شعب يقتل نفسه.. يستحق مسؤول يسرقه!!

شعب يقتل نفسه.. يستحق مسؤول يسرقه!!

بقلم: مراد الغضبان

حالة الجهل التي يعيشها المجتمع العراقي اليوم لم يسبق أن وصل لها منذ تأسيس الدولة العراقية, وبالتأكيد كل هذا لم يأتي من فراغ بل هو تراكم طبيعي للسياسات التربوية والتعليمية الخاطئة والإنهيار التام في المؤسسة التعليمية ما أنتج عن نشأة جيل لا يعي أياً من واجبات المواطن ضمن بيئته المجتمعية ويتصرف وكأنه يعيش وحده في هذا البلد, ولا يعرف ما يريد وما هي حقوقه وواجباته.

قد يتهمني من يقرأ هذه الكلمات بالتشاؤم أو النظرة السوداوية تجاه المجتمع الذي أعيش فيه, لكن بالتأكيد سيمنحني العذر بمجرد أن يطلع على أعداد الضحايا من قتلى وجرحى عقب كل مباراة كرة قدم يفوز فيها المنتخب الوطني, وطريقة الشعب في التعبير عن فرحه وحزنه, من رمي للعيارات النارية بصورة عشوائية دون التفكير بالرؤوس والأجساد التي ستستقر بها هذه العيارات التي يطلقها.

في أعراسنا نرمي!! وفي أحزاننا نرمي!! وفي أنتصاراتنا نرمي!! وفي كل مناسبة نرمي!! دون أن نفكر  ولو لوهلة بالعوائل التي سنفجعها نتيجة طيشنا وتهورنا هذا!!؟؟

لا يقول البعض بان هذه الامور ناتجة عن قلة الوعي الديني, فهاهم رجال الدين قد بحت اصواتهم وهم يصرحون بتحريم هذه الممارسات وأعتبروها بحكم القتل العمد بل حددوا دية يتوجب دفعها جراء اقتراف هذه الاخطاء, والقانون أيضا حكم بالحبس ثلاث سنوات, كل هذا لم يكفي لردع الناس عن هذه الافعال.

لذلك أقول الشعب الذي يقتل نفسه يستحق مسؤول يسرقه, فكيف نطالب بمحاربة الفساد اذا لم تكن قلوبنا على بعضنا البعض, كيف نريد أن يرحمنا الله اذا لم نرحم بعضنا وكأننا نسينا قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).

الإحصائيات تؤكد أن العراق استورد ماقيمته 7 -8 مليون دلار من المفرقعات والالعاب النارية في فترة أعياد رأس السنة, ولنا أن نتصور كم عائلة ممكن اعالتها بهذا المبلغ؟ وكم دار ممكن أن نبني للمشردين؟ هذا بالاضافة للعديد من الظواهر السلبية التي تشهدها احتفالات رأس السنة من رواج المشروبات الكحولية وسكر الشباب في الشوارع والاختلاط بين الجنسين بشكل لا نراه حتى في المدن التي تشتهر بالدعارة وانتشار النوادي والبارات في جميع أنحاء العالم.

هذه بغداد مدينتنا وحبيبتنا يعز علينا أن نراها بهذا المظهر, بغداد المدينة الشرقية بعاداتها وتقاليدها الجميلة والروابط المجتمعية التي تجمع أهلها لا يمكن أن نتركها تنسلخ من ثوبها لتصبح مدينة للفساد والعري والتحرشات الجنسية والخمور الخ من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا, ليست هذه الحرية التي نطمح بتحقيقها, الحرية الشخصية لا تعني التجاوز على حريات الآخرين وتقييدها, بحيث أصبحت العوائل تخشى الخروج ليلة رأس السنة تجنباً لمشاهدة هذه المناظر المقرفة.

غياب القوات الأمنية ودورها في هكذا مناسبات يفتح المجال للشك.. هل هناك تعمد حكومي لتحويل المجتمع الى حالة السكر والانفلات الاخلاقي والغرق في الفساد؟ بحيث أصبح المسؤول يجاهر بفساده عبر شاشات التلفاز ولا يعير أي اهتمام لردة فعل الشعب وغضبه!! هل تعمدوا تخديرنا وشغلنا بامور تلهينا عن سرقاتهم ونهبهم لأموالنا؟

على كل حال ومهما كان السبب الذي أوصلنا لهذا الحال, فان النتائج الكارثية ستلحق بمستقبلنا ومستقبل أطفالنا لان البلد ماض من دمار الى دمار واقتصاده في تدهور متزايد وديونه في تصاعد والمصدر الوحيد لاقتصاده أي “النفط” سينفذ يوماً ما على ايدي السارقين والفاسدين وهاهو اليوم يرهن للشركات الأجنبية من أجل سداد ديون البلد, وقتها سنعود للبحث عن العمل في عمان ومدن البلدان المجاورة, وقتها سنسكر غصباً عنا ندماً وحسافة على بلد ما عرفنا كيف نصونه.. ولات حين مندم. 

سكاي برس

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here