بقلم : شاكر فريد حسن
العراقية زينب الكناني ذو شاعرية محلقة وناعمة مرهفة الاحساس ، تفتحت زهرة موهبتها في العاشرة من عمرها ، حيث كانت تأخذ قلمها ودفترها وتخط خربشاتها بكل ما يصدر عنها من أفكار وأحاسيس وتوترات ، وطورت تجريتها وأغنتها بالمران والممارسة والمطالعة المتواصلة والقراءات الشعرية ، ولقيت الدعم والتشجيع من والدتها التي كانت تحثها على القراءة ، وتأثرت كثيرًا بالأديب اللبناني المهجري جبران خليل جبران .
زينب الكناني جاءت الى الحياة في بغداد العام ١٩٧٧ ، أنهت دراستها الجامعية بمجال هندسة الطيران ، وتعيش في السويد منذ العام ٢٠٠٦ ، وهي متفرغة للأدب والشعر ، وقد أثبتت حضورها ووجودها وتألقها في المشهد الشعري والادبي والثقافي العراقي والعربي ، من خلال المهرجانات والمنتديات ، ولفتت نصوصها الشعرية المرهفة والرقيقة انتباه النقاد والدارسين ومتذوقي الشعر ، الذين شجعوها وشدوا على يديها من اجل اصدار منجزها الشعري الأول الموسوم ” إمرأة برمائية “.
تتنوع موضوعات زينب الكناني ، فهي تهتف للوطن ، وتغني للحب ، وتحكي عن المنفى ، وتكتب في الغزل ، وعن الغربة والوجع العراقي ، والألم الانساني ، والشجون ، والأحزان ، وعن كل ما يجيش في صدرها ويتأجج في وجدانها وأعماقها ، ويؤثر فيها وعليها .
والفن السردي أغوى شاعرتنا البغدادية المغتربة زينب الكناني ، فأنجزت رواية ” أقراط مينا ” التي صدرت عن منشورات المتوسط في ايطاليا ، وتتجسد في الرواية تجربة المنفى والاغتراب عن الوطن ، من خلال بطلة الرواية ” مينا ” تلك الفتاة البغدادية المدللة والغنجة بطبيعتها ، التي ولدت ونشأت وترعرعت في كنف أسرة مثقفة .
واللافت أن زينب الكناني لا تحب القيود في الابداع والمفردات ، وهي تجود علينا وتتحفنا بقصائدها الحنينية العشقية الجميلة ، الشفافة بالفاظها ومعانيها ، التي تنساب فيها الكلمات انسياباً حلوًا وعذبًا ، وتتدفق بسلاسة واشراق شعري مصحوب بسمو تخيلي ، وتصوير تعبيري بفنية لفظية ، وتشهد على ذلك ومضاتها الشعرية المكثفة في ديوانها الشعري ، وفي قصائدها المنشورة على صفحات مواقع الشبكة العنكبوتية ، ولنقرأ هذا النص الجميل المكتوب باحساسها الرهيف ، المعنون ” أهو الحب …؟ ” .. حيث تقول :
تعطلني هذه الليلة
بذكرى لقاء ..
وأنا بخمار الخجل
أكرر على نفسي
غزلك
أقاسم روحي
فرصة همسك …
يا أنت .. كيف عرفت
الطريق الي
وقطعت وردة
عزلتي …؟
علمتني .. أن أشتاق
إليك ……
زينب الكناني شاعرة محملة بهموم وعوالم الحب والعشق والغزل الرقيق ، والوجع العراقي ، وتتميز بالدفق الشاعري العاطفي المكتنز بالانفعالات القوية والبوح الشعري الصادق ، وبث مكنونات هواجسها وخواطرها الوجدانية وتساؤلاتها الوجودية القلقة . وما قدمته حتى الآن يمثل تجربة شعرية رائدة ، وحلقة من ابداعها المميز ، وحروفها الشفيفة الآسرة المتسمة بالأناقة والمفعمة بالصدق والعفوية والشفافية :
قال :
ما زلت دومًا الوردة التي
تزدهي بألق الحرف
وحين أقرأه في عينيك
أخاف البحر ذاك الذي
يفشي على شاطىء الروح
أسرار الموج !
قالت :
اقرأ حروف اسمك
وأحلم بأسراب السنونو
تغرد عند بزوغ الفجر
التهاجًا بلقائنا المعهود
وتأتي قصاند الكناني في الوطن العراقي ، شديدة الحرارة والفوران ، ملتهبة ونابضة بالشوق العاصف ، وحبلى بمشاعر الوجع والحرن لما أصاب عراقها من تمزق وصراع واحتراب داخلي ، واغراق أرضه بأنهار الدماء وبحار المعاناة .
زينب الكناني شاعرة العذوبة والرقة والأنوثة والجمال الشعري الأخاذ ، وشاعرة الاحساس الراقي الدافىء ، وما يميزها أناقة الحرف ، وصفاء الروح ، وطلاوة الكلام والتعابير ، والصدق الوجداني العفوي الشفاف ، وتدخل قصيدتها في طور الصياغة والتركيب اللغوي والمعنى المجدد ، والتدرج التأملي الاشراقي الروحي .
تحية فلسطينية عابقة بزعتر جبالها وكرملها لشاعرتنا المتوهجة زينب الكناني ، مع التمنيات الخالصة لها بمواصلة المشوار والابداع النقي الصافي كصفاء روحها ، ونقاء قلبها واحساسها ، ونحن بانتظار المزيد من روائعك الشعرية النابضة بالحياة والأمل .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط