تحـالف سُـنّي مقـرّب من المالكـي يسعــى لإحكام قبضته في نينوى والأنبار

بغداد / وائل نعمة

يخطط تحالف”سُنّي”غير معلن في بغداد، يوصف بأنه مقرب من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، للسيطرة على الحكومات المحلية في المدن المحررة قبل الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في أيار 2018.

واستطاع التحالف الجديد تحقيق نجاحات في بعض المحافظات، وضمن مواقع في مفوضية الانتخابات الجديدة، لكنه بالمقابل فشل بإحداث تغييرات ملحوظة في إدارات محلية أخرى.
وتدافع التيارات السياسية، من أصدقاء التحالف الجديد ومعارضيه، عن نفسها من خلال تحريك دعاوى قضائية قديمة بحق مسؤولين، او تجيير مشاريع خدمية لصالح حزب معين.
ومؤخراً، استطاع محافظ نينوى نوفل العاكوب، الذي عاد الى منصبه بقرار قضائي بعد شهر من إقالته، تعطيل جلسة استجواب جديدة خطط لها معارضوه.
واضطر 4 أعضاء من المعارضة لعدم حضور الجلسة المقررة لاستجواب العاكوب، على خلفية صدور أوامر اعتقال بحقهم بتهم الإرهاب.
ويشكك معارضو محافظ نينوى في توقيت إرسال مذكرات الاعتقال، التي مضى على بعضها نحو 3 سنوات، الامر الذي دفع للاعتقاد بضلوع العاكوب بالامر مدعوماً من أطراف في بغداد.
بالمقابل يحذر مسؤولون في الانبار من”دعايات انتخابية”مبكرة، يقوم بها المحافظ الشاب محمد الحلبوسي، قد تؤثر على إرادة الناخب.
وتعرض الحلبوسي، الاسبوع الماضي، الى موجة انتقادات إثر قراره بحظر نشاط قناة معروفة اتهمته بالتورط بملفات فساد.
ويحذر مسؤولون في الانبار من محاولات لتزوير الانتخابات، مستغلين الاوضاع غير المستقرة في المحافظة وعدم تحديث أغلب السكان سجلاتهم الانتخابية.
ومنذ سقوط المحافظات الغربية والشمالية بقبضية تنظيم داعش في 2014، ومحاولات التغيير السياسي في هذه المناطق قائمة.
وفي خطوة هي الاولى من نوعها، صوّت البرلمان عام 2015 على إقالة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، لكنه عاد وقرر إقالة محافظ كركوك نجم الدين كريم في أيلول الماضي.
وأعفي أحمد الدليمي، محافظ الانبار السابق، من منصبه بعد تعرضه لإصابات بالغه في 2014، إثر سقوط قذيفة هاون قرب حديثة.
تحالف سرّي واعتقالات
بدوره يؤكد نائب عن القوى السُنية”وجود تحالف غير معلن بين قوى سياسية سُنية – لم يسمها- قد يكون متفقا مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بدأ بعملية تغيير في الحكومات المحلية ومواقع سياسية أخرى”.
ويقول النائب، الذي تحدث لـ(المدى) مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، ان”التحالف المخفي نجح بإقالة صهيب الراوي- محافظ الانبار السابق، وقام بتعيين محمد الحلبوسي بدلاً منه”.
ويضيف القيادي في اتحاد القوى العراقية ان”هذا التحالف فشل في إقالة محافظ نينوى نوفل العاكوب”، بعدما قرر القضاء إلغاء إقالته نهاية تشرين الثاني الماضي، وإعادته الى المنصب.
ويلفت السياسي السني الى ان”التحالف يضم وجوها قديمة خسرت شعبيتها، وتبحث عن حظوظ جديدة في الانتخابات المقبلة”، مشيرا الى ان”التحالف استطاع وضع محمد تميم في رئاسة اللجنة المالية في البرلمان بدلا من الحلبوسي، والحصول على مقعدين في مفوضية الانتخابات”.
بدوره يقول علي خضر، العضو المعارض في مجلس محافظة نينوى، لـ(المدى) إن”حكومة بغداد تدعم المحافظ نوفل العاكوب للبقاء في منصبه”.
ويستند خضر، في تحليله الاخير الى”صدور أوامر اعتقال بحق 4 أعضاء من المعارضة في المجلس بتهم إرهاب مضت عليها عدة سنوات”.
ويتساءل عضو مجلس نينوى، وهو احد المطلوبين بإحدى مذكرات الاعتقال، عن”سبب سكوت الحكومة كل تلك السنوات عن مسؤولين متهمين بالارهاب”، ويستدرك بالقول”لا جواب لذلك، إلا اذا كانت الحكومة تساند العاكوب”.
وجاءت مذكرات الاعتقال في وقت قرر فيه مجلس نينوى، تحديد موعد جديد لاستجواب محافظ نينوى، بعد شهرين من إقالة العاكوب.
لكنّ علي خضر، وهو عضو عن كتلة النهضة المعارضة التي تضم 21 عضواً من أصل 39 في المجلس، يقول إن”الاستجواب تأجل الى إشعار آخر بسبب عدم اكتمال النصاب، ونتوقع ان تصدر مذكرات اعتقال ضد كل المعارضة”.
ويؤكد عضو مجلس محافظة نينوى ان”مذكرات الاعتقال مزورة، وصدرت عن مركز شرطة غير موجود في الموصل”.
وكان مقربون من العاكوب توقعوا، منتصف تشرين الاول الماضي لـ(المدى)، بأن يلجأ الاخير الى”الانتقام”من معارضيه في حال عودته الى المنصب، بتحريك ملفات الفساد ومذكرات اعتقال سابقة.
وتتهم المعارضة العاكوب بإهدار مبلغ 80 مليار دينار، حصل عليها من بغداد خصصت لاستقرار المناطق المدمرة.
ويؤكد علي خضر ان”العاكوب أهدر تلك المبالغ بطريقة عشوائية ولم نجد اي مشروع خدمي”، مشيرا الى ان”المحافظ بات يتمتع بنفوذ واسع وشبكة علاقات، ويهدد كل من يسأله عن مصير الاموال بالاعتقال”.
من جهته يؤكد هاشم البريفكاني، عضو مجلس نينوى عن عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، بأن”الاستجواب وراءه دوافع سياسية”، رغم انه لاينفي وجود أخطاء في الادارة.
ويضيف البريفكاني لـ(المدى)”الوقت غير مناسب للتغيير، وهناك صراع سياسي على منصب المحافظ قبل إجراء الانتخابات”.
ويلفت الى ان”المعارضة تتصيد بالماء العكر وستستغل قضية النازحين”، موضحا بأن”وزارة الهجرة وباقي الوزرات المعنية بهذا الملف لاتكشف الاموال المخصصة للمحافظة بشكل واضح”.
وحول مذكرات الاعتقال التي صدرت بحق بعض اعضاء المجلس، يقول البريفكاني، وهو نائب رئيس اللجنة الامنية، ان”المذكرات صحيحة، وتأخر إلقاء القبض بسبب ان بعض المشمولين بالاعتقال لايحضرون الى المجلس وهم خارج المحافظة منذ عام 2015″.

دعايات مبكِّرة
إلى ذلك يسعى محافظ الانبار محد الحلبوسي، المدعوم من كتلة الحل البرلمانية، الى رفع رصيده في المحافظة قبل الانتخابات، بحسب مسؤولين هناك.
ويظهر الحلبوسي، بشكل دائم في جولات ميدانية داخل الانبار، منذ توليه المنصب قبل أربعة أشهر.
لكن فرحان محمد، عضو مجلس المحافظة، يقول إن”جولات الحلبوسي تقتصر على الرمادي والفلوجة، فهو يبحث عن الظهور لتلميع حزبه”.
ويؤكد محمد، في اتصال مع (المدى) أمس، ان”المحافظ لم يذهب أبداً الى المناطق المحررة في غرب الانبار، أو يزور المناطق الحدودية، وهو أمر مهم بالنسبة للمحافظة”.
وكان الحلبوسي التقى بشاب صنع مجسما صغيرا لـ”برج إيفل”الشهير، ونصبه وسط مدينة الرمادي، وتعرض، بفعل ذلك، الى موجة سخرية في صفحات التواصل الاجتماعي.
ووصفت قناة محلية موقف المحافظ بانه جاء للتغطية على”المشاريع الفاشلة التي قام بها”، وهو ما دفعه لإيقاف عمل تلك القناة في الانبار.
ويقول فرحان محمد ان”الحلبوسي حصل مؤخرا على 4 مليارات دينار بعد لقائه الاخير مع رئيس الوزراء حيدر العبادي”.
واستخدم المحافظ تلك الاموال لتشغيل مشاريع متوقفة في الرمادي، فيما الحكومة كانت قد وعدت المحافظة بإرسال 8 مليارات دينار، أي 30% من موزانة 2017 البالغة 17 مليار دينار.
ويحذر عضو مجلس الانبار من”عمليات تزوير مبكرة للانتخابات قد تشهدها المحافظة”. ويضيف”هناك أعداد كبيرة من النازحين، و70% من سكان الانبار لم يتسلموا البطاقة الجديدة للانتخابات”.
ورأى ان”ذلك سيسمح لأحزاب أن تستخدم البطاقات القديمة للناخبين التي يمكن التلاعب بها”.
ويتحدث فرحان محمد عن”إنهاء عمل اغلب المتعاقدين السابقين في المفوضية، واستبدالهم بآخرين تابعين لأحزاب وشخصيات عشائرية تمهيدا لتزوير الانتخابات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here