الزلزال يدفع سكان دربنديخان إلى النزوح داخل مدينتهم

عام جديد تحت الخيام:
الزلزال يدفع سكان دربنديخان إلى النزوح داخل مدينتهم
دشتي علي
في وقت كان المواطنون في مدن كردستان الأخرى يستعدون لاستقبال العام الجديد، كانت هناك عائلات في دربنديخان تودع عامها داخل الخيام.

قبل حوالي شهر من الآن ضرب زلزال قوي العراق وقد لحقت معظم الأضرار بمدينة دربنديخان بسبب قرب بؤرته من المنطقة.

جوان ناجي (42 سنة) لم تنم في منزلها ليلة واحدة منذ حدوث الزلزال، وعن ذلك قالت لـ”نقاش”: “تعرض منزلنا لأضرار كبيرة وقد تصدعت معظم غرفه وهي معرضة للانهيار”.

جوان التي تعمل في مهنة التعليم، نصبت خيمة كبيرة أمام منزلها وتقيم فيها مع ثلاثة عائلات أخرى من جيرانها، تقول: “لقد اثر بقاؤنا داخل الخيمة على أعمالنا ودوامنا، حتى ان اطفالنا تعرضوا لمشكلات بسبب ذلك”.

قضاء دربنديخان (55 كم جنوب شرقي السليمانية) هر إحد المناطق التي تعرضت لأضرار بالغة بسبب الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة في الثاني عشر من كانون الاول (ديسمبر) من عام 2017 وشمل المناطق الحدودية بين العراق وإيران.

وشهدت المدينة بعد الزلزال العنيف العشرات من الهزات بدرجات متفاوتة ما أصاب سكانها بالقلق والتوتر والخشية من البقاء في منازلهم.

إحصاء رسمي حصلت عليه “نقاش” من قائم مقامية دربنديخان يفيد بان أكثر من ألفي منزل من مجموع عشرة آلاف منزل تعرضت لأضرار، فضلا عن انهيار عدة منازل ومقتل اربعة مواطنين.

وامتلأت معظم أزقة المدينة بالخيام التي تسلم المواطنون بعضها من المنظمات والمؤسسات الخيرية وآخرون اشتروها من الأسواق بأموالهم، وآخرون صنعوا خيامهم من القصب والقضبان الحديدية والنايلون.

خضير رجب (59 سنة) مواطن عربي نزح قبل ثلاثة اعوام من بلدة المقدادية الى دربنديخان خوفا من مسلحي داعش وقد اجبره الزلزال على النزوح من جديد ولكن هذه المرة لا يبعد عن منزله سوى امتار قليلة كما يقول.

ولم يلحق الزلزال الاضرار بالمواطنين فحسب، بل عطل ثلاثة مراكز صحية من مجموع أربعة مراكز، كما أوقف الدراسة في مدرستين فيما تعرضت (17) مدرسة أخرى لأضرار وكذلك تعرض المعهد الفني في دربنديخان لأضرار وتوقفت فيه الدراسة، وعطل الزلزال ايضا شبكات الماء والكهرباء التي تعمل منها الآن 20% فقط.

وفضلا عن مركز القضاء تعرضت (52) قرية محيطة به لأضرار بحيث ادى الزلزال الى انهيار (48) منزلا و(145) إسطبلا ونفوق (550) رأسا من الماشية حسب قائممقام القضاء.

الكثير من الدوائر الحكومية ايضا نصبت خيما داخل الدوائر تأوي اليها أسوة بالعائلات، فدائرة الشرطة هي إحدى الدوائر الحكومية التي تعرضت لأضرار حيث ينام رجال الشرطة والسجناء في خيمة داخل باحة المبنى خوفا من حدوث زلزال وانهياره الأمر الذي يشكل خطرا على حياة السجناء او فرارهم.

ناصح حسن قائممقام دربنديخان قال لـ”نقاش” انه نظرا للأضرار البالغة التي لحقت بالقضاء كان ينبغي التعامل معه كمدينة منكوبة اذ يفوق حجم الأضرار إمكانيات ادارة المدينة بكثير.

وأضاف: “منذ بداية الحدث طالبنا بدعم الجهات الحكومية المعنية ومحافظة السليمانية الا اننا لا نملك حتى الآن الآليات الضرورية لمساعدة المتضررين وليس بإمكان جرافة وشاحنة واحدة تملكها البلدية القيام بجميع المهام”.

التقديرات الأولية التي قامت بها ادارة المدينة تشير الى ان الأضرار تقدر بأكثر من (21) مليار دينار، ويشكو بعض المواطنين من استجابة الجهات المعنية ويطالبون بتزويدهم بالخيام والمساعدات، وقد تجمع بعض المواطنين امام مبنى القائممقامية أثناء لقاء مراسل “نقاش” مع قائممقام القضاء وكانوا يقولون ان توزيع الخيم يجري حسب مبدأ المنسوبية.

حكيم دربنديخان ناشط بارز في المدينة تحدث لـ”نقاش” عن ان الحكومة لم تقم بخطوات عملية لخدمة المواطنين وقال: “يفتقر توزيع الخيام الى العدالة”.

الهزات الأرضية المتلاحقة صعبت أوضاع المواطنين ومع كل هزة أرضية يغادر عدد من المواطنين منازلهم ويلجأون الى الخيام وتسوء أوضاعهم النفسية أكثر، وقد زارت منظمة تنمية مهندسي كردستان دربنديخان من اجل طمأنة المواطنين حول كيفية اصلاح اضرار الزلزال والمنازل والمباني الأخرى وزودت السكان بالتعليمات اللازمة.

وقال د. محمد رؤوف رئيس المنظمة لـ”نقاش”: “معظم المنازل المتضررة التي غادرها أصحابها ليست بحاجة الى هدمها وإعادة بنائها من جديد، وقد زودناهم بتعليمات حول كيفية إصلاحها بتكلفة قليلة”.

منظمة الهلال الأحمر التركي أعلنت بعد الزلزال عن إرسالها أكثر من أربعة آلاف خيمة إلى اقليم كردستان، الا ان ناصح حسن يقول: “وزعت مؤسسة الهلال الأحمر التركي بالتنسيق مع الهلال الأحمر العراقي 110 خيمة فقط”.

وأضاف قائم مقام دربنديخان: “وصلت حتى الآن (512) خيمة الى دربنديخان من مجموع المنظمات والجهات المعنية ولا يسد هذا العدد حاجة السكان ما أدى إلى امتعاضهم”.

سد دربنديخان لم يسلم من تأثيرات الزلزال وقد أصبح احتمال انهياره الآن محل قلق بعض السكان، وحول ذلك شدد رحمان خاني مدير السد لـ”نقاش”على أن حالة السد مستقرة ولا خطر عليه، ولكن قد تزداد مخاطر انهياره في حال تجدد زلزال قوي وحدوث فيضانات.

نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم ونائبه قوباد طالباني زارا المدينة بعد الزلزال وقال قائممقام درينديخان إن رئاسة الحكومة خصصت مبلغ ملياري دينار للسد وقطاع الماء والكهرباء، فيما أعلنت الحكومة العراقية أنها خصصت مليارين (903) ملايين دينار للمناطق المتضررة من الزلزال في محافظتي السليمانية وديالى، الا ان قائممقام المدينة كشف انه لم يصل حتى الآن اي مبلغ من قبل الحكومة العراقية الى القضاء.

وينتظر المواطنون وإدارة دربنديخان الان مساعدات المنظمات والوفود الحكومية للاقليم والحكومة العراقية والتي تعهدت اثناء زياراتها للمنطقة بتقديم مساعدات، إلا أنهم يمضون ساعات الانتظار تحت الخيام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here