الاسلام حافظ على النسب واعتبرها قضية اجتماعية محترمة

نعيم الهاشمي الخفاجي
الشرع اﻹسلامي ونبي اﻹسلام يمنع التنكر للنسب لحفظ اﻷنساب، ان الشريعة اﻹسلامية نظمت العلاقات المجتمعية وحياة اﻹنسان من زواج وطلاق وحصر العلاقات الجنسية ضمن أطر وضعها الله سبحانه وتعالى والغاية حفظ النسب، اﻹسلام حدد اﻹرث وشجع على العلم والرقي، وامتازت في مدرسة ال البيت ع في التفرد في كل المجالات العلمية والاقتصادية اﻹمام محمد الباقر ع هو من اشار على الخليفة اﻷموي في سك عملة للدولة الاسلامية وفي عهد الامام جعفر الصادق ع درس الكيمياء والفيزياء والفلك وتلميذ الصادق ع جابر بن حيان علم يعرفه العالم الغربي قبل العالم العربي، ائمة ال البيت ع لهم الدور الاول في علم الرياضيات، اﻹسلام نظم حياة المسلم من خلال العبادات والمعاملات ووضع الفقهاء رسائل علمية إلى مقلديهم في كيفية العمل في العبادات اي الامور العبادية ووضع باب آخر للمعاملات للبيع والشراء، صحيح اﻹسلام جعل التقوى هي اﻷساس لكن هذه التقوى واﻹيمان لم ولن يلغي العامل الاجتماعي القبلي وحتى القرآن الكريم قال إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم، الله سبحانه وتعالى جعل القبائل لحفظ النسب والحسب وللتعارف، النبي محمد ص تزوج 9 نساء ليس حبا بالزواج ولكن لزيادة الروابط اﻷسرية مابينه وبين القبائل العربية والغير عربية، قضية الترابط والتعاون والتحالف مابين مجموعة من القبائل في حلف واحد لايعني صهر فئة الى فئة اخرى وسلب نسبهم واصلهم الى أب هو ليس ابيهم وقد وردت احاديث كثيرة عن الرسول محمد ص حول ذلك منها قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر. وهذا ابن خلدون قد اشار الى اختلاط الأنساب كيف يقع قال ابن خلدون (:اعلم أنه من البين أن بعضاً من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومه بجناية أصابها فيدعى بنسب هؤلاء ويعد منهم في ثمراته من النعرة والقود وحمل الديات وسائر الأحوال‏.‏وإذا وجدت ثمرات النسب فكأنه وجد لأنه لا معنى لكونه من هؤلاء ومن هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه وكأنه التحم بهم‏.‏ ثم إنه قد يتناسى النسب الأول بطول الزمان ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر‏.‏ وما زالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب ويلتحم قوم بآخرين في الجاهلية والإسلام والعرب والعجم‏.‏ وانظر خلاف الناس في نسب آل المنذر وغيرهم يتبين لك شيء من ذلك‏، فأفهمه واعتبر سر الله في خليقته‏، ومثل هذا كثير لهذا العهد ولما قبله من العهود‏، والله الموفق للصواب بمنه وفضله وكرمه‏)( مقدمة ابن خلدون) وجد العرب عبر تاريخهم طرق الى إثبات النسب يثبت النسب بعدة أُمور التواتر وذلك أن يتواتر هذا النسب من غير وجود مخالف ويكون له مستند صحيح ويشترط له شروط :1- وجود عمود نسب صحيح متصل 2- عدم وجود طاعن 3- شهرة هذا العمود في كتب التاريخ والأنساب.المرجعية العليا المتزعمة لشيعة ال البيت ع حرمت الانتساب الى أب ثاني او الادعاء بذلك فقد اجاب السيد الامام علي السيستاني اعزه الله على سؤال من أحد مقلديه حول ان البعض يدعي في النسب انهم سادة وقضية النسب هي عامة تشمل الاصل القبلي الانتساب سواء للسادة ذرية الرسول محمد ص او لعامة القبائل الاخرى وقد اجاب السيد الامام علي السيستاني اعزه الله بما يلي (بسم الله الرحمن الرحيم مكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله الوارف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فقد انتشرت في زماننا هذا ظاهرة ادعاء ( السيادة ) اي الانتساب الى ال البيت ( عليهم السلام ) عند اناس ينتمون إلى عشائر واسر لم تكن معروفه من قبل بذلك ، وقد كثر الاختلاف في بعض العشائر بين من ينفي سيادتها ومن يثبتها ، ونجم عن ذلك مظاهر سلبية اجتماعية كثيرة بين المؤمنين من مهاترات شديدة واحراجات بالغة بل وقطع صلة الارحام في حالات غير قليلة ، ويحتج مدعو السيادة في الغالب بقصص وحكايات تزعم انتسابهم الى بعض الاسر العلوية المعروفة ويضيف اخرون الى ذلك التمسك باختبار الحمض النووي بزعم انه يثبت تفرعهم من اصول هاشمية ويساعدهم على ذلك بعض الباحثين في الانساب حيث ينظمون لهم شجره يلحقونهم فيها بشجرة بعض المعروفين بالسيادة من خلال التطابق في اسماء بعض اجدادهم ونحو ذلك .فماهو توجيه سيدنا المرجع الاعلى (دام ظله) في هذا الموضوع الخطير الذي اصبح ظاهرة اجتماعية مغلقة ؟جمع من المؤمنين بسم الله الرحمن الرحيم لا يجوز ادعاء السيادة لمن ينتمون إلى عشائر واسر لم تعرف بالسيادة في مناطق سكناها بل عرفت بخلافها جيلا بعد جيل مالم يستندوا الى مستندات قديمة وشواهد واضحة تعد من المناشييء العقلائيهلحصول الاطمئنان بها ، وقلما يكون ذلك ،لما علم قديما وحديثا من حرص اهل هذا النسب الشريف على حفظه عموما ، واشتهارهم في بيئتهم نوعا ، وعدم ضياعه وخفائه فيها الا قليلا ، وليس في مقابل ذلك -مما يساق شاهدا على الانتساب – سوى امور لاتورث يقينا ولا توجب وثوقا ، بل اقصاها الظن والتخمين الذي لاحجه فيه شرعا ، كما لاحجه لقول الباحثين في الانساب الذين يعملون على الحدس والتضني في تنظيم شجراتها مثلما يحدث ذلك في هذا العصر احيانا ،ولا عبرة ايضا باختبار الحمض النووي في إثبات النسب البعيد فأن اقصى مايمكن ان يدعى اثباته به هو النسب القريب من قبيل انتشاب الولد إلى والديه فيما اذا عد طريقة علمية بينة لاتتخللها الاجتهادات الشخصية ومن المؤكد انه لايبلغ هذا المستوى في اثبات الانساب البعيدة .فعلى المؤمنين -وفقهم الله تعالى لمراضيه – الحذر من دعوى الانتساب بغير حجة قاطعة ورعاية الاحتياط والتثبت في هذا الامر المهم ،وليعلموا ان الله تعالى خلق الخلق اقواما من انساب شتى ولم يرخص في ان ينتسب المرء في غير ما ينتسب اليه . قال عز وجل ( ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله ) وورد في الحديث الشريف عن النبي ( صلى الله عليه واله ) اللعن على ( من انتمى الى غير ابيه ) والتشديد ( في ادعاء نسب لايعرف ) فمن شبه الامر على نفسه واقربائه فادعى النسب الشريف بغير حجة ظاهرة فقد ارتكب خطيئة ولم يبارك الله سبحانه وتعالى في انتسابه ولم يسعد به في دنياه وكان وبالا عليه في يوم القيامة , واذا تلقى بذلك جاها او مالا لم يستحقه فانما تلقى حراما وسحتا ،ومن تورع عن ذلك فقد وقى نفسه الخطيئة ووفد على الله تعالى كريما وقدر له تورعه ، ومن كان قد اخطأ من قبل وظن صحة عمله ثم رجع الى الحق فلا غضاضة عليه في خطئه ولكن عليه اذا كان قد اقنع به اخرين ان يرشد من اتبعه وليوثق ذلك حتى ترتفع الشبهة عنه ،ومن ثبت على موقفه الخاطيء واصر عليه صار خطؤه خطيئة وحمل وزره ووزر من تبعه ، وعلى ابناء العشيرة التي يدعي بعض افرادها ( السيادة ) من دون حجة قاطعة عدم تصديق دعواهم ،وعلى من اعتقد صحتها عدم الالحاح على غيره بقبولها وترتيب الاثار عليها , وعلى جميع الاطراف عدم جعل الاختلاف حول هذا الامر سبيلا الى المهاترات والمشاحنات وسببا لقطيعة الأرحام ، بل عليهم التعامل فيما بينهم بالرفق والحسنى ومراعاة الأخوة الإيمانية التي تجمعهم بغض النظر عن أية علقة أخرى والله الهادي الى سواء السبيل .17 ربيع الاخر 1438)(موقع السيد الامام علي السيستاني اعزه الله).لقد حرص الاسلام على حفظ النسب واعطاه المزيد من عنايته، وأحاطها بسياج منيع يحميها من الفساد والاضطراب، فأرسى قواعدها على أسس سليمة. فانه تعالى، وقد قضت حكمته السامية وسنته في خلقه أن يوجد الطفل لا حول له ولا قوة غير مستقل بنفسه، وغير قادر على القيام بشئونه، كان من عظيم رحمته أن يودع في الآباء حب الأبناء، فيظلوا مدفوعين بعامل خفي على رعاية أبنائهم، يحدوهم إلى ذلك وازع الحنو الذي لا ينازعهم فيه أحد، وعليه لقد حرص الإسلام حرصا كبيرا على سلامة الأنساب ووضوحها، وما ذلك إلا لحفظ كرامة الإنسان، وبناء اسر وأجيال ومجتمعات مسلمة تنعم بالوحدة والمودة والسعادة والاستقرار.يتجلى ذلك في مكافحة الإسلام للزنا الذي هو أحد الأسباب المهمة في اختلاط الأنساب، قال تعالى ]وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً[[2]، وأوجد عقوبة الجلد لمن تثبت عليه جريمة الزنى إن كان عزبا لقوله تعالى ]الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ[[3]، وقد ورد في السنة الشريفة التشديد على عقوبة الزنى، بحيث جعلت عقوبة الزاني المحصن هي الرجم حتى الموت، من ذلك قوله r: “البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مَائَة وَنَفْيُ سَنَة، وَالثَيِّبُ بالثيب جَلْدُ مائة والرجم” .(2)[4]ومن مظاهر عناية الإسلام بالنسب أيضا تحريمه التبني[5]لقوله تعالى ]ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[[6]. والتبني في الإسلام لا يعطي الطفل المتبنى أي حق من الحقوق الشرعية المترتبة على النسب الشرعي، وأولى الحقوق التي يجردها الإسلام منه هو حق النسب[7]فلا يثبت النسب لمجرد التبني، والتبني المنهي عنه هو أن يُدمج الطفل في العائلة التي تبنته بحيث يصبح شخصا من العائلة لا فرق بينه وبين أي شخص آخر من أعضاء الأسرة، فله الحق في الاسم والميراث والاختلاط، وتنطبق عليه قواعد المصاهرة، وغير ذلك، وكل هذه الأمور محظورة في الإسلام على أي شخص غير شرعي في الأسرة[8].ومن مظاهر حفظ الإسلام للنسب أن الفقهاء والأصوليين قد اعتبروا حفظ النسل أو النسب من مقاصد الإسلام الكلية الخمسة التي لا تستقيم الحياة بدونها وهي: حفظ الدين والنفس والنسل (أو النسب أو العرض) والمال والعقل[9].وقد امرنا الرسول r بالاعتناء بالأنساب والاهتمام بها وان لا نخلط في الأنساب شيئا يسبب لها التشويه والتعكير، وأمْرُ الرسول، هذا جاء على سبيل الفرض، فمن أقواله وهذه المرة نذكر لكم حديثا من انفسنا السنة نقلا عن رسول الله محمدص (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين). مع تحيات نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here