السبت 23 ديسمبر/ كانون الأول 2017
حسن الخفاجي
يذكر الصحفي هاتف الثلج في كتابه ( حردان التكريتي .. قائدٌ أُغتيل غدراً ) الحادثه التاليه في الصفحه ثمانون : حضر الى ضريح العباس ع ليل الأربعاء الموافق ١١ تموز ١٩٦٨ وبعد ساعةٍ من إغلاق أبواب الصحن . سمع السيد مهدي ضياء الدين ( الگيم ) طرقاَ على الأبواب ، فتح الباب ووجد احمد حسن البكر ومعه أربعة أشخاص يحملون جنازه . طلبوا منه السماح لهم بالدخول الى الضريح . دخلوا وطلبوا منه المغادره .
تَرَكُوا الجنازة جانباً – كان التابوت فارغاً أحضروه للتمويه . صلّى البكر وبعد حين وهم يغادرون الحضرة العباسيه قال أحمد حسن البكر مخاطباً جماعته:( يالله ياولد بعد شكو حلف وحلفنا!).
كان مع البكر حردان التكريتي و صالح مهدي عماش و حماد شهابو سعدون غيدان . تأريخ القسم كان قبل إنقلابهم المشؤوم بستة أيام في١٧ تموز ١٩٦٨ .
حَلَفوا بالإمام العباس على حفظ العهد وعدم الخيانة والغدر .
غدر البكر وصدام بعد أقل من ثلاث أعوام بحردان عبد الغفّار التكريتي . أرسلوه رئيساً لوفد خارج العراق ، وهو في الخارج جردوه من مناصبه وحاربوه ومنعوا دخوله الى بغداد ، ومنعوا دفن زوجته في العراق . دفنت في الجزائر وتم نقل رفاتها لاحقاً الى العراق ومن ثم إغتالوه في الكويت .
بعدها غدر البكر وصدام بصالح مهدي عماش , أبعدوه من مناصبه وعُين سفيراً في موسكو وإنتقل بعدها الى فرنسا ومن ثم نقل الى فلندا ، ومات فيها في العام ١٩٨٥ في ظروف غامضه يقال إنه مات بِسُـمْ الثاليوم .
يعرف أغلب العراقيين إن البكر وصدام حَلفا بالحمزةِ ( أبو حزامين (ع) ) على الوفاء ، لكن صدام غدر بالبكر بعد حين . إستمر مسلسل الغدر في عهد صدام . غدر برفاقه أعضاء القياده في واقعةٍ باتت تُعرف بمذبحة قاعة الخلد . آخر من غدر بهم صدام هم أبناء عمومته وأزواج بناته حسين وصدام كامل .
الحِنث باليمين والغدر برفاق النضال والجهاد ليس حكراً على البعثيين ولو إن الغدر كان ماركةً سُجِّلت بأسمائهم ، لكن من حكموا بعدهم لم يختلفوا كثيراً عنهم .
لقد اصبح الحِنثُ باليمن والغدر سمةً بارزةً من سمات ما بعد صدام ، الأمثلة أكثر من أن تحصى : الرئيس معصوم حَنث بيمين توليه الرئاسه بأكثر من واقعه آخرها عدم حرصه على وحدة العراق التي هي أهم ما أقسم عليه : بأنه سيُحافظ على وحدة العراق . لقد إنحاز الى قوميته بتصريحه الذي قال فيه : ( إن الإستفتاء في إقليم كوردستان دستوري ) . بَتَت المحكمه الدستوريه لاحقاً بعدم شرعية الإستفتاء .
مجموعة من قيادات حزب الدعوه تآمروا وغدروا بالسيد الجعفري وبعده غدروا بالسيد المالكي .
السيد عمار الحكيم غدر برفاق عمه وأبيه ومن بايعوه لرئاسة المجلس وأسس حزباً جديداً – تيار الحكمه – و ( إستولى على أموال ومقرات المجلس الأعلى ) هكذا قال قادة المجلس الإسلامي الأعلى .
الحزب الإسلامي ” الأخوان المسلمون في العراق ” غدر بهم سليم الجبوري وأسس حزباً جديداً .
إتحاد القوى إنقسموا الى عدة أقسام , آخر المغادرين منهم سليم الجبوري و جمال الكربولي .
أحزاب وكيانات وتيارات إسلاميه وقوميه وطائفيه إنقسمت الى مثنى وثلاث ورباع .
كل المتضررين وحتى بعض المستفيدين من هذه الإنقسامات والغدر بالآخر يتهمون خصومهم بالخيانه .
إتهام الحزب الديمقراطي الكردستاني لحليفه حزب الإتحاد الوطني بالخيانه ، لأنهم ( تآمروا وسلّموا كركوك الى الجيش العراقي دون قتال ) .
صحيح إن جميعَ الساسةِ والأحزاب المختلفين فيما بينهم يتهم أحدُهم الآخر بالخيانةِ والغدرِ ، والصحيح أيضاً إنهم جميعاً متفقون ويتفقون على سرقة المواطنين و التنكيل بهم وتجويعهم . أقرب مثل حي ماثل أمامنا هو قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وقادة حزب الإتحاد الوطني . لقد تناسوا خلافاتهم وإتفقوا ليكونوا صفاً واحداً ضد ثورة جياع شعبنا الكردي ، وقيام أجهزتهم الأمنيه والعسكريه بالتنكيل بالمواطنين وقتلهم وجرح وإعتقال المئات وإختطاف آخرين . الأكثر غرابةً هي إنعدام ردة فعل حكومة السيد العبادي وهي ترى مواطنيين عراقيين عُزّل ، إستُعمِلت ضدهم سياسة تجويع ظالمه يُـقتـَلون ويُنكل بهم .
أغلب المتابعين يتساءلون هل ستصبح وعود السيد العبادي لشعبنا الكردي مثل وعود بوش الأب للعراقيين في العام٩١ ، حينها دعا بوش العراقيين للإنتفاضةِ على النظام ، لكنه خذلهم لا بل ساعدت قواته قوات صدام على قمع المنتفضين من العراقيين . إن موقف حكومة العبادي السلبي مما يجري في كردستان موقف مُشين ، على الحكومة تصحيحه وحماية المواطنين الأكراد من آلة البطش القمعيه وعليها الإسراع بصرف رواتب المستحقين من موظفي الإقليم .
من غير المقبول أن يُذل الأكراد ويُجَوَعون أياً كان السبب بجوعهم .
أعتقد إن فترة تدقيق ملفات موظفي كردستان أخذت وقتا طويلاً يجب مضاعفة الجهود لإنجازها بأسرع وقت على الرغم من كثرة ألغام قوائم الفضائيين فيها .
على السيد العبادي أن لا يغدر بالشعب الكردي لأنه هو من وعدهم بصرف رواتبهم ووعدهم بالحمايةِ علناً بتصريح سمعه معظم العراقيين .
إن تغدروا وتتآمروا بعضكم على البعض الآخر هذا يُثلِج قلوبنا ، لكننا نُصاب بالخيبةِ حينما تتفقون على سرقتنا وتجويعنا وقتلنا والتنكيل بِنَا .
حَلَفَ البكر وحنث باليمن وبدأ بالغدرِ وغُدِرَ به لاحقاً ، وسار معظم من تولوا الحكم من بعده على طريقه .
اللهُمَّ إجعل دربَهم خاصاً بهم وإبعد شعبنا عن دسائسهم .
( غياب الأمن يصنع الفوضى وغياب العدل يصنع الثوره ) الصحفي المصري جلال عامر
———————————————————————–
Sent from my iPad
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط