الدولة الحديثة ودور الراي العام فيها

في ظل التطور السياسي والاجتماعي للمجتمعات كافة ازدادت الحاجة لان تلعب المنظمات الشعبية والجماهيرية دورها الحتمي لتطوير اداء الدولة وتنقية عملها من الشوائب التي ممكن ان تعلق به بمرور الزمن وتقادم افكار االاحزاب التي تتولى ادارة دفة الامور ,لذلك وجب هنا توضيح دور الراي العام الفاعل في ادارة الدول عمليا وسياسي .

مرت الدولة بتطورات كثيرة ومعقدة ,وقد بدات من شكل الحكومة الفردي سواء مااستند الى (الحق الالهي ) او مستندات اخرى ,يدعى بانه المصدر المخول للحكم والانفراد بالسلطة الى الاشكال الاكثر اعتدالا . وفي كل خطوة تتقدم فيها تتسع دائرة المشاركة ,سواء من خلال نظام يفسح المجال للمشاركة بشكل طوعي او تفرض عليه قهرا من خلال الضغط الشعبي .

وعلى كل حال فان القرن الماضي والحاضر شهد تطورا مهما في مساحة المشاركة الشعبية في مجال اختيار السلطة او تحديد وجهتها .

ولهذا التطور ظروفه وملابساته وتاريخه وامهم هنا هو تاثير دور الراي العام ضمن هذا التغيير.

لقد لعب الراي العام ادوارا مهمة في حركة هذا التغيير وطبيعة النتئج التي افضى لها , ولذلك بدا (ومع تطور الثقافة ووسائل الاتصال )يحتل اهمية فائقة في نظر السياسيين والاعلاميين وكل الذين يشتغلون على كسب الجمهور او العمل دون التقاطع مع آراءه ورغباته .

وقد انعكست هذه الاهمية من خلال تطور البحث العلمي على هذه المفردة المهمة وانشاء المؤسسات والاكاديميات التي تعمل على انضاجه وتحديد القواعد المناسبة لتكوينه او التصرف به الى الوجهة المطلوبة وقد تقاسمت هذا الدور اكثر من جهة ابرزها (السياسية والاعلام ).

دخل العراق الجريح بعد مرحلة التغيير في 9/4 الى فضاءات جديدة بدات تسمح بالمشاركة الجماهيرية ,بدات تنمو بشكل سريع ومتوازن لتصل الى المرحلة التي تكون فيها الحكومة نابعة ومولودة من رحم الشعب ,دون اي جهة اخرى وهذا المطلب وغيره من المطالب النبيلة والمشروعة لاياتي عبر منح مهبات وانما يتحقق من خلال النضال الجماهيري المتواصل والمطالبة الدائبة التي تقودها (قيادات مخلصة وطنية )بالاضافة الى تلاحم جماهيري واسع ,ان الوصول الى هذه النتيجة لايتحقق عبر الاماني او عبر الخطابات الحماسية والوعظية فقط .وانما له استحقاقاته الضرورية وقواعده المناسبة ,فاشاعة الوعي بحجم الحقوق المطلوبة ونوعها وضرورتها والادلة التي تؤكد شرعيتها ,يمثل الخطوة الاولى في هذا الطريق , كما ان ادراك الوسائل والاساليب الناجمة لعقلنة الجمهور بهذه المطالب وجعله يتفاعل معها ,خطوة اخرى لاتقل اهمية عن سابقتها وهكذا الخطوات اللاحقة التي اذا ما اكتملت فانها تحقق النتائج المرجوة .

ان مادة الراي العام تدخل في ميكانيكية تلك الخطوات بشكل فاعل وقوي ,لذلك تترشح ضرورة ماسة مفادها الاطلاع والتبصر ولو باجمالات عن هذه القضية الشائكة .

لقد لعب الراي العام اخيرا دورا خطيرا في تسيير الاحداث ومتابعيها الى الغاية التي يرجوها من وجوده وهي بحسب الحاجة لها اما ان يكون السير بها سلبا فالانحدار لاسامح الله واما بالايجاب وهو النجاح ان شاء الله تعالى .

اخيرا اتمنى ان يكون التوجه الى البناء والتطور من خلال ايجاد راي عام يتناسب مع المراحل المختلفة بتنوعها التي يمر بها البلد .

قاسم محمد الحساني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here