العبادي، المالكي والاكراد

منذ عام تقريبا والقوى السياسية العراقية تعد العدة بالتنسيق مع اصدقائها في الداخل والخارج لمرحلة الانتخابات البرلمانية المقبلة والمقرر اجراؤها مبدئيا في أيار من العام 2018. وفي هذا الاطار تعمل القوى السياسية العراقية على مسارين مختلفين، المسار الأول، محاولة تأجيل الانتخابات اما لعدة اشهر او حتى لعام واحد من اجل كسب الوقت والاستعداد الجيد لذلك الاستحقاق الوطني. والمسار الثاني، العمل بما يتوفر من إمكانيات من اجل الاستعداد وترتيب الأوراق والدخول في السجالات الانتخابية المعهودة بمستوياتها المختلفة وفي جميع الاتجاهات.
ولهذا فان القوى السياسية وفي خضم حرصها على تأجيل الانتخابات تعمل ليل نهار من اجل ترتيب اوراقها قدر المستطاع فيما تبقى من المدة، وفي هذا السياق يمكن وضع التفاهمات الأولية والانشقاقات الحاصلة والتشكيلات الجديدة.
في الأيام القليلة الماضية اثار الانتباه التقارب غير المعهود بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني، الطرفان تناسيا ما بينهما من خصومة وعداء سياسي معلن، وتبادلا إشارات التقارب عبر وسائل الاعلام. ان ذلك التفاهم الاولي حتى وان تأتّى في اطار الخصومة مع العبادي الا انه يمثل خطوة ملفتة ومثيرة تسمح لكل من الطرفين فتح الباب امام تفاهمات اكثر جدية في مرحلة ما بعد الانتخابات، وتوفير مزيد من الخيارات تمهد لتحالفات تشكيل الحكومة. بمعنى ان محاولة المالكي من جهة والبارزاني من جهة أخرى استخدام بعضهما لاجبار العبادي على إعادة حساباته تلك المحاولة ساهمت في نهاية المطاف بتذويب جبل الجليد بين الطرفين المتخاصمين علنا وسرا. لكن من المستبعد ان يعوّل كثيرا على تحالف من هذا النوع رغم ان التقارب مثّل خطوة غير متوقعة أساسا.
في ذات السياق أيضا وفي اطار الحديث عن الخصومة بين العبادي والمالكي لابد من التأكيد على انه متوقع جدا ان يحصل ضرب متبادل تحت الحزام بين العبادي والمالكي، هذا السقف من الخصومة جزء مألوف جدا في المرحلة الانتخابية خصوصا على الصعيد العراقي. فالعبادي بين الحين والأخر يغمز ويلمز في مؤتمراته الصحفية من جهة المالكي حول أخطاء المرحلة السابقة، والمالكي يقابله بتحرك مضاد هنا او هناك.
نعم ان ما بين الطرفين صراع واضح وليس خفيا، لكن مخطيء من يظن ان العبادي يسعى لاقصاء المالكي تماما عن المشهد حتى ان استطاع ذلك. هذا السقف من التفكير جنون سياسي لن يجرؤ عليه العبادي بالمطلق، لان العبادي أساسا مستفيد من وجود خصم قوي يمثل بعبعا لبعض الأطراف العراقية والإقليمية. ان احدى اهم أوراق العبادي هي وجود المالكي اساسا. من هنا فان سقف الضرب تحت الحزام والمشاكسات السياسية بين الطرفين ستبقى ضمن سقف معين.

جمال الخرسان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here