احزاب باطلة ومنظمات عاطلة

عباس الكتبي
بلغ عدد الاحزاب السياسية العراقية، المسجلة بالمفوضية العليا غير مستقلة للإنتخابات”204″حزباً، في آخر تحديث صدر منها يوم 25/12/2017.

من جهة أخرى، بلغ عدد المنظمات غير حكومية( مجتمع مدني)، والمجازة قانونياً “1796” منظمةً.
بسم الله ماشاء الله، عين الحارة باردة على العراقيين، هنيئاً لهم هذا الزخم الهائل من الاحزاب والمنظمات، وفيه دلالة بينة على اتساع الديمقراطية بالعراق في زمن قياسي جداً، ماسبقهم إليها أحد من العالمين!.

لكن هل هذا التعدد الكثير، هو أمر سليم ومستقيم، أم هو سقيم وأعوج وفوضوي؟
بكل تأكيد ان التعددية الحزبية هي حالة صحية للنظام الديمقراطي، ولكن بشرط أن تكون نافعة ومفيدة للمجتمع البشري، ويحب أن تقنن بقوانين تتضمن شروط وضوابط صحيحة، كما يجب على الحكومة أن تدعم المنظمات غير الحكومية حتى تكون أكثر تأثيراً وفاعليةً في المجتمع، وإلاّ فأن الأمر سيصبح فوضياً وعبثياً إلى حدٍ لا يطاق.

هنا سرعان ما يتبادر إلى الأذهان سؤال، وهو: هل حقاً أن هذه الاحزاب والمنظمات الكثير همّها وهدفها مصلحة البلد، وخدمة الشعب؟ فإذا كان كذلك فلمَ هذه الأزمات السياسية، والحروب، والمشاكل، والتردي الخدمي، والفقر، وكثرة البطالة، والفساد المالي والإداري، قد تحصل، المفروض ان وحدة الهدف تجمعهم وتدفعهم إلى الخير والصلاح؟!.
نجيب على هذا التساؤل المنطقي ببضعة أجوبة، الأول:
قال شخص ما، كنت أسير في شارع الحبوبي بمدينة الناصرية، حيث تكتظ فيه الناس لمراجعة عيادات الأطباء، يقول لفت أنتباهي كثرت القطع المعلقة على العيادات بأسماء الأطباء، مابين القطعة وأخرى نصف متر أو متر، فقلت في نفسي إذا كان لدينا هذا الكم الهائل من الأطباء، فلماذا الناس تعالج مرضاها في الخارج وتخسر آلآف الدولارات، ولماذا تستعين وتستدعي المستشفيات الأهلية كوادر طبية أجنبية؟! فأفهم أيها القارئ الكريم ما قصدته!.
الثاني: يقول الشيخ محمد حسن عليوي الخضري( ابو عفاف)، ممثل المرجعية الدينية في الناصرية، في كتابه”أوراق من السلطة الرابعة”، ط٣ ص٦٤:( ان سماحة المرجع الديني الأعلى الإمام السيد السيستاني دام ظله العالي، قلدني أوسمة رفيعة، مثل: يد الشيخ يدي، الشيخ لساني الناطق، انت لست وكيلي، بل أنت أخي، لا بل انت نفسي.. الخ.
في ص٩٦ من نفس الكتاب المذكور، في حوار مع جريدة الحدث، وكان المحاور الأستاذ صباح علال زاير، يقول الشيخ”ابو عفاف”في جواب بعد أن سأله المحاور، وكان من ضمن الجواب هذا القول:( رأينا عراقنا قد ذبح مرتين مرة على يد الطاغية ومرة على يد من أهلكوا الطاغية).
الثالث: ما قاله المتحدث بأسم المرجعية الدينية العليا، السيد حامد الخفاف: كل القوى السياسية وبدون استثناء، ان كانت شيعية أو سنية أو كردية، تتحمل المسؤولية كل بحسب حجمه النيابي والسياسي.

أيضا هذا ما أقرّ به وأعترف رئيس الوزراء السابق، وكذلك السيد الحكيم أقرّ بهذا الشيء عندما قال:(نحن نتحمل جزء من مسؤلية الفشل السياسي)، وحسناً ما فعل السيد عندما راجع نفسه، وقام بالخروج من المجلس الأعلى، وتأسيس تيار سياسي شبابي بدماء جديدة، عسى ولعل تنفع الناس وتخدم البلد.

أقول: لابد للأحزاب السياسية محاسبة نفسها ومراجعتها، أو التراجع إلى الوراء لفسح المجال لوجوه جديدة تقود البلد الى الأمام وبر الأمان، وإلاّ إذا بقيت هذه الوجوه على حالها، فستبقى الأحزاب باطلة والمنظمات عاطلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here