جريدة الوقائـع تنشـر تشـريعاً محرَّفـاً والرئاســة تصــادق عليـه

بغداد/محمد صباح

اعترف مجلس النواب، أمس، بارتكابه خطأ فادحاً في النسخة المنشورة لقانون العفو العام. وأكد أن إقحام بعض البنود التي لم يصوت عليها أدى الى شمول 200 محكوم بالعفو.

وحملت اللجنة القانونية الدائرة البرلمانية والمتابعة التشريعية مسؤولية ارتكاب هذه المخالفة التي وقعت فيها إثر تضمينها التعديل الحكومي الذي أسقطه البرلمان في جلسته المرقمة 16 التي عقدت في آب 2017.
وأقر البرلمان قانون العفو نهاية آب عام 2016، على أن يدخل حيّز التنفيذ من تاريخ إقراره، في سابقة تشريعية استغربها مراقبون.
وتنص المادة (9 / رابعاً) من القانون على أن”تستمر اللجنة المشكلة في الفقرة (ثانيا) من هذه المادة باستقبال الطلبات مدة سنة تبدأ من اليوم التالي لصدور الأنظمة والتعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون على أن تنهي اللجان أعمالها خلال مدة سنتين من تاريخ صدور الأنظمة والتعليمات”.
لكنّ حكومة العبادي سحبت، في شهر أيار الماضي، التشريع بعد انتقادات لاذعة وجهها رئيس الوزراء للنسخة التي تم إقرارها. وكانت (المدى) قد نشرت، العام الماضي، إعماماً أصدرته وزارة العدل، بتاريخ 22 من آذار الماضي، تطلب بموجبه من سجن الناصرية التريث بالإفراج عن المحكومين وفق المادة 4 إرهاب الذين شملوا بإجراء العفو العام.
وأرفق الإعمام بتوصية مجلس الأمن الوطني، بتاريخ 15 كانون الثاني، الذي يحثّ على الطعن بقانون العفو بهدف منع الإفراج عن المحكومين بقضايا الإرهاب.
ويقول رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية النائب عمار طعمة إن”قانون العفو العام النافذ، الذي أقره مجلس النواب في شهر آب عام 2016، استثنى من الشمول بالعفو جرائم الإرهاب التي نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة وجريمة مقاتلة القوات المسلحة و جريمة تخريب مؤسسات الدولة”.
وأضاف طعمة، في تصريح لـ(المدى) أمس، أن”القانون الذي صوت عليه البرلمان في العام 2016 لم يشدد العقوبات على مرتكبي جرائم الخطف، مما دفع الحكومة لإرسال تعديلاتها على القانون للتشدد على جرائم الخطف، ومررها البرلمان في شهر آب من العام 2017″.
وتابع رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية”من ضمن التعديلات التي قدمتها الحكومة على قانون العفو العام، في حينها، التخفيف على بعض الجرائم الإرهابية التي حصلت قبل العاشر من حزيران 2014″، مبينا أن”التعديلات الحكومية نصت على أن الجرائم الإرهابية، التي سببت قتلا أو عاهة مستديمة لا تشمل بقانون العفو، بمعنى أن جرائم تخريب مؤسسات الدولة وجرائم محاربة القوات المسلحة، التي لم تؤدِ إلى قتل أو عاهة، باتت مشمولة بالعفو العام”، لافتاً الى أن”هذه الفقرة من التعديلات الحكومية لم يصوت عليها البرلمان وتم إسقاطها”.
ويضيف النائب عمار طعمة أن”الغريب بالموضوع، الذي اكتشفناه لاحقا، ان هذه التعديلات الحكومية، التي أسقطت ولم يصوت عليها البرلمان، أرسلت للنشر ويذكرأنها مصادق عليها، وهذا خلاف للحقيقة”. وتابع”بالإمكان مراجعة جلسة مجلس النواب رقم (16) في شهر آب عام 2017 في الدقيقة 17 إلى 31، التي تؤكد إسقاط هذه التعديلات والمقترحات الحكومية”.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع ان”اللجنة القانونية يفترض ان تكتب التعديلات التي حصلت وترسلها إلى الدائرة البرلمانية والتشريعية، التي ترسلها بدورها إلى هيئة رئاسة البرلمان والتي ترسلها إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها”. وتساءل”أين حصل الخطأ، هل في اللجنة القانونية أم في الدائرة البرلمانية والتشريعية؟”.
ويكشف رئيس كتلة الفضيلة ان”الدائرة البرلمانية أخبرتني صباح اليوم (أمس) الأربعاء أنها دققت بصحة المعلومات التي أدليت بها وأكدت لي أنها ستقدم مطالعة إلى رئيس مجلس النواب لتصحيح الخطأ بعد مراجعتها لتسجيل الجلسة التي تم التصويت فيها على تعديل قانون العفو العام”، نافياً علمه بالجهة التي ارتكبت الخطأ.
وكان النائب عمار طعمة قد طالب، في بيان أصدره يوم الثلاثاء، بالتحقيق ومحاسبة من أضاف إلى قانون العفو المعدل مادة لم يصوت عليها البرلمان، قال انها”سمحت بإطلاق سراح إرهابيين ومجرمين”.
ويتابع عضو لجنة الامن في حديث لـ(المدى) بالقول”تعديلات قانون العفو العام نشرت في جريدة الوقائع بتاريخ 14/11/2017، أي قبل شهرين، وسمعت من الإعلام نقلاً عن جهات مختصة إطلاق سراح أكثر من200 شخص مشمولين بإجراءات العفو العام”، مبديا تخوفه من إطلاق سراح أشخاص ارتكبوا جرائم لا يستحقون العفو عنهم.
ويؤكد النائب عمار طعمة”قدمت طلباً يحمل تواقيع 101 نائب الى رئاسة البرلمان من أجل التحقيق بالخطأ الذي حصل في قانون العفو العام”، مؤكداً أن”البرلمان سيصوت في جلسة يوم الأحد المقبل على تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على الخطأ، هل حصل عن قصد وعمد أم عن غفلة وإهمال”.
ويوضح النائب محسن السعدون، رئيس اللجنة القانونية، ملابسات الاضافة على قانون العفو العام بالقول”قمنا بتضمين مقترحات النواب في التعديلات الحكومية التي وصلت إلينا وتمت المصادقة عليها”، مضيفا انه”بعد عملية التصويت أرسل إلى الدائرة البرلمانية والمتابعة التشريعية”.
وأوضح السعدون، في حديث مع لـ(المدى) امس، أن”الدائرة البرلمانية وقعت على ما يبدو في خطأ بعد إبقائها على النص الحكومي، الذي أسقط في البرلمان، وتم إرساله إلى رئاسة الجمهورية التي صادقت عليه”.
ويؤكد رئيس اللجنة القانونية أن”هذا السهو، الذي حصل في الدائرة البرلمانية والمتابعة التشريعية، سيتم تعديله في السلطة التشريعية وتصحيحه”، مؤكدا أن”اللجنة القانونية لم تخطئ لأنها أخذت كل المقترحات التي قدمت لها من قبل النواب”.
بدورها ترد رئاسة الجمهورية على الخطأ الذي حصل في قانون العفو العام وتؤكد انها غير مسؤولة عن الخطأ الذي حصل بعد وصول القانون إليها، الذي يحمل تواقيع عدد كبير من اللجان بضمنها رئاسة مجلس النواب.
ويوضح أمير الكناني، المستشار القانوني في رئاسة الجمهورية، في تعليق أدلى به لـ(المدى) أمس، أن”مشروعات القوانين المصوت عليها في مجلس النواب تأتي إلى رئاسة الجمهورية بكتاب من الأمين العام لمجلس النواب وترسل ورقية وتكون كل أوراق القانون مختومة”.
ويضيف الكناني إن”أوراق مشروع القانون، التي ترسل إلينا، تكون مكتوبة بالطابعة ومختومة وموقعاً عليها، وتقوم رئاسة الجمهورية بتدقيق القانون من الناحية اللغوية ثم عرضه على رئيس الجمهورية الذي يصدر مرسوما جمهوريا يرسل إلى مجلس النواب وتحديدا إلى أمين عام البرلمان لنعلمهم بالمصادقة على القانون، كما نرسل نسخة أخرى إلى جريدة الوقائع العراقية”.
ويلفت المستشار في رئاسة الجمهورية إلى أن”الأمين العام لمجلس النواب يعتمد على تدقيق الدائرة البرلمانية التي تقوم مع اللجنة المختصة بمراجعة القانون بالاعتماد على التسجيل الصوتي للجلسة، ثم بعد ذلك يرسل إلى رئيس مجلس النواب، الذي يوعز إلى الأمين العام بإرساله الى رئاسة الجمهورية”.
ويؤكد أمير الكناني بالقول”دققنا قانون العفو العام المرسل من قبل مجلس النواب، وتأكدنا من صحته ومطابقته مع ما نشرته جريدة الوقائع العراقية”، لافتاً إلى أنّ”المشكلة التي حصلت في مجلس النواب بين المواد التي صوت عليها وبين المواد والفقرات التي سقطت، وبين المواد التي تتم إضافتها أثناء جلسة التصويت”.
ويشدد الكناني على”ضرورة تشكيل لجنة تحقيقية في مجلس النواب للوقوف على الخطأ الذي حصل، هل هو من اللجنة القانونية أم الدائرة البرلمانية أو من قبل جهة أخرى داخل البرلمان في حال وجود تغيير حصل على مسودة القانون”. ويؤكد مستشار رئيس الجمهورية أن”هذه المخالفة تدخل في باب العمل الجنائي”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here