بارزاني يتهم «عناصر خفية» بالسعي لخلق فوضى… والتظاهرات في السليمانية تتواصل

«هيومن رايتس ووتش» تتهم أربيل بإخفاء 350 معتقلاً من العرب السُنة قسراً

 

 تواصلت التظاهرات، أمس الخميس، في أحد أقضية محافظة السليمانية لليوم الرابع على التوالي للمطالبة بمحاربة الفساد وإقالة الحكومة في كردستان العراق وتحسين الوضع الاقتصادي، فيما حذّر رئيس وزراء الإقليم، نيجيرفان بارزاني، مما وصفه «عناصر خفية» وجهات (لم يسمها) تريد خلق فوضى عبر ركوب موجة التظاهرات، مشدداً أن السلطات في الإقليم ستمنع «المؤامرة».
وشهدت مدن وبلدات في كردستان العراق غالبيتها في محافظة السليمانية، ثاني محافظات الاقليم، تظاهرات حاشدة خلال الأيام الثلاثة الماضية تخللتها مواجهات مع قوات الامن أدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة نحو 200 بجروح.
ونزل مئات الشباب والناشطين إلى الشوارع، أمس، وسط انتشار أمني كثيف في مدينة رانية التي تبعد 130 كلم شمال غرب مدينة السليمانية ويقطنها نحو مئة ألف نسمة.
كذلك، طالب معلمون محتجون في السليمانية، حكومة كردستان بالإسراع لمعالجة الأزمة التي تعاني منها الإقليم، وسط دعوات بحل الحكومة في حال عدم التمكن من معالجة الأوضاع.
وقال المعلمون في بيان :»من أجل إيصال معاناتنا حاولنا بشتى السبل وبعيدا عن العنف ولم نتلق ردا لحين وصول الامور إلى هذا اليوم الذي بدأت السلطة بتوجيه اسلحتها ضد المتظاهرين»، محملا «السلطات والحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع في الإقليم».
ودعا البيان جميع المعلمين إلى «الإضراب عن الدوام»، لافتا إلى أنه «من المخجل جداً أن يكون المعلم صامتا وصديقه يستشهد أو يعتقل».
وشدد على ضرورة «إطلاق سراح المعتقلين والسماح بتنظيم التظاهرات المدنية وإخراج القوات المسلحة من المدن»، مهدداً بـ«استمرار الاحتجاجات وتوسيعها في حال عدم معالجة المشكلات».
في الموازاة، حذرت السفارة الأمريكية في العراق رعاياها من مناطق الاحتجاجات التي تشهدها مناطق في إقليم الشمال وجنوب البلاد.
وقالت السفارة في بيان لها أن «بعثة الولايات المتحدة العراق تنصح مواطنيها بالابتعاد عن مواقع الاحتجاجات في إقليم الشمال التي تحولت إلى احتجاجات عنيفة في 18 و 19 كانون الأول/ديسمبر، مما أدى إلى وقوع وفيات وإصابات».
وأضاف البيان «كما وقعت مؤخرا مظاهرات غير ذات صلة في أماكن أخرى في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك مقاطعاتها الجنوبية».
ودعت السفارة المواطنين الأمريكيين إلى «الحفاظ على شعور متزايد بالوعي الأمني واتخاذ التدابير المناسبة لتعزيز أمنهم الشخصي في جميع الأوقات عند العيش والعمل في العراق».

بارزاني يرفض العنف

وعبر رئيس وزراء كردستان نيجيرفان بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه فريقه الحكومي في أربيل، أمس، أسفه لـ«الأوضاع التي حدثت في كردستان وتحديدا في السليمانية، ونعزي ذوي الضحايا الذين سقطوا بتلك الحوادث ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين».
وأضاف: «التظاهرات حق طبيعي للجميع، ولكن خلق الفوضى وحرق المباني الحكومية والمقار الحزبية لا يكون ضمن اطار التعبير عن الرأي»، مشيراً إلى أن «هناك جهات تدعم تلك الفوضى، والسلطات الأمنية في الإقليم وشعب كردستان سوف يواجهون تلك الحالات التي تريد النيل من الإقليم».
وأسهمت التظاهرات التي تشهدها محافظة السليمانية، بانسحاب حركة التغيير والجماعة الإسلامية من حكومة كردستان، الأمر الذي لاقى «احتراماً» من نيجرفان بارزاني، الذي قال في هذا الشأن، إن «التغيير منذ زمن قد انسحبت من الحكومة، وفضلت أن تبقى ضمن الإدارة المحلية في محافظة السليمانية».
وأضاف: «بالنسبة للجماعة الإسلامية، لا افهم لماذا انسحبوا؟ كان من الافضل أن يتحدثوا معنا قبل ذلك، وان يطلبوا منا عقد اجتماع، وان يشرحوا لنا أسباب انسحابهم. نحن نحترم قرار انسحاب الكتلتين.
كما قال خلال المؤتمر، «أنا أفهم اللغة العربية وأقرأها، ولكن أجد صعوبة في التحدث بها»، لافتاً «سأحاول تحسين تحدثي بالعربية من أجل مصلحة ووحدة العراق».
واشتدت حدّة الخلاف بين الحكومة الاتحادية من جهة، ونظيرتها في إقليم كردستان من جهة ثانية، عقب إجراء الاخيرة «استفتاء الانفصال» في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي.
وحسب ما أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير لها نُشر أمس فإن «العنف تصاعد بين إقليم كردستان العراق والحكومة العراقية بعد أن صوت الكرد لصالح الاستقلال في سبتمبر/أيلول»، وأضافت:»على الرغم من الاختلافات العديدة، فإن للسلطات في كلا الجانبين قاسم مشترك: الولع بمهاجمة وسائل الإعلام».
وأشار التقرير إلى أن «منظمة «مراسلون بلا حدود» صنفت في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2017 العراق في المرتبة 158 من أصل 180 بلدا ـ وبدا السبب واضحا خلال الأيام الثلاثة الماضية». في إشارة إلى عملات الاعتقال التي طالت صحافيين في محافظة السليمانية على خلفية تغطيتهم التظاهرات. كذلك اتهمت «هيومن رايتس ووتش» السلطات في إقليم كردستان بإخفاء 350 معتقلا من العرب السُنة قسرًا من محافظة كركوك (شمال) للاشتباه بانتمائهم لتنظيم «الدولة الإسلامية».
وقالت المنظمة في تقرير، أمس نشر على موقعها الإلكتروني، «نخشى أن يكون قد أخفي أكثر من 350 معتقلا لدى حكومة إقليم شمال العراق في مدينة كركوك».
وأضاف التقرير أن «هؤلاء المختفين هم في الغالب من العرب السنة، الذين نزحوا إلى كركوك أو من سكان المدينة، واحتجزتهم قوات الأسايش (قوات الأمن التابعة لإقليم كردستان)، للاشتباه بانتمائهم لتنظيم داعش» الإرهابي.
وأبلغ مسؤولون محليون المنظمة، وفقًا للتقرير، بأن «السجناء لم يكونوا في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في كركوك وحولها عندما استعادت القوات الاتحادية العراقية سيطرتها على المنطقة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2017».

ما الذي جرى؟

وقالت لما فقيه نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الحقوقية، إن «العائلات في كركوك مستميتة لتعرف ما الذي جرى لأقاربهم المحتجزين، والاحتجاز السري، بمعزل عن العالم، يثير مخاوف خطيرة بشأن سلامتهم»، حسب التقرير.
وأضافت: «تقع على عاتق حكومة إقليم شمال العراق مسؤولية تقديم معلومات فورية عن مصير هؤلاء المختفين أو أماكن وجودهم، وإنهاء ممارسة الإخفاء».
وفي بغداد، أعلن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ان وفدا من حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية سيعقدان اجتماعا للتحاور بشأن حل الخلافات والقضايا العالقة بعد عطلة رأس السنة مباشرة.
ونقلت وسائل إعلام تابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني عن معصوم قوله، انه قد بعث رسالتين احداها إلى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي والأخرى إلى رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، طلب فيهما من الجانبين ان يبدأ بحوار جدي لحل الخلافات.
وأضاف، وفقاً للمصدر، أن «اجتماع الإقليم والمركز سيعقد بتحكيم طرف ثالث»، موضحا أن «المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق سيكون له دور التحكيم في اجتماع الإقليم والمركز». الدعوة إلى لجوء أطراف النزاع في أربيل وبغداد إلى الحوار لم تقتصر على معصوم، بل أكد نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، على ضرورة معالجة أزمة اقليم كردستان عبر «حوار صريح»، مشيرا إلى أن استمرار الأزمة وتطورها لا يخدم الإقليم والعراق بشكل عام.
وقال مكتب النجيفي، في بيان، إن الأخير «استقبل سفير دولة الكويت في العراق سالم غصاب الزمانان»، مبيناً أن «الجانبين بحثا خلال باجتماع العلاقات الثنائية ومجموعة من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وعرض النجيفي رؤيته للمشهد السياسي وانعكاسه على ملف الانتخابات وما تتطلبه من اجراءات وآليات للوصول إلى تنفيذ ناجح يتفق مع الهدف من اجرائها». وأكد، حسب البيان، على ضرورة «معالجة ازمة اقليم كردستان عبر حوار صريح، لأن استمرارها وتطورها لا يخدم الاقليم ولا يخدم العراق بشكل عام».
وبشأن مؤتمر المانحين المقرر عقده في الكويت خلال شهر شباط/فبراير المقبل، شدد النجيفي على «بذل الجهود الكبيرة من أجل انجاحه، سيما انه سيساعد في تطور العلاقات الأخوية التي تربط العراق بالكويت»، لافتا إلى أن «المؤتمر «يؤكد حرص الكويت ودورها الفاعل». وقدم النجيفي عرضاً عن «واقع مدينة الموصل بعد تحريرها من الإرهاب وشمل العرض الحاجة الماسة لاعادة تعميرها وعودة النازحين إليها ومعالجة أوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية»، مبيناً أن «مستوى الدمار في المدينة كبير ويتطلب جهداً دوليا، فضلا عن جهد الحكومة وأهل المدينة».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close