بغداد / وائل نعمة
تزامناً مع إغلاق باب تسجيل التحالفات، يوم الخميس، فشلت القوى السياسية السُنية والكردية بتشكيل ائتلافات موحدة تجمع أطرافاً المتناقضة.
منع التنافس على زعامة القوائم الانتخابية، التي تعاني منها القوى السُنية في العراق، من تشكيل تحالف موسع. بدورها دفعت الازمة في إقليم كردستان الى ظهور جبهتين، الاولى تضم أحزاب الحكومة، والثانية تضم قوى المعارضة.
وخرجت الأحزاب السُنية بـ3 تحالفات رئيسة، أكبرها التحالف الذي يقوده نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي مع رئيس البرلمان سليم الجبوري، والذي أطلق عليه شعبياً تحالف “الدكاترة” لأنه يضم أكبر عدد من حاملي شهادة الدكتوراه. في موازاة ذلك، برز حلف آخر يرأسه نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي مع خميس الخنجر زعيم المشروع العربي. ويرجح أن يكون هناك تحالف ثالث بين شخصيات سُنية قد تأتلف مع رئيس الوزراء حيدر العبادي. بالمقابل ظلت مواقف قوى سنية أخرى كحزب الحل غامضة، ويرجح ان يخوض الانتخابات منفردا، او ان يشكل تحالفات صغيرة في بعض المحافظات. إلى ذلك اتسعت هوة الخلافات بين القوى الكردستانية، إذ فشل الحزبان الكبيران، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، بتشكيل أي تحالف موسع لخوض الانتخابات في الإقليم. بالمقابل تمكنت قوى المعارضة في إقليم كردستان من تشكيل تحالف جديد، ضم برهم صالح القيادي المنشق عن الاتحاد الوطني الكردستاني. لكن القوى الكردستانية الكبيرة تقترب من النزول في تحالف واحد في المناطق المتنازع عليها. وتطمح بعض القوى الكردية والسُنية، على حد سواء، لتوسيع التحالفات بعد الانتخابات، لاسيما مع خشية الاحزاب الكردية من تشتت الاصوات في المناطق الواقعة خارج الاقليم، مع إسراع القوى الاخرى في تلك المناطق الى تشكيل تحالفات قومية. والحال ذاته مع القوى السُنية، التي مازالت تؤكد إصرارها على تأجيل الانتخابات، لكنها بالمقابل تخشى ان تبتلع القوى الشيعية او القوى الصغيرة أصواتها في المناطق المختلطة او المحافظات الغربية والشمالية. وأعلن رئيس الإدارة الانتخابية بالمفوضية المستقلة، رياض البدران، أول من أمس الخميس، الانتهاء من “استقبال طلبات التسجيل للتحالفات الانتخابية.
وكانت مفوضية الانتخابات قد كشفت، يوم الخميس، عن تلقيها 31 طلبا لتسجيل التحالفات. وهو أقل بـ8 قوائم عن انتخابات 2014 الماضية، التي جرت بمشاركة 39 قائمة.
حلف “الدكاترة”
وكشفت النائبة عن تحالف القوى انتصار الجبوري عن تشكيل 3 قوائم رئيسية سنية، أكبرها (تحالف الوطنية)، الذي يضم نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك.
والتحق 25 حزبا بهذا التحالف، الذي يحمل قادته الثلاثة لقب (الدكتور)، بالاضافة الى وزير التربية محمد إقبال، ووزير الزراعة (حزب تقدم) فلاح الزيدان، ورئيس تحالف القوى في البرلمان صلاح الجبوري، والنائب عن ديالى رعد الدهلكي.
وتوقعت الجبوري، في حديث مع (المدى) أمس، ان “يكون نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي رئيسا للتحالف الجديد”.
وحصل تحالف علاوي في انتخابات 2014 على 21 مقعدا، مقابل 10 مقاعد لائتلاف العربية الذي يتزعمه المطلك.
ويضم التحالف الثاني، الذي أطلق عليه اسم (تضامن)، نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، وزعيم حزب الحق الوطني النائب أحمد المساري، بالاضافة الى الأمين العام للمشروع العربي ورجل الاعمال خميس الخنجر.
وكانت (كتلة متحدون) بقيادة أسامة النجيفي حصلت في انتخابات 2104 على 23 مقعدا. بالمقابل تؤكد النائبة الجبوري ان “وزير الدفاع السابق خالد العبيدي شكل تحالفا جديدا مع النواب محمد نوري العبد ربه، وعبدالرحمن اللويزي، وعبدالرحيم الشمري، ورئيس حزب اتحاد القوى محمد تميم”. وتتوقع ان “ينضم التحالف الجديد الى رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي مازال موقفه من التحالفات غير واضح”.
وكان وزير الدفاع السابق، الذي كان ينتمي الى كتلة متحدون، كشف بعد وقت قصير من إقالته، في جلسة مثيرة للجدل في صيف 2016، استعداده لخوض الانتخابات البرلمانية. وفشلت محاولات سابقة قادتها دول إقليمية وخليجية لإقناع بعض القوى السنية للانخراط بقائمة موحدة.
وقاد ممثلون عن تركيا والسعودية والإمارات وقطر والأردن جولة مباحثات العام الماضي، مع فريق سنّي، يقوده النائب محمود المشهداني، لكنهم لم يتوصلوا الى نتيجة ملموسة. وتعتقد النائبة انتصار الجبوري ان “عقدة الزعامة التي تعاني منها القوى السنية بشكل دائم، تقف وراء عدم تشكيل ائتلاف واحد”. وتؤكد القيادية في تحالف القوى العراقية أن “التحالفات غير ثابتة”، مشيرة الى “إمكانية أن تشهد تغييرات في بعض المحافظات، لكن مساحة التحرك ضيقة لأن تعليمات المفوضية لاتسمح بظهور الحزب بأكثر من تحالف في أكثر من محافظتين”.
محاولات التأجيل
وتخوض التحالفات السُنية الانتخابات رغم رغبتها بتأجيل موعد الاقتراع الى وقت آخر، متذرعة بأوضاع النازحين والمدن المدمرة. ويقول بهاء الدين النقشبندي، مساعد الامين العام للحزب الإسلامي، لـ(المدى) امس ان “القوى السنية لايمكن ان تربح الانتخابات إلا اذا دخلت في تحالفات واسعة”.
واضاف النقشبندي “رغم ذلك فنحن بالمقابل سنعمل على تأجيل الانتخابات، لانه لايمكن إجراؤها في ظل استمرار وجود النازحين في المخيمات وعدم قدرتهم على العودة لمناطقهم الاصلية”. ويؤكد القيادي في الحزب الاسلامي ان “أكثر من تيار يمثل واجهة الحزب الاسلامي، دخل في تحالف إياد علاوي”، لافتا الى ان “قائمة التحالفات غير مستقرة، ويمكن ان تشهد تغييرات على الرغم من تأكيد المفوضية إغلاق باب التسجيل”.
التحالفات الكرديّة
على الصعيد الكردي، لم يتمكن الحزبان الرئيسان في إقليم كردستان، من الائتلاف في تحالف موسع. ويرجح النائب عن الحزب الديمقراطي ماجد شنكالي “وجود تحالف بين الحزبين في المناطق المتنازع عليها”. ويقول شنكالي، في حديث لـ(المدى) أمس، ان “القوى الكردية فشلت في تشكيل تحالف واحد”. واعتبر ان “من الخطر عدم تشكيل تحالف كبير في المتنازع عليها خاصة في كركوك”. وتابع “نحن نبحث عن حماية كردية للمناطق التنازع عليها، والقوى التركمانية والعربية هناك تنافسنا، حيث شكلت تحالفات في كركوك”. ويرجح عضو الديمقراطي الكردستاني ان “يتم تشكيل تحالفات اوسع بعد الانتخابات”. وتصاعدت مؤخرا مؤشرات التقارب بين الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقود إقليم كردستان وزعيم دولة القانون نوري المالكي، لجهة حرمان رئيس الوزراء حيدر العبادي من الولاية الثانية.
بدوره يقول النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني محمد عثمان ان “الازمة الاخيرة التي حدثت في الاقليم أدت الى اتساع الخلاف بين الحزبين والقوى الاخرى”.
لكن عثمان يؤكد، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “اللقاءات مستمرة بين القوى الكردية لتشكيل تحالف بعد الانتخابات”، معتبرا ان “التحالف يحتاج الى بعض الوقت للوصول الى وجهة نظر واحدة”.
في غضون ذلك، أعلن عن تحالف لقوى المعارضة في الاقليم يضم كلاً من كتلة تغيير مع الجماعة الاسلامية وتحالف الديمقراطية والعدالة بقيادة برهم صالح. ويقول النائب أمين بكر، عضو كتلة تغيير، لـ (المدى) ان “التحالف يضم الكيانات الثلاثة فقط، حيث وصلت الى تفاهمات عالية المستوى”، نافيا توصل الحزبين الكرديين الاتحاد والديمقراطي الى تحالف مشترك.
لكنّ بكر يؤكد ان “تحالف المعارضة سيعقد شراكات مع أطراف أخرى في المناطق التي تقع خارج الإقليم، بحسب وضع وجماهير كل محافظة”.