علاء كرم الله
تعتبر البطالة من الأسباب الرئيسية لجنوح الفرد عن جادة الصواب وهي الطريق الموصلة والسالكة نحو الجريمة بكل أشكالها. فالبطالة تؤدي الى الحاجة والحاجة تؤدي الى الفقر والفقر قد يوصل الأنسان الى الكفر!، عندها يبيح الأنسان لنفسه فعل كل شيء، حيث تسقط عنده كل القيم والمباديء وقبلها موت الضمير وعدم الخوف من الله!. يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رض) ( أذا ذهب الفقر الى بلد قال له الكفر خذني معك). ولو عرفت الحكومة وكل قادة الأحزاب السياسية وكل السياسيين الذين ظهروا من بعد سقوط النظام السابق كم عدد العاطلين والمحتاجين والفقراء بالعراق لعرفوا حجم الكارثة التي يعيشها العراقيين، ولعرفوا ماذا صنعوا بالعراق وشعبه منذ 9/4/2003 ولحد الآن!، ولعذروا الناس عن ضعف أيمانهم، والذي وصل بالكثير منهم الى حد الألحاد!!. (الملفت للأنتباه أن نفس الوجوه السياسية التي دمرت ونهبت وخربت وأشاعة الفساد في البلاد لازالت تتصدر المشهد السياسي وهي المرشحة للأنتخابات القادمة!؟) . أن مشكلة البطالة بالعراق هي ليست جديدة بل هي بدأت بالظهور بعد أنتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 ثم أخذت بالأستفحال نتيجة السياسات الخاطئة التي أتخذتها الحكومة أنذاك في معالجة الأوضاع الأقتصادية المتردية الصعبة وظروف الحصار القاسي والعقوبات الأقتصادية وما أفرزته الحرب من مشاكل كبيرة وكثيرة لازال العراق يدفع ثمنها لحد الآن.لقد ذهبت أحلام العراقيين أدراج الرياح بعد سقوط النظام السابق، حيث لم يعالج الأمريكان ولا كافة القوى السياسية التي قادت البلاد من بعد سقوط النظام السابق ولحد الآن مشاكل العراق التي طالما وعدوا بحلها، والمصيبة أنهم زادوا عليها الكثير!، ومنها مشكلة البطالة التي أستفحلت بشكل خطير وكبير وتزداد يوما بعد يوم وشهر بعد شهر وعام بعد عام!،وقد لا أكون مبالغا أذا قلت أن نسبة البطالة وصلت الى حدود 70%!! وأمام أنظار الحكومة العاجزة عن فعل أي شيء!. والمضحك المبكي في صورة البطالة في العراق أنها تضم كل شرائح المجتمع، من ضباط ومنتسبين وموظفين في زمن النظام السابق ودفعات الخريجين من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية وحتى فيهم من حملة شهادات الدكتوراه والماجستير بكل الأختصاصات العلمية والأنسانية، وكذلك فيهم الفنانين والرياضيين أضافة الى بسطاء وعوام الناس!، حيث أصبح الحصول على الوظيفة وتحديدا في دوائر الدولة حلم ما بعده حلم! ولايمكن الحصول على الوظيفة الحكومية ألا بالرشوة والواسطة والتزكية الحزبية من الأحزاب السياسية الدينية المتنفذة!. ولو قدر لأي مسؤول في الدولة العراقية الأطلاع ومشاهدة ما تنشره وسائل الأعلام المختلفة من صحف وفضائيات وتحقيقات صحفية بخصوص العاطلين، أو القيام بزيارة ميدانية الى (مساطر) العمال الرجالية والنسائية منها، لعرفوا حجم الكارثة والجريمة التي أقترفوها بحق هذا الشعب ولربما أعطوهم كل الحق فيما يفعلون!. والمثل يقول (اسمع أن ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!). فليس العبرة أن تشخص الداء، بل العبرة بمعرفة العلاج لذلك الداء، فما الفائدة أن نعرف أن أحد وأهم أسباب العنف المسلح الذي مرت به البلاد ولازالت هو بسبب البطالة والحاجة لتأمين رغيف الخبز! ولا أعرف كيف أوفر وأؤمن رغيف الخبز للجوعى والمحتاجين. يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رض) ( عجبت لأنسان كيف لا يشهر سيفه عندما لا يجد رغيف خبز في بيته). وهنا لا بد من الأشارة أن الكثير من الذين ألقي القبض عليهم بسبب أعمال العنف التي أشتركوا بها وظهروا على شاشة التلفزيون، كان دافعها الأول البطالة!. صحيح أن هذا لا يعني أن كل عاطل عن العمل يسلك طريق الجريمة، ولكن بمرور الوقت ونتيجة الضغط الأجتماعي والنفسي وأمام متطلبات الحياة المعيشية الصعبة وضياع أية بارقة أمل عن حل قريب لحل أزمة البطالة يجعل الكثير من هؤلاء لقمة سهلة أمام أية أغراءات مالية تدفع لهم من أية جهة كانت لسلوك طريق العنف والجريمة والرذيلة، فالحاجة والجوع كما تفقد الأنسان صوابه وأتزان تفكيره فهي تقتل عنده روح الأنتماء للوطن. أن اعادة مصنع ومعمل واحد من مئات المصانع التي دمرت ونهبت بقصد وتم بيعها لدول الجوار!! اعادة واحد من هذه المصانع للعمل سيكون كافيا لخلق عشرات اللألاف من فرص العمل لكل هؤلاء العاطلين، فما بالك أذا عملت الحكومة بكل روح وطنية وأخلاص الى أعادة تاهيل كل المصانع والمعامل التي كان العراق سباقا بها على مستوى المنطقة وعلى مستوى الشرق الأوسط! بالأكيد عند ذلك سنضطر الى أستيراد العمالة الأجنبية!؟.ولحد الآن لايعرف السبب الحقيقي الذي منع ويمنع الحكومة منذ 9/4/2003 من القيام بأي عمل يعيدون به أعمار العراق ولو بشيء بسيط مما دمرته الحروب والعنف المسلح، ولو من باب ذر الرماد في العيون كما يقال! لأستيعاب وتشغيل الكثير من العاطلين، على سبيل المثال : القيام بحملة لأعادة تبليط وأكساء الشوارع وردم الحفر والمطبات فيها والتي باتت تهدد حياة المواطنين، وكذلك القيام بحملة اكبر لرفع الأنقاض التي تغطي وجه العراق بكل محافظاته بعد أن تحول العراق الى كومة من القمامة!. قد يتعذر مسؤول هنا أو هناك على أن العنف المسلح يقف حائلا أمام القيام بأية خطوة لأعادة الأعمار! أقول: نحن نعرف ذلك وهذه ليست خافية على أحد ، فنحن لا نطالب بالأعمار الكلي للعراق وأستقدام الشركات حيث يتعذرذلك لأن الشركات أصلا لا تأتي بسبب عدم أستقرار الوضع السياسي والأمني بالعراق!. ولكننا بالوقت نفسه يمكننا القول أن الوضع الأمني بالعراق الان أحسن بكثير من السنوات التي مرت على العراق، لا سيما بعد الأنتصارات الرائعة والكبيرة التي حققتها قواتنا المسلحة البطلة ومعهم متطوعي الحشد الشعبي والعشائر الأبطال. فبالأمكان الان البدء بخط الشروع لأعادة أعمار العراق ووضع الخطط الكفيلة بذلك ان كانت الحكومة والأحزاب السياسية معها جادين ويرغبون فعلا بأعادة أعمار العراق!.ونسأل هنا: هل أن العنف المسلح يمنع تبليط شارع لا يتعدى طوله بضعة مئات من الأمتار؟، وهل العنف المسلح يمنع رفع الأنقاض التي أصبحت أضافة الى منظرها الكريه أصبحت مصدرا لأنتشار الكثير من الأمراض، وهل يمنع العنف المسلح أصلاح العطلات في المجاري الطافحة التي أختلط بها الماء الصالح للشرب مع مياه التصريف الثقيلة والتي تعاني منها الغالبية من محافظات ومدن العراق؟ وغيرها الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها والتي لا تحتاج الى أموال طائلة وقرارات برلمانية وأتفاقات حزبية وسياسية!. الذي نريد أن نقوله: بأن من يريد أن يعمل ويخدم الوطن لا نعتقد يقف أمامه شيء، أما مسألة الأعذار والتعكز على أسباب أصبحت غير مقنعة للمواطن العراقي، بعد أن لمس حجم الفساد الأداري والمالي الذي يعصف بالدولة ومؤسساتها. أن الأيدي العاملة والطاقات العراقية الخلاقة موجودة وكلها مهيئة للعمل من مهندسين أكفاء وبكافة الأختصاصات الى عمال ومقاولين فالكل يريد أن يعمل ويعيد بناء العراق، صحيح أن الشعوب هي التي تخلق الحياة لكن يبدو أن العيب ليس بالشعب! لأنه لم يجد لحد الآن حكومة طموحة تحمل روح الوطنية الصادقة وتشعر فعلا بأنها تمتلك سلطة القرار والسيادة على الوطن.! أخيرا نقول أن الحكومة مسؤولة أمام الشعب والشعب أمانة في أعناق وأيدي الحكومة، والمواطن لا تهمه التفاصيل بقدر ما تهمه النتائج لا سيما وأن هذا المواطن لم يعد يصدق بأية وعود بعدما عرف حجم الكذبة الكبيرة التي عاشها في ظل الحكومات والأحزاب السياسية التي حكمت العراق من بعد سقوط النظام السابق،والمثل الفرنسي يقول: أذا تركت مكانا فأترك فيه وردة. ترى هل أستطاعت الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق من بعد سقوط النظام السابق وكذلك كل الأحزاب السياسية أن تزرع وتترك وردة واحدة في طريق العراقيين؟ الجواب متروك لك عزيزي القاريء!؟.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط