غزل المالكي مع أربيل يثير التكهُّن بشأن تحالفات المرحلة المقبلة

بغداد/ وائل نعمة

تنتظر أطراف كردية أن يعيد نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ترميم التحالف الكردي / الشيعي، الذي تضرر بشكل ملموس جراء استفتاء الإقليم في أيلول الماضي.وأطلق المالكي، في مقابلة مع فضائية كردية، مواقف وصفت بالتحول في خطابه من حكومة إقليم كردستان.وتتحدث أحزاب كردية عن وجود اتفاق سري بين الحزب الديمقراطي والمالكي للدخول في تحالف جديد لخوض الانتخابات المقبلة.

ولا تستبعد هذه الاحزاب أن يكون المالكي قد وعد الديمقراطي بحل الازمة مع الإقليم مقابل التحالف الجديد.
يأتي ذلك، في وقت يواصل رئيس الوزراء حيدر العبادي إغلاق أبواب الحوار مع الإقليم منذ اندلاع الازمة بين الطرفين.
وتستعد رئاسة الجمهورية لرعاية لقاء جديد بين بغداد وأربيل، مطلع العام المقبل بإشراف من الامم المتحدة، لحل الملفات العالقة بين الجانبين.
وتحذر أطراف كردية رئيس الوزراء العبادي، من انتهاج سياسية “التجويع” ضد الشعب الكردي، التي فشل باستخدمها نظام صدام.
ولكن العبادي يواصل مطالبته حكومة كردستان لإعلان الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء نتيجة الاستفتاء، وتسليم المنافذ الحدودية والمناطق المتنازع عليها الى الحكومة الاتحادية.ولايمانع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقود حكومة الاقليم، التفاوض حول هذه الشروط، لكنه يتهم العبادي بالسعي لزيادة رصيده الانتخابي عبر استهداف إقليم كردستان، والتفوق على منافسيه داخل البيت الشيعي.
وكان العبادي لوح مؤخرا، بالتدخل للدفاع عن المحتجين في الاقليم على خلفية تقارير تحدثت عن سقوط قتلى وجرحى في السليمانية ومناطق تابعة لها.
وقال رئيس الوزراء، خلال مؤتمره الاسبوعي، إن على السلطات في كردستان “احترام التظاهرات السلمية، ونحن في الحكومة الاتحادية لن نقف مكتوفي الأيدي في حال تم الاعتداء على أي مواطن في الإقليم”.وتعليقاً على تصاعد الازمة بين الاقليم وبغداد، قال نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ان “معاقبة الشعب عملية باطلة، يراد من خلالها أن أحصل على أصوات في الانتخابات القادمة”. وأردف “ليست هكذا تدار العملية السياسية”.
وجاءت تصريحات المالكي مغايرة لمواقفه السابقة التي تبناها ضد إقليم كردستان خلال فترة حكمه، والتي بلغت ذروتها في التهديد باستخدام القوة العسكرية.
وحول تداعيات الاستفتاء، قال المالكي ان “مسألة الاستفتاء انتهت بحكم المحكمة الاتحادية وينبغي بدء صفحة جديدة، لذا أدعو إقليم كردستان والحكومة المركزية إلى الجلوس على طاولة الحوار تحت سقف الدستور”.
وتابع ان “الكرد سيعودون شركاء وإخواناً في هذا البلد”، داعياً الى أن “تصل الرواتب بسرعة الى إقليم كردستان من أجل إيجاد حالة من الاستقرار”.

التقارب مع المالكي
وحول المواقف الاخيرة للمالكي، قال النائب طارق رشيد، عضو كتلة الديمقراطي الكردستاني، ان “المواقف تظهر من خلال الكلام والافعال”، لكنه وصف كلام المالكي بـ”المعتدل”.
واضاف رشيد، في تصريح لـ(المدى) امس، “ننتظر من نائب رئيس الجمهورية ان ينعكس كلامه على مواقف التحالف الوطني في التعامل مع الازمة بين بغداد وأربيل”. واشار الى ان “علاقة الديمقراطي الكردستاني مع التحالف الوطني كانت قوية وجدية بعد 2003، لكنه تراجع عن اتفاقاته السابقة”.
وكان المالكي قد رفض، خلال لقائه مع السفير الأميركي دوغلاس سيليمان في تشرين الاول الماضي، استفتاء الإقليم ونتائجه، معتبرا انه “مخالف للدستور”. وأكد “دعمه للحوار غير المشروط لكن بعد أن يلغى الاستفتاء ،لأن لا قيمة للحوار مع بقاء الاستفتاء”.
من جهته يؤكد النائب زانا سعيد، عضو كتلة الجماعة الاسلامية الكردستانية، “وجود اتصالات ولقاءات سرية بين الحزب الديمقراطي والمالكي للدخول في تحالف ضد حيدر العبادي وقد يتطور الى ان يكون انتخابياً”.
واضاف سعيد، في حديث مع (المدى) امس، ان “التقارب اصبح واضحاً جدا في اللقاء الاخير الذي أجراه المالكي مع القناة الكردية”، معتبرا ان حديث المالكي “يمثل انقلاباً كبيرا على تصريحاته السابقة”.
ويرى النائب الكردي، الذي علقت كتلته مشاركتها في حكومة الإقليم بسبب التظاهرات الاخيرة، ان “الحزب الديمقراطي يبحث عن جهات تدعمه للبقاء في الحكومة”.
ويتابع زانا سعيد “المالكي قد يحقق للحزب هذا الهدف، ولايتشدد في المواقف معهم”. ولم يستبعد ان يكون الحزب الديمقراطي “وعد بدعم المالكي للحصول على الحكومة المقبلة مقابل حل بعض الاشكاليات مع الاقليم”.
وفي السياق ذاته، يقول محمد الصيهود، النائب عن دولة القانون، ان تصريحات نائب رئيس الجمهورية “لا تحتوي على جديد عن مواقفه السابقة”.
وينفي الصيهود، في تصريح لـ(المدى) أمس، إمكانية تحالف المالكي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، مشيرا الى ان “حلّ المشكلة في الاقليم يكمن بإقالة الحكومة الحالية وتعيين حكومة طوارئ”.واضاف النائب عن دولة القانون ان “تصريحات المالكي الاخيرة هي رسالة بان الكرد هم جزء من الشعب، ويجب التمييز بين الحكومة والشعب والاحزاب السياسية”.بدوره يعتقد عبد الحكيم خسرو، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني واستاذ العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين، انه “في حال حصل المالكي على اصوات كثيرة في الانتخابات المقبلة يمكن ان يقف ضد الولاية الثانية لحيدر العبادي”.
واضاف خسرو، في تصريح مع (المدى) امس، “هناك توافق بين رئيس الجمهورية ونوابه حول الموقف من اجراءات العبادي ضد الاقليم”. وتابع “اذا اراد الكرد الدخول مرة أخرى في العملية السياسية فعليهم ان يجيدوا اللعب هذه المرة”.
ويعترف عضو الحزب الديمقراطي بصعوبة إجراء حوارات في الدورة الانتخابية الحالية، عازيا ذلك الى “رفض العبادي لفتح باب اللقاءت مع القيادات الكردية”.

الخوف من الإفلاس
ويردف خسرو إن “العبادي يرفض الحوار بسبب عدم وجود أموال كافية لسد رواتب موظفي الاقليم، كما انه لايستطيع فرض إجراءات تقشفية، خشية على رصيده الانتخابي”.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية ان “الاقليم ملتزم بإخضاع المطارات والمنافذ لإشراف السلطات الاتحادية، وادارة مشتركة للمناطق المتنازع عليها”. واشار الى ان “كردستان تحترم قرار المحكمة الاتحادية حول قرار الاستفتاء، ولايحق لنا التعليق عليها ،لأنها ملزمة وباتة”. لكنه يستدرك بالقول إنّ “العبادي يرفض كل الفرص لأنه يريد تدمير كردستان لاستغلال المشاعر المشحونة ضد الإقليم للفوز بالانتخابات”.بدوره يقول النائب طارق رشيد ان “رئيس الجمهورية سيرعى حواراً بين بغداد واربيل بعد عطلة رأس السنة الميلادية، بإشراف من الامم المتحدة”.ويضيف رشيد ان “كردستان ليس لديها مانع بالتفاوض، لكن العبادي رفض بسبب مزايدات انتخابية وتنافس داخل التحالف الوطني”.
ويحذر النائب الكردي رئيس الوزراء “من استخدام سياسة التجويع ضد الكرد”. واشار الى أن “صدام حاول ذلك في عام 1991 وفشل في ذلك”، داعياً رئيس الوزراء الى “الالتزم بالدستور والجلوس على طاولة الحوار كالشجعان”.
ولم يعلق رئيس الوزراء حيدر العبادي حتى الآن على كلام رئاسة الجمهورية، التي أكدت أنها ارسلت دعوات لحكومتي بغداد والاقليم للحوار الفوري.
ويقول النائب عن دولة القانون محمد الصهيود إن “الحوار لن يتم إلا إذا تمت إقالة حكومة الإقليم الحالية”.
بالمقابل يؤكد النائب عن حزب التغيير أمين بكر “إذا أراد الطرفان الحوار فيجب على حكومة بغداد التنازل في صرف مستحقات الاقليم، وان تتنازل أربيل عن المصالح الحزبية”.
ويعتقد بكر، خلال حديث أدلى به لـ(المدى) امس، “وجود مشاروات في قضية المنافذ والمناطق المتنازع عليها قد تصل الى حل توافقي”، لكنه أكد ان “حكومة بغداد لم تحدّد حتى الآن الجهات التي ستتحاور معها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here