jassim walai
Du
كان حلمًا جميلاً راود الكثيرين بأن إمكانية بناء الدولة المدنية ممكن بعد فشل الأحزاب الإسلامية في بناء دولة متحضرة ومدنية ومن قبلها فشلت الأحزاب القومية في تحقيق ذلك بعد سنوات من الحكومات الدكتاتورية
لهذا السبب كانت الأعين تتجه صوب الحزب الشيوعي والقوى الوطنية والديمقراطية التي لا تتبنى الطائفية والقومية والمنهج الديني أساسا لتكوينها وعملها في تحقيق هذا الحلم بعد كثرة فضائح القوى التي قادت البلاد بطولها وعرضها دون استثناء وخاصة فضائح الفساد والتزوير والمحاصصة بكل شيء وترك البلاد نهبًا للإرهابيين وبناء أسوء مؤسسات (اذا كان يمكن تسميتها مؤسسات) تدير الدولة والتي لم تخلف غير الخراب في عملها.
-هذا الحلم تبخر الآن بعد أن دخل الحزب الشيوعي وقوى مدنية أخرى تحت عباءة التيار الصدري في تحالف انتخابي للانتخابات المزمع عقدها في الشهر الخامس، ومعلوم أن التيار الصدري حتى وإن حاول ركوب موجة محاربة الفساد والمحاصصة، لكنه في كل الفعاليات الحقيقية التي دخلها لوحده أو مع القوى المدنية الأخرى سواء في ساحات الاعتصامات او في البرلمان لم ينسَ خلفيته الدينية التي تسير عمله وبالتالي تراجع في جميع تلك الفعاليات (نقاشات تشكيلة مفوضية الانتخابات، الاعتصام أمام البرلمان) …….الخ.
علاوة على ما تقدم لم يكن من مثل التيار طيلة السنوات الماضية في كل المناصب التي حصلوا عليها وهي ليست بالقليلة (نائب رئيس الوزراء، وزراء،نواب ، مدراء، محافظين وغيرها من المناصب) خالي من الفضائح وممارسة الفساد والمحاصصة والتزوير وعدم الكفاءة وبالتالي لم يكونوا النماذج التي يطمح المرء لرؤيتها تتصدى لمهام جديدة وخاصة الدولة المدنية التي تقوم على كل نقائض هذا التكوين السياسي.
-استبشرنا خيرًا بتكوين- تقدم- وتشكيل فروع له في العديد من المحافظات ولكنه لم يكن الإطار الصلب الذي يقف بوجه أول منعطف حيث انهار وتفتت في أول مواجهة (فص ملح وذاب، وين كلامكم على وحدة الأهداف والدولة المدنية المزعومة )بسبب عدم الدراسة الصحيحة لكيفية تكوينه ومن هي هذه القوى المكونة له ولأنه بقي تكوينًا يمثل نخبًا قيادية فقط دون أي تشابك بين قواعد هذه النخب في برامج واضحة وعمل ميداني مشترك.
-من يتحمل ضياع هذا الحلم؟
-بلا شك كل من أضاع بوصلة الطريق الصحيح لتحقيق هذا الحلم (بناء الدولة المدنية) سواء كان فردًا أو مجموعة، وخاصة من تعمد هذا الضياع ليس الآن بل منذ فترة طويلة بالترويج للدخول بهذا التحالف الانتخابي رغم تبطين هذا التحالف سابقًا بأنه تحالف فقط للعمل الميداني بساحات الاعتصام أو غيرها من الفعاليات التي ترفض المحاصصة والفساد ولكن حقيقة الأمر كانت تطبخ هذه القضية على نار هادئة ووضع الجميع أمام الأمر الواقع في اللحظات الأخيرة.
*السؤال المهم الآن هل تستطيعون يا رفاق بناء دولة متحضرة مع حزب ديني يتناقض بالمجمل مع توجهات الحزب حتى في بعض النقاط التي تعتقدوها كافية للتحالف (محاربة الفساد ومحاربة المحاصصة)؟
-هل سيغير هذا التحالف رأيه بالضد من القرارات التي تأتيه من مراجعه الدينية بعد أن يستمع اليكم؟
-هل أردتم الاحتماء بعباءة هذا التحالف خشية من القادم المجهول؟
-ماذأ سيكون رأي التحالف بحقوق المرأة والاهتمام بالفن والثقافة والتي هي من المحرمات عند ممثلي هذا التحالف؟
-هل سنكون جسرًا لهذا التحالف للترويج لنفسه كونه عابرًا للطوائف مثلما فعلنا مع البعث عام 1973(الدخول في الجبهة معهم) يوم ساعدناهم لعبور تاريخهم الفاشي (إنقلاب شباط) وطرح أنفسهم بصورة جديدة للعالم؟
-ألم تتعظوا من التحالفات مع القوى غير مضمونة السلوك، والتي تمتلك أوراق لعب أكبر بكثير مما لدينا (مليشيات، نفوذ ديني، رصيد كبير في الشارع ورصيد كبير في السلطة)؟
*ويبقى السؤال الأهم ماذا ستفعل قواعد وأصدقاء الحزب الآن بعد ضياع هذا الحلم؟
هل سنبقى نبرر لمن قام بهذه الأخطاء بحجة الحفاظ على وحدة الحزب؟
الجواب في قادم الأيام
مازن الحسوني 2018-01-12
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط