجل مراجعة الورقة الجديدة ومحتواها قبل رفعها إلى اللجان السياسية للاتفاق عليها”. وأكد ان “التحالف الوطني قدم ستة أسماء للامم المتحدة، واتحاد القوى سمّى خمسة أسماء بحسب مكونات كل طرف”.
ويكشف المصدر أسماء اللجنة الفنية التابعة لاتحاد القوى العراقية وهم “كل من محمود المشهداني، ومحمد تميم، وندى الجبوري، ومحمد سلمان الطائي، وحسين الفلوجي”.
لكن هذا التفاؤل بتقدم مشروع التسوية يصطدم برفض شيعي. ويكشف عضو في الفريق الشيعي ان “قوى التحالف الوطني رفضت الورقة الاممية، التي قدمت قبل تسعين يوما، وطالبت الامم المتحدة البدء بكتابة ورقة جديدة أخرى تتلاءم مع ما تم الاتفاق عليه من مبادئ”.
واضاف المصدر الشيعي لـ(المدى)، طالباً عدم كشف هويته، ان “العمل جارٍ لكتابة ورقة ضمن المبادئ والسياقات المتفق عليها”، مؤكداً أن “مشروع التسوية التاريخية لم يتوقف بل مستمر التحضير له”.
بدوره يقول محمد سلمان السعدي، مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية، إن “العمل جارٍ بالتعاون بين المصالحة الوطنية في مجلس الوزراء والأمم المتحدة على مزاوجة كل الأفكار التي تقدمت بها المكونات والأطراف بما يتعلق بمشروع التسوية التاريخية”.
ويؤكد السعدي، في حديث لـ(المدى)، ان “المصالحة الوطنية والأمم المتحدة كتبا ورقة تسوية جديدة والردود عليها”. واضاف “ننتظر من الحكومة الأخذ بهذه الورقة الجديدة التي تعد نتاجا لكل الاوراق التي تسلمتها الأمم المتحدة من جميع المكونات”.
ويوضح مستشار رئيس الوزراء ان “اللجنة الحكومية والأمم المتحدة هما من كتب الورقة الجديدة بالاعتماد على الأوراق التي قدمتها جميع الأطراف والمكونات”، مشيرا الى ان الحكومة تدرس الورقة تمهيداً لاعتمادها.
ويتابع السعدي ان “لجنة المصالحة الوطنية طلبت من يونامي إشراك الحكومة في كتابة وصياغة ورقة التسوية الشاملة”.
ويؤكد المستشار الحكومي أن “الورقة المتفق عليها من قبل المصالحة الحكومية والامم المتحدة جاهزة وتحتاج إلى إقرار من قبل الحكومة”، ولفت الى أن “الورقة الجديدة ستكون برعاية الحكومة العراقية وليس برعاية مكون أو كتلة أو طرف سياسي معين”.
ويتحدث السعدي عن تغيير بعض الآليات والسياقات في مشروع التسوية التاريخية، مشيراً الى حسم التمثيل للكتل والمكونات. وأكد أن أغلب الاطراف لم تتمكن من الاتفاق على ممثليها.
ويضيف أن” التغييرات التي طرأت على مشروع التسوية تتضمن فتح المجال أمام الكتل الرئيسية للمكونات بتسمية مرشحيها بشكل مباشر وليس المكون” لافتا إلى أن هذه التغييرات ستسمح بمشاركة كل الأطراف في مشروع التسوية التاريخية”.
ويشدد المستشار الحكومي على ان “التسوية التاريخية ستصل إلى كل الأطراف عدا حزب البعث والقاعدة وداعش”. واستدرك بالقول “بعد إقرار الورقة سنناقش مع يونامي مشاركة المعارضة السياسية في مشروع التسوية التاريخية”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here