ما موقف المالكي من الانتخابات والاستفتاء والأزمة العالقة بين بغداد وأربيل؟

أكد نائب رئيس جمهورية العراق، الأمين العام لحزب الدعوة، نوري المالكي، أن “مسألة الاستفتاء انتهت بحكم المحكمة الاتحادية وينبغي بدء صفحة جديدة، لذا أدعو إقليم كوردستان والحكومة المركزية إلى الجلوس على طاولة الحوار تحت سقف الدستور”.

وقال المالكي في مقابلة خاصة أجرتها معه شبكة رووداو الإعلامية، إنه “لم يبقَ أي مبرر لعدم العودة إلى الدستور والبدء بالحوار، بعد أن انتهى الاستفتاء وبعدما حكمت المحكمة الاتحادية، وقبل الإقليم بذلك، وأصبح على الحكومة المركزية الآن أن تباشر فوراً الحوار على أساس الدستور، وأن تدعو الإقليم للجلوس على طاولة المراجعة لحل الإشكالات، وأعتقد أن الحكومة ستقوم بهذا الدور قريباً، كما أدعو الإخوة في الإقليم إلى ضرورة الانفتاح، والعمل في السياق القانوني والدستوري وتسليم عائدات الإقليم من النفط، وهي مقبولة مهما كان حجمها”.

وتابع أن “الكورد سيعودون شركاءً وإخواناً في هذا البلد، وليس صحيحاً أن من يعادي الكورد سيحصد أصواتاً أكثر بالشارع، ولا ينبغي أن يكون هذا المنطق حاكماً على طبيعة السياسة المعتمدة في التعامل مع الإقليم، فالإقليم جزء من العراق والشعب الكوردي جزء من الشعب العراقي، ويستحق أن نقدم له الكثير”.

ومضى بالقول: “أنا ضد قطع الإمداد أو الحصة عن إقليم كوردستان، ولكن حتى نكون واضحين فإن هذا مشروط بأن يسلم الإقليم أيضاً الواردات التي يحصل عليها، وعلى الحكومة أن تسلم حصة الإقليم كاملة وأن ترعى الإقليم كما ترعى أي جزء من أجزاء الشعب العراقي”، متابعاً: “لن نتوقف أبداً عن مساعينا لتقريب وجهات النظر وإيجاد الحلول من أجل تحقيق مصلحة الشعب العراقي بما فيه الشعب الكوردي”.

وأشار إلى أن “معاقبة الشعب الكوردي من أجل أن الحصول على أصوات أكثر في الانتخابات منطق معيب وغير جائز من الناحية الأخلاقية والوطنية والشرعية، فمعاقبة الشعب عملية باطلة وأود أن تصل الرواتب بسرعة إلى إقليم كوردستان من أجل إيجاد حالة من الاستقرار، فالناس بحاجة إلى ذلك، وبدون الرواتب لا يمكن للناس أن تعيش “، مبيناً أن “العمل السياسي الحقيقي يعتمد على الوصول إلى إرادة المواطن وعقله وقلبه من خلال طرح المشاريع والحلول، وليس عبر تعقيد المشاكل والاستفادة من زخم موجود ضد بعض القادة الكورد”.

وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: بدايةً، شكراً جزيلاً على إتاحة هذه الفرصة وإصراركم على الالتزام بالموعد، رغم سوء الحالة الصحية لسيادتكم، نبدأ من أن هناك أجواءً سياسية متشجنة في عموم البلاد، فما هي رسالتكم لكل العراق وإقليم كوردستان فيما يتعلق بمبادرة المصالحة الوطنية وإزالة الخلافات وتبديد التوترات؟

نوري المالكي: شكراً جزيلاً لكم، هذا سؤال وجيه ومهم ومصيري بالنسبة لهذه المرحلة بالنسبة للعراق كبلد والعراقيين كشركاء في هذا البلد، ومن الطبيعي أن نستفيد من الماضي وألا نقف عنده وألا تتكلس المواقف عند الماضي؛ سيما إذا اتضح لنا من خلال المواقف أن هناك ثغرات وسلبيات ينبغي أن توظف وأن نستفيد منها بهدف تعضيد وتعميق أواصر العلاقات الأخوية بين أبناء الشعب العراقي الواحد سواء أكانوا في عموم العراق ومكوناته أم في الإقليم والذين هم أخوة لأخوانهم العراقيين جميعاً، أزمات متوالية مرت على العراق منذ سقوط النظام وإلى الآن، أكثر من أزمة وأكثر من محاولة لإسقاط العملية السياسية مرت بها، ولكن التعاون الذي كان بين مختلف المكونات -والكورد أيضاً كانوا أساسيين في مواجهة هذه التحديات- استطعنا أن نتجاوز الكثير من المؤامرات ومحاولات إسقاط العملية السياسية واستطعنا أن نتعاون وأن نضع دستوراً للبلاد وهذا الدستور هو القيمة العليا لكل العلاقات التي تنظم وعلاقات الأطراف جميعاً مع بعضها واستطعنا إنهاء منظمات إرهابية برزت تحت عنوان مكافحة المحتل، وانتهت ثم القاعدة ثم جاءت لنا داعش ثم هذه الفتنة السياسية.

أنا لا أبرئ الساحة من أنها قد تفاعلت مع بعض القضايا بعيداً عن حسابات استراتيجية، فالسياسي يجب أن يتفاعل مع القضايا ليس باللحظة التي فيها وإنما بقراءته للمستقبل، فهل أن المستقبل بصالح الفكرة التي تتداول اليوم أم أن المستقبل بحتاج إلى شيء أعمق؟ ومستقبلنا العراقي يحتاج إلى علاقات وثيقة ويحتاج إلى إشعار أنفسنا بأننا مواطنون متساوون جميعاً أمام الدستور بالحقوق والواجبات وأنه لافرق بين من يتكلم العربية أو الكوردية أو المسيحية أو غيرها، وأنما الجميع أمام الدستور واحد، وهذه الحقيقة يجب أن تعمر وتعضد حتى تقام الدولة على أساس دولة المواطنة التي لا تعني أنها لا تحترم المكونات والقوميات التي يتشكل منها البلد، بل بالعكس دولة المواطنة تحمي وتصون هذه المكونات من أن تحصل عليها عمليات تجاوز أو إضعاف في ظل نظام ديمقراطي يستند إلى دستور صوت عليه الشعب العراقي. أنا لا أريد أن أقف عند الماضي وأسجل عليه ملاحظات كثيرة سواء أكان ما ارتكب في الإقليم أو في بعض مناطق العراق من محاولات إضعاف العملية السياسية وإسقاطها والتجمهرات التي حصلت والحالة الطائفية التي انتشرت، لكن أقول الحمد لله أن كل هذه الأمور انتهت وبقي العراق.

رووداو: إذا وفقاً لما تفضلتم به، لو تحدثنا عن الماضي لاستقاء العبر منه، فإنه كانت هناك انتهاكات للدستور سواء من جانب الحكومة العراقية أو حكومة إقليم كوردستان، فهل يؤيد السيد المالكي بدء حوار بناء الآن في العراق؟

المالكي: أنا لا أريد أن أفتح ملف من خرق الدستور. الدستور خُرِق، ولا أريد أن أدخل في موضوع كم خرق الإقليم الدستور وكم بقي من الدستور في الإقليم وهكذا، أنا أقول إن خطأ حصل بكل صراحة وأتجاوز الماضي كله، وأقول إن مسألة الاستفتاء خطأ حصل، وهذا فيه تجاوز على الدستور وانتهى وحكمت المحكمة الاتحادية بأنه باطل وما ترتب عليه باطل، وينبغي أن ننتهي من هذه الصفحة، وأن نبدأ بصفحة جديدة.

رووداو: فيما يتعلق بالصفحة الجديدة، أنتم من السياسيين العراقيين البارزين الذين يؤيدون بدء حوار بناء، لكن هل ترى أن هناك استجابة من قبل العراق لمبادرات إقليم كوردستان فيما يتعلق بهذا النوع من الحوار؟

المالكي: هذا ما أردت قوله، لما انتهينا من كلام الانفصال والاستفتاء وهذه القضية التي أضرت بوحدة وتماسك الشعب العراقي، بقي علينا أن نتجه اتجاها استراتيجياً وهو العودة إلى الدستور والجلوس حول طاولة الحوار تحت سقف الدستور، وأنا أدعو بكل صراحة الإقليم والحكومة المركزية إلى فتح الحوار ومعالجة القضايا على أساس الدستور وما يعطيه الدستور نعطيه وما يأخذه الدستور نأخذه وينبغي أن تروض القناعات لدى الطرفين بأنه لا بد من قبول الدستور كأساس لحل المشاكل، ماذا يقول الدستور؟ يقول إن المنافذ الحدودية من مسؤولية الحكومة المركزية يجب أن يطبق هذا، المطارات يجب أن تكون من صلاحيات وزارة النقل يجب أن يحصل ذلك، شراكة الإقليم من الواردات يجب أن تنفذ وحصة الإقليم من ميزانة الدولة يجب أن تكون وفق النسب السكانية، وأنا أقول إنه لم يبق هناك مبرر لعدم العودة إلى الدستور والبدء بالحوار، بعد أن انتهى الاستفتاء وبعدما حكمت المحكمة الاتحادية وبعدما قبل الإقليم بحكم المحكمة الاتحادية وهذا الحكم أنهى كل محاولات الانفصال حالياً سواء أكان في كوردستان أو المنطقة الغربية أو المنطقة الجنوبية، والعراق دستورياً غير قابل للتقسيم أو إفرازه إلى دول أو دويلات، وما دمنا قد انتهينا من هذا بقي علينا أن نعيش مرة أخرى في هذا البلد، مستفيدين منه متحاورين على أساس الدستور نعتز به وتعود العلاقات الطيبة، وليس صعباً أن نعود إلى ما ينبغي أن نكون عليه، وأنا أعتقد أن الخطأ الذي حصل سيجرنا إلى الصحيح ومهد لنا الطريق لنكون على أفضل حالات الصحة في التعامل بين جميع مكونات الشعب العراقي.

رووداو: هناك توجه في إقليم كوردستان يقول إنه متى ما تم الحديث عن الدستور فإنه لا يُنظر إليه كوحدة واحدة بل تتم تجزئته من أصحاب السلطة في العراق عبر تطبيق المواد التي تصب في مصلحة العراق وإهمال تطبيق البنود التي تصب في مصلحة الإقليم، برأيكم هل يمكن تلافي هذا الأمر بأن يلقى موقف سيادتكم انعاكسات في السياسة الجديدة للعراق سواء الآن أو للمستقبل بعد إجراء الانتخابات؟

المالكي: أنا أدعو أن نباشر الآن قبل الانتخابات، ولا أجد مبرراً لتأجيل قضية الحوار إلى بعد الانتخابات ما دمنا قد سلمنا بالدستور وضرورة الحوار وتوقفنا عن مسارات كانت غير صحيحة، فالآن يجب أن يبدأ الحوار على خلفية الشعور المشترك بالعلاقات والأخوة والشراكة الوطنية التي تجمعنا، أما تأجيلها إلى بعد الانتخابات فما المقصود منها؟! فوضع الإقليم لايتحمل، ويجب إجراء مراجعة سريعة لوضع الإقليم قبل فوات الآوان، والحكومة المركزية تستطيع أن تساعد الإقليم لمواجهة التحديات ولكن على الإقليم أيضاً أن يتقدم نحو الحكومة المركزية وأن يتفاعل معها وفق السياقات الدستورية.

رووداو: بعيداً عن المجاملة، من المعروف عنكم التعبير عن مواقفكم بصراحة، برأيكم من الذي يماطل في الجلوس حول طاولة الحوار؟ ومن هو الذي توجه إليه جميع هذه المطالب ببدء المفاوضات؟ فالإقليم يعبر بوضوح عن رغبته بالتباحث، والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا تدعو إلى البدء بالحوار دون أن يتحقق ذلك على أرض الواقع حتى الآن، لماذا؟

المالكي: سابقاً كانت الحكومة المركزية تشترط لبدء الحوار، الإعلان الإقليم عن انتهاء ورفض الاستفتاء، وهذا كان هو المطلب وربما كان هذا المطلب صحيحاً؛ لأنه أن يجري الحوار على أساس الدستور للبلد الواحد والإقليم يسير باتجاه الانفصال، عمل غير مجدٍ، ولكن بعد أن حكمت المحكمة الاتحادية وقبل الإقليم بحكمها بأن الاستفتاء انتهى وانتهت آثاره، فأعتقد أن الحكومة المركزية أصبح الآن عليها وبرغبتها وبموجب قرارها أن تبدأ الحوار وأن تدعو الإقليم للجلوس إلى طاولة المراجعة لكل القضايا العالقة التي كنا نعاني منها، اليوم الوقت لصالح حل الإشكالات وحل المشاكل، وأنا أعتقد أن الحكومة ستقوم بهذا الدور قريباً وليس بعيداً.

رووداو: لكنكم لم تردوا على سؤالي، ما الهدف من تأجيل الحوار بهذا الشكل؟ ثمة من يرى أن هذا الأمر مرتبط بجهة معينة للحصول على المزيد من أصوات الشارع العراقي، هل تعتقدون أن من يكون ضد الكورد يضمن الفوز في الانتخابات؟ وهل يفكر الشعب العراقي بهذه الطريقة المتعصبة؟

المالكي: لا؛ نحن لا نؤيد مثل هكذا منطق بأن يكون كل من هو ضد الكورد أكثر سيحصل أصوات أكبر، نعم، الكورد اليوم بعد هذا الذي حصل، يعودون وبشكل طبيعي شركاءً واخواناً في هذا البلد، وليس صحيحاً أن من يعادي الكورد، يأخذ أصواتاً أكثر في الشارع، ما دام الكورد متوجهين إلى مسار الدستور والتعامل الوطني وأخذ القيام بالواجبات، وأنا اعتقد أن هذا المنطق لا ينبغي أن يكون حاكماً على طبيعة السياسة المعتمدة في التعامل مع الإقليم، فالإقليم جزء من العراق، والشعب الكوردي جزء من الشعب العراقي، وهذا الجزء من الشعب العراقي والشعب العراقي جميعاً، الدستور هو ينظم العلاقة، ولذلك على الحكومة أن تباشر فوراً الحوار على أساس الدستور، والإقليم عليه أن يباشر فوراً، وأن يتقبل نتائج ما يقوله الدستور.

رووداو: من المتضرر من تأجيل الحوار؟

المالكي: كل العراق متضرر من تأجيل الحوار، لا نريد للحوار أن يتأجل أبداً، ما دامت هناك استعدادات ولكن إذا برز لنا من خلال الحوار، أن هناك تمرداً على الدستور، ورفضاً لبنوده ورفضاً لما ينظمه، حينها نكون جميعاً ضد الجهة التي ترفض الدستور.

رووداو: بعد تحرير العراق من داعش، وعلى خلاف الكثير من القادة السياسيين، تذكرتم دماء شهداء البيشمركة وقمتم بتثمينها، وهذا ما دفع الشعب الكوردي لاحترام هذا الموقف بعدم تجاهل هذه التضحيات، ومن هذا المنطلق، يأمل الكثير من المواطنين منكم القيام بمبادرات أكبر من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، ففي عام 2010 أدى الرئيس البارزاني دوراً إيجابياً فيما يتعلق بهذا الصعيد ومثله الرئيس الطالباني، فهل ستتحقق هذه التطلعات من قبل السيد المالكي قريباً؟

المالكي: أنا عندما قلت وذكرت دور البيشمركة في مواجهة داعش لم أقم بفضل مجاني على البيشمركة، لأنهم أيضاً ساهموا بقدر ما كانت الأمور تتسع أمامهم للمساعدة، والعشائر والحشد والجيش والشرطة، ومن الإنصاف أن يذكر كل من حمل السلاح ولو بأي قدر، ضد تنظيم داعش الذي كان يستهدف جميع العراق والعراقيين، أنا أؤيد ما تقول وأعمل عليه وتصريحاتي بهذا الاتجاه، وكلامي مع الأخوة المعنيين بهذا الاتجاه، وفي مجلس السياسات ومجلس الرئاسة تحدثنا عن هذا الكلام، ويجب أن نستفيد من الذي حصل نحو تحقيق قفزة إلى المستقبل فيها مصالحات حقيقية أساسية داخل المجتمع العراقي والعملية السياسية العراقية، وأعتقد أن لا أحد يتمرد على مبدأ المصالحة ومبدأ التسويات الذي ينبغي أن يكون، نحن في التحالف الوطني كانت لدينا مبادرة التسوية الوطنية، والتسوية الوطنية في الحقيقة ليست بين السنة والشيعة العرب فقط، وإنما بين كل مكونات الشعب العراقي والشعب الكوردي،هو جزء من هذه المكونات ينبغي أن تتم معهم أيضاً مبدأ التسوية والمصالحة نحو إيجاد بلد مستقر لأننا دفعنا كثيراً من الدماء والمعاناة، الكورد دفعوا والعرب السنة دفعوا والشيعة دفعوا، ولا يزال هنالك خطر الإرهاب وخطر التدخلات الخارجية بالشأن العراقي، أنا أعتقد أن واحدة من الأمور التي يجب أن نتصالح عليها ونتسامى باتجاهها هو قناعتنا بأنه لا أحد يريد لنا من الخارج أن نكون على مستوى عالٍ من العلاقات الطيبة والثنائية، إنما يجب علينا نحن أن نكون فيما بيننا كعراقيين من يبحث عن أفضل العلاقات الطيبة بيينا، أما الخارج فكل له حسابه وأجندته، أما أجندتنا نحن العراقيين أن نتصالح ونتسامى وأن نرتفع إلى مستوى العمل الوطني، حتى نقدم لشعبنا ما يستحق، الشعب الكوردي يستحق أن نقدم له الكثير.

رووداو: كان لديكم يوم أمس اجتماعاً رئاسياً موسعاً، وما علمناه أن الهدف كان دراسة جميع المشاكل داخل العراق ومن ضمنها الانتخابات، لكن لم تكن كل الجهات حاضرة، وهناك من أظهر على أنكم مع تأجيل الانتخابات، فهل هذا صحيح؟

المالكي: أنا أشد طرف متمسك بإجراء الانتخابات في وقتها وربما البعض، يجامل ويقول أريد الانتخابات في الظاهر، وربما في الباطن لا يريد الانتخابات، أما أنا فظاهراً وباطناً مع الانتخابات، لأنني أدرك أن تأجيل الانتخابات سيعطينا نتائج مدمرة للعملية السياسية، لأنه من يأتينا بحكومة جديدة وبرلمان جديد إذا لم يكن عندنا انتخابات برلمانية تتم على أساسها عملية الانتقال السلمي للسلطة، لقاء الأمس كان مخصصاً بالدرجة الأولى – ربما جرت بعض الأحاديث حول قضايا وطنية أخرى- ولكن الاجتماع كان مكرساً لمناقشة قضية الانتخابات، نعم برزت في الاجتماع وجهات نظر، بينهم (المجتمعين) من يقول لا نستطيع أن نجري الانتخابات للظروف التي نمر بها، قضية النازحين وقضية عدم الاستقرار ووضع كوردستان، والبعض الآخر يقول إن الوضع الحالي ليس أسوء من الوضع الذي جرت فيه الانتخابات في 2005 و2010، ويجب أن تجرى الانتخابات، ونحن الذين نتمسك بالانتخابات نقول للذين يريدون التأجيل -ونحن نحترم رأيهم باعتبار ظروف النازحين والظروف الأخرى المتعلقة التي ربما لا تساعد بقدر معين- قلنا لهم أعطونا مخرجاً قانونياً للتأجيل، وهل لديكم هذا المخرج؟ فكان الحديث في أغلبه منصباً على ما هو المخرج القانوني لتأجيل الانتخابات، وفي الحقيقة لم يعطنا أحد مخرجاً قانونياً لتأجيل الانتخابات، إنما الحكومة قررت أن الانتخابات في يوم 12 أيار ووضعت شروطاً أو ضوابط لإجراء الانتخابات ومنها النازحين ومنها الإعمار والسلاح الذي بيد الميليشيات وإلى غير ذلك من الأمور، لكن هذا القرار الذي اتخذته الحكومة ينبغي أن يذهب إلى البرلمان ويصادقه البرلمان ويذهب إلى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري، ولا ندري هل سيصادق البرلمان على يوم 12 أيار لإجراء الانتخابات أم سيعترض عليها وستكون القضية بين الحكومة التي تريد الانتخابات في موعده وبين البرلمان الذي يُحتمل أنه سيعترض على هذا التاريخ، لكن أقول لك بصراحة أن الأغلبية كانت مع إجراء الانتخابات لكن الموضوع لم يحسم بعد لأن حسم الموضوع بيد البرلمان حينما تعقد الجلسة البرلمانية.

رووداو: برأيكم هل الانتخابات هي عملية مطلوبة لذاتها فقط؟ وما هو تصوركم لمستقبل العراق بعد الانتخابات وما قد تحسمه هذه العملية؟ ما الذي تحلمون به فيما يتعلق بمستقبل البلاد؟

المالكي: أنا وكل إنسان مراقب وسياسي شريك بالعملية السياسية آمن بالديمقراطية كمسار لتداول السلطة بشكل سلمي يقف عن محطة الانتخابات باهتمام عالٍ، لأنه كيفما تكون الانتخابات وكيفما تعطي من النتائج ستكون العملية السياسية، سيما أنني متبني بشكل واضح الأغلبية السياسية وهي ليست أغلبية شيعية أو سنية أو عربية أو كوردية وإنما هي أغلبية تتشكل من الشيعة والسنة والعرب والكورد والمسيحيين والتركمان والشبك والصابئة والإزيديين، نحن نتبنى هذه القضية لكن كيف تحقق الأغلبية السياسية؟ هي تحقق من خلال الانتخابات، فإذا أدرك المواطن أهمية حل الإشكال الذي يمر به البلد منذ تأسيس الدولة العراقية الجديدة وهو المحاصصة، هذه المحاصصة السيئة الذي لم تعطنا نظاماً سياسياً مستقراً ولا أعطتنا حكومة مستقرة نريد أن نتخلص منها وفق السياقات الديمقراطية، فالديمقراطية تقول الأغلبية السياسية المتحققة هي التي تشكل الحكومة والآخر يذهب إلى البرلمان معارض، وتحقيق الأغلبية ينبغي أن يكون عبر بوابة الانتخابات، والانتقال السلمي للسلطة لا يكون إلا عبر الانتخابات، وإذا توقفت الانتخابات دخلنا في نفق دستوري لا يحل إلا إذا تدخلت الأمم المتحدة.

رووداو: في الماضي كانت هناك خلافات أو لنقل اختلافات مع السلطة الكوردية في إقليم كوردستان، لكنها لم تصل أبداً إلى حد قطع الأدوية عن مستشفيات السرطان مثلاً أو فرض عقوبات جماعية على الشعب الكوردي، هل هذا تكتيك متبع من قبلكم أم أنه تعبير عن الأخلاق السياسية للسيد المالكي؟

المالكي: أولاً الشعب الكوردي شعبنا، وأنا قلت مراراً للأخوة القادة الكورد، لو أن ما يحصل ينفق على الشعب الكوردي والله حتى لو كان فيه زيادة ليست خسارة، لأن الكورد تأذوا عبر التاريخ وقدموا ضحايا في الأنفال والكيمياوي وفي الجبال لكن حينما أصبحنا في دولة الدستور ونظمت العلاقات بين المكونات وبين المحافظات وبين الإقليم الذي أخذ بعداً رسمياً، الطريقة المعتمدة أن الثروة الموجودة في العراق جميعاً في الجنوب والوسط والشمال تجتمع في وعاء واحد اسمه “الموازنة” وهذه الموازنة يجتمع فيها عائدات العراق وتوزع وفق النسب السكانية، الكورد يأخذون حصتهم التي كانت قد أقرت في وقت سابق بنسبة 17% والآن الحكومة طرحت أن النسبة السكانية أقل، وهذه المسألة متروكة للبرلمان، لكن نحن ليس لدينا في الموازنة السنوية للدولة، شيء اسمه رواتب موظفي الإقليم أو رواتب البيشمركة، عندنا فقط أن حصة الإقليم هو 17% من مجموع العائدات بعد إخراج النفقات السيادية، تعطى للإقليم والإقليم يتصرف بها سواء للموظفين أو البيشمركة أو إعمار أو بناء أو زراعة أو صناعة، وقضية الرواتب هي واحدة من المفارقات مع الأسف التي استغلت استغلالاً سياسياً من بعض الأخوة الكورد السياسيين، أن الحكومة قطعت رواتبنا، والحقيقة أننا ليست لدينا فقرة اسمها قطع الرواتب، بل عندنا حصة 17% تعطى للإقليم والإقليم يتصرف بها سواء للرواتب أو غيرها، وفي مقابل ذلك على الإقليم أن يقدم ما ينتج من النفط إلى موازنة الدولة، أي يعطون ما عندهم من نفط، ويأخذون 17 %، سواء أكان هذا النفط 100 برميل أو مليون برميل، وهذا يشكل نسيج وحدة الدولة، بأن تجتمع كل العائدات وتوزع وفق النسب السكانية، فليس لدينا شيء اسمه قطع رواتب أو قطع أدوية، إنما الذي حصل مع الأسف الشديد ومنذ 4 سنوات تقريباً أن الإقليم ينتج النفط ولكن لا يسلم إلى موازنة الدولة عائدات النفط التي يستلمها، فكان من الطبيعي أن البرلمان والحكومة عندما تضع الموازنة ويكون الذي يقدم من الإقليم بالنسبة لواردات صفر، ستكون نسبة ما يحصل عليه الإقليم من الموازنة صفراً، فمن يتضرر بهذه القضية؟ يتضرر منها المواطن والبيشمركة والموظف الكوردي الموجود هناك، لهذا أدعو الأخوة في الإقليم إلى ضرورة الانفتاح، والعمل بالسياق القانوني والدستوري وتسليم عائدات الإقليم من النفط، وكم كانت فهي مقبولة وحتى لو لم يكن عندهم أكثر من 100 برميل هم يأخذون حصتهم كاملة، لأنه بالنسبة لهم كشعب عراقي اسمه كوردي أو اسمه عربي من حقه أن يعيش متساوياً مع الآخرين في موازنة الدولة.

رووداو: هل هذا يعني أنكم لستم مع سياسة قطع الرواتب والأدوية التي تنتهجه السلطة التنفيذية في العراق حالياً باعتبارها سياسة غير مناسبة؟ وأنكم تسعون للمصالحة وفتح الأبواب لتجاوز هذا التعصب؟

المالكي: نعم أنا في الحقيقة ضد قطع الإمداد أو الحصة عن إقليم كوردستان ولكن حتى نكون واضحين وصريحين هذا مشروط بأن يسلم الإقليم أيضاً الواردات التي يحصل عليها، فإذا سلم الواردات على الحكومة أن تسلم حصة الإقليم كاملة وأن ترعى الإقليم كما ترى أي جزء من أجزاء الشعب العراقي.

رووداو: حسناً، تفضلتم كثيراً بأن الراحل جلال الطالباني (رحمه الله) أبهر السياسيين والإعلاميين بأدائه، لماذا لا تصبحون حَكماً؟ فحكومة إقليم كوردستان بادرت بالاستعداد للجلوس حول طاولة الحوار وأنتم تؤيدون المصالحة الوطنية، لماذا لا تحسم هذه المسائل على طاولة الحوار فحينها حتى لو سأل السيد المالكي أي صحفي عن الطرف الذي يتحمل مسؤولية عدم حل مشاكل العراق، ألا ترى أن هذا يمثل حلاً؟

المالكي: كان هناك اجتماع لمجلس رئاسة الجمهورية بين الرئيس والنواب وطرحت هذه القضية، أنه كيف نحرك هذا السكون الموجود بين الإقليم والحكومة المركزية، فطلبنا من رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم أن يقوم بدعوة الطرفين للحوار بحضوره ومتابعته لكي نبدأ بحوار جاد على أسس دستورية وأعتقد بأن السيد رئيس الجمهورية سيقوم بهذا الدور، وأنا أتمنى على الإقليم وعلى الحكومة المركزية أن تستجيب وأن يجلسا على طاولة الحوار تحت سقف الدستور وليس خارج السياقات الدستورية.

رووداو: إذا لم يصغِ العراق لهذه المبادرة، سيادتكم وبعيداً عن أي منصب، شخصية سياسية كان لكم تأثيراً قوياً بعد سقوط النظام السابق وتقومون بقيادة حزب، ماذا سيكون موقفكم هل ستراقبون المآسي في العراق من بعيد عبر شاشات التلفزيون أم أنه سيكون لكم موقفاً من منطلق كونكم شخصية سياسية بارزة؟

المالكي: نعم، بالحقيقة سوف لن نتوقف أبداً، أنا شخصياً وكل من يؤمن بوحدة العراق، ووحدة الشعب العراقي ومصلحة العراق ومصلحة الشعب العراقي بما فيه الشعب الكوردي لن نتوقف أبداً في مسعانا من أجل تقريب وجهات النظر وإيجاد حلول للمشاكل لكي تنطلق عملية الإعمار والخدمات والاستقرار لعموم أبناء الشعب العراقي، لن نتوقف إن شاء الله ونستمر في الضغط على الأطراف جميعاً من أجل اللقاء والاجتماع على طاولة حوار تحت سقف الدستور وإعطاء الحقوق، لا نقبل للحكومة أن تأخذ من حق الكورد شيئاً، ولا نقبل للإقليم أن يأخذ من حق باقي المكونات شيئاً، وإنما جميعاً ينظم علاقاتنا الدستور.

رووداو: هل هذا يعني أنكم تماماً ضد أن يكون إرهاق المواطن الكوردي والإضرار به مادة ووسيلة لكسب الأصوات في الانتخابات؟

المالكي: لا، وأعتبر هذا المنطق وهذا المنهج معيباً وغير جائز من الناحية الأخلاقية والوطنية والشرعية، بأن أعاقب الشعب الكوردي من أجل أن أحصل على أصوات في الانتخابات، فلا يطلب الحق بالباطل، ومعاقبة الشعب عملية باطلة، يراد من خلالها أن أحصل على أصوات في الانتخابات القادمة، ليست هكذا تدار العملية السياسية، والعمل السياسي الحقيقي الذي يجب أن نتعلمه هو كيف نصل إلى إرادة المواطن وعقل المواطن وقلب المواطن من خلال طرح المشاريع وحلول المشاكل وليست على قاعدة تعقيد المشاكل حتى أستطيع أن استفيد من زخم موجود ضد بعض القادة الكورد.

رووداو: ماذا تتوقع أن يكون موقف الأطراف الأخرى سواء في الولايات المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا في حال تأجيل الحوار؟

المالكي: حسب مسموعاتي وهو المنطق الطبيعي طبعاً سواء أكان صدر من الجوانب الدولية: الأمريكية والفرنسية والبريطانية والأوروبية أو صدر من دول عربية أو إسلامية أو من قبلنا نحن كسياسيين؛ الكل ينادي بضرورة الجلوس للحوار، وأعتقد أن العالم بعمقه الديمقراطي يتفهم أن المشاكل حلولها ما عادت عبر فوهات البنادق والمدفعية والدبابات إنما عبر الحوار والمنطق والاحتكام إلى السياقات الدستورية والقانونية التي تحكم العلاقة بين مكونات الشعب العراقي، أنا أعتقد أن العالم كله يطالب بالتعجيل بإجراء الحوار بين الإقليم والحكومة المركزية لإعادة الأمور إلى نصاباتها الطبيعية وفق السياقات الدستورية.

رووداو: هل حزبكم حزب الدعوة وتيار الحكومة والمجلس الأعلى الإسلامي والحزب الإسلامي العراقي وحركة الوفاق قادرة على التوصل لاتفاق بشأن مشروع مشترك مع الأحزاب الكوردية سواء الاتحاد الوطني الكوردستاني أو الحزب الديمقراطي الكوردستاني أو حركة التغيير أو الاتحاد الإسلامي الكوردستاني أو الجماعة الإسلامية لإيجاد نوع من التعاون والتنسيق السياسي الجديد لإزالة الأزمات ويكون كفيلاً بإراحة الشعب الذي ضاق ذرعاً من الحرب الطائفية والصراعات بين المركز والإقليم؟ هل تعتقدون أن مثل هذه المبادرة سترى النور قريباً؟

المالكي: نعم، بالتأكيد ممكن، وبالتأكيد ضروري أن نقوم بهذا الدور، وكل هذه الجهات والأحزاب الشقيقة والصديقة والمحترمة لا بد وأن تمضي باتجاه إيجاد نسق جديد من التعاون والتكامل فيما بيننا من أجل إبراز وإنجاح مشروع وطني عراقي يحفظ وحدة العراق وسيادته ومصالح العراقيين جميعاً، وإنهاء هذه الحساسيات والخلافات التي أظهرتها بعض التحركات الطائفية، الجميع مدعو لضرورة عمل وطني بعيداً عن الخلفيات الطائفية أو العنصرية، فالعراقي كفء العراقي سواء أكان كوردياً أو إزيدياً أو مسلماً أو شيعياً أو سنياً، وهذه هي واحدة من المهام التي نحن نتحرك عليها ونتحدث مع إخواننا جميعاً، ومن خلالكم نخاطب الأخوة الكورد والحركات الكوردية، سواء الحزب الديمقراطي أو الاتحاد الوطني أو التغيير أو الجماعة الإسلامية وكل الأحزاب الكوردية بأن تنهض أيضاً من جانبها بهذا الاتجاه، باتجاه المشروع الوطني الذي يعطي الحقوق ويدفع الضرر عن المكونات التي تشترك في هذا البلد.

رووداو: السيد المالكي، ما عرفناه عنكم أنكم شخصية براغماتية، بالنسبة لهذه المبادرة التي تفضلتم بها حول المصالحة، ما هي مسؤولية سيادتكم في هذا الإطار وما هي مسؤولية السيد البارزاني وما هي مسؤولية السيدة هيرو إبراهيم أحمد وما هي مسؤولية المنسق العام لحركة التغيير، عمر سيد علي، وما مسؤولية تيار الحكمة؟ هل يمكنني معرفة ذلك؟

المالكي: ما دمنا نعتبر أنفسنا حركات عراقية بغض النظر عن الانتماءات القومية أو المذهبية، وما دمنا نصنف أنفسنا كحركات سياسية وطنية، علينا أن نفتح آفاق التعاون والتفاهم، وعلينا أن نعمل جاهدين متعاونين لغلق كل المنافذ التي يتسلل منها الخلاف والصراع، وعلينا أن نتعاون جميعاً على مشروع وطني يحترم إرادة الآخر الخارجي، ويقيم علاقات طيبة مع العالم الخارجي، ولكنه لا يكون امتداداً وتبعاً لهذا العالم الخارجي والدول الأجنبية، نريد علاقات طيبة معهم ولكن الأصل أن هذه الأحزاب الوطنية العراقية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن إنتاج وإصدار المشروع الوطني العراقي الذي يجمع ويوحد ولا يفرق.

رووداو: حسناً، حتى من الرؤية الإسلامية، فإن الذين يقومون بمبادرة طيبة يجازون بالكثير من الحسنات، صحيح أنني إعلامي ولست شخصية سياسية لكنني ضيفكم الآن في منزلكم، فهل يمكنني أن أتساءل لماذا لا يكون زمام المبادرة من قبلكم؟ غالباً ما أذكر السيد مام جلال كمثل أعلى حيث كان يدعو الأطراف المتنازعة إلى منزله خلال الصراع الطائفي، فهل يمكن رؤية قيامكم بجمع الجهات المتخاصمة في هذا المنزل أو في أربيل مثلاً؟

المالكي: قطعاً هذا عمل خير، والإسلام والإنسانية جميعاً تشجع عمل الخير وتدعو له وتدفع باتجاهه، فحل مشكلة بين مكونيين وبين إقليم وحكومة مركزية قطعاً عمل خير، يحقن الدماء ويخفف المعاناة ويعطي أملاً بالحياة للمواطن في كوردستان والجنوب والوسط والغرب، ويعطي الأمل، فالحياة بدون أمل تكون عقيمة، والعراقيون من خلال هذا التراكم في المعاناة بدأوا يفقدون الأمل وعلينا أن نتعاون من أجل أن نعطي العراقيين الأمل، في موضوع المبادرة أنا مبادر وأتحدث الآن، لكن المبادرة تحتاج إلى مبادرات وترويض بعض القناعات وإيجاد بعض الحلول لمشاكل لا تزال تعترض الطريق، لكنني أجد بأننا أصبحنا قريبين جداً من فتح باب الحوار بين الإقليم والحكومة المركزية بدعم وتشجيع وتسديد من قبل هذه الأحزاب التي تفضلت بذكرها.

رووداو: ما هي رسالتكم لحكومة إقليم كوردستان وللسيد نيجيرفان البارزاني وللسيد قوباد الطالباني؟

المالكي: أولاً، تحيتي لكل الإخوان في الحكومة “الأخ نيجير” ولكل الشركاء في حكومة الإقليم، وأود أن أقول شيئاً صريحاً، هو أن ما يحصل في الإقليم من تقدم يؤثر على العراق وما يحصل في الإقليم من سلبية يؤثر على العراق جميعاً، وبالعكس ما يحصل في بغداد من سلبية يؤثر على الإقليم، لذلك أتمنى لهم التوفيق وأتمنى لهم إيجاد حل لمشكلات بدت تتزايد وتتعاظم منذ حصول الاستفتاء ولحد الآن، وهذه الأحداث الأخيرة التي ظهرت في الشارع من عملية حرق لمقرات وتكسير وتخريب، نحن نحترم إرادة الناس جميعاً ولكن يبقى الأمر بيد الحكومة، وأن تتجه بسرعة نحو إيجاد حلول لمشاكل الناس المعيشية وإيجاد حلول لحالة القلق التي تنتاب أبناء الإقليم، ويجب أن تأخذ الحكومة بنظر الاعتبار كيفية استيعاب كل مكونات العملية السياسية، ويؤسفنا ويؤلمنا أن نقرأ مثلاً أن وزراء التغيير انسحبوا (من الحكومة) وأن رئيس البرلمان استقال، وأن متظاهرين ضربوا، هذه أحداث خطيرة نحن نتابعها بقلق كبير، ونعتقد بأن الحكومة ينبغي أن تأخذ خطوات باتجاه لملمة الوضع الكوردي، حتى يكون الوضع الكوردي جاهزاً لاستقبال عملية الحوار التي ينبغي أن تفتح مع بغداد لإيجاد استقرار نهائي للحالة في كوردستان.

رووداو: ما هي مسؤولية السيد حيدر العبادي؟ كما تعلم أنه كان يؤكد في يوم الثلاثاء من كل أسبوع على أنه سيرسل رواتب إقليم كوردستان في حين عندما خرجت الكوادر التدريسية في احتجاجات إلى الشارع قال إنه لا يمكن دفع الرواتب، فما مسؤوليته لكي يكون له دوراً إيجابياً وعدم تأليب الشارع الكوردي بشكل غير مباشر؟

المالكي: أنا بينت لك أن المشكلة المتوقفة، وأنني أود أن تصل الرواتب بسرعة إلى الإقليم من أجل إيجاد حالة من الاستقرار النفسي والناس بحاجة إلى ذلك، فبدون الرواتب لا يمكن للناس أن تعيش، ولكن بقيت عقدة؛ أنه لأعطيك الرواتب والحصة الكاملة يجب أن تعطيني النفط المنتج في الإقليم، فلو بادرت حكومة الإقليم بإعطاء ضمانات وبتقديم المنتج من النفط في الإقليم فعلاً واستلمت مقابلها حصة الـ17% كانت الرواتب دفعت بشكل طبيعي.

رووداو: حسناً، من المهم بالنسبة لي طرح المزيد من الأسئلة عليكم، رغم أنكم منهكون ولا أود إرهاقكم أكثر، لكن بحسب الكثير من المراكز والتقارير الصادرة من المنظمات، فإن أكثر من 180 ألف شخص نزحوا من قضاء طوزخورماتو وكركوك ومناطق أخرى وغادروا منازلهم، وتؤكد المنظمات أن القوات المسلحة وبعد أحداث 16 اكتوبر قامت بحرق الكثير من المنازل في طوزخورماتو وأجبرت المواطنين على النزوح، هل يمكن معرفة رسالتكم إلى هذه المناطق بشأن المآسي الواقعة؟ وحتى الآن لم تتم محاسبة أحد على الإضرار بالمواطنين وحرق منازل الأهالي في طوزخورماتو.

المالكي: يجب فتح تحقيق واسع، وأنا على علم بأن التحقيق بدأ في قضية من بدأ بعملية الحرق والقصف وحرق البيوت، هذه عملية تطهير عرقي، نرفضها رفضاً قاطعاً ونتمنى للكورد والتركمان والعرب أن يتعايشوا في كركوك وفي طوزخورماتو وفي كل منطقة، وأنا بصراحة أحذر من بروز بعض منظمات شبابية متطرفة ذات طابع متعصب ربما ستخلق مشاكل بين التركمان والعرب وبين العرب والكورد، وأتمنى أن يتفاهم الكورد والعرب والتركمان في هذه المنطقة، بدعم من الحكومة وبسيطرة مباشرة من الحكومة، لإيجاد حالة من الاستقرار، وتخفيف القلق والخوف لدى العوائل التي أصبحت مستهدفة، وما يحدث في طوزخورمانو يقلقنا بصراحة، سواء أكان ما يحدث للكورد أو ما يحدث للتركمان وحسب علمي أن لجنة تحقيقية وإجراءات بدأت تتخذ لمواجهة الذين يقومون بحرق البيوت.

رووداو: هل أنتم مع رفع حظر الطيران على مطارات إقليم كوردستان؟ ما موقف سيادتكم بهذا الشأن؟ هل ترون أن هذا عمل إنساني وإداري صائب؟

المالكي: انظر، يؤسفنا بصراحة وجود هذا الحظر على الطيران سواء في السليمانية أو أربيل، ونتمنى أن يكون الإقليم في أحسن حالات التواصل مع العالم، ولكن نرجع مرة ثانية إلى الأصل، أن هناك أزمة ومشكلة ومن يدير المطارات والمنافذ الحدودية؟ الدستور يقول إن المطارات والمنافذ الحدودية اتحادية، والإقليم يقول هي مسؤولية الإقليم، وهذه هي نقطة الخلاف، أنا قدمت نصيحتي للأخوان بأن يسلموا ما هو من مسؤولية الحكومة المركزية، والتمسك بما هو من مسؤوليتكم، وأعتقد أن الحكومة لا تمانع أن تكون إدارة المطارات أو الحدود فيها حضور كوردي موجود للإقليم أيضاً، لكن الأصل في أن هذه المواقع الاتحادية من مسؤولية الحكومة المركزية، وإذا لم تحل هذه المشكلة، ستبقى قضية الحظر على الطيران وتبقى عملية الحظر على المنافذ الحدودية، والوضع في الإقليم لا يتحمل الاستمرار بهذه الحالة.

رووداو: لكن وزير النقل في إقليم كوردستان، أكد أكثر من مرة الاستعداد لمجيء اللجان، لكن مع احترامي، في بغداد – وأنا الآن في بغداد- يتحدثون بهذه الطريقة دائماً، فهم يصدرون القرارات ورغم وجود الاستجابة لكنهم لا يطبقونها، هذا الأمر إلى أين يجر العراق وإقليم كوردستان ومسألة المصالحة؟

المالكي: أنا أؤيد ما تفضلت به، لوجود علاقة عندي مع حكومة الإقليم، أنهم أخبروا فعلاً بأنهم على استعداد لحل مشكلة المطارات وحل مشكلة الحدود وهذه تسعدنا وتشجعنا على ضرورة الاستمرار في الحوار بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم لإيجاد حل نهائي لهذه الأزمة.

رووداو: حسناً، يُثار موضوع محاربة الفساد في العراق كثيراً الآن من قبل السلطة التنفيذية، هل ما يقال بالصيغة الحالية التي يتم الحديث عنها في الإعلام هو موضوع إداري وعملي أم أن الأمر برمته جزء من الحملة الانتخابية؟

المالكي: الفساد يجب أن يُحارب، ولا نقبل لأحد بأن يسكت عن الفساد وليس فقط يدعم الفساد، عندنا مؤسسات مسؤولة يجب أن تُدعم وتقوى من أجل محاربة الفساد والفاسدين، ولكن الفساد لا يعالج بالصخب والضوضاء والدعاية الانتخابية، لأن هذه لا تؤتي نتائج في مكافحة الفاسدين، بقدر ما تشوه صورة العراق، والآن العراق نتيجة الحديث الإعلامي عن الفساد أصبح في منظور دول العالم، أن العراق فاسد بجميع موظفيه ومؤسساته، والعراق ليس هكذا، فيه فساد يجب أن يلاحق، ولكن أن يتحول مكافحة الفساد إلى إعلام وصخب وضجيج وتصفية حسابات بين الكتل والقوائم والوزارات والمكونات هذا شيء خاطئ، ونحن لا نميز بين فاسد وفاسد، بانتمائه الديني أو القومي والعرقي، والمؤسسات الموجودة لدينا، الفساد يحارب بهدوء من الجانب الإعلامي وبقوة في الجانب الإجرائي، وأنا اعترض على هذا الصخب الذي تحول إلى وسيلة حتى أن بعض الفاسدين في تقديرنا كما هو واضح أصبحوا هم، يدعون إلى مكافحة الفساد، إذا من هو الفاسد؟ إذا كان حتى الفاسدين ينادون بمحاربة الفساد، وأنا أطلب من الحكومة بصراحة ومن خلالكم حتى في الإقليم بأن الفساد يجب أن يعالج في المؤسسات وليس في الإعلام، وأن يعالج بالإجراءات الحقيقية التي تردع وليست بالإجراءات الدعائية الإعلامية، أو اعتبار مسألة الفساد أو غيره من الموارد التي يجب أن تستخدم في الحملات الانتخابية، فالانتخابات هي وسيلة حرة طيبة لاستقرار البلد، ولا ينبغي أن تتحول الانتخابات إلى وسيلة لتأجيج الشارع وتضخيم بعض الأخطاء وضرب بعض الأطراف تحت عناوين معينة.

رووداو: سؤالي الأخير بشأن نتائج الانتخابات المقبلة، من منطلق تجربتكم كيف سيكون شكل الحكومة المقبلة؟ وهل سيكون رئيس الوزراء المقبل من الحشد الشعبي أو مدعوماً من الحشد كما أشرتم إليه سابقاً؟

المالكي: لا يستطيع أحد أن يقول من هو رئيس الحكومة القادم الآن، لأن هذا الأمر متوقف على الانتخابات وصناديق الانتخابات وعلى رأي المواطن، فمن سيحقق الكتلة الأكبر سيكون المرشح لرئاسة الوزراء منه، ولكن هل نستطيع من الآن أن نقول من هو الذي سيحقق الكتلة الأكبر؟ قطعاً لا.

رووداو: هنا لا أقصد تحديد الشخص، بل سؤالي عن مكانة وموقع الحشد الشعبي وتأثير دعمه للشخص الذي يؤيده على الأصوات؟

المالكي: لا أستطيع ولا أحد يستطيع أن يقول إن الحشد الشعبي سيحقق الكتلة الأكبر، ولا دولة القانون مؤكدٌ أنها ستحقق الكتلة الأكبر، إنما هذه قضية مطروحة ومتروكة للانتخابات وثم للتحالفات بعد الانتخابات، وكانتخابات أولية لا يستطيع أحد أن يحقق الكتلة الأكبر إنما بعد الانتخابات ستجري التحالفات قبل الجلسة الأولى للبرلمان ففي التحالفات هذه سيتحدد من هي الكتلة الكبيرة، ثم تجلس الكتلة الكبيرة وتختار من بينها من هو المرشح لرئاسة الوزراء.

رووداو: هل بالضرورة أن يفوز بأغلبية الأصوات من يعتقدون أنه تم خلال فترة حكمهم القضاء على داعش وتجميد الاستفتاء؟

المالكي: لا، الأغلبية والمواطن حينما يقف أمام الدستور، في رأسه الكثير من القضايا ولا تكتفي أن تكون هذه الأمور هي التي تعطي صك الفوز في الانتخابات، إنما المواطن موزع الاهتمامات والانتماءات والتأييد ولا أحد يستطيع أن يضمن ذلك.

رووداو: بجملة واحدة ختامية، ماذا تقول للشعب الكوردي؟

المالكي: أنا أعيش هماً وألماً بصراحة لما أسمع ما يمر به الشعب الكوردي من حالة صعبة، بالجانب المعيشي وأعيش ألماً أن هذه الحالة إذا لم تعالج أخشى عليها أن تتطور، والشعب الكوردي الآن يعيش بحبوحة من الحرية والأمل والخدمات، أخشى إذا لم توجد حلول أن يخسر الشعب الكوردي هذه الفرصة، وأتمنى على قيادات الشعب الكوردي، أن لا تكون صاحبة خبرة في تفويت الفرص، فرصةٌ ثمينةٌ عند الشعب الكوردي على القيادة الكوردية ألا تفوت هذه الفرصة وأن تعمل جاهدة من أجل الحفاظ عليها حتى لا تنتهي.

رووداو: شكراً جزيلاً على هذه الضيافة، وعلى إجراء هذه المقابلة المفتوحة معنا، السيد المالكي نتمنى لكم دوام الصحة والعافية، أكرر شكري مرة أخرى.

المالكي: شكراً جزيلاً لكم، تحياتي لكم جميعاً شكراً.

تحرير: شونم عبدالله خوشناو

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here