هل فوز العراق على اليمن بلعبة كرة القدم تعادل حياة انسان ؟ اعتقد لا.

محمد رضا عباس
ماذا سيجني العراق اذا ربح دوري الخليج لكرة القدم ؟
ماذا سيخسر العراق اذا خسر فريقه كاس الدورة؟
الربح والخسارة في لعبة من الالعاب الرياضية ليس ماركة مسجلة لدولة معينة او فريق معين.
هناك فرق رياضية كبيرة تخسر الدوري , وهناك فرق دون ذلك تربح الدوري
ولكن في كلا الحالتين يخرج انصارهم وهم فرحين مستبشرين بوقت اللعبة , لانهم لا ينظرون الى خسارة فريقهم خسارة شخصية , والربح ربح شخصي , وانما لعبة هدفها خلق المتعة في نفوس المشجعين لفترة ساعتين او ثلاثة.
لعبة كرة القدم او أي لعبة رياضية أخرى لم تأسس من اجل زرع الاحزان في قلوب الإباء والأمهات والاخوات .
ربح لعبة في كرة القدم , شيء جميل , ولكن يجب ان لا يكلف أرواح بريئة .
لا يوجد فريق رياضي يربح اللعبة الى الابد , ولا يوجد فريق رياضي يخسر اللعبة الى الابد .
لابد وان يكون هناك رابح وهناك خاسر في جميع الألعاب .
خسارة الكاس هذا العام قد يقود الى ربحه في العام القادم , ولكن قتل نفس بريئة بسبب اطلاق النار العشوائي من قبل المبتهجين بالنصر سوف لن ترجع أرواح المتوفين ولا تمحي اثار إصابات الجرحى .
ما ذنب صبي عمره 14 عاما ان يقتل بسبب الاطلاقات النارية؟
ما ذنب إصابات 20 اخرين بإصابات مختلفة , البعض منهم في حالات حرجة؟
ان من يطلق العيارات النارية من خلال مسدسه ورشاشته في المناسبات العامة وبالأخص بعد فوز بلعبة رياضية انما يستهزئ بأرواح الاخرين .
ان من يطلق العيارات النارية , انما يستهزئ بألآم الأمهات والاباء المفجوعين بأولادهم .
ان مطلقي العيارات النارية في المناسبات الرياضية و المناسبات الأخرى , انما يستهزؤون بالقانون والنظام العام.
ان من يشاهد كثافة الاطلاقات النارية التي استخدمه بعض المنفلتين والمستهزئين بالقانون , يخرج باستنتاج لا شك فيه ان هناك الكثير من السلاح بيد غير امينة وغير مسؤولة.
ان من يستخدم سلاحه في مناسبة مثل فوز فريق كرة القدم او أي مناسبة أخرى سوف لن يتوانى باستعماله مع أي شجار يحدث بين طفلين ويتصالحا بعد ساعتين .
ما ذنب صبي عمره 14 عام ان يقتل , وما الجرم الذي جناه ؟
من سيرجع روح هذا الصبي ,و من سيجبر قلوب ذويه المفجوعين بفقدانه ؟
ان تربية طفل حتى يصبح صبي ليست بالهينة على الوالدين .
الا يفكر أصحاب المسدسات معاناة الام وهي تضع طفلها , تسهر الليالي على اطعامه وراحته , وتخفيف الامه عندما يمرض؟
الا يفكر هؤلاء المنفلتين ما حجم معاناة الأمهات والاباء مع كل سنة ينمو أطفالهم ؟
هل يعلم هؤلاء المنفلتين ما تأثير موت الصبي على زملاءه في محلته وفي مدرسته؟
هذا الصبي كان قد يكون فلاح يسقي الأرض ويقطف ثمارها من اجل ان يأكل الاخرين.
هذا الصبي كان قد يكون مهندس طرق وجسور يشارك الاخرين في تقدم البلد وازدهاره.
هذا الصبي كان قد يكون طبيبا يعالج امراض الاخرين.
لقد قتل هذا الصبي وقتل معه مستقبله واحلامه.
ان بقتل هذا الصبي قتلوا أحلام امه وابيه.
يوم تخرجه من الثانوية.
يوم تخرجه من الجامعة.
وقتلوا فرحة امه وابيه يوم خطوبته وزواجه.
كنت أتمنى على رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي على ان لا يصدر رسالة تهنئة الى الشعب العراقي بمناسبة فوز الفريق العراقي على اليمن, وانما كنت أتمنى ان يرسل رسالة تعزية ومواساة الى الشعب العراقي بمناسبة وفاة هذا الصبي وجرح العشرات من الاخرين , البعض منهم في حالة حرجة.
كنت أتمنى على رئيس مجلس الوزراء ان يخرج الى الشعب العراقي في بيان مواساة الى الشعب العراقي لما وصل به الشارع العراقي من انفلات امني غير مسبوق و لم يمارس في أي دولة متحضرة .
كان من المفروض ان يخرج رئيس مجلس الوزراء الى الشعب العراقي ويحذر المنفلتين من استخدام سلاحهم وسلاح احزابهم , كما كان يحذر ازلام داعش الإرهابي.
وكان من المفروض برئيس مجلس الوزراء تنبيه المواطنين ولاسيما المنفلتين بعدم اطلاق النار لا بمناسبة فوز ولا بمناسبة موت , لان هذه الظاهرة , انما ظاهرة غير حضارية , وحالة متخلفة , وتنشر الخوف والرعب في قلوب المواطنين.
انها ظاهرة تقتل وتجرح الأبرياء.
انها ظاهرة تكلف العائلة العراقية المال والاحزان .
وانها ظاهرة تكلف الدولة أموال طائلة لعلاج المصابين.
وانها ظاهرة تشير الى انفلات الأمني وخرق القانون , وهي حالة تطرد الزائر الأجنبي و المستثمر الأجنبي.
أتمنى على السلطات الأمنية اللقاء القبض على هؤلاء المنفلتين وإلقائهم السجن وعدم الالتفات الى العشائر والأحزاب التي تدعمهم .
العراقيون يحتاجون الفرحة , ويحتاجون الابتسامة ترسم على وجوههم , ولكن استخدام الدوشكة للتعبير عن الفرحة والبهجة لا يجلب الا الرعب والاحزان .
لا تجعلوا العراقيون يكرهون لعبة كرة القدم , بل يضطرون بالدعاء عند الامام الكاظم وأبو حنيفة النعمان بخسارة الفريق من اجل تجنب الاحزان.
يكفي العراقيون احزان 40 عاما , لنفرح , ولكن على الطريقة الحضارية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here