ابو الغيط .. أن تهديد الإرهاب يظل هو أخطر ما يواجه المنطقة العربية

ويدعو لمضاعفة الجهد لتعويض ما فات واللحاق بالعصر

القاهرة – ابراهيم محمد شريف

اكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية على أن تهديد الإرهاب يظل هو أخطر ما يواجه المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية، وذلك على الرغم من وجود مؤشرات إيجابية مثل هزيمة داعش وإنهاء سيطرتها على معظم المناطق التى كانت تتحكم فيها فى سوريا والعراق و أن المعركة مع الإرهاب لم تنته ويمكن أن تطول لسنوات، خاصة مع توقع أن يغير الإرهاب من استراتيجياته وأدواته وطرق عمله .

جاء ذلك خلال القاء أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة أمام كلية الدفاع الوطني بسلطنة عمان تحت عنوان ( الجامعة العربية والأوضاع العربية الحالية ) طرح فى إطارها أهم عناصر رؤيته للمشهدين الدولى والعربى خلال المرحلة الحالية.

وصرح الوزير المفوض محمود عفيفي، المتحدث الرسمى باسم الأمين العام، بأن أبو الغيط أشار إلى ثلاث نقاط رئيسية عند تناوله للتطورات الجارية فى ساحة العلاقات الدولية وهي:

1- أنه ثمة تغير عميق يجرى فى قمة النظام الدولي، وأن عالم القطب الأمريكى الأوحد يتفكك لصالح عالم متعدد لم تتشكل توازناته بعد، وأن التنافس فى قمة النظام الدولى سينعكس على المنطقة العربية فى صور مختلفة.

2- أن العالم الغربى يشهد أزمة عميقة لها أبعاد اقتصادية واجتماعية أدت إلى ظهور حالة واضحة من التململ لدى قطاعات واسعة تنتمى إلى الطبقة الوسطى وصعود متسارع للتيارات الشعبوية، وهو الأمر الذى سيكون له تداعياته على العالمين العربى والإسلامي، خاصة وأن هناك فى الغرب من ينظر إلى المنطقة العربية من زاوية كونها تهديداً دائماً ومفرخةً للإرهاب والتطرف، وبالتالى فإن أخطر التحديات التى تواجه العرب فى هذا الصدد هى كيفية التعامل مع هذه الصورة الذهنية والعمل على تغييرها.

3- أن هناك جملة من التغيرات العلمية والتكنولوجية المتسارعة التى يشهدها العالم بما يضعه على أعتاب ثورة كبرى اصطلح البعض على وصفها بالثورة الصناعية الرابعة، وأن هذه الثورة ستكون لها تداعيات هائلة على المجتمعات العربية من النواحى الاقتصادية والأمنية والمجتمعية، وهو ما يستلزم دراسة أبعادها وتداعياتها المُحتملة على نحو دقيق.

وأوضح المتحدث الرسمى أن الأمين العام أشار من ناحية أخرى إلى أنه يمكن إجمال ملامح المشهد على الصعيد العربى فى خمسة ملامح رئيسية:

أولاً: أن المنطقة لا زالت تتعافى من حالة الاضطراب غير المسبوقة التى ضربتها فى عام 2011 والتى أدت إلى تحطيم دول وتمزيق مجتمعات، ودخول قوات أجنبية إلى أراض عربية بصورة لم تعهدها المنطقة منذ أزمنة الاستعمار، وتدخلات من أطراف من الجوار الإقليمى تسعى للهيمنة والسيطرة، وتراجعاً فى مكانة قضايا العرب الرئيسية وأهمها قضية فلسطين التى تمر اليوم بمنعطف خطير فى ظل محاولات واضحة لتمييعها وتفكيكها وتصفيتها.

ثانياً: أن الفترة التى أعقبت ما حدث فى 2011 أوجدت فراغاً هائلاً فى السلطة فى مناطق شاسعة يسكنها ملايين البشر، الأمر الذى أدى إلى سعى قوى، من داخل البلدان العربية أو من محيطها أو من العالم الأوسع، لتوظيف هذا الفراغ واستغلاله لصالحها، وهو ما أدى إلى تمدد داعش وسيطرتها على مناطق شاسعة فى العراق وسوريا، وبنفس المنطق يمكن فهم الأطماع الإيرانية فى المنطقة العربية. وأشار الأمين العام فى هذا الصدد إلى أنه لا سبيل لمعالجة هذا الوضع إلا من خلال إعادة تقوية الدولة الوطنية، مع الاعتراف فى ذات الوقت بأن بعضاً من الدول التى تعرضت لهزات خطيرة خلال السنوات الأخيرة قد تبنت أساليب للحكم والإدارة أسهمت فى إضعاف كيانها الوطنى الجامع عبر التمييز بين المواطنين على أساس دينى أو طائفي، وهو ما يؤكد أهمية أن يكون الحكم الرشيد هو الحصن الحصين الذى تعزز به الدولة الوطنية وجودها وأمنها، والإيمان بأنه لا شرعية حقيقية قابلة للاستمرار دون رضا المواطنين وشعورهم بالانتماء للدولة.

ثالثاً: أنه على الرغم من خطورة التهديدات التى تواجه المنطقة العربية، فإن قدرتها على حشد كافة مواردها وجهودها لمواجهة هذه التهديدات والتصدى لها ما زالت جد محدودة، كما أن هناك تبايناً واختلافاً بين الدول العربية فى رؤاها لمصادر التهديد ومكامن الخطر، ولا يوجد اتفاق على ترتيب واضح لأولويات التحرك الجماعى أو سبل المواجهة، وهناك غياب لآلية واضحة لمعالجة الخلافات العربية/ العربية، فى حين يستلزم الأمر ألا يتم التعامل مع الأمن الوطنى لكل دولة بمعزل عن الأمن القومى العربى الشامل. وضرب أبو الغيط المثل فى هذا الصدد بأن الصواريخ الحوثية، الإيرانية الصنع، لا تعد استهدافاً فقط للمملكة العربية السعودية، ولكن تشكل أيضاً تهديداً للدول العربية جميعاً، وأن قضية القدس لا تخص الفلسطينيين وحدهم وإنما العرب كافة، وتعرض مصر لخطر يهدد أمنها المائى يعد تهديداً للامن القومى العربى وخصماً من القوة العربية الشاملة.

رابعاً: أن تهديد الإرهاب يظل هو أخطر ما يواجه المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية، وذلك على الرغم من وجود مؤشرات إيجابية مثل هزيمة داعش وإنهاء سيطرتها على معظم المناطق التى كانت تتحكم فيها فى سوريا والعراق.

وأوضح الأمين العام أن المعركة مع الإرهاب لم تنته ويمكن أن تطول لسنوات، خاصة مع توقع أن يغير الإرهاب من استراتيجياته وأدواته وطرق عمله، الأمر الذى تحتاج معه البلدان العربية إلى استحداث أساليب عمل جديدة واستراتيجيات مختلفة لمكافحته، مع تجفيف منابع الإرهاب لاجتثاثه من جذوره.

خامساً: أن الصورة العربية ليست كلها قاتمة، فهناك ما يشير إلى وجود إرادة أكيدة لدى الشعوب والحكومات لتجاوز العثرة الحالية من خلال القيام بمشروعات تنموية ضخمة واتخاذ مبادرات ناجحة لتحقيق معدلات نمو اقتصادى مستدام فى الخليج العربى ومصر والمغرب العربي، إلا أن هذا لا ينفى وجود احتياج ملح لمضاعفة الجهد لتعويض ما فات واللحاق بالعصر وإيجاد فرص حقيقية للشباب الذين يشكلون 50٪؜ من سكان الوطن العربي، مع “تحصين النمو” من خلال خلق بيئة إقليمية داعمة للاستقرار والازدهار يعززها نظام أمنى عربى يسمح للعرب بالاستجابة للتحديات التى تواجههم، وبما يعزز من الكيان العربى الجامع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here