قصة قصيرة

سمعتها كواقعة حقيقية حصلت في النجف الاشرف يوم جائت عائلة من احدى الدول الشرقية للعراق لأداء الزيارة كعادتهم كل عام, حصل ان الاب المسن خرج لصلاة الفجر كعادته في الصحن الحيدري رغم برد يوم شتاء قارص ولكن يبدو انه جاء مبكرا ذلك اليوم فجلس القرفصاء ملتحفا عبائته بجانب الباب الكبير لمدخل الصحن بأنتظار فتحه للزوار والمصلين فأخذته غفوة قصيرة ليستيقض على صوت الآذان حينها وجد قطع نقدية معدنية وورقية متناثرة في حجره رماها اليه الداخلون ضانين انه احد المتسولين, جمعها مستغربا هذا الفعل بداية الامر لكنه وجدها بعدها مصدرا للكسب مضمونا مطمئنا فكتمها في نفسه وحين حان موعد رحيلهم للعودة الى بلادهم فاجأهم برغبته البقاء في النجف لحرصه على الدفن بجوار المرقد الشريف! عزّ على اولاده وعائلته فراقه ولكن احترامهم لطلبه هذا رضخوا له فودعوه على مضض مستغربين كيفية ضمانه مصرفه واقامته في هذا البلد الغريب عنهم وليس بعيدا انهم اكتشفوا سره من متابعته سرا فيما بعد ,
تذكرت هذه القصة وأنا أرى ان الكثير من مهجري المناطق الغربية يتذرعون بشتى الاعذار لعدم العودة الى مدنهم ودورهم وخاصة اولئك الذين احتلوا دورا او اراضي في مناطق معتبرة في بغداد او مدن العراق الاخرى أضافة الى ما انهالت عليهم من عطائات حكومية واهلية بل والكثير منهم اكتسبوا حرفا او عملا يمولهم للاقامة في مواقعهم هذه افضل مما كانوا عليه في مدنهم وقراهم السابقة فضلا عن امتيازات مدارس اطفالهم ومراكز علاج مرضاهم ودخلهم ومستوى معيشتهم. ولله في خلقه شؤون.
د. أحمد رامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here