الجفاف يقتحم هور “ام الودع” جنوب الناصرية ويهدد سكانها بالهجرة

على مكان مرتفع بشكل واضح، وتبدو عليه اثار الجفاف، يجلس خالد وهو من سكان الاهوار قرب جاموسه، حيث ترتسم على وجهه ملامح الخيبة والحزن، بعد ان جفت المياه في هور “ام الودع” وتحولت الى صحاري، فقبل عام كانت المياه تغطي مساحات شاسعة من المنطقة التي يسكن فيها اكثر من الف نسمة، يعيشون مع حيواناتهم على ارتفاع مناسيب مياه الاهوار.

ويعمل خالد (38 عاما)، منذ صغره في صناعة القصب للمضايف والدواوين، في منطقة هور ام الودع في قضاء سوق الشيوخ ويشتغل على مشحوفه لنقل السواح القادمين للأهوار، حينما كانت مياهه تغطي مساحة واسعة من قريته الصغيرة، وفي المساء يقضي اغلب وقته مع الجاموس او في صيد الاسماك.
هور “أم الودع” يقع في ناحية كرمة بني سعيد 13 كم وهي إحدى النواحي التابعة الى قضاء سوق الشيوخ 35 كم الى الجنوب من مدينة الناصرية، وفي الاصل كانت هذه المنطقة، عبارة عن جزيرة (ايشان) مرتفعة، تحيطها المياه في عمق الاهوار، يسكنها مربو الجاموس وتشتهر ببيع القصب وعمل الحصران والبيوت والمضايف.
يقول خالد لـ”الغد برس”، ان “الحياة في هور ام الودع بدأت بالانهيار، بعد ان اصابها الجفاف بشكل مفاجئ، بعدما كانت قبلة للكثير من السائحين القادمين اليها من مناطق مختلفة، بعد تميزها بشكل كبير عن باقي المدن والاهوار الاخرى”.
ويضيف خالد ان “الناس هاجروا وتركوا كل شيء، بحثا عن مناطق مائية اخرى للعيش فيها، بعد ان جفت بشكل ملحوظ، اليوم الجاموس مهدد بخطر الموت، هناك اكثر من 300 جاموسة في هذه المنطقة الصغيرة تعيش على وجود المياه، الجفاف يصيبها بالأمراض ومن ثم يقتلها”.
ولا توجد احصائية دقيقة عن اعداد ونسب سكان هور “ام الودع”، حيث ترتفع الاعداد كلما ارتفعت مناسيب مياه الهور، وينخفض هذا العدد حينما تنخفض المناسيب، حيث يرحل السكان الى مناطق اخرى بحثا عن المياه، من اجل الجاموس، الذي يمثل مصدر رزق رئيس لهم.
ويتابع خالد، ان “اعداد سكان منطقة هور ام الودع يصل اليوم الى ما يقارب الـ1700 نسمة وهذا الرقم قد يقل تبعا لمستويات المياه، لان الناس بدأت تهاجر منذ ان بدأت المناسيب تنخفض في شهر حزيران 2017، وعلى الرغم من شحة المياه التي نعاني منها، الا ان اي مسؤول من ذي قار لم يصل الينا ولم يسمع اصواتنا رغم تظاهراتنا في اكثر من مرة”.
ومن جانبه يقول مدير الموارد المائية حسين ساجت لـ”الغد برس”، ان “هور ام الودع تصله المياه من جهتين، من المصب العام ومن نهر الفرات، والمصب العام انخفضت تصاريفه بالأساس، وهو في الحقيقة عبارة عن مبزل، ويكون له تغدية نتيجة لشحة المياه، والمزارعين الذين يبزلوا المياه يرجعونها مرة اخرى على اراضيهم”.
واضاف ساجت، ان “مشكلتنا تكمن في انخفاض نهر الفرات نتيجة تجاوز محافظة المثنى ولغاية اليوم، وكذلك قلة الاطلاقات المائية من نهر الفرات في تركيا وسوريا الى العراق، وكذلك التجاوزات التي تحصل من قبل محافظة المثنى ومحافظة النجف”.
ومنطقة ام الودع، هي هضبة مرتفعة في عمق الاهوار، يؤدي اليها شارع واحد، يمتهن فيها السكان، بالدرجة الاساس، صناعة القصب والبردي وتربية الجاموس، وتتميز بتصدير البواري لبناء المضايف.
ويقول، سعيد احمد وهو من سكان المنطقة لـ”الغد برس”، ان “المنطقة سابقا حينما كانت في اوج عطائها تصدر، شب القصب الى محافظات بعيدة، كالموصل والانبار وديالى، وهذا الشب يستخدم لبناء المضايف، الا انها اليوم وبسبب الاوضاع الامنية اقتصر العمل على داخل المحافظة”.
فيما يؤكد عبدالرحمن الطائي رئيس لجنة انعاش الاهوار في مجلس محافظة ذي قار لـ”الغد برس”، انه “تم تشكيل غرفة عمليات برئاسة المحافظ، يقع على عاقتها ملف شحة المياه والتجاوزات والتنسيق مع المحافظات المتشاطئة والمتجاوزة على نهر الفرات والغراف”.
ويضيف الطائي، ان “المحافظات التي تجاوزت هي واسط بالمرتبة الاولى، باعتبار نهر الغراف يأتي عبرها، ثم المثنى والنجف والديوانية وبابل، واكثر المتجاوزين هي النجف والمثنى، الان لديهم خطة زراعية واسعة كمحصول الحنطة والشلب وهو ما يدل بشكل واسع على انهم لم يتأثروا بشحة المياه، مثلما يحصل في ذي قار”.
الى ذلك قال النائب الاول لمحافظ ذي قار عادل الدخيلي لـ”الغد برس”، ان “وضع هور ام الودع، سيء بشكل كبير، المطلوب ان يتم تحديد الحصة المائية لكل محافظة، وايقاف التجاوزات، وكان لدينا اجتماع لهذه المحافظات مع مجلس الوزراء”.
واضاف الدخيلي ان “هناك اجراءات سيتم اتخاذها تتعلق بحفر ابار ارتوازية لمناطق التي لن يصلها الماء، وهناك تعاون وجهد وطني من قبل وزارة النفط ووزارة الموارد المائية، وسوف يتم الضغط على المحافظات التي تجاوزت على حصتنا المائية لنأمن حصة مائية في النهار”.
وتابع الدخيلي ان “الوضع الذي يجب أن يكون هو، تحديد آلية المتجاوزين على الحصة المائية، والايعاز لقيادة العمليات، بأن يكون لها امر التنفيذ ومتابعة التجاوزات من خلال التنسيق مع تلك المحافظات”، مبينا ان “استمرار التجاوزات المائية يهدد السلم الاهلي، وحاله حال الارهاب، وسوف ننهي ذلك من خلال الاشراف عليها من قبل قيادة العمليات”.
وكان هور، “ام الودع” قد تعرض الى الجفاف قبل عامين، ادى الى نفوق اعداد هائلة من الحيوانات المائية والبرية التي تعيش في تلك الاهوار، فيما اعلنتها حكومة ذي قار منطقة منكوبة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close