داعش يعود إلى الحويجة متسلّلاً ويصطاد ضحاياه عبر سيطرات وهميّة

بغداد / وائل نعمة

تتسرب فلول داعش الى الحويجة، التي تحررت قبل أكثر من شهرين، بشكل تدريجي بعد ان قاموا بحلق لحاهم وتخلوا عن الزي الافغاني.

كما عاد عدد من عناصر التنظيم الى الدوائر الحكومية وبعضهم عاد الى مواقع حساسة، مستغلين عدم وجود قاعدة بيانات واضحة بأسماء المسلحين والمتعاونين مع التنظيم.
ويلوم مسؤولون في كركوك الحكومة الاتحادية التي أبعدت قوات البيشمركة عن المدينة من دون تنسيق مسبق، التي كانت على اطلاع كافٍ بكل أسماء مقاتلي التنظيم والمتعاونين معهم في الحويجة.
وانسحبت القوات الكردية، منتصف تشرين الاول الماضي، بعد انتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها.
ويبدو أن المسلحين لديهم اطلاع مسبق بأغلب عمليات المداهمات، التي تنفذ في الحويجة والنواحي التابعة لها. إذ يعود عناصر التنظيم الى الظهور بعد انتهاء الحملة.
ويعتقد المسؤولون المحليون ان الدوائر الامنية مخترقة، وان بعض الموظفين يعملون في النهار مع الحكومة ويتعاونون مع التنظيم مساء.
ومنذ تحرير الحويجة، في تشرين الاول الماضي، لم تتوقف الحوادث الامنية، وتتصاعد بشكل تدريجي، حتى وصلت الى حد اختطاف بعض الاهالي. كما عاد التنظيم الى نصب سيطرات وهمية على الطرق الخارجية، وقام مؤخرا بقتل ضابط رفيع مع نجله، وقائد في الحشد الشعبي مع عائلته.

سيطرات وهميّة
ويؤكد أحمد خورشيد، القيادي في حشد الحويجة، أن”الاوضاع في القضاء سيئة للغاية”، مشيرا الى أن”القوات حررت المدينة لكن لم تقم بتطهيرها، وانشغلت أغلب القوات بعد عملية التحرير، بالازمة في كركوك والمناطق المتنازع عليها”.
ويقول خورشيد، في اتصال مع (المدى) امس،”هناك بعض القرى لم تدخلها القوات حتى الآن”. واشار الى أن”اغلب عناصر السيطرات الامنية يملكون 3 كلاشينكوف و4 شواجير، فيما يهاجم داعش تلك السيطرات بعدد كبير من الاسلحة الثقيلة”.
وشهد يوم الاحد الماضي، مقتل ضابط كبير في وزارة الداخلية وقائد بالحشد الشعبي في هجومين منفصلين وقعا على طريق واحدة قرب كركوك.
وأمطر مسلحون مجهولون نصبوا كمينا بين ناحية الرياض ومركز الحويجة، سيارة كانت تقل مدير مركز شرطة (قرية شريعة)، العقيد فاضل السبعاوي ونجله، وقتلهما في الحال.
وتتبع قرية شريعة الى بلدة الزاب الزراعية ضمن مدينة الحويجة، الواقعة على بعد 50 كليومترا الى الجنوب الغربي من مدينة كركوك.
وبطريقة مشابهة قتل مسلحون في اليوم ذاته وفي الطريق نفسه، زعيم قبيلة الجحيش في كركوك وزوجته وابنهما، بعد توقفهم عند حاجز تفتيش وهمي.
ويقول أحمد خورشيد ان”تلك الاعمال هي من أفعال الخلايا النائمة لداعش، التي مازالت تتحصن في نواحي الحويجة وخاصة الرياض التي تضم مناطق وعرة ومتموجة، وهي ملاذ للمسلحين منذ عام 2003″.
وتقع أغلب قرى ناحية الرياض ضمن سلسلة جبال حمرين المعروفة بجغرافيتها المعقدة.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قال، السبت الماضي، إن المعركة، التي يخوضها العراق ضد الإرهاب تحولت من عسكرية الى استخبارية ودعا العراقيين الى اليقظة والحذر.

سقوط الحويجة
بدوره يحذر مسؤول مطّلع في الحويجة من سقوط المدينة مرة اخرى بيد داعش اذا ما استمر توغل”فلول التنظيم”الى القضاء والنواحي الاخرى. ويقول المسؤول، الذي تحدث لـ(المدى) امس عبر الهاتف طالباً عدم كشف اسمه، ان”المسلحين عادوا الى المدينة واختلطوا مع السكان، والتحرير احتسب نصراً إعلامياً فقط”.
وتأجلت عملية تحرير الحويجة لعدة اشهر، بعد ان كان مخططا لها الانطلاق قبل عمليات الموصل في تشرين الاول من العام الماضي.
ويعزو المسؤول المطلع عودة بقايا داعش الى”عدم معرفة القوات الامنية بأسماء المسلحين والمتعاونين معهم”، لافتا الى ان”القوات الكردية كانت لديها اسماء التنظيم الذين يقومون بمساعدته”.
وكان نحو 1000 مسلح سلموا أنفسهم خلال عمليات تحرير الحويجة، الى قوات البيشمركة. لكن أنباء لم تتأكد، تحدثت لاحقا عن فرار بعض المعتقلين، عقب انسحاب القوات الكردية من كركوك.
ويؤكد المسؤول في الحويجة ان”عدم التنسيق مع قوات البيشمركة خلال عملية الانتشار في كركوك تسبب بضياع قاعدة المعلومات”. وأردف”هذا سمح للمسلحين بالتمدد في المدينة، بل عاد بعضهم الى الدوائر الحكومية”.
ويقدر مسؤولون وجود نحو 1000 مسلح مازلوا طلقاء في أطراف الحويجة وباقي اطراف كركوك الغربية والجنوبية. وعثرت القوات بعد تحرير الحويجة على ما بين 800 – 1000 جثة لمسلحي داعش، من اصل 3 آلاف كانوا يسيطرون على المدينة، بحسب التقديرات التي سبقت العملية العسكرية.
ويكشف المسؤول المطلع عن”تسريب للوثائق وأوامر اعتقال التي تصدر بحق مطلوبين في المدينة الى المسلحين”. ويؤكد ان”كل عمليات المداهمة تلاحق أشباحا، اذ يختفي المسلحون ثم يعودون بسبب معلومات سابقة تصلهم”.
وأعلن قائد عمليات كركوك اللواء علي فاضل عمران، نهاية تشرين الثاني الماضي، عن تنفيذ عملية أمنية لمطاردة عناصر تنظيم داعش الهاربين شمال قضاء الحويجة باتجاه ناحية الزاب.
وكان رئيس الوزراء أعلن، في 5 تشرين الاول، عن تحرير قضاء الحويجة من قبضة تنظيم داعش.
ويضيف المسؤول المطلع في الحويجة ان”بعض الموظفين والمسؤولين في القضاء، يعملون في النهار مع الحكومة، وفي الليل مع المسلحين”. ويتابع”المسلحون قسموا انفسهم بين من عاد الى داخل المدينة وهم من سكان القضاء. والاجانب العقائديون الذين يرفضون حلق اللحى بقوا في المخابئ وداخل المبازل”.
وأعلن قائد عمليات كركوك اللواء عمران، الاسبوع الماضي، عودة نحو 4 آلاف عائلفة الى مناطق الحويجة والرشاد والرياض. وكانت تلك المناطق خالية تقريبا من السكان.
ويرى المسؤول ان”عودة النازحين سيساعد على تخفي دواعش المدينة”، مؤكدا ان”هؤلاء يقدمون الدعم اللوجستي من المال والطعام والوقود الى المختبئين، والذين يملكون مقرات كبيرة ومعسكرات في اطراف الحويجة”.

حرق أوكار داعش
وفي السياق ذاته يقول نجاة حسين، عضو مجلس محافظة كركوك، انه”لايمكن لأحد ان يذهب الى الحويجة الآن ويعود سالماً”.
ويؤكد حسين، وهو أمين تيار الحكمة في كركوك، خلال اتصال مع (المدى) امس، ان”المسلحين يختبئون في مناطق أحراش كثيفة جدا ولايمكن كشفهم بسهولة”. واضاف”هناك بعض الاقتراحات لحرق القصب، لكن العملية تحتاج الى كمية كبيرة من الوقود لإشعال النار بتلك المزروعات بسبب أنها خضراء ومحاطة بالماء”.
وتمتد الحويجة على مساحة 9 كم مربع، وتضم 5 وحدات إدارية (نواحي). ويقوم اللواء 60 في الفرقة 20/جيش بمهمة حماية القضاء الى جانب لواء علي الاكبر (حشد شعبي)، لواء 27 (بدر. حشد شعبي)، واللواء 56 حشد الحويجة.
من جهته يؤكد محمد مهدي البياتي، قائد منظمة بدر/ محور الشمال، ان”القوات لاتستطيع ان تنتشر في مسافة مساحتها اكثر من 150 كم مربع. الأمر الذي يحتاج الى جهد استخباراتي ومساعدة من العشائر”.
ويضيف البياتي، في اتصال مع (المدى) امس،”هناك عمليات لملاحقة المسلحين، والسيطرة على الاوضاع الامنية لكنها تجري بشكل بطيء يشبه سير السلحفاة”. ونفى القيادي في بدر إمكانية عودة المسلحين الى العيش بين المدنيين، وقال”سوف يتم قتلهم بالحال، بالامس (الإثنين) قتلت القوات 7 مسلحين متهمين بالضلوع بقتل العقيد السبعاوي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here