كأنني حارس أمين لرائيين غابرين
زرتُ بلدانا و قارات ، فنسيت ظلي هناك
حانة مرفأ لملتقى غرباء مشبوهين وثوريين متقاعدين .
***
تنزهتُ عند ساحل بحر متقلب مزاج و أهواء
فنسيتُ خطوي فنارة من فوانيس للاجئين غرقى
للاستدلال على أجسادهم المطمورة
بين مدافن أمواج وأعمدة عواصف عمياء .
***
كنتُ جائعا متضورا
فطاردتُ قمرا عريضا و طازجا
خلته جبنا هولنديا لذيذا
فنسيتُ شهيتي هناك ، كذلك جوعي القديم .
***
داعبتُ خصلات حبيبتي الشقراء
فنسيتُ لمسة أصابعي بين توهج لمعانها و نكهتها
كفراشات زاهية وبراعم زنابق
تحوم حولها متماوجة مرحة بغبطة أطفال مبتهجين
***
حلمتُ أحلاما ملونة لماضيي السحيق
و كأنها فجأة اكتسبت حياة نابضة وعارمة
فمن شدة حلاوتها وروعتها
نيستها تحت وسادتي
شاشة مجسمة لليال قادمة .
***
اثناء تجوالي بين أقبية رغباتي المعتقة
ثمة زجاجة نبيذ لذكرياتي قد تشققت
من ضراوة حنينها نحوي
فنسيتُ ظمئي غارسونا مثابرا
يخدم نفسه بنفسه بكرم و مطلق صلاحيات !
***
قلت مرحبا أيها النهر الحلو والرشيق
يا مستوحدا مثلي ومتفردا بخلوتك الملكية ،
فتوقف منحنيا بقبعة زرقاء من حريرأفق مفعم
و حياني كصديق قديم
فنسيتُ ذهولي عند حافته مزهرية من قرنفلة نضرة
.
***
مضيتُ ابحثُ عن نفسي في قلب الظلام
فنسيت العالم و وجدت نفسي
كما كنتُ ولا زلتُ
كأنني حارس أمين لرائيين غابرين .
مهدي قاسم
.