سهو الفوضى الخلاقة في مجلس النواب العراقي يطلق سراح الإرهابيين !!
مهدي قاسم
ظاهرة ” الفوضى الخلاقة ” التي حصلت بعد الغزو الأمريكي للعراق ، و ما تبع ذلك من سلسلة مساومات و صفقات سياسية ذات النفع الفئوي المتبادل بين الأحزاب و الساسة ، طبعا ، على حساب المصلحة الوطنية العامة ، إلى جانب الأمية السياسيىة الفادحة مصحوبة بمظاهر الفساد المنتشرة و المتواصلة و من ثم التغطية المتواطئة عليها ، وإهمال الواجب الرقابي على مؤسسات الدولة و وممارسات الحكومة ونشاطاتها ، بل عدم تقديم مقترحات و تشريعات قانونية تحث على المحاسبة و تشرّع نحو البدء والقيام بعمليات بناء وتعمير و تحديث و تطوير و عصرنة ، نحو تحسين مستوى الخدمات بشكل أفضل نوعية و أقل كلفة ، فضلا عن عدم الاهتمام بالتنمية الاقتصادية للبلد و تنويع مصادر جباية المال عبر استثمارات محلية وعالمية ، لتكون بديلا عن قروض متراكمة سنة بعد سنة ، و مجحفة و مقيدة أصلا لمستقبل البلاد والعباد على صعيد الاستقلال المالي ، بل بحق الأجيال القادمة ، هذا دون الحديث عن مشكلة شحة المياه و جفاف الأنهر والأبار ، و بسبب ذلك زيادة مساحات التصحر الزاحفة و تهديد حياة الملايين من الأسر التي تعيش على الزراعة ومن المحاصيل الزراعية تحديدا ، وهو الأمر الذي سيهدد بالصميم مستقبل الزراعة ـــ بكل حقولها وفروعها ـــ في العراق . والخ ..
هذا دون الحديث عن الوضع التعليمي المتدني ، و الصحي الهابط ، و المعيشي المتدهور ، و الأمني المتأزم .
بطبيعة الحال أن قائمة المشاكل و الأزمات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية الاخرى والحاصلة في العراق ستطول لتحتوي على مئات مشاكل و أزمات أخرى و أخرى ..
بينما في كل بلدان العالم المتمدنة والمتحضرة والمتقدمة على أساس المهنية والاحترافية والقائمة على مؤسسات القانون والنظام ، يكون من واجب النواب ــ وكل حسب واجبه و اختصاصه ــ أن يهتم بهذه المشكلة أو تلك ويتابعها ويعالجها بالمساءلة والمحاسبة النيابية أو بتشريع قوانين وتقديم مقترحات أو أمور أخرى من هذا القبيل ..
غير إن أعضاء في مجلس النواب العراقي ليس فقط أضحوا عاجزين عن القيام بواجبهم النيابي هذا ، إنما يقصرّون إهمالا و بعدم اكتراث فظيع ، وهو الأمر الذي تتمخض عنه ـــ مثلا ــ عملية إطلاق سراح إرهابيين ، الذين قد يرجعون لمواصلة أعمالهم الإرهابية وقتل الناس ، و أوضح الدليل على ذلك ، هو الاعتراف الذي جاء ضمن تصريح مجلس النواب التالي :
( جريدة الوقائـع تنشـر تشـريعاً محرَّفـاً والرئاســة تصــادق عليـه
بغداد/محمد صباح
2018-01-11
اعترف مجلس النواب، أمس، بارتكابه خطأ فادحاً في النسخة المنشورة لقانون العفو العام. وأكد أن إقحام بعض البنود التي لم يصوت عليها أدى الى شمول 200 محكوم بالعفو.
وحملت اللجنة القانونية الدائرة البرلمانية والمتابعة التشريعية مسؤولية ارتكاب هذه المخالفة التي وقعت فيها إثر تضمينها التعديل الحكومي الذي أسقطه البرلمان في جلسته المرقمة 16 التي عقدت في آب 2017.
وأقر البرلمان قانون العفو نهاية آب عام 2016، على أن يدخل حيّز التنفيذ من تاريخ إقراره، في سابقة تشريعية استغربها مراقبون.
وتنص المادة (9 / رابعاً) من القانون على أن”تستمر اللجنة المشكلة في الفقرة (ثانيا) من هذه المادة باستقبال الطلبات مدة سنة تبدأ من اليوم التالي لصدور الأنظمة والتعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون على أن تنهي اللجان أعمالها خلال مدة سنتين من تاريخ صدور الأنظمة والتعليمات”.
لكنّ حكومة العبادي سحبت، في شهر أيار الماضي، التشريع بعد انتقادات لاذعة وجهها رئيس الوزراء للنسخة التي تم إقرارها. وكانت (المدى) قد نشرت، العام الماضي، إعماماً أصدرته وزارة العدل، بتاريخ 22 من آذار الماضي، تطلب بموجبه من سجن الناصرية التريث بالإفراج عن المحكومين وفق المادة 4 إرهاب الذين شملوا بإجراء العفو العام.
وأرفق الإعمام بتوصية مجلس الأمن الوطني، بتاريخ 15 كانون الثاني، الذي يحثّ على الطعن بقانون العفو بهدف منع الإفراج عن المحكومين بقضايا الإرهاب.
ويقول رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية النائب عمار طعمة إن”قانون العفو العام النافذ، الذي أقره مجلس النواب في شهر آب عام 2016، استثنى من الشمول بالعفو جرائم الإرهاب التي نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة وجريمة مقاتلة القوات المسلحة و جريمة تخريب مؤسسات الدولة”.
وأضاف طعمة، في تصريح لـ(المدى) أمس، أن”القانون الذي صوت عليه البرلمان في العام 2016 لم يشدد العقوبات على مرتكبي جرائم الخطف، مما دفع الحكومة لإرسال تعديلاتها على القانون للتشدد على جرائم الخطف، ومررها البرلمان في شهر آب من العام 2017″.
وتابع رئيس كتلة الفضيلة البرلمانية”من ضمن التعديلات التي قدمتها الحكومة على قانون العفو العام، في حينها، التخفيف على بعض الجرائم الإرهابية التي حصلت قبل العاشر من حزيران 2014″، مبينا أن”التعديلات الحكومية نصت على أن الجرائم الإرهابية، التي سببت قتلا أو عاهة مستديمة لا تشمل بقانون العفو، بمعنى أن جرائم تخريب مؤسسات الدولة وجرائم محاربة القوات المسلحة، التي لم تؤدِ إلى قتل أو عاهة، باتت مشمولة بالعفو العام”، لافتاً الى أن”هذه الفقرة من التعديلات الحكومية لم يصوت عليها البرلمان وتم إسقاطها”.
ويضيف النائب عمار طعمة أن”الغريب بالموضوع، الذي اكتشفناه لاحقا، ان هذه التعديلات الحكومية، التي أسقطت ولم يصوت عليها البرلمان، أرسلت للنشر ويذكرأنها مصادق عليها، وهذا خلاف للحقيقة”. وتابع”بالإمكان مراجعة جلسة مجلس النواب رقم (16) في شهر آب عام 2017 في الدقيقة 17 إلى 31، التي تؤكد إسقاط هذه التعديلات والمقترحات الحكومية”.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع ان”اللجنة القانونية يفترض ان تكتب التعديلات التي حصلت وترسلها إلى الدائرة البرلمانية والتشريعية، التي ترسلها بدورها إلى هيئة رئاسة البرلمان والتي ترسلها إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها”. وتساءل”أين حصل الخطأ، هل في اللجنة القانونية أم في الدائرة البرلمانية والتشريعية؟”.
ويكشف رئيس كتلة الفضيلة ان”الدائرة البرلمانية أخبرتني صباح اليوم (أمس) الأربعاء أنها دققت بصحة المعلومات التي أدليت بها وأكدت لي أنها ستقدم مطالعة إلى رئيس مجلس النواب لتصحيح الخطأ بعد مراجعتها لتسجيل الجلسة التي تم التصويت فيها على تعديل قانون العفو العام”، نافياً علمه بالجهة التي ارتكبت الخطأ.
وكان النائب عمار طعمة قد طالب، في بيان أصدره يوم الثلاثاء، بالتحقيق ومحاسبة من أضاف إلى قانون العفو المعدل مادة لم يصوت عليها البرلمان، قال انها”سمحت بإطلاق سراح إرهابيين ومجرمين”.
ويتابع عضو لجنة الامن في حديث لـ(المدى) بالقول”تعديلات قانون العفو العام نشرت في جريدة الوقائع بتاريخ 14/11/2017، أي قبل شهرين، وسمعت من الإعلام نقلاً عن جهات مختصة إطلاق سراح أكثر من200 شخص مشمولين بإجراءات العفو العام”، مبديا تخوفه من إطلاق سراح أشخاص ارتكبوا جرائم لا يستحقون العفو عنهم.
ويؤكد رئيس اللجنة القانونية أن”هذا السهو، الذي حصل في الدائرة البرلمانية والمتابعة التشريعية، سيتم تعديله في السلطة التشريعية وتصحيحه”، مؤكدا أن”اللجنة القانونية لم تخطئ لأنها أخذت كل المقترحات التي قدمت لها من قبل النواب”.
نقلا ــــ عن صوت العراق ) .